مهرجان الشاي ..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 02:17 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هبة عثمان عبده(سمرية)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-14-2009, 06:31 AM

سمرية
<aسمرية
تاريخ التسجيل: 01-16-2005
مجموع المشاركات: 2803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مهرجان الشاي .. (Re: سمرية)

    [1]

    مدت يدها النحيلة تعيد تنظيم الأواني أمامها.
    لمست أعشاب النعناع المنقوعة في كوب ماء صغير و مدت بصرها الى ما بقي من الزنجبيل في إناء زجاجي كان وعاء عصير" تانج" في يوم مضى.
    من على يمينها تصاعدت رائحة القهوة معلنة أنها استعدت لتقدم للزبائن.
    صباح عادي كغيره من الأيام لا يبدو أنه يحمل لـ " عواطف " إلا العناء المعتاد.
    لكنها كانت تستبشر به مع "العدة " الجديدة التي اشترتها و لم تسدد كامل ثمنها بعد.

    [2]

    "عواطف " امرأة في منتصف العمر.
    في المنتصف الأخير من العمر لو شئت الدقة. و حياتها إن حاولت أن تستعرضها ليست حياة واحدة. هي عدة حيوات تم إلصاقها جوار بعضها البعض بإهمال.
    ما يجعل حيوات "عواطف" المتعددة صورة واحدة متجانسة هو الشقاء.
    ففي كل أطوارها كانت "عواطف " شقية. لذلك وصلت إلى فلسفتها الخاصة التي تريحها.
    هناك أناس أتوا الى هذه الدنيا لتلقى الصفعات و عليهم أن يتحملوها في صبر و يذهبوا في صمت.
    فلسفة " عواطف " هذه اعتمدت على ما مر بها في حياتها الشخصية و ما رأته حولها من الأحداث.
    خذ عندك عمتها " حليمة " مثالا.
    "حليمة " العجوز الباسلة التي توفيت و هي تكدح لتربي خمسة أبناء ذكور و أربعة إناث و صدمتها سيارة مسرعة فماتت على أرض مستشفى الحوادث لأنها لم تجد سريرا تتمدد عليه لتلقي العلاج.
    إكراما لذكرى العمة الباسلة أطلقت "عواطف " اسم " حليمة " على ابنتها الكبيرة التي تساعدها في عملها.


    [3]
    تزوجت " عواطف " ثلاثة مرات.
    الزوج الأول الذي كان ابن خالتها توفي باكرا في مشاجرة في السوق الشعبي حول أولوية تحميل عربة بجوالات بطاطس.
    كان " عبد الخالق " حمالا سريحا سريع الغضب.
    و كان يحسن تفريغ غضبه من الدنيا في صورة ركلات تتلقاها " عواطف " في صمت و دموعها تسيل. في يوم لم يستطع "عبد الخالق " الصبر حتى يعود الى المنزل.
    ابرز غضبه في السوق و شبت مشاجرة كبيرة تلقى فيها "عبد الخالق " أربعة طعنات قاتلات.
    في المحكمة بعد ذلك استطاع محامي القاتل أن يحصل له على البراءة بشهادة الشهود أن "عبد الخالق " كان يعتلي المتهم و هما على الأرض. المحكمة اكتفت بهذه الشهادة و اعتبرت القتل دفاعا عن النفس.
    لم تجد "عواطف " الوقت الكافي لتحزن على زوجها إذ تقدم لها "منصور " سريعا طالبا الزواج منها.
    "منصور" كان صديقا لشقيقها يقضي معه ساعات العطالة في تدخين السجائر و شرب الخمر و لعب الدومنو و انتظار الفرج الذي لا يأتي.
    بعد أسبوع من الزواج البائس الذي ارتجل له الأهل حفلا يتيما دفعها "منصور " إلى السوق.
    قال لها أنه لا فرصة عنده ليجد عملا لذلك فإن عليها أن تعيله من عملها في السوق.
    "حليمة " التي اعتادت الطاعة منذ صغرها لم تر في طلبه شيئا معيبا. استسلمت له و خرجت تبيع الشاي و القهوة لجموع الأفندية و العمال.



    [4]
    في زحمة انتعاش اقتصادي مفاجئ هلت على "حليمة " ما بدا حينها نسمة من سعادة.
    لقد وجد "منصور " عملا في إحدى شركات البترول في الجنوب كسائق شاحنة.
    "حليمة " لم تكن تعلم أن "منصور " يجيد القيادة. و حين سألت عن ذلك بسذاجة تلقت جزائها ضلعا مكسورا.
    لم تغضب على "منصور " فقد كان ثملا كما اعتاد.
    و ذهب " منصور " سائقا الى الجنوب.
    و لم يعد.
    لقد اصطدمت شاحنته بسيارة قادمة من الرنك في الطريق السريع فاقلبت و توفي هناك.
    "عواطف" لم تطلب مستحقات لكن أفندية من الشركة زاروها و اخبروها أن " منصور " لا يستحق إي تعويضات لأنه كان في فترة الاختبار كما أن هناك عدة أخطاء فنية و إدارية في ملفه تجعل أي مساعدة من الشركة لأسرته مستحيلة.
    "عواطف " لم تغضب و لم تحزن فقد كانت " حليمة " تتكون في أحشائها كأخر تذكار تركه لها "منصور" غير الضلع المكسور.


    [5]

    بعد أسبوع من وضعها "حليمة " تزوجت "عواطف " زوجها الثالث " أحمد كنه ".
    "كنه " كان سائق حافلة فتوافق معها على جدول ممتاز للعمل.
    تخرج "عواطف " مع زوجها كل يوم ليوصلها الى مكان عملها .
    و بعد الظهر تترك أشيائها عند محل اتصالات قريب و تعود وحدها – راجلة غالبا – على حين يمر "كنه " ليلا ليحمل "العدة ".
    استمر هذا الروتين عشرة أعوام كبرت فيها "حليمة " الصغيرة و تغيرت أماكن عمل "عواطف " و أنجبت خلالها ثلاثة أبناء ذكور و هي تحمل الان في داخلها الرابع .
    في مرة نادرة التقت "عواطف" بصحفية شابة مشرقة الوجه تؤمن بالغد الذي لا يأتي أبدا فأجرت معها حوارا حول "تجربتها " كما أسمتها الصحفية.
    "عواطف " تكلمت بطلاقة و ضحكت أكثر من مرة مما جعل الصحفية تخطئ في التقاط بعض الكلمات لكنها صمتت تماما حين سألتها الصحفية عن مشاكلها مع موظفي المحلية.
    سرحت " عواطف " طويلا و لما استحثتها الصحفية أجابت بقولها " الحمد لله " .



    [6]
    "حليمة " ذات الأعوام التسعة كانت كفراشة تتنقل بين الزبائن.
    تحمل الشاي و القهوة و تتقبل التلميحات و القفشات الجنسية و الساخرة من جسدها النحيل كجسد أمها.
    لم تكن "حليمة " تضيق بهذه الأشياء و تعتبرها مجرد متاعب مهنة. ما ضايقها كان محاولات "مرزوق " صبي الميكانيكي القريب في التودد اليها.
    أما لمسات الزبائن المختلسة من قامتها النحيفة فكانت تتجاوزها بنظرة شقية تحمل براءة الطفولة أكثر من أي شئ آخر.
    في هذا اليوم أكثرت "حليمة " من المزاح حتى انتهرتها أمها.
    لكن "حليمة " كانت سعيدة بالعدة الجديدة التي اشترتها أمها بالأمس. ظنت "حليمة " للحظة أن أمها قد توزع بعض الشاي المجاني للزبائن المعتادين من باب "الكرامة ".
    لكن "عواطف " أخبرتها بحسم أن تسديد بقية ثمن العدة يحتاج الى انضباط مالي ستفسده هذه الاحتفالية.
    اكتفت "عواطف " بزيادة جرعات السكر في كل كوب على سبيل الاحتفاء .


    [7]

    عند منتصف النهار سمعت "عواطف " الهمهمة.
    ضجة و صراخ و عدو.
    سريعا هب الزبائن و هم يبتسمون لها في عجلة و احراج، كأنهم تخلوا عنها.
    التفت ناحية اليمين لتجد سيارة الشرطة تقف في بداية الشارع و يترجل منها سبعة عساكر يحملون السياط يتقدمهم اثنان من الموظفين المدنيين.
    لم تجد "عواطف " وقتا لتفكر.
    تحركت فيها غريزة بدائية تطالبها بالهرب.
    الفرار حلها الوحيد.
    في اللحظة التي التقت عيناها فيها بعيني أحد العساكر علمت أن عليها أن تهرب و بسرعة.
    تناولت "عواطف " بكلتا يديها خمسة أكواب و بنبر و صرخت في "حليمة " :
    "حليمة .. أجري ".
    و قبل أن تجري " حليمة " كان العساكر يعدون مسرعين نحوها و أمها.


    [8]

    تناولت "حليمة " إناء يحوي الشاي الحب و توقفت محتارة ماذا تحمل معه .
    كان ترددها كافيا ليصلها العساكر فحملها أحدهم من تحت إبطيها و رفعها عاليا.
    صرخت "حليمة " و تعلق بصرها من هذا العلو بأمها و هي تعدو مبتعدة و خلفها عسكري بادي الإصرار.
    نادت "حليمة " أمها.
    التفتت " عواطف " تنظر الى ابتنها في جزع في نفس اللحظة التي هوى فيها سوط العسكري على جانب جسدها.
    اختل توازنها و هوت .
    مدت يدها محاولة ان تقي نفسها السقوط على الأرض لكن البنبر الذي قفز من يدها أعاقها فانكفأت على وجهها.
    رغم المسافة التي تفصل " حليمة " عن مكان أمها إلا أنها سمعت الصوت.
    الحديد يخترق بطن أمها.


    [9]

    جق
    ..
    .



    [10]

    ..
    ..




    [11]

    هوى جسد "عواطف " على البنبر المقلوب فاخترق بطنها كسكين حادة.
    ربما تكون شهقت.
    ربما لم تجد وقتا لذلك.
    لا أحد يدري بدقة.
    فالعسكري الذي كان قريبا لها و تناولها بسوطه أصابه الذهول.
    و في رد فعل حيواني شرس فعل أول شئ فكر فيه.
    فر عائدا الى السيارة.
    العسكري الآخر الذي كان يحمل " حليمة " قذفها من يده في جزع.
    و كأنما يحركهم عقل واحد تجمع الغزاة حول سيارتهم حتى التصقوا بها كأنهم يطلبون منها الحماية.
    "حليمة " لم تكن مهتمة بهم.
    جرت نحو أمها ما أن أحست أنها حرة.
    اندفعت نحوها و ارتمت عليها.
    كان جسد " عواطف " حارا يفقد دمه في غزاره.
    و على عينيها نظرة تؤمن بفلسفة واحدة.
    هناك أناس أتوا الى هذه الدنيا لتلقى الصفعات و عليهم أن يتحملوها في صبر و يذهبوا في صمت.



    [12]





    " تضمن تقرير حملة الضبط إشارة عابرة الى حادث مؤسف حدث أثناء تنفيذ المهمة ".


    ( حمور زيادة )
                  

العنوان الكاتب Date
مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 07:26 AM
  Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 07:28 AM
    Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 07:34 AM
      Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 07:43 AM
        Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 07:46 AM
          Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 07:50 AM
            Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 08:05 AM
              Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 08:10 AM
                Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 08:21 AM
                  Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 08:29 AM
                Re: مهرجان الشاي .. BitAlhana05-11-09, 08:24 AM
                  Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 08:33 AM
                    Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 08:50 AM
                      Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 09:06 AM
                        Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 09:13 AM
                          Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 09:19 AM
                            Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 09:24 AM
                              Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 09:58 AM
                                Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 09:59 AM
                                  Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 10:01 AM
                                    Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-11-09, 10:30 AM
                                      Re: مهرجان الشاي .. مدثر محمد ادم05-11-09, 04:21 PM
                                        Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-13-09, 07:44 AM
                                          Re: مهرجان الشاي .. سمرية05-14-09, 06:31 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de