الحزن فى الاغنية السودانية -الجزء الاول - الدموع التى تبلل اغانى الحقيبة وتطفئ نار العشاق

Quote: راقتني الفكرة جدا فسهرت الليل ولم انم ليلتئذ إلا وقد ولدت أغنية ( الناعسات عيونن نور جبينن هلّ .. ما بين تبر صافى واخضرانى اللون ) وقد استهللتها بهذا المطلع واصفا الحسناوات اللاتي جمعهن الحفل ... وفى احد المقاطع تمنيت له السعادة ومقارنا بينه وبين خصمه بقولي ( النحاس ما بوازن لي دهب شيبون ) كل هذا وأنا لا اعرفه ولا اعرف عن خصمه ولا اسمه ... وهنا نورد نص القصيدة: وفعلا أعجب صالح بهذه الأغنية وهنأني بقوله: هذا شعر جيد ولن أتردد أبدا في تقديمها على أنها من نظمي شخصيا ... وفعلا قدمها لكرومه ملحنها وغناها في حفل الزواج وكان أبو صلاح موجود كما كنت أنا من بين حضروا ذلك الحفل وانتهى كرومه من إنشاده فصفق له الحضور وتقاطر المعجبون على أبي صلاح يهنئونه ويشيدون بشعره فاعتدلت أنا في جلستي وتهيأت لتحول الأنظار كلها إليّ متوقعا أن يصحح صالح ظن المهنئين بقوله وهو يشير إلي الحقيقة أن الجدير بتهانئكم هو هذا الشخص فالأغنية من نظمه هو لا منظمي أنا ... ولكن كم كانت دهشتي عندما رأيت صالحا يتقبل التهاني شاكرا والابتسامة تملأ كل وجهه وحيرني هذا الموقف المذهل من أبي صلاح وكانت انسب فرصة ليضع النقط أمام الناس فوق الحروف فلماذا تصرف هذا التصرف غير إني تحملت هذه الصدمة ريثما انفردت به فسألته عن سر تصرفه هذا فقال لي بكل هدوء وبساطة: أكنت تريد مني أن أصدم المهنئين وأخيب ظنهم ؟ ثم ماذا يكون موقفي مع كرومه عندما أعلن عن هذا السر للآخرين قبل أن أفهمه بجلية الأمر فيسمع الخبر هو للمرة الأولى وهو الذي كان من المفروض أن يعرفه قبل الآخرين وبعد أن أهيئ الجو بمقدمة بيني وبينه ؟... إن خطتي أن اسأل كرومه : ما رأيك في كلمات الأغنية ؟ وكان يقول بلا شك أنها جيدة جدا .. عندئذ أقول له : حسنا ما رأيك إذا إن قلت لك أنها ليست من نظمي وأنا لم اقصد خداعك ولكني خشيت أن تحكم عليها حكما غير عادل لو عرفت أنه من نظم شاعر ناشئ قال أبو صلاح هذا ثم وعد بأنه سيستنسح أول فرصة لتصحيح الموقف فاقتنعت بموقفه ... ثم جاءني بعد يومين ليقول لي : تحرج الموقف بعد أن أعتقد كل الناس أني صاحب ( الناعسات عيونن ) ولكن لدي خطه .. قلت ما هي قال: أنظم أغنية جديدة وأسكب فيها كل قدراتك وأضفي عليه من عواطفك ومشاعرك وأحاسيسك حرارة صادقة ملتهبة فأقدمها لكرومه وبمجرد الانتهاء من تلحينها سأخبره قبل أن يغنيها بأن هذه الأغنية وأغنية ( الناعسات عيونن) من نظمك وقد أمسكت عن إفهامه بأمر ( الناعسات عيونن) لأني أحرجت بعد تهنئة الناس لي وكلهم من المعجبين الذين يحترمونني ويقدروني .. وأمام هذا المنطق لا يسعني إلا أن أوافق وأؤمن بالخطة ومرة أخرى سهرت الليل كله لتولد ليلتئذ أغنية ( وجه القمر سافر .. يضوي شعاعه نور وافر) فماذا كانت النتيجة ؟