نهدف اليوم أن نخرج من شرك التصنيف ، وهو شرك اعتاد العامة وبعض الخاصَّة أن يصطادوا فيه من يتحدث عن تاريخ حزب من الأحزاب السودانية ذات الأثر في تاريخه السياسي ويذهبون بعيداً أن من كتب مقالاً هو عضو خفي أو كادر ما أو عضو سابق أو مُتعاطف .. إلى الكثير من الأوصاف التي أتوجس من أصحابها وأتوجس من الكسل الذهني حين يرغب البعض أن يُحيلكَ لملف حزب من الأحزاب ، ويُلخص أمرك في جملة !.
لذلك كله أتوجس من طرق المواضيع ذات الصبغة السياسية الصارخة التي ترتبط برؤى أو برامج حزب من الأحزاب ، رغم أن لي رؤاي التي أحتفظ بها لنفسي ، فلست طافح لا لون لي ، بل أغوص برؤيا أزعم أنها لن تجد أصداء لدى الغلبة الغالبة .
سنبدأ من الحزب الشيوعي ، إذ نعرف تاريخه منذ تكوينه ، ونعرف أوجاعه كلها ، بل ومحطات غلو الديمقراطية الرعوية التي مارسها السودان في الستينات ، وأدت لطرد نواب الحزب الشيوعي ، ومحطات ( مايو 1969 م ) ، ( 19 يوليو 1971 م ) ثم تبنيه الديمقراطية سبيلاً للنضال السياسي عندما صرح بذلك سكرتير حزبه ( الأستاذ / محمد إبراهيم نقد ) عند ظهوره في خطاب سياسي ضافٍ في الميدان الشرقي بجامعة الخرطوم في الثمانينات .
من مسلسل التاريخ الذي نعرفه جميعاً ، وتتبع سياط العزل السياسي والهجرة إلى المنافي ، وعذاباتها وأجندة دول الجوار : بين الرمضاء والنار .
نعود لنقول إن للأحزاب جميعاً كي ترتقي يتعين أن يكون لها برنامجاً واضحاً . تُراجع تاريخها أولاً ، تنفُض الغبار ، وتُصحح الأخطاء . فالعامة والجمهور وأهل الأرياف وأهل المُدن ليسوا كما كانوا من قبل . دارت عليهم دوائر الشظف والحُزن من مكر السياسة ، وصار البعض يمكُر مكر السوء ولم يُحصِّل الوطن غير تدهور عام ، وازدهرت القبلية والعنصرية والطائفية والمناطقية وصدام الأرياف في مُقابل المُدن ... والصراع المُدمر أيضاً معروف من المُتسبب فيه .
منذ زمان يسعى الحزب الشيوعي لعقد مؤتمره الذي يأتي بعد ثلث قرن أو لا يأتي ونعلم أن للحزب أعضاء ينتظرون أن يجتمعوا على صفحة من لحم ودم ، وتلتق الأجيال ببعضها من عُمر مديد قارب الخريف ، وبين أجيال نهضت على قسوة مُجتمع بدت الفوارق لا يرتقها الكلام المٌنمق . تسأل الأجيال الجديدة :
أ هُنالك رؤيا بالفعل ؟
أ هنالك اسم أفضل للحزب ؟
هل أعاد الحزب رجَّ حليبه الفكري ، و ينوي تقديم رؤيا جديدة مُتماسكة فكراً ونظرية تُمسك بقضايا السودان وأهله ؟.
أين الحزب من الطرح النظري القديم ؟
، وأسئلة أخرى حول ( تسونامي ) شوقي ومعهد المعلمين في الستينات ، و تجربة يوليو المُرَّة وقضايا الديانات والأعراق ، والجندر والتطور الرأسمالي صاحب السيادة والعنفوان في زماننا، والاشتراكية وحكاويها القديمة والجديدة ، والديمقراطية التي نستسهل نُطقها ، ولا نعرف كيف نُديرها ، ونسأل كيف تعتاش هي من المال ، وكيف يتحكم فيها أو تتحكم فيه !
نترك كل تلك الأسئلة تدور في أحشاء أذهان الذين يهتمون ، ونبدأ من تاريخ الحزب :
عبدهُ دهب وأين هو من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني .
كتبنا من قبل موضوعاً عن الراحل عبدهُ دهب ، وكيف كان هو من الرعيل الأول الذي درس بمدرسة الكادر التنظيمي في مطلع أربعينات القرن الماضي ، وكان سابقاً إن لم يكن مفتاحاً لدخول الكثيرين للحزب الشيوعي السوداني من مؤسسيه وقادته .
نورده هنا من جديد لمُراجعة التاريخ أولاً ، ثم لنظر في التجديد و المآل . إليكم النص ، وأعد إن وجدت مُتسعاً أن أعود لتحية الأحباء المُتداخلين إن كان هُنالك من متداخلين ، ونأمل أن نعرف جميعاً قصة الحزب منذ نشأته عبوراً بمحطاته ثم إلى حاضره .
وتقبلوا التحية والاحترام .
النص :
( عبده دهب ) أين هو من تأريخ اليسار السوداني ؟ ـ بقلم يوسف إدريس]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة