العيدية : عبد اللطيف علي الفكي .. هذا الذي أغاظني .
سالت صبيةً ، كنت أحبها ، وكنا نجلس منفردين ، في إحدى الطالاوت الموزعة على الحوش المنجل الجميل لاتحاد الكتاب السودانيين في الخرطوم وقد تسور بأشجار قصيرة دائمة الخضرة وكان الزمان حينها ديمقراطية : من هو الرجل الجميل الوسيم بالنسبة اليكم كنساء .. كيف يكون شكله ؟. كنت أعتقد حينها أنني وسيم ، وربما كنت فعلاً كذلك ، فلقد ظللت حينها وقبلها أحظى بمعجبات عديدات . فكّرت الحبيبةُ قليلا ، ثم بدأت تحاول توضيح صورة الرجل الجميل لدى بنات جيلها . فانتهزت واحدة من تلعثماتها ، وهو تحاول بصعوبة توصيف ما هو حسي بالكلمات ، فقلت مثل من يعني ؟. فأجابت بسرعة : "زي عبد الطيف علي الفكي" .. ثم وكأنها استدركت بسرعة اضافت : "مثلاً" . ذلك الاستدراك لم يخفف ما أحسست به في تلك اللحظة من إحباط وغيظ شديدين ، ورغم ذلك حاولت التشبث بأي أمل يمكن أن يحمله ذلك الاستدارك ، فكرت أن أسالها : وزي منو تاني ؟ لعالها تأتي بي في المرتبة الثانية بعد من ذكرته . وإذا حدث ذلك فأساقول انني كنت الأول ولكن حياء المحب فقط هو الذي منعها من أن تعلن ذلك منذ الوهلة الأولى ... ولكن ماذا لو لم يحدث ذلك ، ماذا لو أجابت " وزي أسامة الخواض مثلاً" . نعم خفت من أحتمال ان يكون المثال الثاني أسامه الخواض مثلاً ، صحيح انه أقصر قامة من عبد الطيف واقل أناقة (إن لم اقل إنه مبشتن) ولكن شعره طويل مثله ، وهو صديقه الحميم ، ويتفرد معه في الحديث عن ذلك المنهج الغامض المعقد المسمى بنيوية ، وهو مثله ، بل أكثر منه ، ينشر مقالات حميمة ومفيدة ويقول شعراً جميلاً . وطالما ان حبيبتي مثقفة فربما تكون هذه معايير الجمال لديها . قبل ان تكتمل تداعياتي دخل عبد اللطيف علي الفكي دار الاتحاد ، صافح أحد الخارجين .. وقف معه للحظات قبل ان يتقدم خطوات ليمسح بعينين نافذتين الحوش المنجل يستطلع سريعاً الموجودين وتقسم وجودهم على الطالاوت المتوزعة . وشار قدر ما أن نكون نحن من إختار تقاسم الجلسة معهم . حييته بفتور ، أنا واثق ان عبد اللطيف إعتقد ان ذلك الفتور ناتج عن مشكلة ما بيني وبين الحبيبة ، رغم ان تلك الحبيبة حيته حينها بحماس كبير زاد غيظي . بدأنا نتجاذب الحديث ، (نعم الحديث كله وليس أطرافه فحسب) ، قصدتُ ان يتحدث هو أكثر منا ، أمطرته بذلك النوع من الأسئلة القصيرة التي لا يمكن الإجابة عليها إلا بحديث طويل ، وكنتُ اقصد من ذلك أن أتيح لنفسي أكبر فرصة لـتأمل ملامح هذا الرجل الذي رأت من أحبها انه نموذج للرجل الجميل الجذاب الذي يعجب بنات جيلها أكثر مما أعجبهم أنا . (عفواً أعزائي ، ارني وقد استمريت في هذا السرد طويلاً ، ولو واصلت فيه بهذه الطريقة لخرجت برواية طويلة .. إذا اسمحوا لي بأن أتي من الأخر) .. استمرت اللقاءات بيني وعبد اللطيف ، ولم يكن ذلك ضروريا لكي أكتشف الحقيقة ، فلقد علمت ووثقت من اللحظات الأولى ، انه فعلاً نموذج للرجل الجميل الذي لابد أن تحبه كل النساء ، وكل الرجال .. كل الناس . يا جماعة ، بدون ما أطوّل الكلام ، عبد اللطيف الذي أحكي عنه موجود بيننا ، هل تصدقون ذلك ، انه الآن ومنذ أيام قلائل شرفنا بالانتماء إلى هذا البورد ، بل وشارك فيه برد في بوست لأسامه الخواض بعنوان (عبد اللطيف علي الفكي يكتب عن البنيوية في رده على محمد المكي إبراهيم) . لو يذكر المتابعون منكم كم هاتينا بأمنيات ان نحظى بهذا الحضور البهي . والآن هاهو عبد اللطيف بيننا . فكيف نرحب به . نفس سؤالي يتكرر . سألته عندما شرفنا حميد ، ورقية وراق ، ومعاوية البلال ، آخرون ، وهو الآن يزداد صعوبة . من لا يعرف عبد للطيف على الفكي ، فليقرأ أولاً مقاله المنشور في بوست أسامه الخواض المذكور ، ويقرأ تعقيبه هناك . وهذا كله جزء قليل جداً مما يمكن أن تعرفونه عن عبد اللطيف . هل رأيتم كيف انه مفكر عميق وكاتب وناقد متخصص ، هل رأيتم الفرق بينه وبيني مثلاً عندما أكتب عن النقد أو البنيوية أو التناص ، وبين ما يكتبه هو حول نفس الموضوعات أو موضوعات ذات صلة ، انه الفرق بين الهاوي والمتخصص ، بين المدعي والعارف ، بين السطحي والعميق ، وفي أحسن الأحوال بين التلميذ الذي يحاول التقليد ومعلمه الأصيل من عبد اللطيف علي الفكي وصنوه اسامة الخواض سمعنا في السودان لأول مرة عن البنيوية وما بعدها ، عن دي سيسور ، وليفي اشتراوس ، وورلان بارت ، وجاك دريدا وغيرهم . وسعينا لمعرفة هؤلاء المفكرين الكبار واقتناء مؤلفاتهم ، وسعينا لاستيراد وقراءة اصدائهم في الثقافة العربية ، فقرأنا : صلاح فضل ، وسيزا قاسم ، ويمني العيد ، وطاهر لبيب ، وكمال ابوديب ، وعبد السلام المسدي ، وحتى خطرفات عبد العزيز حمودة . وعبد اللطيف . هذه العيدية لا يوصف فقط بما قلت ، فهو كما قالت الحبيبة وقلتُ نموذج للشخص الذي يُحب . وهو شاعر مجيد فهل هناك أجمل من شخص يكتب الشعر كما ينبغي أن يُكتب : حينما خطت الزعراء صمتاً بأقلام الفعل ، موسقت العصافيرُ المكان ، والرياح تذيع للبريّة أسرار المهرجان تتقلب الحياةُ بين يديك نسيجاً من الصدقِ والطمأنينة . يعُوقك ان الشمس التي تُنضج ثمارك هي الشمسُ التي يغازلها السائحون في بلادي هي الشمس التي تجفف أقمصة الطغاة يفرحك هي الشمس التي تسقط القناع تبتسمين أيتها الزعراء الشغواء في موطنك ـ الحقل أقنعيني بمواطنتي حينما ينشكّ وجهي استفهاماً بدفتر الوطن وتنشغل خطوتي باشعال المصابيح التي أطفأها ظلام الزمن . أنا ، وأنت تتلألأين بمحارك أنت ، وأنا أمزق ثوب الريحِ مفتشاً لأنغام العصافير لنركض في ركضنا سيرسل التيار المراكب التي هزمتها الحضارة . أعزائي هذه أبيات مما كتب عبد اللطيف من شعر نشره في ديوانه الأول (مداد الصمت) وقد كان هذا الديون من ضمن القليل الذي حملته من السودان وانا أغادره قبل أربعة عشر عاماً تقريباً . ان عبد الطيف علي الفكي ............ ما هذا الجنون الذي أحاوله . ؟ كيف ارحب بعبد اللطيف وكيف أوصفه . بل وكيف أقيم انا وحدي احتفالنا كلنا به ؟ يا جماعة دكتور عبد الطيف جاء .. تعالوا ... تعالوا .. اجروا .. سنقيم مهرجاناً له .... حسناً دعونا في البدء نرقص فرحاً بقدومه . ثم نفكر في الطريقة .. طريقة الاحتفاء به , رغم انني واثق من اننا لن نعرفها . فدعونا نواصل الرقص .

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]