|
Re: الى كل القوى الوطنية:لاتدعو الانقاذ تتحكم فى مستقبلنا كما تحكمت فى حاضرنا بخطاب الرئيس الم (Re: Balla Musa)
|
العزيز صديق, التحية.
Quote: اتى جون قرنق للخرطوم ولو تذكر حديثه الاول الذى وجهه للقوة الوطنيه قال فيه: you must fight for another 28% ولكن لم يتحرك احد من القوى الوطنية ظنا بان جيش الحركه جيش انكشارى يسقط حكومة الخرطوم لياتوا هم يحكمون البلاد. كان الراحل وحدويا وكذلك الحركة وذهب الرجل الى ربه بسره وترك طرحه لبقية الرفاق |
حين أتفكر فى الراحل جون قرنق, ادرك كم كان مختلفاً عن الجميع, والجميع هنا لا أعنى بها قيادات الحركة الشعبية فقط, بل كل قيادات العمل السياسى فى السودان. لسنوات طويلة كنت اعتقد بأن السودان لم يقيض الله له تلك (الزعامة) التى يتفق ويلتف أغلب الناس من حولها, إن لم يكن كلهم. لا أنكر أن هناك الكثير من الشخصيات المضيئة فى سماءنا, شخصيات كان لها الفضل فى وضع اللبنات الأولى للعمل النضالى والسياسى, أى العمل العام, لكنهم جميعاً كانت تنقصهم ميزة ما, أو ملمح ما حتى أتى جون قرنق هذا, وسار مسافةً أبعد فى تقديرى بإتجاه ان يكون زعيماً بكل معنى الكلمة, زعيم قيّض له أن يمتلك تلك الميزة التى غابت عن الاخرين, ألا وهى (الأمل) !!! كل الزعامات السياسية, الطائفية والدينية لم تقوى على أن تمثل (أملاً) مثل ما فعل الراحل, فمنذ إنطلاقة الحركة فى العام 1983, إلتف من حولها الكثيرين, وفى طريق نضالها ومحاربتها لنظام النميرى, كانت تزيد مكانتها وقوتها فى نفوس الناس, حتى لكان الناس يتحلقون حول أجهزة الراديو ليستمعوا للصوت الفتى لياسر عرمان وهو يقرأ اسفار النضال على أسماعهم. إذن لم يكن (إغتيال) د. جون قرنق إلآ تخطيطاً ذا قدرة شريرة طاغية على قراءة ملامح الرجل, ودواخل الناس التى كانت تدخره لمهام أكبر وأعمق من مجرد الجلوس فى القصر, وإعتبار الحركة شريكاً فى سلطة هى إمتداد طبيعى لكل الذى خرج د. جون من أجله للغابة. بالنسبة لى كان جون قرنق شخصية مدركة لكل أبعاد القضية, قضية محنة السودان, وإلآ ما تكبدت الأيدى الآثمة عناء التخلص منه مبكراً لكى لا يتنامى مده ومكانته, وبالتالى قوته وقوة أجندته التى ما كانت لتصب بعيداً عن حياض ومصلحة السودان الموحد, وفى عملية التخلص منه ال########ة هذه, إلتقت مصالح الكثيرين, من هم أعداءه وأعداء برنامجه التقليديين, ومن هم من "ذويه" وحلفائه الذين شابه فعلهم فعل بروتوس, سوى أن الأمر لم يكن حباً فى روما, ولا لأجل مصلحتها هذه المرة, بل كان حباً, وإنحيازاً لرؤى خبيثة مرة, وأخرى لأجل مخططات إستراتيجية, وأخيرة لأفكار ما رأت فى الوحدة إلآ خنوعاً, قعوداً وبقاءً تحت سيطرة ورحمة (المندكورو) والجلآبة. تلاقت أيادى كثيرة إذن عند مقبض الخنجر الذى قتل الزعيم د. جون, تلاقت الأيادى والمصالح والمخططات الشريرة والخبيثة, والتى أرادت لهذا الجزء أن يتشظى للكثير من القطع والرقع التى لا تكاد تقوى على رفع رأسها من شدة الضعف والوهن. للحق أقول, أن إحساسى بالحركة الشعبية أيام الفقيد د. جون, ليس هو إحساسى بها الان, أو منذ رحيله لأكون أكثر دقّةً!!! فقرنق عنى لى دوماً إزدهار تلك المساحة التى عرفناها بأسم السودان, من نمولى لى حلفا, إزدهارها, نموها وتطورها, أما الان, وهنا فكل ما يمثله الجالسون على الكرسى هنا وهناك, والقابضون على زمام الأمور هنا وهناك, هو نلك الرقعة, والنسخة الشائهة لما سيعرف بإسم السودان هنا, ويعلم الله ماذا هناك, فى أقصى طرفه الجنوبى, والذى كان قوياً يحمل جذع الوطن الأعلى بكل الحب والتفانى. مات السودان إذن عشية (إسقاط) تلك المروحية فى أدغال يوغندا, أو السودان. مات "أمل" السودان الموحد, ماتت الرؤى والأفكار التى كانت تعتمل فى صدر الفقيد د. جون, وتمور فى قلوب الكثيرين من أبناء هذا الشعب المغلوب. أكثر ما يقتلنى الان هو, التبارى والتمادى فى ذرف دموع التماسيح على الوطن المنشطر, كل الأعلام هنا وهناك لا شغل ولا شاغل له سوى البكاء والتباكى على الوحدة التى لا تزال فى أيديهم حتى الان, لكنهم يعلموا علم اليقين أنهم نابزوها, وطارحوها فى التراب, لأنها ما مثّلت حضوراً ولا قناعةً فى قرارة وجدانهم أبداً, ولا أستثنى هنا أحداً, من هم فى الجنوب, ومن هم فى الشمال من سادتنا, الذين ما إلتقوا إلآ لخراب بيت الوطن, تفتيته, وتفرّق دمه عليهم, وبينهم.
شكراً يا صدّيق, وكالعادة عذراً للإطالة يا صديقى, هى شجون الروح, وعلقمها الذى يعلق بالدواخل. محبتى لك
|
|
|
|
|
|