الخاتم عدلان مقال الثلاثاء: تشظي المكان والزمان في عقل الترابي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 00:44 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الراحل الاستاذ الخاتم عدلان(Khatim)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-21-2004, 06:52 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الخاتم عدلان مقال الثلاثاء: تشظي المكان والزمان في عقل الترابي


    الترابي امام الكونغرس:
    لبرالية الحركات الإسلامية وديمقراطيتها.
    تشظي المكان والزمان في عقل الترابي.

    بعد إسدال الفصل الأخير على مسرحية القصر والأسر، وبعد ضمان " ولاء" الشعب السوداني بالقمع الذي لا يعرف الحدود، أراد الترابي أن يعرض مواهبه الأسطورية على مسرح أكبر هو المسرح الأمريكي. وكان يريد من خلال مسرحية يكتبها ويخرجها ويمثلها، أن يكسب، وهو العابد المتبتل في حب القوة، أكبر قوة على وجه الأرض هي الولايات المتحدة الأميركية، ويحولها، وهي منبع الإستكبار العالمي، إلى نصير حادب وذلول، وإلى ضرع يروي ويفيض. فذهب الترابي إلى الولايات المتحدة في عام 1992، ليعرض مواهبه أمام اللجنة الفرعية للشئون الإفريقية المنبثقة عن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، عدته الجرأة غير المتناهية على الحق، والإيمان المطلق بذكائه، وغباء الآخرين، وطلسمه فرضية بدائية جدا، وهي أن المشرعين الأميركيين لن يعرفوا ما فعله في السودان، وأن الشعب السوداني لن يعرف ما قاله في أميركا.
    بدأ الترابي شهادته أمام اللجنة ببعض الحقائق التي لا ريب فيها، وهي أنه أنخرط في العمل الإسلامي منذ أن كان طالبا، وأنه ذهب إلى بريطانيا وفرنسا، وحضر شهاداته هناك، وأنه عاد إلى السودان ليكون " عددا من الأحزاب والجبهات الإسلامية"، وكأنه يقول لمستمعيه أنهم لم يفعلوا غير أن أنخرطوا في حزبين قائمين، بينما كون هو وحده عددا من الأحزاب والحركات. ومنذ هذه اللحظة تفتح بندورا صندوقها!
    ويستمر الترابي ليقول أن النميري أدرك شعبية الإسلام فتحالف معه، وأنه صار وزيرا للعدل في حكومته، ولكن النميري لم يسمح له " بتطبيق أي برنامج يهدف إلى الأسلمة العقلانية والتدريجية للمؤسسات العامة والقوانين. وبعد اصطدامي به عدت إلى السجن"
    وبذلك يستطيع الترابي أن يتجاوز حقيقة أن النميري سن ابشع القوانين في تاريخ السودان، وهي قوانين سبتمبر المسماة بقوانين الشريعة، وأنه، أي الترابي، كان على راس القوة السياسية التي ايدت تلك القوانين واشتركت بنشاط هائل في تطبيقها وترويع الناس من خلالها. كما يريد أن يوحي للمشرعين الأميركيين أن اصطدامه بنميري وعودته إلى السجن كانت بسبب خلافه معه حول هذه القوانين نفسها. وهو لا يقول ذلك صراحة ولكنه يستفيد من إيحاءات السياق وارتباطات المعية، ليدخل ما يرمي إليه في وهم سامعيه.
    ثم يصل الترابي إلى واحدة من لحظات تجليه في التلاعب البارع الحريف بالكرات الملونة المصنوعة من مادة الأكاذيب المخصبة كاليورانيوم:
    "إنضممت لاحقا إلى إئتلاف حكومي في إطار النظام المتعدد الأحزاب الذي خلف النميري، حيث أعددت مشروعا لتطبيق القانون الإسلامي والقانونين المدني والجنائي، لكن الإنقلاب العسكري الذي أطاح الديمقراطية أدى إلى إنقطاع العمل في هذه الوجهة، وعاد بي إلى السجن لفترة قصيرة"
    فهو قد أعد قانونا إسلاميا، لم يذكر أنه كان قوانين سبتمبر ذاتها في ثوب جديد، ثم أعد قانونين مدنيا، وجنائيا، أي غير إسلاميين، وهو محض افتراء، وأن الإنقلاب العسكري، الذي قامت به مجموعة من الأشرار لا علاقة له بهم، وهو يوحي بذلك دون أن يقوله، قطع عليه عمله القانوني الديمقراطي، أي أن ذلك النظام العسكري الجديد، لم يطبق تلك القوانين التي سنها الترابي وبدا واضحا أنه سيفشل في فرضها في الإطار الديمقراطي، بل قطع العمل فيها، ولم يكتف بذلك بل عاد به إلى السجن، أي تعامل معه كعدو وكممثل للنظام الديمقراطي!
    وهو نص مبهر حقيقة! ويكشف خسارة السودان، في شخص الترابي، لأحد الروائيين الكبار، الذين كانوا سيجودون عليه بالمتعة الخالصة بأعمال تبز أعمال ماركيز في واقعيتها السحرية. ولكن لسوء حظ الترابي والسودان معا، فقد اختار الترابي مجالا خاطئا لمقدراته الخلاقة، يقتضي وجود صفات لا يملكها، يأتي على راسها الصدق، هو مجال التاريخ والوقائع السياسية المعروفة من قبل الجميع والمتنازع عليها من قبل الكافة.
    ويثير الترابي عدة قضايا هامة في شهادته هذه أمام لجنة الكونغرس، سنعالج من بينها ما نراه أهمها:
    لبرالية الحركات الإسلامية الأصولية:

    يقول الترابي، مخاطبا رئيس اللجنة وأعضاءها، أنه جاء هنا ليقدم شهادة حول " الأصولية الإسلامية"، التي تكتسح العالم الإسلامي، والتي تتمثل في " وعي أكثر حدة بالهوية، وبتجديد الإيمان، وبإصلاح المسلكين الشخصي والإجتماعي وبموقف فكري ليبرالي"
    سأصرف النظر حاليا عن الوعي الاكثر حدة بالهوية وإصلاح المسلكين الشخصي والإجتماعي، وأركز على الموقف الفكري اللبرالي للأصولية الإسلامية. وربما كنت سأتعامل مع مقولة الترابي حول لبرالية فكر الاصولية الإسلامية، كمجرد جملة نابية، أو زلة لسان، لو وردت مرة واحدة في هذه المرافعة، ولو لم يعتمد عليها كمقولة أساسية في تسويق هذه الحركات في واحدة من أكبر قلاع اللبرالية في العالم. ولكن الترابي يوردها بتركيز خاص وفي مواضع عدة، سواء في شهادته الأساسية أو ردوده على أسئلة أعضاء اللجنة، لينال الإعجاب والرضا من مستمعيه، ويكسب تأييدهم ويغير سياساتهم. ودعونا نورد بعضا مما قال في هذا الصدد:
    يقول الترابي، وهو يعلق على مصطلح الاصولية الإسلامية أن هذا مصطلح تضليلي، لأنه يطلق على " ظاهرة لبرالية جدا، وديمقراطية جدا، وتنظر إلى أمام، لا حركة ضغمائية ومحافظة، أن لم تكن رجعية." ويواصل فيقول " فمعظمها حركات تحديثية، لأن النخب هي التي تقودها وفكرها بشكل عام لبرالي" . ويواصل على نفس الطريق فيقول عن حركاته أنها حيثما سمح لها فقد " تمكنت فعلا من تطوير برنامج إقتصادي يشدد على مؤسسات العدالة الإجتماعية والتكافل، إلا أن منحاها العام يبقى لبراليا." كما أنها في مجال علاقاتها مع الأقليات " دعت إلى نظام جد لبرالي.". ثم يقول في تعميم بالغ الجرأة " ما دام النظام لبراليا ويسمح بحرية التعبير والتنظيم، فإن الحركات الإسلامية تؤمن بشكل مبدئي، أن هذه هي الطريقة الوحيدة للتقدم نحو الإسلام، لكون برنامج عملها إسلاميا، فهو لا يمكن أن يتحقق إلا عبر الإقناع والموعظة الحسنة. "
    هذا هو إذن الترابي الأميركي، فماذا عن الترابي السوداني؟ ولعلنا قد أوردنا موقفه من اللبرالية ومن الفكر الغربي على وجه العموم في مواضع متقدمة من مقالاتنا هذه، ولن نثقل على القارئ بالتكرار، بل نكتفي بمقتطف واحد قصير عن تكفير المثقفين ذوي الثقافة الغربية من قبل نفس الرجل الذي أدلى بتلك الشهادة:
    يقول الترابي في كتابه السياسة والحكم: " أما الشرائح الغالبة من المثقفين نتاج الثقافة الغربية فقد أصبحت لا تدين بدين الإسلام الذي يوحد الحياة كلها بسياستها عبادة، بل يدين بدين الغرب الوضعي الذي طغى في مجالات التعليم ووسائل الثقافة، وأهل هذه الشرائح لوظائف الحكم وشغل دواوينه وقيادة الحياة السياسية والإقتصادية يحملون إليها المأخوذ المستمد من الغرب."
    هذه الشرائح أو النخب التي يعتمد عليها الترابي في تدعيم شهادته بأن الحركات الإسلامية لبرالية جدا، باعتبارها هي القائدة لهذه الحركات، هي نفس النخب التي يكفرها الترابي لحملها الفكر الغربي، أي اللبرالي اساسا، واهتدائها به في تسيير السياسة والإقتصاد. ويحق للقاريئ أن يحكم على رجل هذا منهجه في الفكر، وهذا موقفه من الحقيقة. ولكن المسألة تتعدى ذلك بكثير، وتكشف عن تشظي مفهومي الزمان والمكان في ذهن الترابي، وفي لاوعيه بالذات، لأنه يعتمد هنا بصورة أساسية على أن أميركا بعيدة عن السودان وان ما يحدث في السودان لا يصل إليها، أي تشظي المكان، أو أنه ربما لا يكون قد وصل إليها بعد، وأنه سيكون قد " قضى وطره" عندما يصل إليها، وهو تشظي الزمان. وأعتقد أن ثقافته التقليدية تنتقم هنا من ثقافته الحديثة، في وضع هو أحوج ما يكون فيه إلى تلك الأخيرة. ولا بد أن مستمعيه من أعضاء الكونغرس، كانوا ينظرون إليه، كمن يحمل عملة ترجع إلى القرن السابع عشر، ليشتري بها بضائع إنتجت في العقد الأخير من القرن العشرين. وهذا ما ظهر من إستجوابهم القاسي له، وفشله الذريع في إقناع أي منهم بما كان يقول. بل إن معاملة بعضهم له وصلت إلى مرحلة الإزدراء.
    هل هناك أي احتمال عقلاني باقتناع أعضاء اللجنة الفرعية لشئون إفريقيا بما زعمه الترابي حول أن الحركات الأصولية هي في الواقع حركة " لبرالية جدا"؟ هل هناك مثل هذا الإحتمال، وهو يقول لهم في أكثر من موضع أن هذه الحركات جاءت لتطبق الشريعة، وتصوغ المجتمع وفق رؤاها الدينية، والتعديل الأول في لائحة الحقوق الأميركية الملحقة بشكل عضوي بالدستور الأميركي تقول أن الكونغرس لا علاقة له بالدين، تأسيسا أو منعا؟ وأنه لن يقبل فرض أي قيد على حرية التعبير أو الصحافة، أو حرية الناس في الإجتماع كما يشاءون، وأن يقاضوا الحكومة نفسها لرد أية مظلمة يرونها؟ هل يمكن أن يكون هناك أي إحتمال للتصديق ولائحة الحقوق قد كونت الوعي السياسي لهؤلاء النواب لأن تاريخها يرجع إلى الماغنا كارتا، 1215، ولائحة الحقوق الإنجليزية عام 1689، والتقاليد اللبرالية الأوربية وحرب التحرير الأميركية؟
    وهل يمكن ، إذا تجاوزنا عن أحكام الترابي التكفيرية، في شأن كل من يحمل فكرا لبراليا، أن نصدق أن ايا من هذه الحركات له علاقة ولو بعيدة بالتقاليد اللبرالية التي عرفتها أوروبا منذ القدم، وتبلورت بصورة خاصة في القرون الاربعة الأخيرة منذ القرن السابع عشر؟
    إن اللبرالية قد نشات أساسا في صراع دموي ضد الحكم المطلق، وأرست مبادئ علوية العقل على النقل، مهما كانت مصادره، ودعت إلى التحرر من كل الافكار المسبقة، وكل أنواع الإعتقادات التي لا يبررها العقل ولا يشهد لها، ودعت إلى الخروج على " سلطة القساوسة والملوك"، ولعل خير من عبر عن قيمها في عبارة مركزة هو باروخ سبينوزا عندما قال:
    " الإنسان الحر هو ذلك الذي يعيش وفق إملاءات العقل وحدها." والتركيز كله على هذه الكلمة الأخيرة " وحدها". والقانون اللبرالي الاساسي هو أن الإنسان حر، وإذا أردت أن تحد من حريته فعليك أن تقنعه بالضرورة المطلقة لهذا الحد، أي أن عبء البرهان، كما قال جون ستيوارت ميل، يقع على السلطة المشرعة لتثبت بما لا يدع مجالا للشك ان ما هي بصدده من تشريعات، مقيدة للحرية لا يمكن الإستغناء عنه لسلامة الإجتماع البشري، وعليها أن تقنع الناس بذلك. ويضيف ميل أن الحكومة لن تجد الكثير الذي تقنعهم به، لأن الحكومة المثالية في نظر اللبراليين هي تلك التي لا تكون لها إلا سلطات محدودة إلى اقصى مدى على مواطنيها!! وهذا كله يرجع إلى تاريخ مديد من الفكر الذي أرساه فلاسفة العقد الإجتماعي في إنجلترا وفي القارة الأوروبية، وتقفز إلى الذهن هنا أسماء توماس هوبس، وجون لوك، وجون ستيوارت ميل، من إتجلترا، واسماء رينيه ديكارت، وجان جوك روسو وإيمانويل كانط، في القارة الأوربية. والعقد الإجتماعي معناه إفتراض الحرية المطلقة للأفراد الذين قبلوا تقييدها لضرورة الإجتماع البشري، ولكن كل واحد منهم يعمل على أساس قانون التنازل عن الأقل فيما يتعلق بحريته.
    اللبرالية بمختلف مدارسها، الإنجليزية والقارية والأميركية، هي التي أرست مفاهيم الديمقراطية، والحريات الأساسية مثل حرية التعبير والصحافة والإجتماع والراي والبحث، والإعتقاد وعدم الإعتقاد. وهي القيم التي تنفيها الحركات الإسلامية الاصولية وتقاتل قتالا دمويا، بربريا متوحشا، حتى لا تغرس هذه القيم في بلداننا، بدعوى أنها معادية ومناقضة للإسلام.
    وللبرالية ابعاد أخلاقية وفلسفية، ترفضها الحركات الأصولية اكثر مما ترفض جوانبها السياسية، مما لا يتسع المجال للخوض فيه.
    وإذا كان هذا هو بعض ما يقال عن اللبرالية، وبعض ما يعرفه أعضاء تلك اللجنة في مجلس النواب الاميركي، فإن القاريئ يمكن أن يتصور مدى المفارقة الصاعقة التي كان يشعر بها أولئك النواب وهم يستمعون إلى الترابي وهو يصدم بداهاتهم كلها بأقوال لا يقبلها العقل السليم ولا تصدر إلا عن ذاهل عن المكان والزمان، جاهل وبما يقول وبمن يخاطب.
    ونواصل في حلقات مقبلة.
                  

العنوان الكاتب Date
الخاتم عدلان مقال الثلاثاء: تشظي المكان والزمان في عقل الترابي Amjad ibrahim12-21-04, 06:52 PM
  Re: الخاتم عدلان مقال الثلاثاء: تشظي المكان والزمان في عقل الترابي Raja12-22-04, 08:23 AM
  Re: الخاتم عدلان مقال الثلاثاء: تشظي المكان والزمان في عقل الترابي محمد أبوجودة12-23-04, 02:02 AM
    Re: الخاتم عدلان مقال الثلاثاء: تشظي المكان والزمان في عقل الترابي Marouf Sanad12-23-04, 02:48 PM
      Re: الخاتم عدلان مقال الثلاثاء: تشظي المكان والزمان في عقل الترابي azhary taha12-24-04, 07:58 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de