أنثى خرافية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 00:38 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة جلال داوؤد(ابو جهينة)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-01-2005, 04:19 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22487

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أنثى خرافية

    أن تصبر ( نعمات ) على غياب زوجها عنها مدة سبع سنوات طوال و هي الشابة الممتلئة صحة و عافية .. فذاك أمر كالمشى حفاة على الشوك في عز الهجير ..
    ( نعمات ) الشابة التي يقول عنها ( عبدالنبي ) عندما يراها و هي تنحني لتملأ الصفيحة ماءا من النيل :
    و الله الفرسة دي عاوزة ليها خيال عندو صحة .. البنية ما عندها حظ ..
    ثم يتابعها بنظره و هي ترتقي علو القيف بصبر و أناة و قوة لتفرغ الماء في الزير .. يتماوج جسدها المتناسق مع كل خطوة تحرص فيها على توازن ما تحمله على رأسها .. و يُظْهِر الفستان المبلل بالماء تقاسيم جسدها بدقة تجعل عبدالنبي يبلع ريقه مرارا .. و يلعن الزمن في سره و ينهال على الأرض بطوريته في غيظ مكتوم ..
    أن تصبر هذه الفتاة و تتناسى رغباتها الجسدية و شوقها العارم .. فهو أمر يفوق الصبر المدلوق على نسج ( برش ) من سعف النخيل في أيام القيظ تحت نخلات يهرب الظل عنها سريعا .. و يزيد أيضا على الصبر الطويل في مراقبة محصول القمح و حباته تنبثق من فتحات التربة تقاوم السموم و رياح الهجير و تقابل موجات ( الزرازير و بغاث الطير ) حتى موعد الحصاد ..
    تتناسى و لا تنسى ..
    تتذكر و تهرب من الذكرى بمزيد من التفاني في أشغالها اليومية ..
    تشغل نفسها حتى النخاع لتطفيء غضب الرغبة و تقتل نَتْح المتعة التي لم تدم مع عريسها المهاجر سوى بضعة أشهر .. كانت ثمرته ( محمد ) .. يؤنس وحدتها .. ترى فيه وجه أبيه .. و تلك اللحظات التي مرت كلمح البصر .. تتحدث معه عند هجعة الليالي و هي تداعب شعره .. تبثه أمانيها بعودة الغائب .. أحيانا تأمل في أن يرسل في طلبهما .. فيبدو بعيدا صعب المنال .. و تارة تلفها الأمنية و تتجسدها كروح أخرى تنام و تصحو معها ..
    تأتيها أسئلة وحيدها البريئة : أنا عاوز أشوف أبوى ..
    تخنقها عبرة .. و تلجم لسانها غصة .. فتروغ عن أمنيته بدندنة أغنية تهدهد لهفته و تجعله يغفو تجلل نومته أحلام طفولته الحيرى ..
    تمر أيام الصيف الطويلة .. بقيظها و سمومها ..
    لا يبرد جوفها غير قطرات ماء الزير و نسمات آتية من صفحة النيل ..
    سكون ساعات النهار لا يقطعه غير صوت طلمبات الماء تزيد من وجع رتابة أيامها ..
    ليل الصيف بأنجمه المتلألة .. تسامرها طوال الليل و حتى مطلع الفجر .. تحسبهم نجمة نجمة .. تتابع المتهاوي منها في الأفق البعيد .. فتعيد الكرة لتبدأ العد من جديد .. يذكرها بليلة دخلتها .. خجلها .. خوفها اللذيذ الذي سرعان ما بدده زوجها بروحه الدمثة .. تجربتها كأنثى تغادر دنيا العذرية و وصولها إلى عوالم أخرى كانت مجرد حواديت كن يتناقلنها في خجل من تجارب صديقات و قريبات ..
    يا لليل الصيف ذاك .. و يا لليالي الصيف بعدها .. فكلما زحف بطيئا آتيا بتثاقل تزحم رأسها تلك الأيام بعطرها و أهازيج فرحها ..
    يأتي الصيف الآن ..
    يموسق ليلها صوت نباح الكلاب البعيد ..
    و ضفادع يعلو نقيقها و يخفت ..
    و صوت أوتار طمبور يئن يحمله الهواء تارة و تارة يذوب مع أصوات أخرى ..
    و أنفاس طفلها هي الوحيدة التي تجعل أوتاد روحها تنغرس بصلابة في أرض حياتها المجدبة ..

    تتوالى شهورها .. و سنواتها .. و شوقها يكبٌر سنواتها بمراحل ..
    و يأتي الشتاء قارسا يحمل زمهريره بين طياته ..
    تحتضن وحيدها تتلمس الدفء .. تبحث فيه عن عبق زوجها .. فتحتضنه إليها بقوة .. تقبل جبينه الصغير .. تداعب شعرات حاجبيه .. تمرر أصابعها على خديه الناعمين .. تتحسس شفتيه الصغيرتين بلطف بأطراف أناملها .. تمسك يده و تتمعن في أنامله .. ( شبه أبوك الخالق الناطق .. ربنا يكتب سلامتو ) ..
    تلمس أطراف أذنيه الباردة .. تسحب الغطاء و تضعه على رأسه .. و تبدأ في دندنتها الليلية و طيف زوجها يتراقص أمامها كضوء لمبة الجاز يداعبه تيار هواء فالت من بين فرجات الباب ..
    تنطلق مع المنطلقين عند سماع ( اللوري يطلق صافرة معينة يعرف بها الكل هوية السائق ) .. تتمعن الآتين .. و قلبها يكاد يقفز من بين أضلعها .. تنطلق الزغاريد و نوبات بكاء الفرح المكتوم .. و العناق .. و يختلط حابل الآتين مع نابل المستقبلين .. و تختلط بدواخلها و تتمازج مشاعر وجلة شتى .. و رويدا رويدا ينفض سامر الجمع و ينطلق اللوري إلى وجهة أخرى مخلفا غبارا كثيفا يزيد من كثافة ضباب روحها المعتمة و قلبها الولهان ..
    ينظر إليها وحيدها و الإمتعاض مرسوم على وجهه .. تهرب من نظرته و تسحبه وراءها و الطريق أمامها تحجبه دمعات تقف معاندة و مكابرة ..
    تنطلق لا تلوي على شيء و هي ترتب لبرنامج بقية يومها المعروفة يكلله الوجع الذي طال ..

    ** ** **

    ( نعمات .. أنت أنثى خرافية ) ...





    (عدل بواسطة ابو جهينة on 03-02-2005, 00:53 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
أنثى خرافية ابو جهينة03-01-05, 04:19 AM
  Re: أنثى خرافية ودقاسم03-01-05, 04:46 AM
    Re: أنثى خرافية ابو جهينة03-01-05, 05:10 AM
  Re: أنثى خرافية Elawad Eltayeb03-01-05, 04:52 AM
    Re: أنثى خرافية ابو جهينة03-02-05, 00:46 AM
      Re: أنثى خرافية ابو جهينة03-02-05, 10:56 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de