|
|
 عالية سامح تكتب عن عبور جديد الى فلسطين
|
يوم آخر
استيقظنا صباحا، ركبنا قبل شروق الشمس، نقصد نقابة المحامين في شارع رمسيس بالقاهرة، وصلنا السادسة صباحا، وجدنا البعض يقفون أمام البوابة في انتظارنا و انتظار أفواج أخرى تتوافد تباعاً، الكل يسلم بحرارة ويشد على يد الآخر، امتلأ بنا الرصيف،...، وجوه من الشعب، عادية، مألوفة، تلمحها كل يوم في طريق الحياة، ووجوه مألوفة لنشطين سياسيين، ووجوه من الأهل، وأخرى لممثلين ومثقفين معروفين، وبعض الأجانب ملامحهم تشي بأنهم ليسوا عرباً، ...، و على الرصيف اصطفت أربع باصات سياحية، تنتظر إشغالنا لكراسيها، اكتمل العدد، وركبنا قافلتنا.
لصقنا أعلام فلسطين العربية، و لافتات تحمل بعض الشعارات، ... تحية و تأييداً للشعب الفلسطيني، والانتفاضة الباسلة، تؤكد مقصدنا و دورنا الشعبي (بعيداً عن الحكومات)، في الدعم و المساندة و التضامن مع أهلنا في فلسطين ضد العدو الصهيوني، نندد بانتهاكات إسرائيل و نؤيد المقاومة الفلسطينية.
تحركت الباصات، كلما اقتربنا من مقصدنا اقتربت الشمس من توسط السماء وازداد ضياءها، كانت السحب تحجبها حيناً، و تبديها حيناً...
عبرنا كبري معلق فوق قناة السويس، أول و أحدث كبري يمر فوق القناة اسمه كبري السلام، نعبر الضفة الأفريقية نحو الصفة الآسيوية، نقف باستراحة لمدة نصف ساعة، أنتبه لتزايد الناس، و أرى سيارات نقل محملة بآلاف الأطنان من المواد غذائية و البطانيات، والأدوية...ألخ، تحمل نفس الشعارات، من اللجنة الشعبية المصرية لدعم الإننتفاضة إلى أهلنا في فلسطين، القافلة الشعبية رقم 27( )، نلتقي بأناس جاءوا من محافظات مصر المختلفة منهم من كان ينتظر لينضم لنا من ساعات، و منهم من أمضي الليل في الاستراحة بانتظارنا، أعلم منهم رجل جاء من دمياط، وآخر أظن أنه من المحلة الكبرى، ...،نتوحد، نتحرك متجهين نحو بوابة محافظة سيناء الشمالية، توقفنا قوات الامن المصرية، نعلم أنهم سيسألون عن التصريح الأمني، و عن وجهتنا، ثم يتركونا لنتابع مقصدنا كالعادة، لكن يغيبون، يأتي أحد الرفاق ليخبرنا أنهم يمنعوننا من العبور، والانتقال داخل نفس الأرض المصرية، ويدعونا للنزول من الباص، ننزل جميعاً، نقف جميعاً معاً، لنؤكد رغبتنا و إرادتنا، يأتي رجل بعود، يقف على جانبية شابة و شاب، يلتف الناس، يعلو الصوت هادراً يغني، يعلو يملأ السماء، ولا في قلبي و لا عيني إلا فلسطين...، كل حي في مصر يجمع النفير زي الآذان...، يا يمه في دقة ع بابنا...، يا فلسطينية و البندقاني رماكم....
تهدر هتافات مطالبة بالعبور و مواصلة القافلة إلى الحدود، عند رفح، لنسلم القافلة إلى فلسطين....
نطالب بالسير حتى ولو بالأقدام، نحضر هويتنا و حقائب اليد البسيطة نقف حائطاً أمام حائط الجنود، الذين اصطفوا في وجهنا، لنحاول العبور سيراً على الأقدام، يتقدمنا في الصف الأول بعض الأجانب، حين يشتد الوضع نتقدمهم، نشبك أيدينا معاً و نحاول و نحاول.... يمنعوننا، نجلس القرفصاء، يحولون مسار العربات الأخرى التي ترغب في الدخول إلى الطريق الآخر المخصص للخروج، و نبقى نحن، نحمل علم فلسطين، نرفع صوتنا بالغناء، نتكلم، نرفع شعاراتنا، نتعارف، رجل في الخمسينات جاء من فرنسا ليشارك معنا ضمن وفد من خمسة آخرين، يشارك في موقفنا الشعبي، ويخبرنا أن أصدقاء مصريون شاركوا معهم في فرنسا في مسيرة لدعم فلسطين، وفد آخر جاء من اليونان، وآخر من إنجلترا، وتركيا، والنمسا، تحدثت سيدة فرنسية في الخمسينات،اسمها يدل أن لها أصل عربي ربما مغربية، نعلم من اتصال ببعض الأهالي من العريش كان من المفترض أن ينضموا لنا بعد البوابة أنه تم القبض على ستة من النشطين في أعمال اللجنة الشعبية في العريش، نتكاتف نغني (ما في خوف...)، نرفع الأعلام الفلسطينية، و نبقى ساعات، بعد حوارات مع القوات الأمنية المصرية تمر المواد الغذائية و القافلة، دوننا، يخرج المقبوض عليهم في العريش بعد ساعات قليلة من صلاة الجمعة، ربما قصدوا فقط ألا يدعوهم يدعون المصلين للإنضمام إلى القافلة، وربما قصدوا ما هو أكثر...
نتساءل بيننا و بين أنفسنا لماذا أوقفونا هنا ، و ليس عند الحدود، كما توقعنا؟
هل خوفاً من التحامنا مع أهالي العريش تضامنا مع أحداث العنف، والتعذيب، التي مارسها الأمن ضد الأهالي؟ ( )
أم هو خوفاً أمنياً مبرراً بأحداث تفجيرات طابا الأخيرة؟
أم ضغوط أمريكية إسرائيلية خضعت لها الحكومة ؟
أم هي إحدى صور الكبت و التضييق التي تمارسها السلطات على الشعب المقهور حتى في أبسط صور التعبير، و التضامن البسيط مع بعضنا البعض؟
أم محاولة لإسكاتنا وتقييد نشاطنا حتى لا ينمو أكثر و أكثر؟
أم للموضوع بعد رمزي... وأن الأرض التي حررناها بيدنا، يمكننا أن نطأها دون قيد، أما الأرض التي استردت باتفاقيات يتحدد تحركك فيها بقيد موافقتهم حتى بعد التحرر ( )،
أم ماذا يا ترى هو السبب؟....
المهم بعد مرور القافلة و خروج المعتقلين الستة، ومسيرات عمت شوارع العريش تأييداً للقافلة من بعد، حملنا أنفسنا، وعدنا إلى القاهرة، مخلفين وراءنا... بعض الأعلام الفلسطينية العربية مربوطة في أشجار بجوار البوابة، وملصقات لدعم الانتفاضة ألصقناها على الشجر، لتحفظ ذكرى عدم مرورنا، ووقوفنا ساعات، على بوابة محافظة سيناء الشمالية،
كنا نتمنى أن نصل حتى الحدود نودع القافلة و نسلمها يداً بيد، ربما نتمنى أن ندخل و نقف لجوار أهلنا في فلسطين، ....
نتمنى الكثير.....
و نحاول القليل و القليل ..... ، و نحاول....، ونأمل أن نظل نحاول، علنا نفلح يوماً، فنعبر من جديد.
عالية 11/12/2004
-------------------------
الاصدقاء
عالية سامح عكاشة ، هي صديقة عزيزة تشكلت من طين افريقيا ومأساة فلسطين ، عالية من اب سوداني من منطقة دلقوا ونوبية اصلية ، ومن ام فلسطينية ، اسرة والدتها من قادة اليسار الفلسطيني ، ولدت عالية في القاهرة ، لكنها عاشت كفلسطينية ، رغم انها تقول انها سودانية كانت انيستنا وصديقتنا في القاهرة في زمن المنافي الممتد ، وهي تغني في كورال عباد الشمس ، كتبت عن فيضان كسلا العام الماضي ، ومن كل حرف كان ينز طين انتمائها لنا ، كنت دائما اغالطها ويفعل صديقي مجاهد ايضا انها سودانية ولكنها تصر انها من كل البلاد التي تعيش مأساتها ، تلتفت للسودان كلما سمعت خبر .. وتتابع سيرة ارض لم تطأها لكن لها حنين خاص لتلك البلاد هو الذي جمعنا بها .. كنت احضر نشاطها في كورال عباد الشمس بدار اتحاد المرأة الفلسطينية ، وصادقت اصدقائها وسافرت ومعي شرائط الكورال ووعود بلقاء آخر تكون فيه فلسطين حرة وكذلك بلادنا .. ولكن من الرسالة اعلاه يبدو ان بيننا حدود طويلة مليئة بالعسكر ليصل كل منا الى وجهته ..
اقدمها لكم هنا وليتها وجدت مكانا بيننا في هذا المنبر لتستعيد الوطن المفقود
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
ابنوس
mohammed alfadla
راشد يحى مدلل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست