|
|
 حليب الشوق منزوع الأمل
|
زوجتي العزيزة
أكتب إليك و لأول مرة أحس بأن غربتي مضاعفة ، و أن ليالي الغربة و نهاراتها متشابهة كقطع العملة المعدنية
تمنيت أن أتسرب عبر الأسلاك و أقبل طفلتنا الوليدة ،، و ألثم جبينك
عشرات الأسئلة تزحم رأسي ،، لم أستطع أن أقولها في التلفون
لون عينيها ،، شعرها ،،، يديها ،، من تشبه أكثر ،، أنا أم أنت ؟
من أوصلك للمستشفى ؟ هل إنتابك الخوف و تمنيت أن أكون قربك ساعتها؟ أعرف إنك خوافة شديد ،
من أخبرت أولا ؟ من زارك أولا من الأهل ؟ كيف كان شعورك و أنت تنظرين لفلذة كبدك لأول مرة ؟
لا أصدق أن جزءا مني و منك يقبع بجانبك الآن
كم تمنيت أن أرى تعابير و جهك و أنت تحملقين في باكورتك و بقايا ألم الولادة لا تزال مرتسمة على وجهك المرهق ،، أذكر هذا التعبير على وجه أختك عندما ولدت إبنها
أنا أعرف أن كل آلام و أحزان الدنيا تزول عند رؤية الأم لمولودها و سماع صراخه المحبب
أوغل في التفكير في ملامح الطفلة و تقاطيع وجهها و أحاول أن أرسم وجها لها بتجميع أجزاء من وجهي و وجهك ،، ثم يصاب تفكيري بالإرهاق و يتراجع حدسي القهقرى خائبا فاشلا ،، فأعود لائذا بوجهك و أهدهد نفسي و أقنعها بأنها صورة مصغرة منك فتتجسم ملامحك فقط أمامي ، فأرضى من غنيمة تخيلها بإياب محياك
ليتني قربك ،، أجلس على طرف السرير ،، أمسك أصابعها الصغيرة و ألامس بشرتها الرقيقة و أداعب شعرها النائم على جبينها
تفاصيل دقيقة أردت أن أسألك إياها ،، و لكنك كنت لا تزالين متعبة
أعرف أنك قد إخترت لها إسما محببا إلى نفسك منذ بدايات الحمل ،، و لكنك لو خيرتيني ،، كنت سأسميها شوق .. فهي قد زادتني شوقا إلى شوق ،، فتراكمت أشواقي يا عزيزتي سحبا لا أرى أمطارها تلوح في الأفق القريب ،، فما زالت أمامي ثمانية عشر شهرا حتى تنقضي فترة عملي هنا
تحادثت معك ،، و بعد أن أنهيت مكالمتي خرجت و دلفت محلا لبيع لوازم الأطفال ،، ملأت إلى الآن حقيبة صغيرة من الملابس و اللعب ،، فعندما أحضر ،، ستكون صغيرتي قد أكملت عاما و نصف العام ،، كم كنت أتمنى أن أحملها الآن بين يدي و أشتم فيها تلك الرائحة المحببة في المواليد و أجعل رأسها الصغيرة ترتاح على كتفي و أنا أمسح على ظهرها لتتجشأ كما يفعل الآخرون
أفتح هذه الحقيبة الملأى بحاجياتها و أجلس أحادث إبنتي الصغيرة
أقيس لها كل قطعة بنفسي
ألاعبها بكل لعبة
أتخيلها تجري و تلعب و تملأ البيت ضجيجا
شوقي إليك لا يوصف ،، تصيبني حرقة في معدتي عندما أتخيل المسافة بيني و بينكم
أفكر فيك ،، فأتقوقع في محارة ذكراك هادئا مستكينا ، لا يقطع سكينتي إلا إيقاع العمل و ضجيج الشارع
عندما دعاني جاري المصري لشرب الشاى في شقته ، وجدت زوجته تأخذ ركنا قصيا و ترضع إبنها ، غرقت في تأملاتي و سرحت بعيدا عبر الطفل المتلذذ بثدى أمه و هو يداعبها بيديه الصغيرتين ، و هي تناجيه بحنان ، و هو يبتسم دونما ضحك حتى لا يفقد متعة رضاعته ، تخيلتهما كملاكين ترفرف أجنحة غير مرئية حولهما
و لم أنتبه إلا بجاري و هو يقول
إنت رحت فين ، دة أنا بكلمك و إنت ولا هنا
عفوا جاري ، فقد كنت أرضع حليب الشوق منزوع الأمل
تتجاذبني الآن عاطفتان ، عاطفتي الجياشة نحوك ، و عاطفتي التي أحس بها الآن تغلف جزءا من شغاف قلبي
عزيزتي
بعد إلحاح و إصرار و حليفة سودانيين يتخللها التهديد بالمقاطعة ، ذهبت إلى حفل تخريج يضم سودانيين و سودانيات ، أعذريني حبيبتي ، فلأول مرة منذ تزوجتك أذهب لحفل من دونك ، و لكن وطأة شوقي لك و لطفلتي ، جعلاني أفقد توازني مما جعل إذعاني سهلا
هناك ، لأنه لم تكن في الحفل إمرأة تحمل طفلا ، كانت الحفلة رغم صخبها تبدو حفلة عجفاء ، كنت أتمنى أن أجد إمرأة تحمل طفلا ، لأداعبه و خيال إبنتي يسكن وجهه و لو إلى حين ،، غريب تبدل إحساس الشخص هكذا بعد أن يصير أبا و والدا ؟
سأنام الليلة ، و منديلك إياه على وجهي ، و خيال طفلتي يسكن شراييني
و إلى مكتوب آخر ، إستودعك و إستودعها الباري عز و جل
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حليب الشوق منزوع الأمل (Re: ابو جهينة)
|
أخي أبو جهينة
لك ولهما التحية
ربنا يخلي الأمورة ولامها السلامة والعافية وللوالد العودة الظافرة
أخي حقيقة أغوص في كتاباتك العائلية ، واستمتع بها ، لكني بعد قليل أرفع المنديل لأمسح به ماء عيوني
رغما عن أم قاسم معي إلا أننا وزعنا الأولاد بين الغربة والسودان بسبب الدراسة وما أن نجلس ونجتر الذكريات أيام كانوا بيننا وذكريات طفولتهم حتى تجد كل واحد منا سحب منديلا وحاول إخفاؤه عن الآخر
يفيض بنا الحنين ويعتصرنا الألم لكن الغربة تهزمنا باستمرار وتجرنا إليها
ولا ندري إلى متى يظل حالنا هكذا
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حليب الشوق منزوع الأمل (Re: ودقاسم)
|
ود قاسم العزيز
تحياتي
لولا التنفيس بالكتابة ، لأنفجرت كما أنبوبة غاز
و الدمعات في الغربة متل الكتابة ، تنفيس ، ربنا يجمع الشمل .
و الله يا ود قاسم أنا ولدي في أمريكا و بناتي الكبار في الخرطوم و أنا بي هنا في جهة ، يعني جنس جهجهة ، خليها على الله
تسلم و تحياتي للأسرة الكريمة
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حليب الشوق منزوع الأمل (Re: ترهاقا)
|
الفاتح يسن أبو معاوية
أشكرك على دعواتك الطيبات ، و ربنا يخليك لأولادك و تحياتي للأسرة و لبنت الخال و أرجو أن تكونوا قد أستقريتوا و كلو تمام
تسلم
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حليب الشوق منزوع الأمل (Re: ابو جهينة)
|
أخي العزيز سيف كلي
تحياتي
تسلم أخي و صديقي للطلة ، و كما ذكرت أنت ، أحضر عندك بالمكتب ، أفضفض معك ، و أدردش ، و أفرغ ما بنفسي كتابة على هذا الوطن الثاني.
تشكر و ربنا يرد الغربة سالمين
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حليب الشوق منزوع الأمل (Re: ابو جهينة)
|
أخي العزيز ترهاقا
تسلم أخي للطلة ، و لكن كما قلت أعلاه ، فإن الخطاب من دفاتر الغربة القديمة ، و قد نكشتها اليوم لإهداءها لأحد المغتربين الذين كاد أن يجن لأ زوجته أنجبت طفلة و هو بعيد عنها ، فأهديته هذه القصة التي حدثت لي
تسلم ترهاقا
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حليب الشوق منزوع الأمل (Re: aba)
|
أبوجهينه ، أبو شوق ،، هو الشوق يستبد بناونحاول ان نتقي عذاباته بحرف الكتابة ،وانت صادق فيما أشرت له في بوست رسالة خاصة إلى زوجتي تتحرش بالعام ، من إمتلاكك لناصية اللغة ، واعتقد انا الذي عليه إتقان فنيات النقل والشف منك ، إنهمارك جعلني أركض بين الحروف أقرأ وأستعيد ، وحق لحبيبتك ان تزهو بهذا التدفق الجميل
قادر تمامآ أيها العزيز على إستيعاب حالتك ، التي فاقت حالتي ، مسألة إنتظار مولود تثير كوامن من القلق والترقب والإنتظار والتوزع بين حالتين الفرحة والخوف هذا يحدث لك وانت بجانبها تشد من اذرها وانت الأحوج للدعم ، فكيف يكون الحال وبينكما تنهض مسافات وأميال من الشوق والحنين والفقد ،لا أرغب في زيادة معاناتك لكن صدقني حينما تعود بعد سنة ونصف تكون قد فاتتك بعض من أحلى أيامها تلك الأيام ذاتها التي تتكون او تتشكل فيها علاقة المولود بالوالد ،فيها تعرف صوتك ورائحتك ، والعزاء إنك حا تدركها في عمر عامين وهو عمر متنازع بين القرقرة وبدايات تلمس الأشياء ومعاناة تكون المناعة ، و يا صديقي اوصيك أدخل بوست إشراقة مصطفى عن النواح ، ونوح ، وبعدها تكون أكثر قدرة على الإحتمال
التحية لك وعبرك التجلة لأم شوق
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حليب الشوق منزوع الأمل (Re: ابو جهينة)
|
أبو ساندرا العزيز
حفظك الله و متعك بالعافية و حفظك لأسرتك و حفظها لك
ممتع جدا كلامك ، و حلوة هي هذه الطلة التي أطفأت كثيرا من كوانين الشوق الملتهبة و المتقدة. دونما أي مجاملة أبو ساندرا و مهيتاب ، لقد قرأت بقيتي الباقية التي لم أكتبها و فاجأتني ببقية البوح الذي راوغني من بين هطال الدمع وقتها.
لك مني ألف تحية ، و لقامتك التي لأم ساندرا و بقية العقد الفريد أن يفخروا بها فشكرا للطلة التي بنكهة الزيارة يوم العيد
| |
|
|
|
|
|
|
| |
ابو جهينة
سجيمان
almohndis
Yasir Elsharif
ودقاسم
الفاتح يسن
Tumadir
haneena
saifkeli
ترهاقا
aba
أبو ساندرا
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست