|
ماذا نريد؟ رؤية يسارية جديدة
|
هذا نص معدل قليلا عن نص شهادة مايكل ألبرت التى عرضها أمام المنتدى الاجتماعى العالمى فى بورتو اليجرى بالبرازيل عام 2002.)
فى البداية أود أن اشكر منظمي المنتدى على دعوتي هنا لتقديم شهادتي الشخصية, واشكرهم أيضا على أنهم فكروا فى صنع هذا الحدث الهائل, وعلى تنظيمهم له.
لقد شاركت من قبل فى تجمعات لعشرات ولمئات بل وحتى لبضعة آلاف من البشر فى وقت من الأوقات, ولكن هذا الحدث المتمثل أمامي هنا, فى "بورتو اليجرى", هو فى الحقيقة أمر غير مسبوق بالنسبة لي.
إننا جميعا ندين بالشكر لمنظمي هذا الحدث, ونتعهد لهم بالدعم المستمر, أما بالنسبة لي - عندما أفكر فى أنني حضرت هنا والتقيت بهذا الجمع الباهر من الناس واستفادتي منهم, وحتى محاولتي إبداء تعليقات مفيدة لكل هذا الحشد - يستبد بي كلا من التواضع والإلهام.
لذلك أشكركم جميعا.
عندما كنت اصغر كثيرا فى السن, كانت كلمات أغاني المغنى الامريكى "بوب ديلان" تحرك مشاعري كثيرا, ولا زالت تحركها كثيرا حتى الآن. تسمى أغنية من أغنياته التى أحبها على وجه خاص باسم "عندما ترسو السفينة". إنها تجسيد جميل لفكرة انك تربح عالما جديدا عندما ترسو سفينتك على شاطئ جديد.
وبعد هذا الوقت بمدة, الفت على حب موسيقى المناضل الشاعر "لينارد كوهين", وبالذات أغنية اسمها "الولايات المتحدة الأمريكية سوف تأتيها الديموقراطية حالا". إنها أيضا عن بعض من تداعيات الظفر بعالم جديد.
والخلاصة, أنني وصلت إلى وضع عنوان لشهادتي من تلك الكلمات الملهمة لهذين الشاعرين المناضلين.... "عندما ترسو السفينة, سوف تأتى الديموقراطية للولايات المتحدة الأمريكية حالا".
أصبحت سياسيا لأول مرة أثناء الكفاح ضد "حرب فيتنام". أتذكر فى البواكير الأولى, عند تفتح وعيي, أنني كنت ذاهبا إلى كنيسة أثرية جميلة فى وسط البلدة, فى "بوسطن", لإنهاء إجراءات استدعاء الخدمة العسكرية. أتذكر انه ربما حدث هذا فى عام 1966. كنت وقتها, واقفا فى الشرفة.
رأيت طلابا وأناس آخرين يتقدمون إلى الأمام ويدوسون بطاقات استدعاء الخدمة العسكرية بالأقدام, كنوع من الاحتجاج. هللت مصفقا لهم, مثلما فعل كثير من المتفرجين الآخرين.
عندما غادرت مكان الحدث راجعا إلى بيتي تملكتني تلك اللحظات, التى نبتهج لها كلنا حين تحدث من حين لآخر, وهى لحظة انكشاف حقيقة ما, أو استلهام لبصيرة ما. أدركت أنني صفقت مهللا لأناس بسبب إقدامهم على فعل أستطيع أنا فعله, ولكنني لا افعله الآن, ولا يوجد ما يغريني بغض الطرف عنه ولكن كل ما هو هنالك هو أنني لم استغرق فيه بعد.
قررت أن أسمو فوق هذه الحالة فى المستقبل. لقد قررت ألا اصفق أبدا كمتفرج على ما أستطيع صنعه بنفسي ولا يوجد سبب مقبول للدرجة التى تمنعي من الإقدام على فعله. قلت لنفسي, "إذا ما أثار إعجابي فعلا ما, ووجدتني قادرا على صنعه, وإذا ما انتفى وجود سبب معقول يمنعني عن ذلك, وإذا لم يكن على جدول ما هو أفضل أخلاقيا - فعلى أن أقدم على فعله".
كانت فكرة فى غاية البساطة. ومن بعدها أصبحت نشيطا سياسيا.
بعد ذلك بفترة وجيزة عند التحاقي بالجامعة, أتذكر أنني حاولت مرارا بلورة خطاب يدعم حركتنا المناهضة لحرب فيتنام ولكنني كنت أقابل معارضة غريبة لما اطرحه فى كل مرة.
لقد وصفت دوافع الحرب ومآسيها ولكنني كنت أتلقى فى المقابل سؤالا:
"وما الذى تريده أنت؟" "أي وجهه نبتغيها حتى تذهب الحرب بعيدا عنا؟" "ولماذا ترى فى الصراع ضد الحرب شيئا مهما أو ذا مغزى, وأنت تعلم أن الحرب وكل الأهوال الأخرى المرتبطة بها أمرا لا يمكن تجنبه فى حياتنا هذه؟"
كنت أظن وقتها أن هذه الأسئلة أسئلة سخيفة. لقد كانت تزعجني. كانت تبدو كما لو كانت تملصا من تحمل المسئولية, وكنت أرد على سائليها بفظاظة.
كان ردى هو.... لزاما علينا أن ننهى حرب فيتنام, وكررت وأكدت.... فيما بعد سوف يكون الزمان الذى ننهى فيه كل الحروب وإلى الأبد, ننهى فيه كل الأهوال التى نحياها فى حياتنا هذه.
وحقيقة أنني وكل المنظمين للحركة المناهضة لحرب فيتنام لم يكن لدينا إجابات صالحة ترد على كيفية إعادة هيكلة كل المجتمع للقضاء على أسباب الحرب والآلام الأخرى, رغم أن ذلك لم يكن سببا وجيها للنكوص عن مناهضة الحرب, هذا ما كنت اشعر به.
بالطبع, كانت حجتي وجيهة على هذا الجانب وفى ذلك الوقت, ولكني اليوم اعتقد كمناضل أنني كنت مخطئا وبفظاعة.
اعتبار مشاعر أو شكوك من هم على وشك الانضمام إلى صفوفنا على أنها مشاعر أو شكوك غير مقبولة أو غير منطقية كان درسا آخر من أفضل الدروس. فلم يكن من الأمثل أن نساوى بين الرد على شكوك الناس بخطاب مستقبلي عالي المستوى يمنحهم الأمل ويوجه الدفة فى الاتجاه الصحيح وبين الإجابة عليهم بنفس المنطق الذى يتكلمون به.
|
|
|
|
|
|