قناة الجزيرة في طريق السقوط

Quote: فى موقف أثار الدهشة وجهت قطر عبر قناة «الجزيرة» ضربة دعائية خاطفة لإيران واتهمتها بالوقوف وراء حادث لوكيربى فى إستخدام جديد للوسائل الدعائية بهدف التأثير على العلاقات الإيرانية الغربية بوجه عام وإضفاء ثقل إقليمى لقطر على وجه الخصوص! فبعد مرور أكثر من ربع قرن على الحادث، وأكثر من عقدين على اتهام ليبيا بتفجير وإسقاط طائرة "بان أميركان الرحلة 103" فوق بلدة لوكيربى الاسكتلندية (ديسمبر عام 1988)، وبعد مرور أكثر من عام على وفاة المتهم الرئيسى ضابط المخابرات الليبى السابق، عبد الباسط المقرحى، الذى أدين بتفجير الطائرة بعد محاكمته عام 2001، وبعد مصرع زعيم ليبيا السابق معمر القذافى على يد مطارديه فى الصحراء الليبية وحصول أسر الضحايا على تعويضات بقيمة مليار و700 مليون جنيه إسترلينى، ظهر فى وسائل الإعلام الغربية وعلى قناة "الجزيرة" القطرية من يقول بأن إيران هى المدبر الحقيقى للحادث! الجزيرة تتهم كانت قناة الجزيرة القطرية الناطقة بالإنجليزية قد أذاعت يوم الثلاثاء 11 مارس 2014 فيلما تسجيليا بعنوان «لوكيربى: ماذا حدث حقا؟» كشف عن أدلة تشير إلى أن إيران كانت وراء إسقاط الطائرة. ووفق ما أعلنته قناة الجزيرة فقد تمكن الفريق الذى أعد الفيلم من الوصول إلى وثائق سرية شملت برقيات للمخابرات العسكرية الأمريكية، والحصول على شهادات من محققين ومصادر أمنية شاركت بالتحقيق فى قضية لوكيربى تفيد بأن طهران كلفت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة» بإسقاط الطائرة الأمريكية ردا على إسقاط البحرية الأميركية فى يوليو 1988 طائرة ركاب إيرانية، وقتل فيها 290 شخصا. وفى الفيلم، تقول برقية سرية للمخابرات العسكرية الأمريكية حصلت عليها الجزيرة عهد بتنفيذ العملية إلى أحمد جبريل، القيادى فى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة. وسلمت له الدفعة الأولى من الأموال فى دمشق. كانت المهمة تفجير طائرة بانام. وبدوره، يقول مسئول مخابرات إيرانى سابق يدعى أبو القاسم مصباحى قررت إيران الرد فى أقرب وقت ممكن. القرار اتخذه النظام الإيرانى وأجازه آية الله الخمينى. وقد تتبعت الجزيرة اثنين من أعضاء الجبهة الشعبية قيل إنهما متورطان بالعملية، أحدهما يدعى أبو طالب وهو يعيش بالسويد حاليا، وثانيهما صانع القنبلة مروان خريسات الذى يقيم بالأردن. إسرائيل وكما جرت عليه العادة قفزت إسرائيل فى إطار الحدث! فعلى الفور وقبل إذاعة الفيلم بساعات تلقفت إسرائيل الخبر وكشف الكاتب الصحفى دافيد هوروفيتس عن أن المنشق الإيرانى نفسه، أبوالقاسم مصباحى، قدم معلومات حيوية للمحققين الأرجنتينيين الذين حققوا فى الهجوم الإرهابى عام 1994 على مركز الجالية اليهودية فى بوينس آيريس، الذى أسفر عن مقتل 85 شخصا. وكانت أدلة مصباحى مقنعة جدا، وتم تتبع خيوط مسئولية الهجوم الإرهابى مباشرة حتى اجتماع لمجلس الأمن القومى الإيرانى الذى عقد فى 14 أغسطس 1993، وتقديم إثباتات مقنعه تفيد مسئولية إيران عن الجريمة التى قام بها عدد من الشخصيات الإيرانية المهمة. أما إيران فقد نفت بشأن قاطع علاقتها بقضبة لوكيربى واصفة التقرير القطرى بالعمل المفبرك وبأنه سيناريو صهيونى إخبارى جديد بهدف النيل من إيران. أبعاد هجوم دعائى يدعوالموقف القطرى إلى التأمل والعجب. فاتهام الجزيرة القطرية لإيران بالضلوع فى قضية لوكيربى فى الوقت الذى تقترب فيه من تحقيق نتائج إيجابية فى مفاوضاتها مع القوى الكبرى حول برنامجها النووى وسط ضغوط أمريكية إسرائيلية مضادة يمثل ضربة دعائية مباشرة موجهة لطهران. أما الأكثر غرابة فكان توقيت إذاعة الفيلم الوثائقى، حيث جاء بعد إستقبال الرئيس الإيرانى حسن روحانى لوفدا قطريا برئاسة محمد بن مبارك الخليفى رئيس مجلس الشورى بعد الزيارة الرسمية التى قام بها وزير الخارجية القطرى د. خالد بن محمد العطية لإيران والتي أكد خلالها أهمية استمرار التباحث و التعاون فى شتى المجالات بين البلدين، منوها بتشكيل لجنة عمل مشتركة لتعزيز العلاقات الثنائية وتفعيلها فى كل المجالات، بالإضافة إلى إقامة منطقة حرة بين البلدين. والأكثر غرابة أنه فى يوم السبت 15 مارس 2014 وصل مساعد الخارجية القطرى، محمد بن عبدالله الرميحى، إلى طهران ليرأس الوفد القطرى فى الإجتماع الأول للجنة السياسية المشتركة بين البلدين. أما أبعاد استخدام قطر لأدواتها الدعائية بشكل أزعج الإيرانيين فيمكن إيجازها فى : (1) وجود ضغط أمريكى لاستخدام وسائل الإعلام القطرية فى تحقيق أهداف السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إيران. (2)محاولة الضغط على إيران ورفع مستوى ثقل قطر لدى طهران ولو باستخدام الأدوات الدعائية بعد حالة الاختلال التى تعرض لها ثقل ونفوذ قطر بمجلس التعاون الخليجى. (3)الضغط على إيران استعدادا لأيام "صعبة قادمة" تتمثل فى مواجهة سيناريوهات الإجراءات العقابية التى يمكن أن تفرضها كل من السعودية والإمارات والبحرين على قطر.. وهكذا يشهد الشرق الأوسط بوجه عام والخليج على وجه الخصوص حالة من التوتر المستمر على كل المستويات فى إطار أشمل يتعلق بعملية إعادة تشكيل خرائط القوى والنفوذ فى المنطقة والعالم.