|
|
 تجربتي مع الحوار...
|
08:10 PM Oct, 16 2015
سودانيز اون لاين
عمر التاج-KSA
مكتبتى فى سودانيزاونلاين
كثيرة هي المعتقدات الخاطئة التي تمارسها التنظيمات السودانية في مؤتمراتها العامة والخاصة، فتفرغ على اثرها اجتماعاتهم من معانيها، وتنزع عن حواراتهم بركات الشورى ونفائس الديمقراطية ومدلولاتها .
والمؤتمر الوطني كحزب وتنظيم بارز ومؤثر في الساحة حبته السلطة بسعة في مواعين الحوار وبسطة في التعدد، ومع ذلك فأن القرارات غالبا ما تخرج عن مؤتمراته على طريقة الاجماع السكوتي التي أبدعها الشيخ ايام التوالي، بل وحتى على مستوى المؤتمرات الخاصة التي تتطلب قدرا عاليا من الصدق والشفافية داخل اروقة الكيان الموحد، نجد أن الكثير من مخرجات هذه الاجتماعات تصاغ قبل انعقادها بينما يبصم عليها الاعضاء والحاضرون بعلم أو بغير وعي.
عمليات طبخ القرارات خارج الميدان (قاعات اللقاء) اعتادت عليه عضوية الحزب الحاكم حتى اصبحت من فقه ضرورات المراحل الأخيرة في مسيرته، مثلها مثل فقه التحلل والفصل بين التجاوزات المالية وشبهات الفساد، لا تثريب على من يفعلها مثلما لا مناص من أن تخرج القرارات من غير من اتمروا، فيختار الأمين ونوابه ومشاوروه من خارج اللقاء، بينما تضج القاعات بالهمسات والقفشات، وتتبادل القيادات أدوارها ومصالحها الحزبية مصحوبة بإنشاد ديني مشبع للروح، في الوقت الذي تكتظ فيه الموائد بأطايب الطعام، يرتاد المؤتمر قاعاتها بعقله ويخرج منها جسدا له خوار.
.
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
 Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
عمليات طبخ القرارات خارج الميدان (قاعات اللقاء) اعتادت عليه عضوية الحزب الحاكم حتى اصبحت من فقه ضرورات المراحل الأخيرة في مسيرته، مثلها مثل فقه التحلل والفصل بين التجاوزات المالية وشبهات الفساد، لا تثريب على من يفعلها مثلما لا مناص من أن تخرج القرارات من غير من اتمروا، فيختار الأمين ونوابه ومشاوروه من خارج اللقاء، بينما تضج القاعات بالهمسات والقفشات، وتتبادل القيادات أدوارها ومصالحها الحزبية مصحوبة بإنشاد ديني مشبع للروح، في الوقت الذي تكتظ فيه الموائد بأطايب الطعام، يرتاد المؤتمر قاعاتها بعقله ويخرج منها جسدا له خوار.
لا أحد ينكر الفوائد العلمية والتثقيفية التي يمكن ان يجنيها المشارك في كثير من المؤتمرات والفعاليات خاصة إذا تقمسته روح طالب العلم والحق، أو حماسة الشباب المتطلع نحو العلا، وهذا بطبيعة الحال لا يلغي حقيقة أن عشرات المؤتمرات التي شهدتها ، بدعاوى عامة أوخاصة، وعلى كثير من المستويات المركزية والولائية والمتخصصة كنت اعرف مخرجاتها سلفا، وهذا ما دفعني لفرض مقاطعة المشاركة في ما أتيح مؤخرا، إلا نذرا يسيرا حضرت منه الافتتاح والختام فقط من باب الحرص على التغييير والارشاد، وما لم يتغير أبدا .. بل ظل القاسم المشترك والمستمر في مؤتمرات الحكومة وتوابعها أن ارادة النزعة المركزية والإمام الملهم الذي يحرك الدمى هي من يقدر عن المؤتمرين أمرهم الذي قبلا قد قدر.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
آخر المؤتمرات العامة التي شهدتها قبل ارتحالي من الوطن كانت بمثابة وثيقة اليأس البائن لي من الإصلاح، وقد تكون آخر عهدي بالمؤتمرات السودانية ما لم يتغير الوضع بعد انقضاء مؤتمر الحوار الأخير هذا.
سأحكي تجربة هنا المؤتمر والتي تحاكي فكرتها الكثير من المؤتمرات، إلا أني أبوح ببعض خباياه وكلي أمل أن يتدارك المؤتمرون من جانبي الحكومة والمعارضة هذه الوقائع فيغيروا ما بأنفسهم ويعدلوا أمر قد سلف إقراره.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
آخر المؤتمرات العامة التي شهدتها قبل ارتحالي عن الوطن كانت بمثابة وثيقة اليأس البائن لي من الإصلاح، وقد تكون آخر عهدي بالمؤتمرات السودانية ما لم يتغير الوضع بعد انقضاء مؤتمر الحوار الأخير هذا، سأحكي تجربة هنا المؤتمر والتي تحاكي فكرتها الكثير من المؤتمرات، إلا أني أسلط الضوء على بعض خفاياه وكلي أمل أن يتدارك المؤتمرون من جانبي الحكومة والمعارضة هذه الوقائع فيغيروا ما بأنفسهم ويعدلوا أمر قد سلف إقراره.
..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
قبل أعوام قلائل انعقد مؤتمر كبير في الخرطوم شاركت فيه العديد من الفعاليات الحكومية والمعارضة من داخل وخارج السودان، تصادف أن شهدت كل فعاليات هذا المؤتمر من مدخل جهة نافذة تهتم بإعداد الباحثين، تخصصي الاكاديمي والمهني أتاح لي قبلا فرصة المشاركة في فعاليات المؤتمر، إلا أني ارتضيت تمثيل هذه الجهة وتحمل تكليفها لي مع اثنين اخرين بتدوين كل وقائع المؤتمر، وهذا التمثيل أتاح لي المشاركة في اغلب اللجان التحضيرية والمحورية والختامية، وافقت على تحمل هذا العبء رغم علمي بوجود سكرتارية مختصة ممثلة من الوزارة الاتحادية الكبرى التي ترعى المؤتمر.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
من داخل لجان التحضير والتسيير واللجان المختصة بدا لي حجم الصراع البارد بين من الأباطرة الذي يديرون هذا القطاع الحيوي في السودان، نافذون في رئاسة الجمهورية ضد كبار وزارات اتحادية ضد وجهاء المصارف ضد الامانة المختصة ضد القطاع المعني في المؤتمر الوطني ضد مؤسسات استراتيجية عملاقة، صراع ناعم وخشن بدا لي أن مكوناته تمثل بقايا من معركة القصر والمنشية.
دارت الأمور في العلن كما تبدو للجميع في الإعلام الرسمي، حوارات وابتسامات وتنازلات يشوبها التفاؤل والتشاور، شاركت أغلب الأحزاب والبيوتات التجارية والمؤسسات الكبرى والوزارات ذات الشان (المالية، النفط، المعادن، الثروة الحيوانية، السدود، الخ) وشاركت السلطات المصاحبة ( الامنية والصحافة والجامعات) بأوراق ومداخلات، كانت الجلسات مغلقة مرتبة وساخنة امتدت لثلاثة ايام حتى جاء موعد الجلسة الختامية في تمام الساعة السادسة من مساء اليوم الرابع، و الذي اتفق على ان يخصص لعمل لجان المؤتمر ومناقشة التوصيات ورفعها لرئاسة الجمهورية.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
شكراً أخونا عمر التاج علي كشف المستور
هكذا تدار الأمور في عهد الشموليات حيث في الظاهر إكليشيهات ديمقراطية وحوارات وشفافية
أما الحقيقة هي أن لا صوت يعلو فوق صوت من بيده الأمر
شكراً مرة أخرى على هذا البوست الهام والذي يجب أن يجد مكانه ضمن العناوين في أعلى المنبر
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عبد الصمد محمد)
|
تحيات زاكيات وصباحات نديات اخ عبد الصمد وشكري الجزيل لك على التداخل ..
وكما هو معلوم ان الغالبية العظمى من التنظيمات السودانية تبتعد بفراسخ عديدة عن الديمقراطية حتى ممارساتها الداخلية،
ومالم تعترف بذلك ثم تبدأ مرحلة العلاج فانها ستظل وسوداننا في طور انعدام الصدق والشفافية.
نواصل بعون الله..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
قمنا بدمج توصياتنا وتلخيصها وتنقيحها وقام البروف بالتدقيق اللغوي ، وقبل انعقاد الجلسة بعشرة دقائق قام النافذ بإضافة توصيتين قال انها مقترحات المركز ويجب أن نستهل بها التوصيات، الأولى تحدثت عن أهمية فض النزاع بين جهتين سياديتين وذلك بإعفاء وزير إحداهما وتعيين البديل من الجهة الأخرى، والثانية عن تكوين آلية عليا من داخل المؤتمر لمتابعة التنسيق وحسم تقاطعات الجهتين ..
خرجت التوصيات من مكتبنا مبرمجة على ذاكرة رقمية إلى قاعة السكرتارية المجاورة ... من خلف الزجاج المظلل كنا نشاهد تحركات رئيس لجنة السكرتارية النشط وهو يتابع كتابة التوصيات وتنسيقها مع موظفي وموظفات السكرتارية المنتشرين على أجهزة الحاسب الموزعة بعناية داخل القاعة، رئيس لجنة التوصيات دخل في اللحظات الاخيرة وطلب تجميع توصيات الجميع في فلاش مموري جديد -قام بفكه من صندوقه - وسلمه لأكبر الموظفات بالسكرتارية لتجميع التوصيات المكتوبة لدى الآخرين وإعادة تنسيقها، استلمت الموظفة الفلاش تحت بصر وسمع الجميع، ثم أدخلت الذاكرة الاخرى الى منفذ الحاسب، مرت عليه سريعا بالماوس ثم أرسلته للطابعة، دقائق قبل الثامنة وتم اخراج التوصيات المغلقة والتوقيع عليها أمام لجنتي السكرتارية والتوصيات.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
في تمام الثامنة انعقدت الجلسة الختامية بحضور الرئيس واحد نوابه وأحد مساعديه، وتم تلاوة التوصيات التي أعدت هنالك، ساد الجو الختامي حالة من الاستعجال المشحون باستغراب وهمهمة الحضور ومقاطعاتهم، اختلط ذلك بتطلعاتهم لانهاء المؤتمر والتحلل الاكبر منه.
بعد ربع ساعة قام السيد الرئيس بإجازة التوصيات المكتوبة أمامه و تعهد بإنفاذها فورا وقد كان.
انتهى..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
كتبت في مكان آخر عن موضوع مقارب عن تمثيلية اختيار القوي الأمين مايلي:..
هل وصل الحال بالإسلاميين درجة يخدعون فيها أنفسهم و يبرمجون عضويتهم على تلقي القرارات والنتائج الجاهزة في كل مؤتمراتهم واجتماعاتهم، تقارير الأداء يوجه الأعضاء لتمريرها بالإجماع على سوءاتها وطبخها النيئ، تقارير الموقف المالي تجافي المعايير وتخلو من الصدق والشفافية والموازنات أغلبها جزافية، الخطايا التنظيمية والتفلتات الاخلاقية تخرج من دائرة الحوار والمحاسبة وتحال لحفنة يقررون ترقية المتفلت أو نقله لمواقع الظل، الأمين العام وأتباعه يتم تعيينهم قبل اللقاء وبتمثيلية بسيطة يتوهم فيها الأعضاء بأن الشورى تنزلت عليهم باختيار المركز للقوي الأمين فيهم.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
أما موقفي من الحوار وحل الأزمة :
فمن حيث المبدأ، الحوار واجب وطني وأخلاقي تقتضيه مصلحة الوطن والمواطن، والحوار عندما يكون بالحسنى وبقوة اللسان فانه يوفر للدولة موارد ضخمة كانت ستهدر إذا تحولت لغة الحوار إلى قوة السنان ...
و فهمي لطرق الحوار أن تكون له درجات، حوار داخلي يدور داخل أروقة التنظمات حتى تخرج برؤية واحدة، ثم تأتي مرحلة عرض هذه الرؤى والاعلان عنها ليتم استقطاب الرؤى الفردية والمستقلة والحصول على أكبر قدر من اجماع المواطنين حول الرؤى، ثم تأتي مرحلة الائتلافات، حيث تجتمع كل مجموعة من التنظيمات حول الرؤى المتشاهة، وفي النهاية تتشكل التيارات المتصارعة وتتمايز وغالبا ما تكون فئتين أو ثلاثة تلتقي في مؤتمرات الحوار الوطني كالمعلن.
أما أن يتنادى القوم من كل صوب وحدب وبأكثر من 29 حزبا و35 حركة مسلحة فهو أقرب أن يكون مؤتمر الفوضى والترضيات السياسية يندر أن ينتج منه شيئا يخدم الوطن، والتاريخ يحكي عن أمثلة عديدة مشابهة دخل فيها زيد السلطة وعبيد المعارضة المسلحة وحال الوطن المواطن من بعضه.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
السلام عليكم اخي عمر
ياخ دا كلام غريب وعجيب لكن كل الاشياء في السودان تدار بهذا الشكل
Quote: قمنا بدمج توصياتنا وتلخيصها وتنقيحها وقام البروف بالتدقيق اللغوي ، وقبل انعقاد الجلسة بعشرة دقائق قام النافذ بإضافة توصيتين قال انها مقترحات المركز ويجب أن نستهل بها التوصيات، الأولى تحدثت عن أهمية فض النزاع بين
جهتين سياديتين وذلك بإعفاء وزير إحداهما وتعيين البديل من الجهة الأخرى، والثانية عن تكوين آلية عليا من داخل المؤتمر لمتابعة التنسيق وحسم تقاطعات الجهتين ..
خرجت التوصيات من مكتبنا مبرمجة على ذاكرة رقمية إلى قاعة السكرتارية المجاورة ... من خلف الزجاج المظلل كنا نشاهد تحركات رئيس لجنة السكرتارية النشط وهو يتابع كتابة التوصيات وتنسيقها مع موظفي وموظفات السكرتارية المنتشرين على أجهزة
الحاسب الموزعة بعناية داخل القاعة، رئيس لجنة التوصيات دخل في اللحظات الاخيرة وطلب تجميع توصيات الجميع في فلاش مموري جديد -قام بفكه من صندوقه - وسلمه لأكبر الموظفات بالسكرتارية لتجميع التوصيات المكتوبة لدى الآخرين وإعادة تنسيقها،
استلمت الموظفة الفلاش تحت بصر وسمع الجميع، ثم أدخلت الذاكرة الاخرى الى منفذ الحاسب، مرت عليه سريعا بالماوس ثم أرسلته للطابعة، دقائق قبل الثامنة وتم اخراج التوصيات المغلقة والتوقيع عليها أمام لجنتي السكرتارية والتوصيات. |
في مطار دبي في 2007 قابلت بالصدفة بروف في الاقتصاد قال لي - متحسرا - أنا ومعي زميلي فلان (لا اتذكر الاسماء الان) تم استدعاؤنا من قبل الحكومة السودانية من المملكة المتحدة لعمل دراسة عن الوضع الاقتصادي لتقديمه في مؤتمر في ذلك الوقت ودفعوا لنا مبالغا محترما
واقامة لمدة 20 يوم في افخم الفنادق وفي النهاية .... "تم رمي الدراسة والتوصيات"
يعني مؤتمراتنا دي كلها عبارة عن قشرة فقط تجي تقزقز مكسرات وتشرب موية سوبا ويصوروك وتتطلب الله
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: محمد درار)
|
السلام عليكم أخي محمد درار وتقبل مني الشكر أبره وأجزله على مرورك الكريم..
فمن الواضح أن مسار الاقتصاد السوداني المنحدر نحو الهاوية يصدق قولك أعلاه..
كما أن المؤتمرات والحوارات التي يدعون إليها الغير تمكث في الأراشيف ولا ينفذ منها إلا ما ينفع مسئوليها..
وما تجربة محدثك إلا نقطة اخرى في هذا المحيط الهادر من الشمولية وعدم الاعتراف بالآخر
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
الحوار الساكت في السودان
http://www.alarabiya.net/ar/politics/2015/10/13/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D9%83%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86.htmlالحوار الساكت في السودان
مقال جميل
لنا عودة اليه ان شا الله
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: محمد على طه الملك)
|
شكري مجددا أخي محمد علي طه
وتمنياتي الخالصة بأن يستمع المتحاورون والممتنعون للنقاش ضحى ..
وأن يتقدم الجميع بتجاربهم أو خبراتهم أو قراءاتهم لمثل هذه المواقف ......
حتى لا يكون حوارا ساكتا كما عبر عنه الكاتب محمد أبو الفضل في حديثه أدناه..
لم يتوقف النظام الحاكم في السودان عن الدعوة للحوار الوطني، ولم تبخل قوى المعارضة المتعددة عن وضع جملة من الشروط للمشاركة في أي حوار. ولا هذا نجح في إجراء حوار جامع، ولا هؤلاء تمكنوا من زحزحة موقفه والاستجابة للحد الأدنى من شروطهم، فظلت عجلة الحوار تدور في الدائرة الفارغة التي يريدها كل فريق.
رغم الضجيج الذي يصاحب الحديث عن الحوار في كل مرة، بحسناته وسوءاته، غير أن المسكوت عنه في مسألة الحوار يفوق الصخب الذي يرافقه دائما، حيث يستغل كل طرف الحوار المزعوم، ويحاول توظيفه لمصلحته، فالنظام يسعى من خلال الدعوة إليه لتأكيد جديته الشكلية وحرصه الظاهر على مصلحة الوطن، وغالبية قوى المعارضة تريد أن تثبت تمترسها في الصف المقابل، أملا في انتظار اليوم الذي يتهاوى فيه نظام عمر البشير.
النتيجة أن كل طرف أصبح متمترسا في الخندق الذي دخله منذ أكثر من ربع قرن، فالبشير حريص على استمرار حكمه على جثث ضحاياه، ولو خسر جنوب السودان ثروته النفطية، وأصبح الجزء الباقي مهددا بمزيد من الانقسام، المهم لن يشاركه أحد في الحكم، وحتى من قبلوا مساوماته وبلعوا مراوغاته، من أحزاب ضعيفة وهشة، ظلوا على هامشه على الدوام.
والمعارضة استراحت لتموضعها في المربع الأثير لها، والذي تطلق منه صواريخها الكلامية، لأنها لا تملك رؤية سياسية حقيقية أو أجندة عملية تخرج السودان من أزماته الطويلة، فاستراحت لحرفة المعارضة، التي لا تجيد غيرها، ومن يراجع خارطتها، بالأحزاب وأسماء العائلات والقيادات والأبناء، يجدها لم تتغير كثيرا، على مدار السنوات الماضية، وكل ما حدث من تغيرات طارئة، يتعلق بدخول أحزب لهذا الفريق أو ذاك وخروج أخرى، علاوة على مزيد من التفتت والتشرذم في صفوف المعارضة.
في هذه الأجواء، افتتح الرئيس السوداني عمر حسن البشير مؤتمره للحوار الوطني السبت الماضي، والذي حشد له دعما سياسيا وإعلاميا كبيرا، للإيحاء أن هناك حوارا حقيقيا، والتغطية على غياب قوى المعارضة الرئيسية، لذلك كما هو متوقع، بدا المشهد كأن البشير يحاور البشير. فالأسس المطلوبة للحوار لم يتوفر لها الحد الأدنى، وانتقلت طاولة الاجتماع والتفاف المريدين حولها من وسيلة للوصول إلى غاية، إلى هدف بحد ذاته، فبعد حوالي عامين من إطلاق الدعوة والتحضير لها والشد والجذب بشأن محدداتها، تمخض الجبل فولد حوارا مبتورا، قد يزيد التراشقات حدة والتجاذبات غموضا.
الاجتماع الذي عقد السبت الماضي، أراد منه البشير توصيل حزمة من الرسائل لمعارضيه في الداخل ومستهدفيه في الخارج، فالرجل حاول التأكيد على أن قوى المعارضة غير مؤثرة، ولن تجبره على اتخاذ سياسات لا يريدها، فقد حضرت زعامات وقيادات نحو 70 حزبا، غالبيتها من الأحزاب التي توصف بـ”الورقية”، والتي تدور في فلك حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وربيبه الجديد – القديم حزب المؤتمر الشعبي، الذي يقوده حسن الترابي.
كما أراد تبييض وجهه، وإظهار امتلاكه لشق ديمقراطي، بدليل أنه يجلس ويستمع ويتحاور، وأن اتهامه بالتسلط والدكتاتورية ليس له أي أساس من الصحة، أملا في أن ينزع من المعارضة واحدة من أهم حججها، التي نجحت في أن تلصقها به وتروجها على نطاق واسع، فتدشين الحوار يمكن أن يوحي باستعداده لتقبل الانتقادات، ورغبته في تصويب المسارات، حتى لو أنه (الحوار) عُقد دون توافق مجتمعي كبير، أو تحضيرات جدية. وهو ما انتبهت إليه المعارضة، فإصرارها على رفض الدخول في حوار وطني زائف، قبل الاستجابة لمطالبها السياسية، يمنح منافسها فرصة للتلاعب بها، لذلك رفعت يدها عنه مبكرا، حيث تدرك مغبّة مشاركتها في ظل عدم وجود ضمانات محددة، وتهيئة الأجواء اللازمة للحوار، وبالتالي فغيابها قلص فرص البشير في تسويق دوره كرجل يؤمن بالحوار، وعلى استعداد للجلوس مع خصومه، وهكذا تتواصل لعبة الكراسي الموسيقية بين نظام البشير وقوى المعارضة السودانية، فوسط توازن الضعف السياسي، من المستبعد أن يجبر أي من الطرفين الآخر على التجاوب مع مطالبه، من هنا يرتاح كل جانب لممارسة هوايته في الزاوية التي يقف فيها.
ربما تكون رسائل الرئيس عمر البشير للخارج أكثر أهمية من الداخل، فهو مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية، لاتهامه بارتكاب جرائم حرب، وسمعة نظامه الدولية ملطخة بالمآخذ السياسية، ومعروف أنه مدمن على تزوير الانتخابات، ومع ذلك هناك اتجاه من قبل بعض القوى الدولية لترطيب العلاقات مع نظامه، لكن تعنته مع معارضيه ورفضه للحوار، يقف حائلا بين الدول الراغبة في مهادنته، لذلك أراد من وراء الحوار الوطني أن يجهض، أو على الأقل يخفف من الحجج السابقة، فقد يكتشف العالم أن للبشير صورة تتوافق مع المعطيات الدولية الحديثة، التي تعطي للحوار مكانة متميزة.
لكن المشكلة أن كرامات الرئيس السوداني تأتي دائما ناقصة، وفي أحيان كثيرة تجلب له نتائج عكسية، فهو يدعو للحوار الوطني ويعلن إطلاق الحريات وينادي بتعديل الدستور ويعد بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية، وكلها شعارات يقدمها في توقيت معين يرى فيه ضرورة لرفعها، وعندما يتلاشى الهدف منها يسحبها، الأمر الذي جعل الثقة في جميع خطاباته معدومة.
في ظل التباعد الواضح في المسافات السياسية، والشروخ التاريخية التي أصابت العلاقة بين النظام السوداني ومعارضيه، يصعب مجرد التفكير في إجراء حوار وطني، فالنظرة الدونية التي يرى بها كل طرف الآخر، تجعل القواسم المشتركة لأي حوار غائبة، ومن ثمة سوف يبقى بعيد المنال، مهما تجرّع النظام السوداني حبوب الشجاعة للاعتراف بمعارضيه، كما أن الشروط القاسية لقوى المعارضة، جعلت المعادلة السياسية صفرية، بمعنى مكاسبها خسارة للبشير ورفاقه، والعكس الصحيح، وفي بلد وصلت فيه الأمور إلى هذه الدرجة سيكون من الصعوبة الرهان على نجاح الحور الوطني، لكن من الممكن أن يبقى صامتا.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
من العجائب أن بعض المشاركين في الحوار ظل يتذمر طوال أيام الحوار من سوء ورداءة خدمات الطعام المقدمة لهم ..
والأعجب أن بعضهم طلب مرتبات ونثريات للحوار من ميزانية الحوار -خارج الميزانية -كأنهم موظفي دولة ..
والأعجب من ذلك أن مطالبهم الشخصية هذه تتزامن مع تصريحات بعض المسئولين بأن الحوار يجب ألا يأتي بجديد على نظام الحكم.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
Quote: بادرته بالسؤال عن مصير التوصيات التي تعكف الآن سبعة لجان عضويتها تتجاوز السبعين مؤتمرا من مختلف التنظيمات والأحزاب والمؤسسات بالإضافة للسكرتارية البالغة خمسة عشر عضوا والتي تجهزت للصياغة النهائية والطباعة منذ النهار، فكان رده أن
أوراق ومناقشات ومداخلات وتوصيات المؤتمر كلها محفوظة وستخضع لدراسات لاحقة متعمقة، ولكن التوصيات التي سيخرج بها المؤتمر هي ماسنعده الآن بمشاركتكم خلال هذه الجلسة |
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: أحمد الشايقي)
|
شكرا اخي احمد الشايقي على عبورك من هنا ..
وما اقتبسته هو جزء مما نود التنبيه له حتى لايصبح حلقة مكرورة في حواراتنا
وحتى لا تستحدث مشاهده بأدوار مثيلة
تقبل خالص تحياتي..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
نستأنف حوارنا الداخلي ونبدأ في تلخيص قراءتنا لمنبر الحوار الوطني فنقول أن أسلوب الحوار الانقاذي عموما لا يخلو من فكرتين انتهازيتين:
1/استقطاب عناصر ذات قدرات تضخمية في الاثارة والتهريج لضخ أكبر قدر من الزخم ، مثل هذه العناصر غالبا ما تستغل الإنقاذ رغباتها وحبها للأضواء فتصنع منها بالونات قيادية على المستويات التنفيذية يسهل فرقعتها أو تنفيسها عند الحاجة.
2/ استجلاب عناصر مغمورة من الصف الثاني لتحقيق غرضين، تطعيم الحوار وإكسابه شئ من شرعية الحضور، ثم هز ثقة الناس في الصف الأول، هذه العناصر المغمورة لا تعدو كونها كومبارس لتمثيلية الحوار ينتهي أثرها بانتهاء الحوار، وفي الغالب يتم استيعابها لاحقا في مؤسسات وسيطة من نوع فرق تسد، أو يتم الاستغناء عنها في حالة اثبتت ضعفها الشديد في التعامل الصحيح مع متطلبات الارتزاق.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
الاستاذ/عمر التاج
لك التحيه وانت تاتى شاهدا على احد كواليس مسرح الوطنى
الذين تفوقوا على خبراء هوليود واصبح لهم مهنيين اصحاب تراكم معرفى
وخبره فى التنسيق والاخراج ليكون عرض المشهد الاخير ليس افتراضى
ولكن فكره مخرج ومؤلفين اعدت مسبقا قبل التمثيل والتصوير..
والمدهش حقا ان الجميع يعلم نهايه هذا الفلم الهندى ...
ولى عوده..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عبدالرحمن الخليفة)
|
تحيات زاكيات طيبات أخي عبد الرحمن الخليفة وأسعد الله أوقاتك بكل خير..
Quote: لك التحيه وانت تاتى شاهدا على احد كواليس مسرح الوطنى
الذين تفوقوا على خبراء هوليود واصبح لهم مهنيين اصحاب تراكم معرفى
وخبره فى التنسيق والاخراج ليكون عرض المشهد الاخير ليس افتراضى
ولكن فكره مخرج ومؤلفين اعدت مسبقا قبل التمثيل والتصوير..
والمدهش حقا ان الجميع يعلم نهايه هذا الفلم الهندى ...
ولى عوده.. |
للأسف الإنقاذ أصبحت تكذب الكذبة ثم تصدقها،
المركزية الحادة للاسرار والقرار انعكست على كثير من الممثلين والمعدين والمخرجين ..
فانقلب السحر على الساحر وطفقوا يكذبون وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربتي مع الحوار... (Re: عمر التاج)
|
يكثر الحديث هذه الأيام عن نثريات ونفقات الحوار، البعض يتحدث عن مرتبات مجدولة ونثريات متجددة يستبقون بها حوافز ما قبل الفض ..
سنعود لهذا الموضوع بعد نهاية الحوار الوطني لنقرأ معا مدخلات الحوار مع مخرجاته بإذن الله.
| |
|
|
|
|
|
|
| |
عمر التاج
محمد على طه الملك
محمد نور عودو
أحمد الشايقي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست