Quote: من المُهم جدًا أن نحاول التَّخلص من نظريَّة المُؤامرة التي تأخذ أبعادًا وأشكالًا مُدهشة حتَّى أنَّ ترمي بظلالها على العلم، مُتناسين المنهج العلمي الذي يسير عليه العلماء بصرامةٍ شديدة، وأنَّه ليس هنالك محاولات هروب أو تحييد قد تُجدي في العلوم، فالأمر لا يُمكن تصويره على أنَّ هنالك فريقان من العلماء، أحدهم يُحاول إثبات "الخالق" علميًا، والآخر يرفض أو يُحاول نفي "الخالق" علميًا. هذا تصوُّر خاطئ جدًا، العلم لا يسير بهذه الكيفيَّة، وقضيَّة "الخالق" ليست مطروحة للنقاش أبدًا في المجال العلمي البحت. والعالم مُضطر إلى تحييد قناعاته الشَّخصيَّة إزاء نتائج العلوم، وهذا ما حدث لأينشتاين وما حدث لداروين أيضًا، وما حدث لعدد كبير جدًا من العلماء الذين تنازلوا عن قناعاتهم الدينية وفقًا لنتائج بعض النَّظريات العلميَّة. وما يهمني قوله هنا، هو أنَّ العلماء "المُلحدين" على العكس مما ذهب إليه الأخ عوض الشيخ يسخرون من نظرية الأكوان المتعددة والأوتار الفائقة، وذلك لسبب بسيط جدًا، وهو أنَّ أي فكرة أو نظرية تفترض أنَّ كل شيء مُمكن ومُحتمل فهي ليست فرضية علمية على الإطلاق. وفيما يلي مقاطع للبروفيسور لورانس كرواس يشرح فيها هذه الفكرة ويُقدِّم اعتراضاته العلمية على حجة الكون المُعد، والواقع أنَّ فكرة الكون المُعد هذه تتجاهل دور الانتخاب الطبيعي الذي جعل وجودنا هو دليلًا على الكون وليس العكس، فنحن لم نُوجد لأنَّ الكون مُعد لنا، ولكن لأنَّنا نجحنا عبر عمليات الانتخاب الطبيعي من البقاء في حين لم تتمكن كائنات أو أشكال أخرى من الحياة البقاء في هذا العالم، والنظام البيولوجي الحالي للكائنات الموجودة حاليًا، لا يُمكن أخذها باعتبارها نموذجًا جيدًا على الFine Tuning لأنَّه مما لاشك أنَّ الكائنات الحيَّة الموجودة الآن هي حصيلة تطور استمر لملايين السنين ابتداءً من خليَّة أوليَّة بسيطة نشأت عن طريق القوانين الطَّبيعيَّة، ومرَّت بالانتخاب الطَّبيعي، فليس من الممكن أن تأخذ النظام البيولوجي لدى الإنسان لتبني عليه قاعدة الFine Tuning مُتجاهلًا هذا التَّاريخ التَّطوري الطَّويل.
الضبط الدقيق للكون ليس مجرد نظرية وانما حقيقة واقعة فاي فيزيائي وانا منهم يستطيع ان يتلمس هذه الحقيقة ببساطة من خلال معرفته للثوابت الفيزيائية والقوانين التي ترتبط بها
المختصين في الكونيات وهو العلم الذي يدرس نشأة الكون يرون ذلك بوضوح والآن اتفق معك تماما ان العلم لا يبحث عن وجود الاله او عدمه ويتعامل مع القوانين الفيزيائية الصارمة ولكن تظهر بعض الحقائق العلمية المرتبطة بالجوانب الدينية ويتم تداولها على نطاق واسع في الجدل الفلسفي
لنفترض انه لا يوجد اله على الاطلاق او بمعنى ادق لانفكر في وجود الاله او عدمه ابدا في السياق العالمي وهو ما يحدث دائما
الضبط الدقيق يضعك اما ثلاث احتمالات رئيسية لتفسيره علميا
1. الاحتمال الاول: الضبط الدقيق للكون يأتي بالضرورة لان الطبيعة تحتم ذلك لينشأ الكون بقوانينه الفيزيائية التي نعرفها وهو لب المبدأ الانساني هذا التفسير ليس له معنى واقعي فليس ثمة ارتباط متبادل بين القوانين الفيزيائية والضبط الدقيق اي ان القانون الفيزيائي لا يحتم قيمة الثابت قانون الجاذبية مثلا لا يحتم قيمة ثابت الجاذبية المعروفة وبالتالي يفشل هذا التفسير من الوهلة الاولى
الاحتمال الثاني : وهو ان الضبط الدقيق ناتج من الفرصة او الاحتمال ويقودنا هذا سؤال مهم ... ما هو احتمال ان تكون عشرات الثوابت الفيزيائية ان لم نقل مئات ذات قيم كسرية متناهية في الدقة ان تكون مضبوطة معا ؟ الاحتمالات الرياضية لذلك تبلغ من الصغر ما لايمكن ان يتخيله عقل وبالتالي الذي يفسر الضبط الدقيق بهذه الطريقة ه انسان مؤمن بالخرافات لدرجة غير معقولة ابدا ولا اعرف اي فيزيائي يفسر الضبط الدقيق بهذه الطريقة غير المنطقية
الاحتمال الثالث : وهو ان الضبط الدقيق هو نتاج لتصميم عظيم هذا الاحتمال هو الاقرب للتصديق والاكثر واقعية وطالما ان الضبط الدقيق عبارة عن تصميم فهذا يعني ان هناك مصمم هذا المصمم حتى الآن لم نتفق من هو
الاعتراضات على الضبط الدقيق ايضا تمت بطريقة علمية ولكن اي طريقة علمية كان بها نقاط من الخلل الجوهرية
1. نظرية الكون الدوري : نظرية الكون الدوري وهي تفترض ان هناك دورات كونية لا متناهية لاوان فاشلة لا تحقق الضبط الدقيق وبالتالي لا تنجح في تكوين حياة كل كون دوري يختلف بقيم بسيطة من الكون الذي يكون قبلة بالتاثيرات الكمومية حتى وصلنا الى الكون الذي نعيش فيه وهو كون ناجح واستطاع الصمود لمدة 13 مليار عام ونجح في نشوء الحياة
هذه النظرية فشلت سريعا لانها صطدمت بالقانون الثاني للديناميكا الحرارية وبالتالي صارت خارج اللعبة سريعا
2. نظرية الكون المتعدد : هذه النظرية تفترض ان هناك ايضا اكوان كثيرة جدا نشأت بنفس طريقة كوننا وبشروط حدودية مختلفة قليل منها اكوان ناجحة وبقوانين فيزيائية مختلفة ولها ضبط دقيق يختلف عن الضبط الدقيق لكوننا هذه النظرية مقبولة من ناحية منطقية ولكن لا يمكن لاحد ان يتأكد من وجود اكوان متعددة وبالتالي هي خارج نطاق العلم تماما ( ما لا يمكن تجربته او ملاحظتة يكون خارج نطاق العلم ) وبالتالي اشبه بنظرية ميتافيزيقية ليس لانها غير صحيحة رياضيا ولكن لانها لا يمكن اختبارها ابدا
والآن نأتي الى دور الفلسفة في الموضوع
1. الذين يؤمنون بوجود الاله يحتجون بالضبط الدقيق للكون وان الضبط الدقيق هو نتاج تصميم عظيم وهذا التصميم له مهندس اعظم تختلف تسمياته من ديانة لاخرى وتختلف صفاته على حسب التفسير الخاص للديانة بكيفية التصمم
2 . الذين ينكرون وجود الاله اصبح عليهم لزاما ان يحتجون بنظرية الكون المتعدد وان كوننا واحد من 10^60 كون تقريبا ويقعون في فخ الميتافيزيقا التي ينكرونها
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة