كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 08:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة حيدر محجوب عبد السلام(jini)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-23-2003, 01:27 AM

رباح الصادق

تاريخ التسجيل: 05-04-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)

    في كتابي عن (الاختراق والانسلاخ في حزب الأمة) أوردت فصلا أقارن فيه بما حدث في الستينيات- كمرجع رجع له أهل سوبا 2002- ثم أقارن بين الانشقاق في المؤتمر الوطني وما حدث في حزب الأمة لذات السبب، وهو أن أهل سوبا 2002م اعتبروا أنهم يكررون ما حدث في المؤتمر الوطني:

    مرجعية الستينيات والتسعينيات
    لقد بينا في هذا الكتاب (كتاب الاختراق والانسلاخ) سلسلة الأعمال التي قامت بها الجماعة المنسلخة عن الحزب. بقي إلقاء ضوء على المنطق الذي حكمها في تصرفاتها تلك لتبيين مدى خطل قراءتها للواقع السياسي عامة وللبناء الداخلي لحزب الأمة. لقد تحركت هذه الجماعة عبر قراءتها لموقفين تاريخيين هما: الأول خاص بالحزب وهو الانشقاق الذي حدث في الستينيات. والثاني: حدث داخل حزب آخر هو المؤتمر الوطني وقد حدث عام 1999-2000.
    ضلال التشبه بانشقاق 1966 داخل الحزب:
    أولا ما هي حقيقة الانشقاق في الستينيات؟
    بعد قيام ثورة أكتوبر 1964، أقام حزب الأمة هيئة تأسيسية مكونة من الهيئة القديمة يستبعد منها من اشترك في تدبير انقلاب نوفمبر 1958م ومن تعاون مع النظام العسكري ويضاف إليها من يمثل الدماء الجديدة وما يجعل التكوين ممثلا للواقع. انتخبت تلك الهيئة في نوفمبر 1964م رئيس الحزب وأمينه العام والمكتب السياسي وبارك خطواتها الإمام. ثم خاض الحزب انتخابات عام 1965 حيث فاز بأكثرية المقاعد وكون حكومة ائتلافية ونصب السيد محمد أحمد محجوب رئيسا للوزراء عنه.
    أول بوادر الخلاف الذي حدث في الستينيات كان وقوع اختلاف بين رئيس الوزراء والهيئة البرلمانية لحزب الأمة. كونت الهيئة البرلمانية للحزب لجنة برئاسة السيد أمين التوم لبحث أداء الحكومة واتصلت اللجنة برئيس الوزراء وحققت في الأمر ثم كتبت تقريرا بمثابة إدانة قاطعة لرئيس الوزراء. ولكن رئيس الوزراء بدلا من التفاهم مع الهيئة التي انتخبته، رد بأنه غير مسئول أمام الهيئة بل أنه مسئول فقط أمام الإمام الذي عينه وهو الذي يحاسبه، وصار يرفع شعار "سقوط محجوب سقوط الإمام". وحتى تلك اللحظة لم يكن رئيس الحزب (الصادق المهدي) ولا الإمام (الهادي المهدي) طرفين في النزاع. ولكن رئيس الحزب تدخل مؤيدا الهيئة البرلمانية في حقها في محاسبة رئيس الوزراء، وحق الحزب في متابعة أداء حكومته والتنسيق بين أجهزته وبينها. والإمام وافق على أن الهيئة البرلمانية وأجهزة الحزب القيادية لا تملك الحق في محاسبة رئيس الحكومة، فوقع استقطاب حول هذه القضية في الحزب أدى للانشقاق في عام 1966م .
    ثانيا ما هي حقيقة ما حدث في سوبا يوليو 2002م:
    حزب الأمة يخوض منذ عام 1989م حربا وجودية وتحررية. وقيادة الحزب تقوم على شرعية البلاء والانتخاب. قيادة الحزب هي التي قادت المواجهة للنظام ثم الحوار معه، وكان موقفها في الحالين صائبا ومزكيا لها ولصحة مواقفها. كما قادت تكوين نظام مرحلي للحزب في مرحلة العلنية بعد تجاوز المرحلة الاستثنائية. سياسات الحزب ونظمه المرحلية كلاهما تأسس على إجماع قيادات الحزب بلا استثناء بما فيهم جوقة سوبا. هذه الجوقة شاركت في كل القرارات التنظيمية والسياسية التأسيسية. ابتداء بمؤتمرات الحزب بالخارج، واجتماعاته التاريخية في فبراير وأغسطس 2000 –آلية التراضي- وحتى قرار 18 فبراير الذي أجمعوا حوله مع الآخرين. إن مقترحات تلك الفئة قد نوقشت بصراحة ووضوح –على عكس ما يدعون- ولو كان عندهم حججا أخرى فإنه لم يكمم أفواههم أحد- لقد رفع رئيس الحزب اللوائح عن الاجتماعات حتى يدلي كل بدلوه- والتزم الصمت حتى لا يتأثر أحد بكاريزميته. ثم قرر الحزب بالإجماع تلك القرارات. ثم وفي مرحلة لاحقة بدا لتلك الجماعة أن تلك القرارات لم تفسر كما تبتغي أو أنها أقل مما ترتضي، فرأت أن تلوي ذراع الحزب لإحداث سياسات وتنظيمات إقصائية لإبعاد من لا ترغب فيهم، وسيادة الخط السياسي الذي تراه "حميرا أشربي ولا أكسر قريناتك".
    لقد رفعت هذه الفئة بين ما رفعت شعار "الإصلاح والتجديد" كلمة حق أريد بها باطل المشاركة بغير قيود. لقد كان واضحا أن الإصلاح والتجديد في الحزب سيتم عبر المؤتمر العام وورش العمل. ولجنة المؤتمر العام كان رئيسها (أحمد بابكر نهار) ومقررتها (أميرة أبو طويلة) من الفئة المنسلخة.. تلك الفئة لم تكن أبدا مهمشة بل كانت ممثلة بأكبر من حجمها الذي اتضح الآن.
    عندما همت هذه الفئة الاعتداء على الشرعية عقدت جمعية مباغتة خارج إطار الشرعية التي تستمد وجودها منها، ودعت الناس على أساس عشوائي "مكلفت" في أسبوعين دون أية من ضوابط المؤتمرات المعهودة. كما برز تماما أن الاجتماع تحت حضانة المؤتمر الوطني وبإمكانيات خارجية.
    إن القراءة المتعمقة والعارفة بأسباب الانشقاق وظروفه ومآلاته في الستينيات، ثم العالمة بمسببات وإجراءات الاختراق الحالي تظهر التالي:
    - في الستينيات لم يكن شعار الإصلاح الحزبي معلنا كأحد أسباب الانشقاق بل كان أحد نتائجه، حيث خاض الجناح الذي يقوده رئيس الحزب الانتخابات ببرنامج "إصلاح وتجديد"، والجناح الآخر من الحزب لم يكن يستند على شرعية انتخاب الهيئة التأسيسية بل على الولاء للإمام. وكان ذلك الشعار يهدف إلى اتخاذ المؤسسية والمؤتمرات وسائل لفك الإسار التقليدي عن حزب نشأ مجددا ولم يدع إلى الانقلاب على المؤسسات. والسيد الصادق المهدي كان قد انتخب رئيسا للحزب عبر مؤسساته. الخلاف إذن لم يكن بين أجهزة الحزب، وإن كان اتخذ شكل خلاف بين الحزب والكيان. أما المؤتمر الحالي فقد كان تزويرا باسم الحزب. والرئيس سمع به من تقارير سرية تسربت عن الجماعة المنظمة للمؤتمر (الرئيس وصلته تقارير عن تحركاتهم وحتى أرقام السيارات التي يستخدمونها للدعوة له ولكنه فضل مراقبة تصرفاتهم حتى نهايتها بدل الأخذ بالشبهات، وقد اعتقدوا أن صمته ذلك جهل منه بما يدور). وقد دعا تجمع سوبا للانقلاب على المؤسسة، وإقامة بنيان من الرمال مكانها.. "نبني فتهدمها الرياح"، وهذا هو مصير هذا التكوين الهش.
    - في الستينيات لم يكن الحزب في حالة كفاح ضد الدكتاتورية أو استنفار لتحقيق التحول الديمقراطي مصادرة أمواله ومكبل إعلاميا كما هو الحال الآن. أما الآن فالحزب في حالة مواجهة لعدة أجندات. وهو مستهدف من أصحاب الأجندة الشمولية، كما هو مستعدى من قبل أصحاب الأجندة الحربية. هذه النقطة مهمة، ففي تاريخ الحزب تكررت مثل هذه الخطوات في عهد مايو عدة مرات، وفي عهد الإنقاذ عدة مرات أيضا، بلاعبين مختلفين كل مرة (كما استهدف كيان الأنصار عدة مرات أيضا) والذين كانوا يرفعون الشعارات المختلفة داخل الحزب أو داخل الهيئة كانوا في كل مرة يتلاعبون بشعارات الإصلاح، ويصل لمغزى ذلك التلاعب كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. وعلى حد تعبير شاعر الحزب (بشير عثمان بشير):
    كم وكم مكابر فاتو حزب الأمــــــــــة
    وأصبحوا لا فكر لا رأي عديمين ذمة
    إن طــــــــال الزمن مهما بلغت القمة
    مســـــاك الدروب لا بد يقع في الطمّة
    - لقد كان الحزب في ذلك الوقت حاكما لا ملاحقا كما بينا، ولكن تفجر الخلاف لسببين: الأول ضرورة أن يوجد تنسيق بين رئاسة الحكومة وبين الهيئة البرلمانية والحزب الذي تحكم باسمه، فقد لوحظ غياب تام للتنسيق وتضارب بين موقف الحزب وبين طاقمه الحاكم، بل لقد رفض رئيس الحكومة الانصياع لهيئته البرلمانية ورفض اعتبار الأجهزة الحزبية. هذا التناقض بين الحزب وبين حكومته فاقمه السبب الثاني وهو: غياب إطار يؤسس العلاقة بين الحزب وبين كيان الأنصار وقيادته –أي الإمام. فقد مرت العلاقة بين الحزب والكيان بعدة محطات برز فيها ضرورة ضبط العلاقة بصورة مؤسسية، وقد كان البيان الصادر من الإمام عبد الرحمن المهدي عام 1950م هو أحد المرجعيات لضرورة الفصل بين الكيانين وتحديد صلاحيات الإمام، ولكن ذلك البيان لم يطور في شكل دستور أو وثيقة تحكم العلاقة، وظلت تلك العلاقة عرضة لاختلاف التفسيرات. ولقد استغل الجناح الحكومي في الحزب –بقيادة السيد محمد أحمد محجوب- هذه الضبابية كوسيلة لمواجهة الضغط من أجهزة الحزب عليه لضرورة تنسيقه معها وانقياده للقرارات الحزبية. وكلا السببين: ضبط العلاقة بين الحزب وحكومته، وضبط العلاقة بين الحزب والكيان الأنصاري نابعين من تناقضات ذاتية في البناء الحزبي. والآن لا يوجد التناقض الأول ببساطة لأن الحزب ليس حاكما، أما فيما يتعلق بالعلاقة بين الحزب والهيئة فقد تكونت لجنة عام 2001م من قيادات في الحزب وفي الهيئة لضبط العلاقة والتمييز بين الحزب والهيئة بصورة مؤسسية. التناقض الذي حدث داخل الحزب لا يتعلق بأمور ذاتية فالدعوة للإصلاح والتجديد تنتظم كل القيادات والكوادر ولا يوجد قيادي واحد –محافظ- يدعو لاستمرارية الحزب بشكله الحالي، والدعوة للإصلاح تم الاتفاق والتنظير لها أن تكون عبر مؤتمر الحزب العام وكونت لجنة له –رئاستها بيد أحد أفراد الجماعة المنسلخة وكذلك مقرريتها. بل لقد ظلت قيادة الانسلاخ تقول أن الحزب لن يعقد مؤتمره العام –وبيدها رئاسة ومقررية لجنة المؤتمر. ثم أنها لم تعقد تجمعها إلا بعد أن سارت المسيرة وابتدأت المؤتمرات القاعدية بمؤتمر محلية الحوش بتاريخ 9 يونيو 2002م، تلاها مؤتمر المناقل في 10 يوليو 2002م.. نعم لقد بدأت القطرة أول الغيث، لكن المنسلخين تجاهلوها وسارعوا بمؤتمرهم "المكلفت" فقد صارت المسألة سبقين "سبق أول لاستباق أي اتفاق بين الحكومة وقرنق تسقط إثره قسمة الكيكة، وسبق ثاني لاستباق عقد المؤتمر العام للحزب وسقوط كل دعاوي الإصلاح بشرعية ثورية تبرر الحديث عن المشاركة من خارج الأجهزة، لقد أدركت جماعة سوبا أن المؤتمر العام سيقبر كل ادعاءاتهم ويلحق بشعاراتهم البوار".. إن التناقض داخل الحزب الآن تم حول مدى العلاقة مع النظام، فالجماعة المنسلخة ترى الخير كل الخير في المشاركة بأسرع فرصة لأنها تتيح للحزب البناء الذاتي وخدمة جماهيره وبناء إمبراطوريته الاقتصادية ثم المشاركة في صياغة مستقبل البلاد. الغالبية العظمى من قيادات الحزب وجماهيره لا ترى هذه الرؤية، وقد سبق إيرادنا للردود المنطقية على هذه الادعاءات. التناقض الأخير هو بسبب العلاقة مع طرف "خارجي" وقد انحازت فيه الجماعة للطرف الخارجي، تماما كما حدث بالنسبة للحزب الجمهوري الاشتراكي في أوائل الخمسينيات، حيث رأت الحكومة البريطانية أن خط الحزب نحو الاستقلال يضر بمصالحها، فصنعت الحزب الذي استقطب من عضوية حزب الأمة ما يخدم خطها، ويعتبر هذا اختراقا للحزب، لا انشقاقا بسبب تناقضات ذاتية. ولقد سبق ذكرنا لأن محاولات الاختراق تمت أيضا في عهد مايو وفي عهد "الإنقاذ" مرتين غير هذه الأخيرة، وغالبا ما كان الاختراق يتم عبر أشخاص عرفوا بانتمائهم للحزب أو للكيان، ولكن الاختراق هذه المرة كان بإمكانيات اكبر وبتخطيط أكبر قدرة على الخداع والتمويه.
    - الانشقاق في الستينيات لم يكن نتيجة مؤامرة على الحزب (ورئيسه) من الكيان ولا هو مؤامرة على الكيان (وإمامه) من الحزب، وأبلغ دليل على ذلك أنه لما حدث الخلاف الموضوعي حول سلطة الحزب على الحكومة ومدى صلاحيات الإمام داخل الحزب، لم يكن أي طرف يعرف من سيقف معه أم مع الطرف الآخر، فقد كان تحديد الموقف من الانشقاق راجع للأفراد أهل الشأن والذين كانت تحركهم مواقفهم الأيديولوجية وولاءاتهم المختلفة التقليدية والفكرية والمصلحية. ولم يدرك أي من الطرفين حجم التأييد الشعبي له في المناطق المختلفة إلا بعد إجراء انتخابات عام 1966م. هذه الضبابية في الموقف الشعبي كان سببها أن الانشقاق لم يكن مقصد أحد دعا له أوخطط. رئيس الحزب –مثلا- مع أن جناحه نال في مجمله أصوات أكثر من تلك التي نالها جناح الإمام، وعدد مقاعد أكبر من مقاعد جناح الإمام، ولكن عدم المعرفة المسبقة أو الدعاية المسبقة تسبب في ترشيحه في دائرة غالبية عضويتها اتبعت جناح الإمام فلم يفز بها –دائرة الجبلين، واضطر الحزب لترشيحه في دائرة أخرى. الموقف في انسلاخ سوبا مختلف، فالدعوة للتجمع أتت لجهات محددة وبصورة سرية، فالجماعة طافت البقاع وزرعت لنفسها بعض الحشائش هنا وهناك، ثم حجبت "غابات الأمة" عن الاجتماع، لأنها تدرك مسبقا أن الغابات لن ترضى باتباع الحشائش.
    - لأن الخلاف في الستينيات كان بأسباب موضوعية ذاتية فقد أمكن تداركه في الوقت المناسب وإجراء التوحيد بعد تعديل تصورات العلاقة بين الحزب وحكومته، والعلاقة بين الحزب وكيان الأنصار. أما الآن فقد كانت جماهير الحزب حتى وقت قريب تظن الأمر اختلافا في وجهات النظر وظنه البعض ضيقا بسبب بطء خطوات الإصلاح، وكان بعضهم يسعى لرأب الصدع ولإسراع الخطى في حسم الخلافات. ولكن تجمع سوبا كشف الدافع الحقيقي لكل تلك الزوبعة الفنجانية في الماضي، وهو المشاركة في السلطة بدون شروط، ولذلك فقد وقفت قاعدة الحزب بصورة ماردة مع حزبها تلعق أحزان فقدان بعض قياداتها الذين أحسنوا البلاء في الماضي. التعامل الآن ليس مع اختلاف في وجهات النظر بل مع الخروج على الشرعية لصالح الآخرين ولمصالح ذاتية للمنسلخين. وبالرغم من ذلك فالحزب لم يغلق في وجوه المنسلخين الباب.. والطريق ما زال ممهدا للتوبة عن ذلك الإجراء الانسلاخي، واللحاق بالشرعية في مؤتمر 2003م، والمشاركون في سوبا لم يفقدوا عضوية الحزب ولكنهم فقدوا –بعدوانهم على الشرعية- مناصبهم السياسية والتنفيذية.
    ضلال التشبه بانقسام المؤتمر الوطني:
    لقد أوردنا حين حديثنا في الفصل الأول عن المذكرة الأربعينية، مدى فتنة السيد مبارك بتجربة الانشقاق في المؤتمر الوطني، واعتبار ما يقوم به تكرارا لما قامت به جماعة العشرة في تخلصها من قيادتها "التاريخية" لصالح "التجديد" باعتباره سنة الكون!. فقد قامت جماعة العشرة بتقديم مذكرتها الشهيرة للأمين العام للمؤتمر الوطني حينها. ثم كان ما كان من حشد الأمين للتأييد في مؤتمر 6 أكتوبر 1999م، ثم قرارات 4 رمضان، وإجراءات صفر، والانقسام في المؤتمر الوطني.
    إننا نجري المقارنة التالية بين الملابسات والظروف التي صاحبت كل من مذكرة العشرة والمذكرة الأربعينية، ثم نجري مقارنة بين ما تبعهما من فرقة: انقسام المؤتمر الوطني وانسلاخ حزب الأمة.
    لقد شكا العشرة الذين قدموا المذكرة من الآتي:
    - غياب الشورى داخل المؤتمر وتحكم الأمين العام.
    - وجود صراع على السلطة استخدم فيه الأمين العام مؤتمر الحزب العام بتاريخ 6 أكتوبر 1999م لصالحه بالحشود الولائية واللوبيات بين المؤتمرين، كما استخدم المجلس الوطني في الصراع.
    استخدم خصوم الأمين العام الدولة وأقصوه بأجهزتها، فوقع الانقسام. وحينها اتخذ المؤتمر الشعبي التفاهم مع الحركة الشعبية والجيش الشعبي –حامل السلاح- كوسيلة في الصراع، مما اعتبره النظام مبررا لاتخاذ مواقف أمنية ضد المؤتمر الشعبي.
    لقد ذكرنا أن ذلك الانشقاق كان بسبب انعدام الديمقراطية داخل المؤتمر، والجماعة التي قدرت أنها مغبونة لجأت لأسلوب الضغط ثم للسلطة لحسم "غباينها". كما كان في ذلك الانشقاق عامل تناقض ذاتي في ضرورة ضبط العلاقة بين الحزب وحكومته. لقد استفاد خصوم الشعبي في المؤتمر الوطني من الانشقاق جزئيا لأن قيادة الشعبي قد نجحت في عقد الإنقاذ الأول في جذب عداوة الرأي العام السوداني باعتبارها مهندسة الانقلاب، وتكوين مشاكل مع دول الجوار ومع الأسرة الدولية في فترة المؤتمر الشعبي الإسلامي والعربي العالمي.
    ولكن ليس صحيحا أن ذلك الانشقاق عاد بكل الخير على القائمين به حتى يصير مثالا للاقتداء، والمراسلات بين الدكتورين غازي والترابي مؤخرا تؤيد أن الجماعة بدأت تستشعر سلبيات الانقلاب على القيادة الحزبية. ومهما يكن من أمر، فهو لم يكن لصالح تجديد القيادات أو الانتقال من الشيوخ للشباب كما تكرر ذلك الجماعة المنسلخة، ولقد اعترف الدكتور غازي صلاح الدين صراحة في خطابه للشيخ الترابي أن المؤتمر الوطني فقد قاعدته الشبابية والطلابية والنسائية بعد الانشقاق. هذا الانقسام الذي حدث في صفوف أخوة الأمس –بحيث فشلت في التوسط بينهم كل القوى والشخصيات الصديقة، وشمتت بهم الأعداء، وأذاعت سرهم وجعلتهم يتلمسون مساقط بعضهم الآخر- هذا الاقتداء بئس الاقتداء للأسباب الآتية:
    - الاختلاف لم يبحث ويحسم ديمقراطيا بل حسم بأجهزة السلطة وتعطيل أجهزة الحزب.
    - الحسم عن طريق السلطة لم يكن شافيا مما أدى لانقسام شامل.
    - الانقسام نفسه لم يحسم التأزم لأن المؤتمر الوطني ما زال يعاني من آثار الاختلاف.
    - محاولة حسم الخلاف عن طرق أجهزة الدولة أدت لإدخال عوامل أخرى في الصراع، وهي عوامل ما زالت تشكل هاجسا لا يهدأ.
    هل هذا السيناريو المنفر قدوة لأحد؟.. اللهم إلا المتنبي بعد أن يئس من سيف الدولة أمير دولة بني حمدان فخرج عن دولته مخذولا وأنشد يقول:
    كفى بك داء أن ترى الموت شافيا وحسب المنايا أن يكن أمانيا
    والمتنبي في حالة "تمني المنايا" قصد كافورا الإخشيدي "بالفسطاط" يقول "ومن قصد البحر استقل السواقيا!"، وما كانت نهايته إلا "منايا في منايا" حيث هرب من مصر مخذولا خذلانا أشد، وعلم أين البحر وأين الجفاف والظمأ.. فهل هي حالة "جماعة سوبا" في برمهم بأخوتهم داخل الحزب وارتمائهم في "فسطاطهم" الجديد؟.
    ولنتساءل ما هو الموقف الذي أدى للمذكرة الأربعينية؟:
    - السيد مبارك وجماعته ينظرون لكثير من قيادات الحزب وكوادره بصورة إقصائية ولا يرون مكانا لهم بينهم، ويعتقدون بضرورة إجراء حملات ثورية وقد دعوا لشرعية ثورية، وهم يعتقدون أن رئيس الحزب بجماهيريته قادر على القيام بهذا الإجراء الجراحي، لذلك رأوا مخاطبته والضغط عليه لذلك.
    - ونسبة لهذا المزاج الإقصائي فهذه الجماعة لا تعترف بالأجهزة التي تجمعهم مع الآخرين.
    - هذه الجماعة تشكو من أنها متيقنة تماما من أن ثوابت الإنقاذ صارت ثوابت وطنية، ولكن الحزب به "حالمين" يظنون أن الإنقاذ يمكن أن تصل معهم لاتفاق أفضل مما تحصلوا عليه بالحوار، اتفاق يكون فيه تحول ديمقراطي وغير ذلك من الأحلام. والشخص الوحيد القادر على إقناع الجماهير بأن هذه مجرد أحلام هو الرئيس، ويجب الضغط عليه أيضا، ومن خارج الأجهزة ليستجيب.
    - السيد مبارك ينظر لدوره الحزبي والقيادي بتضخيم كبير. صحيح أن الكوادر ونسبة كبيرة من القواعد يدركون للسيد مبارك دوره في المعارضة الخارجية ويقدرون نضاله، ولكن ذلك لا يتناسب مع الدور الخرافي الذي ينسبه لنفسه. ولذلك فلا بد أن يضغط لإعطائه الحجم الذي يرى أنه يستحقه في القيادة وأن يكون ذلك كمنحة من الرئيس لا من الأجهزة التي يكفر بها.
    - والسيد مبارك من ضمن تضخيمه لدوره يضخم أيضا قدراته، ويظن أنه الوحيد في حزب الأمة القادر على حساب السياسة حسابا دقيقا. رئيس الحزب في رأيه يتحرك بأكاديمية ولا يعي أساليب السياسة ويغرق في مثاليته ولا يعلم كيف تؤكل الكتف.. هذا الرئيس له مقدرات معينة جماهيرية وتعبوية ينبغي أن يضعها في خدمة سياسة السيد مبارك المحسوبة.. وبذلك ينبغي الضغط عليه.
    - ورئيس الحزب هذا تقاعس عن الدفع نحو المشاركة (مما يعني أنه لا يرغبها).. هذه مشكلة كبيرة فلولا ذلك لخرج القرار في صالح المشاركة، إنه يحمل مفاتيح الجماهير، ولكنه متقاعس! عن المشاركة!.
    ويمكن أن أكتب مليون جملة من الجمل التي يفكر بها أهل سوبا: نرجسية مفرطة! (بتضخيم الذات). ودكتاتورية عجيبة! (تفرض على الرئيس آراء ورؤى معينة) وإقصائية لا حد لها!! (ترى إزاحة كل من لا يعجبهم). قال لي أحد الأحباب أنه استفسر السيد مبارك حول تصريحاته الشهيرة، فقال له: "قلت للصادق، يا أخي المسألة دي حساباتها كدة وكدة وكدة، وأنا أشطر منك".. وهذه الجملة تفسر لماذا كل هذا الغضب، فالسيد مبارك يعتقد بحق أن مقدراته في السياسة وفي قراءتها وفي تحليلها هي الأكبر من جميع زملائه بدون فرز، وليست هذه هي الجناية، إنما المشكلة أن تعتقد أن على الجميع أيضا اعتناق هذا الرأي، والأكثر من ذلك، أن يعاقبوا على عدم اعتناقهم إياه، أولا بمذكرة استعلائية المنطق، وثانيا بهجمة صحافية لا ترعى إلا ولا ذمة، ثم أخيرا بمحاولة حلهم وقبرهم أحياء في سوبا!!. وكل تلك الأفاعيل أظهرت أن السيد مبارك وباعه في السياسة يقارن بالشيخ جعفر الذي قيل فيه:
    وسفنجة جاءت لشرب بحر
    وشمعة ضاءت لشمس ظهر
    والشيخ جعفر في مجال الفكر.. ثلاثة مضحكة لعمري!
    لم يرض المتنبي لأن سيف الدولة لم يقدره كما يستحق في ظنه، ولم يرض السيد مبارك لأن حزب الأمة لم يعطه قياده كما ينبغي في رأيه.. ولأنه كان في حالة تمني المنايا، فقد أشار -السيد مبارك - في "كافوريته" لحزب المؤتمر الوطني وتجربته بفتون شديد في لقائه الصحفي المعلوم..أما كان المثل الأفضل له أن يشير للأحزاب الديمقراطية أمثال حزب المحافظين في بريطانيا، وللنقلات الحضارية أمثال ما حدث مع حزب المؤتمر في جنوب إفريقيا؟ إن الإصلاح والتجديد في تلك الكيانات أتى بصور ديمقراطية وبتماسك في الجسم السياسي المعني.. وغاية حزب الأمة أن يخط مسيرته على نهج الديمقراطية لا نهج الاستئصال.
    لقد بينا أن مثال انقسام المؤتمر الوطني ليس نموذجا يحتذي بأي حال، ولو استطاع أهله تفاديه لما تمنوه، ثم بينا اختلاف الظروف والملابسات في الحالين، ولكن الأهم أن قياس انقسام المؤتمر الوطني بانسلاخ حزب الأمة سيخرج الجماعة المنسلخة بحساب خاسر:
    إن جوقة سوبا لم تعاني من تهميش ولا تحكم، بل لقد كانت ممثلة ومشاركة في شئون الحزب بأكبر من حجمها. لقد حاولت تلك الجوقة إقصاء الآخرين باسم الشرعية من قبل، فقد كان السيد مبارك أثناء إدارة العمل من الخارج يعتبر الشرعية مرادفة للانفراد وإقصاء الآخرين. وقد حاولوا إقصاء الآخرين إبان اجتماعات فبراير ثم أغسطس 2000، ثم فيما أسموه "الشرعية الثورية" في مذكرتهم الأربعينية، حيث كان التنظير لإقصاء جميع قيادات الحزب ما عدا رئيسه والأمين العام لصالح جوقتهم. وقد حاول الحزب الحفاظ على تماسكه الداخلي والاحتفاظ بهم ما أمكن حتى المؤتمر العام الذي يبني الشرعية الجديدة المتفق عليها، ولم يتحرك الحزب ضدهم ويعزلهم عن مناصبهم حتى اعتدوا على الشرعية وحلوا الحزب بدون وجه حق. بل لقد مد لهم الحزب مدا رغم التجاوزات وحاول البناء على الإيجابي من تحركاتهم مهما صبت في قالب عدائي- أبرز دليل على ذلك لقاء مبارك قرنق بلندن يوم الأحد 3 مارس 2002 والذي تم من وراء ظهر المؤسسة وبالتنسيق مع النظام، مع هذا التجاوز الظاهر لم يلتفت الحزب للناحية الإجرائية وبنى على إيجابية اللقاء بالحركة. كما أن حزب الأمة ملتزم بالجهاد المدني ونبذ العنف وعدم التحالف مع القوى التي تحمل السلاح. وهو حزب صديق لدول الجوار وله صورة إيجابية في الأسرة الدولية من حيث تمثيل الشرعية ومراعاة حقوق الإنسان، فلن يربح من يبتعد عنه في هذه المجالات بل يخسر (وقد حدث فعلا في لقائهم بالحكومة المصرية الوارد ذكره في الخاتمة).
    محصلة المقارنة هي: جماعة المؤتمر الوطني استفادت من الانشقاق بالقضاء على التناقض بين الحزب والحكومة نهائيا لصالح الحكومة بسلطة الدولة، واستفادت من التخلص من لغة تصدير التشدد الإسلامي بعلاقات دبلوماسية أفضل - وأشباه هذه الفائدة سيجنيها حزب الأمة لأن السيد مبارك وجماعته سمموا العمل الحزبي وجعلوا الاجتماعات أماكن للمبارزة بدلا عن التداول الحر، والاستقطاب بدلا عن التعاون، إن الارتياح في وسط صفوف الحزب الآن مرده إلى أن المناخ الذي كانت تشيعه تلك الجماعة داخل الحزب خرج من خانة التنافس لخانة الإقصاء- والسيد مبارك هو الأكثر عداوة وتطرفا في الخصومة للآخرين خارج الحزب بشكل لم يحتمل فيه اختلاف الآراء أو تنسيق العمل من قبل. لقد كان العمل المضاد لحزب الأمة في مؤتمر هيئة قيادة التجمع الشهير في مارس 2000 في إرتريا والذي خرج إثره حزب الأمة من التجمع، كان ذلك العمل المقصود الأول منه هو أمين عام التجمع (السيد مبارك المهدي حينها) فقد ضاق به زملاؤه وضاقوا بانفراده بالرأي واستخفافه بالآخرين، ولكن الحزب رأى أن تلك الأمور ما كان يجب أن تبلغ ما بلغته من زملائنا في التجمع لأن الشأن العام أبدى من الخاص، واعتبر أن ذلك العمل العدائي لم يرع دور حزب الأمة ولا دور السيد مبارك في التجمع، هذا علاوة على أن الأخوة في التجمع كانوا يصمون آذانهم على المستجدات، فقرر الحزب الانسحاب.
    وفي الرأي العام السوداني أفلح السيد مبارك في اصطياد الانتقادات ولم يشغل نفسه بما يتداوله الشارع يوما في عماء سياسي بالغ، بل لم يرعو أن يربط اسمه واسم حركته "الإصلاحية" بصحف ارتبطت في المخيلة السودانية بالطلاح. ولذلك، فقد انهال التعاطف الآن على الحزب من جميع القوى السياسية الداخلية بل والدبلوماسية..
    وقد كان من خسائر جماعة المؤتمر الوطني –حسب اعترافاتهم السرية التي أذيعت- تناقص قاعدتهم خاصة عند الشباب والطلاب والمرأة. كما كان من خسائرهم افتقادهم لرمزهم الكاريزمي الأول، ولبعض الثقل الفكري، مع وجود كوادر فكرية مؤهلة وقفت مع المؤتمر الوطني، وهذه هي خسائر ثلة سوبا مضخمة إذ يقفون في صحراء فكرية لا واحة لها وخواء مميت، تشهد بذلك أوراقهم المقدمة، وكلماتهم التي ذبحوا فيها العربية ذبحا كما ذبحوا العقل والمنطق، مما يدل على ذلك السقوط الفكري والتنظيري المريع، وهم لم يخفوا ذلك إذ قالوا: لا تنظير بل تطوير- وقد ساق لهم ذلك الشعار السخرية، فعلى حد تعبير الأستاذ الحاج وراق –الأمين العام لحركة حق والمدير العام لصحيفة الحرية- في عموده "مسارب الضي" والذي كتبه بعنوان "مباركُ الوقوع" إثر أحداث سوبا أن التطوير نفسه يحتاج إلى تنظير وأن الشيء الوحيد الذي لا يحتاج لتنظير هو "الهبر" الذي يحتاج فقط لتبرير!. وفي الفصل السادس من هذا الكتاب (الرد على حجج سوبا) نتطرق لضرورة التنظير للكيانات السياسية بشيء من التفصيل.
    أما بالنسبة للفقد البشري، فإن كل من استطاعت استمالتهم الجماعة –على قلتهم- هم من القيادات والكوادر الوسيطة، أما القاعدة فوقفت بصلابتها المعهودة عازلة لهذه الجماعة. والجماعة المنسلخة من حزب الأمة فقدت قياداتها الشرعية بقوة أجهزة الحزب وصلابة موقفه..
    إن حسابات الجماعة المنسلخة إذا قيست بتجربة المؤتمر الوطني فستنتج عن خسائر جماعة المؤتمر الوطني (ناقصا فوائده)، مضافا إليها استدرار السخط الشعبي. والربح الوحيد هو المشاركة في السلطة مع جماعة أخرى لم تطق المشاركة من قبل مع أحد، اللهم إلا بعض القيادات الحزبية التي انبتت عن أحزابها الأصل وأطروحاتها الفكرية!. لقد قال قائلهم: "نشارك بل نشارك بل نشارك دون جهجهة وسخرية".. وإني أخاف أن تجر لهم تلك المشاركة "الجهجهة" كما جرت لهم "السخرية".. بعد أن أهرقوا عليها تواريخ النضال والزمالة دما مسترخصا..
    حسابات حزب الأمة
    أما حزب الأمة فإنه فقد بعض قياداته الذين أبلوا في الماضي- وهو فقد أليم مهما قلت أعداده، ولكن الحزب متعود على ذلك الفقدان مع الاختراقات المستمرة إبان الديكتاتوريات والتي يتعرض لها بحسبانه الرقم الشعبي الأول. والحزب سيؤثر على صورته سلبا أن يخرج من داخله قيادات يجعلون همهم الإساءة له ولتنظيماته ولسياساته ولقياداته كما درجت الجماعة المنسلخة ووظفت لذلك صحفا ساندتها فلم تدخر ذخرا في نشر الأكاذيب وتمويه الحقائق وإشاعة الشائعات ونثر المغالطات حول كل صغيرة أو كبيرة في الحزب. بل وبعض أفراد الجماعة المنسلخة أخذ من وسائل الأوتقراطيين في الخوض في الأمور الشخصية واستهداف اغتيال شخصية المخالفين فلم يراعو إلا ولا ذمة، وذلك في مجالسهم الخاصة، وشائعاتهم المسربة، وعلى حد تعبير الحبيبة رشا عوض فإن "مجالس الغيبة والنميمة المذكورة هي جزء أصيل من المشروع الإصلاحي التجديدي المزعوم" . هذا النهج مع أنه يحط من الممارسة السياسية ويشيع الفاحشة بين الذين آمنوا، إلا أنه لا يدل إلا على قول المسيح عليه السلام "كل إناء بما فيه ينضح". ولذلك فهو يخصم من صاحبه ويضيف لغريمه. لقد حاولت كل الأوتقراطيات نزال حزبنا باغتيال الشخصية فما أفلحت وأفلحنا، وخسرت وربحنا، هكذا قال الإمام المهدي عليه السلام: "المنن في طي المحن والمزايا في طي البلايا". إنه ليسؤنا أن يذهب أخوة الأمس مذهبا يمس عهدنا الذي تعاهدناه، وقضيتنا التي تآزرنا من أجلها ولكنك لا تهدي من أحببت.
    وحزب الأمة –الذي كان يعول كثيرا على تطوير نداء الوطن نحو إطار يسمح بالحل السلمي والتحول الديمقراطي الحقيقي- أصاب حواره مع النظام نكسة جراء ضبابية الموقف الحكومي تجاه الاتفاق مع الحزب.
    أما فيما يتعلق بقاعدة حزب الأمة، فإنه لم يهزها كثيرا وجود اختلافات وجهات النظر داخل الحزب مهما علا صوتها وخرج لأجهزة الإعلام، بل عدته أمرا طبيعيا في تمثيل الرأي والرأي الآخر. لكنها تحركت بحماسة منقطعة النظير لإدانة الهجوم على الشرعية وظاهرة الاختراق ومحاولة فرض وصاية على حزب الأمة. هذا هو الذي أثار جماهير حزب الأمة في ما يشبه انتفاضة ترفض الاختراق. لقد تتالت الوفود –رغم الخريف وطوارئ الزراعة- والحماس يكاد يرفعها عن الأرض رفعا.. وانشغل حداتنا في أهزوجات الحماسة ورفع الروح المعنوية، إنه موكب الأعرج الذي يحمله الأعمى، والمبتعد الذي يسن سيفه الصدئ، والمتباطئ الذي يمد ساقه.. إنه نفير تدافعت أجزاؤه للذود عن مؤسسية الحزب وشرعيته. بعضهم حزين لفقد أخوة أعزاء يبدءون بالآية "ولنبلونكم بشيء من الجوع والخوف ونقص في الأموال والأنفس والثمرات"، وبعضهم استفزه الدعم الحكومي للاختراق، وبعضهم يريد تجديد عهده للقيادة، وكلهم يعزمون على إكمال البناء الحزبي في يناير 2003م.
    إن أجهزة الحزب الشرعية جنت وسوف تجني خيرا كثيرا وتماسكا عظيما من هذه الانتفاضة. كما أن جماهير الشعب السوداني وقياداته الفكرية والسياسية هبت لمؤازرة حزب الأمة في الصراع بين الديمقراطية التي تمثلها مطالب الحزب، والشمولية التي ترفض تلك المطالب.
    خلاصة
    إن السيد مبارك ومجموعته لا يكررون تجربة حزب الأمة في الستينيات، ولا تجربة المؤتمر الوطني في التسعينيات.. إنهم يكررون تجارب الانخراط السياسي التي مر بها من قبل مستوزرو الأحزاب في العهود الديكتاتورية.

    (عدل بواسطة رباح الصادق on 05-23-2003, 01:37 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا jini11-26-02, 12:39 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا adil amin11-26-02, 01:10 PM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا othman mohmmadien12-17-02, 11:37 AM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا Tariiq11-26-02, 01:23 PM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا Abdel Aati11-26-02, 02:08 PM
      Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا مارد11-26-02, 06:23 PM
        Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا مارد11-26-02, 11:45 PM
          Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا مارد11-27-02, 12:03 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا atbarawi11-27-02, 03:50 PM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا مارد11-27-02, 08:18 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا البحيراوي11-27-02, 10:34 PM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا مارد11-27-02, 10:50 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا atbarawi11-28-02, 01:21 PM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا degna11-28-02, 02:10 PM
      Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا مارد11-28-02, 08:09 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا atbarawi11-29-02, 00:56 AM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا مارد11-29-02, 03:44 AM
      Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا ابو يسرا11-30-02, 03:22 PM
        Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا امبدويات11-30-02, 06:20 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا Alsawi11-30-02, 08:04 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا jini12-01-02, 01:08 AM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا jini12-01-02, 01:46 AM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا jini12-01-02, 01:48 AM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا رباح الصادق05-23-03, 01:15 AM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا رباح الصادق05-23-03, 01:27 AM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا omdurmani12-01-02, 02:10 AM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا 7aganya12-01-02, 06:41 AM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا Alsawi12-01-02, 09:02 AM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا مارد12-17-02, 05:48 AM
      Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا Al-Masafaa12-17-02, 12:51 PM
        Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا مارد12-17-02, 06:06 PM
          Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا Al-Masafaa12-18-02, 12:20 PM
            Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا مارد12-18-02, 05:14 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا atbarawi12-19-02, 01:36 AM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا مارد12-19-02, 02:06 AM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا مارد12-19-02, 02:09 AM
      Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا Al-Masafaa12-20-02, 06:09 AM
        Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا مارد12-24-02, 02:07 AM
          Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا شرير والبرتقاله03-03-03, 02:03 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا serenader03-05-03, 05:59 AM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا Abdel Aati05-22-03, 09:56 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا رباح الصادق05-22-03, 11:59 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا رباح الصادق05-23-03, 00:01 AM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا رباح الصادق05-23-03, 00:03 AM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا رباح الصادق05-23-03, 00:05 AM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا Bushra Elfadil05-23-03, 05:03 PM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا jini05-23-03, 08:01 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا رباح الصادق05-23-03, 07:06 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا فجراوى05-23-03, 07:33 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا Bushra Elfadil05-23-03, 08:50 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا فجراوى05-24-03, 08:20 AM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا Abdel Aati05-24-03, 11:00 AM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا رباح الصادق05-24-03, 09:46 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا فجراوى05-24-03, 11:04 PM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا مارد05-24-03, 11:31 PM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا awadnasa05-25-03, 01:25 AM
    Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا مارد05-25-03, 06:34 AM
  Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا فجراوى05-26-03, 07:11 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de