كان يجب أني يكون هذا الموضوع ضمن ردود البوست (اول فيديو كليب سوداني بمواصفات عالمية) والخاص بأغنية (عايز أعيش ) للمطرب الشاب طه سليمان ولكن اردت أن أفتح بوست خاص بهذا الكليب نقدا لهذا العمل وأرجو أن يكون النقد بناءاً ومفيداً للجميع خاصة للشباب من المبدعين المهتمين بالفن والأغنية في وطننا الحبيب .
هذا الموضوع والنقد يبدأ من نقطة اساسية وبسؤال مهم جداَ وهو هل أنجز طه هذا العمل كعمل خاص أم عام بمعنى آخر :
1- اذا كان انتاج العمل كمشروع تجاري مربح (كما هي كل الفيديو كليبات) فيكون للفنان الحق في انتاج ما يشاء وعليه أن يجد من يشتري منه هذا العمل (الفضائيات المنتشرة ) ومن ثم يلتفت اليه المنتجين الآخرين وينتجوا له اغنيات أخرى والبومات غنائية تدر لهم وله دخلاً معتبراً بل قد تستخدمه شركات الاعلانات كموديل في الاعلانات التلفزيونية كما هو معروف عن الكثير من المطربين مثل نانسي عجرم واليسا ومنى زكي وجورج قرداحي وغيرهم من النجوم فبالتأكيد هذا حق مشروع للمطرب أن يغني ما يغني ولكن عليه أن يقنع الناس بالاستماع له وما تجربة العملاق وردي في بداياته مع الفنان ابراهيم عوض وحينها نصح ابراهيم عوض حينها العملاق وردي بان يبتعد عن طريق الفن . واذا اعتبرنا هذه النقطة موجودة فان الشاب المطرب طه سليمان لم ولن يطلب من الفضائيات بث الفيديو كليب لأنه سوداني ولم يذكر أن هذه الاغنية سودانية وكل فناني وفنانات الكليبات يغنون بكل اللهجات العربية والفضائيات مليئة بالامثلة العديدة (اصالة مصري وأنغام خليجي ) وغيرهم اذاً تعدت الاغنية حدود البلد واصبحت تنتشر بنجاح الصوت او الكلمة او الصورة او بجميعهم ومن هذا المنطلق يحق للفنان طه سليمان أن يفعل ما يروق له وينتج (منتج) مطلوب يستطيع تسويقه خاص وأن تكلفة التصوير عالية جداً ( انا أعلم بحكم عملي في وكالة دعاية وإعلان أن تصوير 35 ثانية فقط لإعلان ما قد تكلف 250 الف دولار أمريكي) فما بالنا بتكاليف تصوير أغنية تمتد لأربعة أو خمسة دقائق وكذلك تكلفة العازفين والموسيقين خاصة وأن الشاب طه قد استخدم في هذا العمل حسب علمي العازفين المصريين الخاصين بالفنان عمرو دياب وجميعنا يعلم تكلفة هؤلاء الماسترز وتكلفة الكاست فقد تكلف الفنان طه سليمان (أو منتج العمل) الشيء الكثير وعليه لابد أن يكون المنتج مطلوب ( أو كما يقول العامة – السوق عايز كده) خلاف ذلك سوف تتوقف الاعمال القادمة تجنباً للخسائر المادية الفادحة :
2- اذا كان العمل عام بمعني أن المطرب طه سليمان اراد أن يتقدم للفضائيات كمغني سوداني أول يجب أن يمثل السودان في البث الفضائي مثله مثل غيره من الفنانين العرب وتقدم بهذا العمل (عايز أعيش) ليمثل به السودان فأنا بكل صراحة لا اتفق معه للعديد من الاسباب وهي :
أ- الموسيقى واللحن : ليس هذا اللحن لحن سوداني لأنه ليس خماسياً وهذا شيء نمتاز به وتشهد لنا أفريقيا بكل جهاتها عدا شمالها (مصر ليبيا تونس الجزائر المغرب) وتميزنا الفني فيها وقد كان وما زال للأجيال السابقة البصمات الواضحة في ثقافة العديد من الشعوب الافريقية غير السودانية
ب- العازفين : على أعتقادي أن أهل مكة أدرى بشعابها وبمعنى آخر أن تعزف أغنية وموسيقى بلد معين يجب لك أن تأتي بأهل هذا البلد وما دليلي على ذلك إلا الفرق الموسيقية من شتى دول العالم التي تجوب البلدان لعزف مويسقاها في المهرجانات والمناسبات واذا لم يكن هذا مهماً فكان يمكن أن تكتب هذه الالحان في نوت موسيقية وتقدم من فرقة واحدة بدلا من تحمل تكاليف سفر وأقامة وخلافه لهذه الفرق من دولة لأخرى . وعلى علمي البسيط وأنا أعرف د. احمد الجبالي منذ أن كان طالباً في كلية الصيدلة جامعة الزقازيق وكان يقدم لنا فقرات بالعزف على الجيتار في حفلات الطلبة السودانيين بالزقازيق فهو وبما يمتلك من مهارات في العزف لن يفوق بأي حال من الأحوال د. الفاتح حسين وفرقته الماسية في عزف الألحان السودانية مثلما لن تجيد اي راقصة في العالم مهما درست وتعلمت الرقص الشرقي كما تجيده الراقصات المصريات فهذه ثقافة أحساس تنشأ منذ الطفولة ولا تكتسب في الكبر .
ت- إن تصوير الأغاني بطريقة الفيديو كليب يتطلب الكثير من الاموال واذا انتفت الطريقة التجارية فيها فبالتالي تصبح هذه المهمة مهمة دولة ووزارات ثقافة وتلفزيون وأذاعة يتم فيها وضع بنود ميزانية لتصوير أعمال ثقافية وفنية تبث للعالم لنشر ثقافة شعب هذه الدولة وعند هذه النقطة أعتقد أن هذه المسؤولية أكبر بكثير من أن يحملها فنان واحد على عاتقه لينشر ثقافتنا وموسيقانا وأشعارنا بل يجب أن تتحرك الجهات الرسمية لتحمل هذا العبء بالأمكانيات الموجودة ( كاميرات مواقع طبيعية – موديلات) وبثها من خلال قنواتنا الفضائية التي تشاهد في جميع أنحاء العالم. والدليل على ذلك تجربة قناة هارموني التي تبث الآن العديد من الأعمال الجيدة التي صورت بطريقة جميلة وتعكس الكثير من التعدد الثقافي في السودان .
ث- كلمات الأغنية : بالتأكيد أغنية شبابية خفيفة ولكن لن تصل باي حال من الاحوال لـ (لو وشوش صوت الريح في الباب يسبقنا الشوق قبل العينين)
ج- الموديل : هل يعقل أنه لا توجد أي إمراة سودانية تصلح لأن تكون موديلاً للفيديو كليب أنا شخصياً أعلم الكثير من البنات السودانيات اللائي إشتركن في عروض أزياء خليجية لجمالهن وتفوقن على غيرهن من الجنسيات .
ح- التبشير : هل يعقل أن نعبر عن سودانيتنا بالتبشير باليد على العازفين ( لاول مرة يقوم الفنان بالتبشير على العازفين) المعروف أن الفنان هو من يتلقى التهنئة بهذه الطريقة من الحضور وليس العكس فلا أدري من الذي أحتفل بالآخر . وكنت أتوقع بعد ذلك كختام للفيديو كليب كلمة ( يا زول ... آآآآآآآآآآآآآآآآآي) التي تقال لنا كسودانيين في الخليج حتى نثبت أو لنا أننا سودانيين .
- أذا كان كل فنان سوداني يجتهد بطريقته لتقديم أعمال تمثل السودان فنحن موعودون بالتأكيد بعدد من الـ(جواهر) والـ (حمادة) في العديد من القنوات كما كانت اغنية الترلة التي وصمتنا بعار فضائي لا ولن ينسى
في الختام لست ضد طه سليمان أو معه ولا أبحث عن شهرة لأني لست فناناً أو مغنياً ولا أحسده على اي نجاح حالي أم مستقبلي وأتمنى له دوام التوفيق والنجاح ولكني كتبت متالماً من واقع مشاهدة الكثير من النجاحات للكثير من الفنانين العرب في جميع القنوات الفضائية التي تبث أغانيهم كبارا وصغارا شيبا وشباباً ولم اشاهد نجاح واحد لأي مبدع سوداني .
همسة أخيرة :
الفنان المبدع عاصم البنا في أحد الأيام إلتقى بالفنان السعودي عبد المجيد عبد الله في مطار جدة وسأله عن رأيه في الغناء السوداني ؟ أجاب عبدالمجيد : الغناء السوداني عنده مشكلة واحدة فقط وهي النطق السريع للحروف الأمر الذي لا يجعل المستمع العربي يفهم كلمات الأغنية أما اللحن والموسيقى فهما في القمة .
ببساطة أكثر أيها المبدعون غنو بهدوء ووضحوا مخارج الحروف وبموسيقانا السودانية الاصيلة سوف نصل للعالمية مثل غيرنا وبعيداً عن التقليد والمحاكاة .
ودمتم
......
..
جمال السنوسي
(عدل بواسطة جمال السنوسي on 05-19-2007, 04:51 PM) (عدل بواسطة جمال السنوسي on 05-19-2007, 04:54 PM) (عدل بواسطة جمال السنوسي on 05-19-2007, 10:27 PM) (عدل بواسطة جمال السنوسي on 05-19-2007, 10:28 PM)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
جمال السنوسي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست