( الخَرَز نغمٌ يُطرب الذاكرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 09:16 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالله الشقليني(عبدالله الشقليني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-21-2006, 09:58 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ( الخَرَز نغمٌ يُطرب الذاكرة (Re: osama elkhawad)



    عزيزنا في السماء الدُنيا
    أسامة الخواض

    اتفقنا معك أننا سجلنا تاريخ مغموس
    في ماء الذكرى وحكم على هشاشة ما تُسمى اصطلاحاً
    بالمدن .
    أما أحمد ،
    فهو غير ذلك ، وغير حامل الحُجب المُنفتحة ،
    والذي فقدته بين السيف و غمده ،
    وإليك ساعة ذكرى
    بين أجنُحــــــــــه :


    إلى أحمد شامي في عوالمه البهية

    سيدي .
    كنت قنديلاً مضيئاًً بالمحبة في حضورك ،
    و في الغياب .
    غسلت نفسك من كل الخطايا و رحلت .

    ( لك وحشة يا صديقي ) .

    افتقدنا حضورك المتوهج بيننا كثيراً يا أحمد . ستة عشر عاماً منذ غيبتك الكبرى . أضحت روحك هائمة في النعيم الأبدي وفق ما نتمنى . تركتنا في يُتم غريب . لقد اهتزت التوأمة بيننا ، كادت أوصالها أن تتفكك ، منذ عودتك من المنفى الاختياري . فقد بدأت أنت تتغير ، وسبحت أنت مع بعض التيار ، و كُنا قد تعاهدنا من قبل أن نسلك الدروب جميعاً، ولكن من بوابة العقل . بدأت حينها أنت مختلفاً و قلقت عليك ، و لم يتسع الوقت للحديث ، فقد شغلتك العشيرة عن مجلسنا . و حين التقيتك برهة ، كان موعد سفرك قد أزف ، و بقيت الأمور معلقة إلى موعد الغيبة الكبرى .

    منذ السادس و العشرين من ديسمبر( 1988 م ) و بعد غيابك الأخير ، لم تزل روائحك الطيبة تعطرنا دوماًً . نحن نعيش ضباباً كثيفاً هذه الأيام و ما أحوجنا إليك . صرنا نرى الصديق و العدو بيننا ، بل في موائدنا المتواضعة ، يشتركان معنا الوجبات المشبعة بالإحباط .

    كيف حالك؟ ( لك وحشة يا صديقي ) . أستسمحك بمن تُحب ، أن تنظرنا وأنت من فوق عليائك . أعرف أن غيماً كثيفاً يحجب عنك رؤيتنا ، إلا أن إبصار الروح يشف العتمة .
    أتذكر" تنقاسي " و أهلها ، أم نسيتهم ؟ . فبعد غضب النيل العظيم في ( 198 ، هجر الأهل القرية إلي الجبل . أتذكر أنت في طفولتك كنت تقول : ( الجبل سكن الجِن ) . و تعجّبنا نحن كيف طفح غضب النيل ، و ما كان له أن يصل إلى هذا المدى من الغلو . من أغضبه يا تُرى ؟ . أتذكر ما ورد في كتابي السابق لك أن ( السد العالي ) قد حجب المياه أن تنساب إلى مجراها الطبيعي بفعل فاعل ، و أرتفع مخزون مصر من خلف الخزان . وأخبرتك حينها كيف ارتّدت المياه على أهلنا كيفما اتفق . هُلك الزرع و الضرع ، و تسللت إلى مصر موجة من الفرح ، إذ بلغ المخزون أقصاه . و مصر من بعد أمدّتنا بالغوث ، فهبطت أفراحها على أحزاننا المروّعة " تطبطب عليها " ! .

    الأهل في " تنقاسي" عادوا لمواقع مساكنهم الأولى قبل الفيضان . أنت تعرف محبة الأرض كم هي قاتلة . تغيرت الأبنية بعض الشيء ، لكن النهر كما يقول الأهالي" غدّار" ، يعرف طريقه القديم و لو بعد حين . لقد ولت إلى غير رجعة عرائس النيل القديمة منذ الخليفة عُمر ، فما الداعي لكل ذلك الفيض ! .

    عزيزنا ، كيف حالك و أنت بعيدا عنا ، وقربك نحّسه و لا نلمسه. أراك صامتاً على الدوام ، هل يحزنك حديثي ؟ . لا تغضب ، معك كل الحق في العتاب . رغم إطلالتك المُبهمة ، دوماً أنت في الخاطر . عندما أتذكرك ، أرقب حركتك في جوف الصمت ، كأنك تقول شيئاً .
    أتذكر هوسي لتعلم تمارين اليوغا، فقد تعلمتها أخيراً بعد جُهد ، ولكن فترت الهمّة كسلاً . في التمارين لحظات من صفاء الذهن ،إذ تتفتّح أبواب الذاكرة وأجدك تسألني بلغة غريبة ، يتخللها لُغز وعتاب خفي :

    ( أنسيتني يا عبد الله ؟ ) . الذاكرة تتوهج دائماً ، لذا يبقى الألم موجعاً . الكمال كما تعلم ضرب من الحُلم لن نبلغه أبداً ، لكننا نرغبه دوماً .

    إن سألتني عن الهواية ، فقد هجرت الممارسة ، و تشيأت حركاتي و سكناتي . غابت عني بعض الأدوات و فقدت التطوير ، و إنني على وشك الغيبة الطويلة ، فقد ضُربت علينا الذّلة والمسكنة فلا تتعجب .

    بعد رحيلك بثلاثة أشهر ، انضمت لأسرتنا الصغيرة " فيروز " . كبرت هي الآن ، بل سألتني مرة ( لمِ أسميتني يا أبي فيروز ؟) ، فقلت لها إنني أسميتها على الأصل ، على الحجر الكريم . و كانت هي كما أسميناها بالفعل . اليوم هي معي ضمن سرب المنافي معدناً نفيساً . معاً نحن تربطنا صداقة ، أتعّرف على ما تُحب ، و تشاركني هي ما أحب ، و لكن على مضض . بعض ما أهوى أكثف مما ينبغي و أثقل على الفهم . أطبخ لها بعجلة ، ربما تخّل بقواعد السبك المعتادة ، و لا يلحظ اختلاف الصنعة إلا من يجرب طبخ سيدة الدار ( والدتها) عندما يتيسر لها أن تكون بيننا ، و ننعم بالرفاهية حيناً من الدهر ." فيروز" تعرف متى تستذكِر دروسها ، و متى تلهو ، لكننا دائماً لا نبتاع لها كل ما تطلب . فشرح الجدولة و الأوّليات و الضرورات أمر يصعب تفهمه عند الناشئة .

    ( لك يا صديقي وحشة ) فأنت لم تشهد ماذا حلّ بنا ، أم تراك تعلم ! ، فالسماوات كلها تعلم . أخبارنا طازجة تدخل الكونغرس ، و تعرض الإدارة تقريراًعنا كل بضعة أشهر. إننا قد أصبحنا موضوعاً في محافل الكون الجديد ! . المصائب تتصدر الصحائف و موائد الإعلام عامرة .

    أما عن العائلة ، فسوف أجدد حزنك مرة أخرى فما باليد حيلة. فقد سافرت الأم الرحيمة بعد غيابك بعام ، لتلحق بك . أظنك قد أحسست أولاً ، ثم عرفت . تزوج والدك من أم ثانية ، و أقتسم الدار . كنت أعود الدارين من حين إلى آخر، و لكنهم جميعاً منذ تركتهم بخير .

    أختك الأصغر من الكبرى تزوجت ، و لم يزل حديثها يرن في أذني :ـ
    ( لم يطلب مني أخي أحمد شيئاً لنفسه منذ أن وعيت الدنيا و إلى غيبته الكبرى) . تلك خِصلة لم نعهدها في أحد ، فلتتمجد أنت يا أخي ، تلك من ريح الأنبياء ومن سُنن الرسل .
    عند الإكتئاب تعم الظلمة الجميع :ـ

    ( أينعت الثمار ، و الطعم مّر . حصاد السنين قبض الريح ! . العمر وحده تقدم و انتظر الجميع . الصحة إلى المنحدر المتدرج تبعاً لسُنة الحياة . الآمال إلى تواضع ، و الاقتصاد إلى هاوية . بدأنا هيكلة أنفسنا مع الفقر قدر ما نستطع . الحيثيات قد اكتملت ، و ما بقي لنا من خيار سوى السفر بعيداً داخل قذيفة تعيدنا إلى عتبات التاريخ الأولى ، و نتحول إلى رهط قديم . ربما ننعم بالرفق إن هبطنا سُلم التطور درجة قبل الإنسانية . لقد انحسر الدفيء عنا يا صديقي ، و بدأ ينبت حولنا صقيع الموت بعد أن فقدنا رفقتك البهية .)

    أتذكر السيدة التي أحبتك ؟ . بعد عام حضرت ، و كنت أنا رفيقها لزيارتك . حافية كانت تمشي بين القبور تقديراً لهيبة الموتى ، فالنساء عندنا لم يتعودن بعد على رؤية الأقدام الفظّة حين تطأ الأرض حول القبور ! . يومها فقدنا ( شاهد القبر ) ، و حزنت السيدة كثيرا ، و أسرفت أنا على نفسي من الحُزن أيضاً ، وندمت إذ لم أكتب الدليل عند مرقدك المُهيب :ـ

    ( هنا يرقد الحبيب ) .

    قال لي " عوض" :ـ

    ( إن الأهل لا يحبون الدليل الذي يقودهم إليك ) .

    جاءت مقالته بعد أن فقدنا تحديداً لمكان مهبطك . وفي مكان ما وقفنا نحن فوق التراب ، و جسدك تحتنا ، لأول مرة لا تتلاحق أكتافنا . المحبة و بوصلة القلب إحداثيتان ، ثم تتبعنا الأثر حتى وجدناك . حزنت تلك السيدة كثيراً ، و تفجرت ينابيعها الدامعة . انسكب الحُزن علينا وغطى الأنفُس و الأجساد ، و تجددت الفاجعة . خنقتني عبرة ، و غسل الدمع الصامت مقلتيّ ، فالفراق لهب من جهنم .

    عبد الله الشقليني
    27 /04/ 2004 م

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 05-21-2006, 12:24 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
( الخَرَز نغمٌ يُطرب الذاكرة عبدالله الشقليني05-11-06, 02:34 PM
  Re: ( الخَرَز نغمٌ يُطرب الذاكرة عبدالله الشقليني05-19-06, 10:43 AM
  Re: ( الخَرَز نغمٌ يُطرب الذاكرة قرشـــو05-20-06, 02:10 AM
  Re: ( الخَرَز نغمٌ يُطرب الذاكرة عبدالله الشقليني05-20-06, 11:18 AM
    Re: ( الخَرَز نغمٌ يُطرب الذاكرة محمد خالد ابونورة05-20-06, 12:09 PM
      Re: ( الخَرَز نغمٌ يُطرب الذاكرة osama elkhawad05-20-06, 04:23 PM
        Re: ( الخَرَز نغمٌ يُطرب الذاكرة osama elkhawad05-21-06, 00:49 AM
        Re: ( الخَرَز نغمٌ يُطرب الذاكرة عبدالله الشقليني05-21-06, 09:58 AM
          Re: ( الخَرَز نغمٌ يُطرب الذاكرة osama elkhawad05-21-06, 10:12 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de