يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 01:20 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة ياسين سليمان حبيب نورة(حبيب نورة)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-25-2004, 03:24 AM

حبيب نورة
<aحبيب نورة
تاريخ التسجيل: 03-02-2004
مجموع المشاركات: 18581

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة (Re: حبيب نورة)

    الليبرالية في الألفية الجديدة

    ماريو فارجاس يوسا
    Mario Vargas Llosa

    منذ فترة ليست ببعيدة, أجري مجلس مدينة البرج El Borge , وهي مدينة صغيرة في إقليم "ملقة Malaga " بأسبانيا أجري استفتاء بين سكان المدينة البالغ عددهم ألف نسمة, وكان مطلوباً في ذلك الاستفتاء أن يصوت سكان المدينة علي الاختيار بين بديلين, أولهما: الإنسانية, وثانيهما:الليبرالية الجديدة, وقد جاءت نتيجة الاستفتاء كالتالي: بلغ عدد الأصوات المؤيدة للإنسانية 515 صوتاً, بينما لم يتعد عدد الأصوات المؤيدة لليبرالية الجديدة 4 أصوات. ومنذ ذلك الحين, لم أستطع أن أبعد عن مخيلتي هذه الأصوات الأربعة. فهؤلاء الأشقياء الأربعة أصحاب تلك الأصوات لم يترددوا إزاء تلك المعضلة أن يوجهوا رفضهم ضد الإنسانية لصالح شبح مفزع يسمي الليبرالية الجديدة, فهل كان أصحاب الأصوات الأربعة من الحكماء أم كانوا مجرد حفنة من المهرجين؟ وهل كان تصويتهم علي هذا النحو دعاية ينبغي أن تنسب إلي مدينة "البرج" هذه أم أنه كان التصويت العاقل دون سائر الأصوات في استفتاء يبعث علي السخرية كهذا الاستفتاء؟

    بعد ذلك الاستفتاء بوقت قصير, شهدت مدينة "تشاباس Chiapas " انعقاد المؤتمر الدولي لمناهضة الليبرالية الجديدة International Congress against Neo-liberalism بدعوة من ماركوس Marcos آخر أبطال السياسة التي تعتمد علي تحريك وسائل الأعلام كأداة لها في غرب الولايات المتحدة. وكان من بين الحضور في ذلك المؤتمر عدد كبير من أعلام صناعة السينما في هوليوود, وواحد من الديجوليين المتأخرين (هو صديقي العزيز "ريجي ديبرية") ودانييل ميتران أرملة الرئيس الفرنسي الراحل ميتران المعروفة بنشاطها الدائب والتي أضفت علي تلك المناسبة ظلال روحها الاشتراكية.

    هاتان المناسبتان ليستا من المناسبات الشهيرة, ولكن الخطأ كل الخطأ إلي نضرب عنهما صفحاً باعتبارهما أمراً عابراً لا يدلاّن إلا علي غباء بعض البشر. لأن هاتين المناسبتين – في واقع الأمر – يمثلان أقصي ما وصلت إلية هذه الحركة السياسية والأيديولوجية القوية من كثافة وسخونة, بما لها من جذور عميقة بين أوساط اليسار والوسط واليمين علي السواء وبما تتسم به من التقاء فكري حول التشكك في قدرة الحرية وحدها علي إيجاد حل لمشكلات الإنسانية. فاليسار والوسط واليمين أتوا بمخاوفهم وأجمعوا علي تركيبها علي نحو يجعل منها شبحاً جديداً أطلقوا عليه اسم "الليبرالية الجديدة" أما الاسم الذي يطلق عليها في لغة أهل علم الاجتماع وعلم السياسة فهو مصطلح "الفكر الوحيد only thought " وذلك ليجعلوا منها كبش فداء يعلقون عليها كوارث الماضي والحاضر علي السواء.

    إن هناك عقولاً فذة من بين أساتذة جامعات باريس وهارفارد والمكسيك ينهكون أنفسهم محاولين إثبات أن الأسواق الحرة ليس لها وظيفة إلا زيادة ثراء الأثرياء وزيادة بؤس الفقراء. ويقول لنا هؤلاء الأساتذة إن التدويل أو العولمة لا يحقق منفعة إلا للشركات العملاقة متعددة الجنسيات, إذ يسمح لها بالضغط علي البلدان النامية حتى الاختناق فضلاً عن تدمير التوازن البيئي علي هذا الكوكب. ومن ثم ينبغي ألا يفاجأ بما طلع به علينا غير العارفين ممن حضروا اجتماع مدينة "البرج" أو اجتماع مدينة "تشاباس" من ادعائهم بأن العدو الحقيقي للبشرية فكرة قوامها الاستحواذ علي القوة الكاملة تسمي الليبرالية الجديدة وهي قوة مدمرة تثير الفزع, وينسبون إليها كل الشرور والمعاناة والبؤس والاستغلال والتمييز والإساءة وسائر الجرائم التي ترتكب ضد حقوق الإنسان في قارات العالم ويصل عدد ضحاياها من البشر إلي الملايين. بيد أن هذه ليست أول مرة في التاريخ تصل فيها فكرة مصطنعة ترتبط بها مصالح فعلية – وهي الفكرة التي يطلق عليها كارل ماركس لفظ "التميمة fetish " - إلي مثل هذه الدرجة من الانتشار بصورة تتسم بالثبات وتمضي في طريقها لإحداث هزات في حياة البشر كما لو كانت مارداً انطلق من فانوس علاء الدين السحري بمجرد أن فركته أصابعه. إنني أعتبر نفسي واحداً من الليبراليين, وأعرف العديد من الليبراليين ومن غيرهم كذلك, ولكن طوال حياتي العملية, والتي أزعم أنها امتدت مدة طويلة, لم أسمع عن شخص واحد يؤمن بفكرة الليبرالية الجديدة. فما الذي يدافع عنه أنصار الليبرالية الجديدة ؟ وما الذي يعارضونه ؟ إن الليبرالية الحقيقية, علي عكس الماركسية أو مختلف صور الفاشية, لا تشكل نظرية جامدة أو مذهبية منغلقة علي نفسها ومكتفية ذاتياً بما لديها من استجابات جاهزة مسبقاً لكل المشكلات الاجتماعية, بل أن الليبرالية مبدأ له سياج بسيط وواضح نسبياً يمثل تركيبة من المبادئ الأساسية التي ترتكز علي الدفاع عن الحرية السياسية والاقتصادية (أي الديمقراطية ونظام السوق الحر) وفيما عدا ذلك فهو يسمح باستيعاب العديد من الاتجاهات والنزعات المتباينة. والليبرالية حتى هذه اللحظة لم ولن تسمح باستيعاب تلك الأضحوكة التي أختلقها أعداؤها وأطلقوا عليها أسم الليبرالية الجديدة.

    فالشخص "الجديد neo " شخص يتظاهر بأنه شئ ما أو شخص ما وهو في نفس الوقت لم يستقر علي اعتناق فكرة ما كما لم يستقر علي رفضها؛ وهو بذلك تركيبة مختلطة يصعب تعريفها, بل هو إنسان هش له كيان يفتقر إلي أي قيم أو أفكار أو نسق من القواعد أو مبدأ محدد. فالقول بأن ذلك الشخص "ليبرالي جديد neoliberal " لا يختلف عن القول بأنه "شبه ليبرالي semiliberal" أو "ليبرالي ظاهرياً pseudoliberal"، وكل هذا عبث في عبث. فالمرء إما يؤيد الليبرالية أو يعارضها، ولكن ليس بوسع شخص أن يكون شبه مؤيد لليبرالية أو مؤيد لها ظاهرياً، تماماً كما أن المرأة لا يمكن أن تكون "شبه حامل" وتماماً كما أن أي شخص لا يمكن أن يكون "شبه حي" أو"شبه ميت" فلفظ الليبرالية الجديدة لم يخترع للإشارة إلي واقع فكري، بل اخترعه البعض ليكون سلاحاً يستخدم من أجل النيل من مبدأ الليبرالية وإضعاف دلالته. ونحن مع دخولنا الألفية الجديدة نجد أن الليبرالية، وليس أي مبدأ آخر، هي التي لا تزال هي رمز ما حققته الحرية من تقدم هائل علي امتداد المسيرة الطويلة التي قطعتها الحضارة البشرية حتى الآن.

    بل ومن الواجب علينا أن نحتفل بما حققته الليبرالية من إنجازات بكل ما يليق بها من بهجة وارتياح، دون أن يشوب ذلك شئ من نشوة النصر. ويتعين علينا أن ندرك بوضوح أنه رغم الإنجازات البارزة التي حققتها الليبرالية، يزال أمامنا شوط طويل أهم مما تحقق بالفعل، وعلاوة علي ذلك فما دامت سمة التاريخ البشري هي التغير المستمر, فإن الإنجازات التي حققتها ثقافة الليبرالية علي مدي العقود الماضية ليست محصنة من الانتكاس. وما لم نعرف كيف ندافع عن ثقافة الليبرالية, فمن المحتمل أن تصاب تلك الثقافة بالجمود وحينئذ سيتراجع العالم الحر أمام قوي الفكر الجمعي والقبلي الشمولي, فهذه القوي التي تتخفى الآن وراء أقنعة القومية والتطرف الديني حلت محل الشيوعية وأصبحت الآن ألدّ أعداء الديموقراطية.

    فالليبرالي يؤمن بأن أهم إنجاز تحقق في القرن العشرين هو إلحاق الهزيمة بالشمولية في هجماتها الواسعة ضد ثقافة الحرية, لقد تعرض بقاء الديمقراطية ذاته لخطر مصدره الفاشية ثم الشيوعية, كل في عصره, لكن كلاً من الفاشية والشيوعية أصبح الآن في خبر كان, وآل مصيره إلي سجل التاريخ الأسود للعنف والجرائم التي يعجز عنها الوصف التي ارتكبت ضد حقوق الإنسان وضد المنطق السليم, ولا يوجد أمامنا ما يشير إلي أي احتمال لاشتعال نار أي منهما من تحت الرماد في المستقبل المنظور, لكن هناك بقايا في العالم لا تزال تذكرنا بالفاشية, فمن وقت لآخر نجد أحزاباً قومية متطرفة انعزالية, من أمثال حزب الجبهة الوطنية الفرنسية بزعامة "يورج هايدر", تجتذب تأييد شرائح كبيرة من القاعدة الانتخابية بدرجة مختلفة, كذلك لا تزال هناك بقايا للتجمعات الماركسية تحاول مقاومة حركة التاريخ, ويمثلها اليوم بصورة بارزة كل من كوبا وكوريا الشمالية. ومع ذلك فإن تلك الإمدادات الفاشية والشيوعية لا تمثل تهديداً ملموساً للخيار الديموقراطي.

    أما النظم الدكتاتورية فلا تزال منتشرة في العالم, لكنها مختلفة عن الإمبراطوريات الشمولية العظمي حيث إنها تفتقر إلي الإحساس بأنها صاحبة دور في توجيه الآخرين كما أنها أقل تظاهراً بذلك الدور, فالعديد منها –كما هي الحال في الصين- تحاول الآن الربط بين المذهبية السياسية لدولة الحزب الواحد وبين اقتصاد السوق الحر والمشروع الخاص. ومع ذلك، ومهما كان الرعب الذي تمثله بلدان مثل ليبيا أو أفغانستان أو السودان أو إيران, فهي لا تمثل تحدياً يجبر ثقافة الحرية علي أن تأخذها مأخذ الجد.

    وعلي الرغم من استمرار انتشار الديكتاتوريات في رقعة جغرافية تجعل المرء يشعر إزاءها بالوجوم، فقد شهدت العقود الأخيرة تطورات تمثل مصدر ارتياح لليبراليين. فثقافة الحرية حققت خطوات هائلة إلي الأمام في مناطق شاسعة من وسط وغرب أوربا، وجنوب شرقي آسيا، وأمريكا اللاتينية. بل إننا نجد في أمريكا اللاتينية حكومات مدنية تصل إلي السلطة لأول مرة في التاريخ نتيجة انتخابات حرة بدرجة أو أخري في جميع بلدان القارة تقريباً (باستثناء كوبا كديكتاتورية سافرة، وبيرو كديكتاتورية تتسم بالذكاء في تحركاتها) بل إن الملاحظ أن هذه الديموقراطيات تطبق الآن سياسات اقتصاد السوق – تارة علي مضض لا رغبة، وتارة أخري بصورة أقرب إلي التخبط منها إلي الخطوات المحسوبة – أو يطبق بعضها علي الأقل سياسات أقرب إلي اقتصاد السوق منها إلي سياسات قرارات التدخل والتأميم الرامية إلي كسب التأييد الجماهيري التي كانت من قبل سمة واضحة لحكومات قارة أمريكا اللاتينية. وربما كان أبرز ما في التغير الحادث في أمريكا اللاتينية من ملامح ليس هو حجم التغير وإنما نوعية ذلك التغير. وعلي الرغم من أنه لا يزال من الشائع أن يسمع المرء عن مثقفين طردوا من أعمالهم من جراء انهيار المذهبية الجماعية يصرخون سخطاً علي الليبرالية الجديدة، فإن صراخهم هذا أشبه بصراخ الذئب في وجه القمر. فهناك توافق آراء قوي يسود أمريكا اللاتينية من أدناها إلي أقصاها – علي الأقل في الوقت الحالي – لصالح النظام الديموقراطي وضد النظم الديكتاتورية والنظريات الطوباوية الجماعية. وعلي الرغم من أن توافق الآراء المثار حول السياسة الاقتصادية محدد إذا ما قورن بالمجال السياسي، فإن حكومات أمريكا اللاتينية هي الأخرى تنزل عند إرادة مبدأ الحرية الاقتصادية، وتجد بعض الحكومات حرجاً في الاعتراف بذلك، بينما بعضها الآخر يخفي فشله وراء ساتر من الدعاية الجوفاء ضد الليبرالية الجديدة، إلا أن تلك الحكومات لا سبيل أمامها إلا خصخصة الشركات، وتحرير الأسعار، وفتح الأسواق، ومحاولة السيطرة علي التضخم ودمج اقتصادات بلدانها في الأسواق الدولية، فقد تعلمت تلك الحكومات من تجاربها المريرة أن البلد الذي لا يتبع تلك المبادئ التوجيهية في المناخ الاقتصادي السائد الآن إنما يدفع بنفسه نحو الانتحار، أو – إن شئنا استخدام عبارة اقل رعباً – يحكم علي نفسه بالبؤس والاضمحلال، بل والتفكك. وقد انتقلت مواقف قطاعات عديدة من اليسار في أمريكا اللاتينية من العداوة المريرة للحرية الاقتصادية إلي اعتناق المذهب الحكيم الذي ينادي به "فاكلاف هافل" والذي تعبر عنه الكلمات التالية: "علي الرغم من أن قلبي مع يسار الوسط، فقد كنت أدرك دائماً أن النظام الاقتصادي الجديد الوحيد الناجح هو اقتصاد السوق ... فهو الاقتصاد الوحيد الذي يعتبر اقتصاداً طبيعياً، وهو الوحيد المقبول عقلاً، وهو الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلي الرخاء، لأنه الاقتصاد الوحيد الذي يعبر عن طبيعة الحياة ذاتها".

    تلك علامات هامة علي ما يحدث من تقدم، وهي تضيف سنداً تاريخياً يعزز صحة الفروض الليبرالية، إلا أنها لا تبرر أي تهاون، إذ أن من الدروس القليلة الثابتة من تاريخا الليبرالية أن الحتمية التاريخية لا وجود لها، وتاريخ الليبرالية مل يقل إن الأمر استقر بصورة مطلقة لصالحها إلي الأبد، ذلك أن التاريخ من صنع البشر، ومن ثم فإن البشر بمثل ما يستطيعون التصرف بصورة سليمة ومحسوبة تدفع حركة التاريخ في اتجاه التقدم والحضارة يمكن كذلك أن يخطئوا. كما يمكن أن تتسبب أعمالهم الناجمة عن اقتناع أو رفض أو خوف أن تدفع بحركة التاريخ نحو الفوضى والبؤس وظلمة الجهل والبربرية. وثقافة الديموقراطية هي القادرة علي كسب أرض جديدة وتعزيز ما حققته الديموقراطية من تقدم في أوقات سابقة، فإن هي قعدت عن الحركة فقد تري مملكتها تتقلص تحت سمعها وبصرها حتى تختفي من الوجود، شأنها في ذلك شأن مشهد تلاشي الجلد الخشن في إحدى كتابات الأديب الفرنسي "بلزاك"، فما يحدث في المستقبل يتوقف علي ما نفعله الآن وما هو لدينا من أفكار وكيفية استخدامنا لأصواتنا في الانتخابات وقرارات من توصلهم أصواتنا إلي السلطة.

    والليبراليون عليهم أن يؤمنوا بأن الحرب من أجل الحرية تاريخياً إنما هي – فوق كل شئ – صراع فكري. لقد كسب الحلفاء الحرب ضد المحور، لكن ذلك النصر العسكري لم تزد قيمته عن أنه أكد تفوق رؤية للإنسان والمجتمع تتسم بالرحابة والمساواة والتعددية والتسامح والديموقراطية علي رؤية أخري للإنسان والمجتمع كانت ضيقة الأفق مبتورة عنصرية تقوم علي التمييز والطبقية. كذلك فإن تفكك الإمبراطورية السوفيتية وانهيارها أمام الغرب الديموقراطي جاء دليلاً يؤكد صحة الآراء التي جاء بها من قبل كل من آدم سميث، وودي توكفيل، وكارل بوبر، واشعيا برلين حول المجتمع المفتوح والاقتصاد الحر، ويؤكد من ناحية أخري سقوط أيديولوجيات راحت ضحية غرورها مثل إيديولوجيات كارل ماركس، ولينين، وماوتسي تونج، الذين كانوا علي اقتناع بأنهم كسروا جمود قوانين التاريخ وفسروها علي نحو صحيح بما جاءوا به من أفكار تدور حول دكتاتورية الطبقة العاملة والفكر الاقتصادي المركزي. كذلك ينبغي أن نتذكر أن الغرب حقق انتصاره علي الشيوعية في وقت كانت مجتمعاته تشعر فيه بعقدة التدني: إذ لم تكن الديموقراطية في صورتها العادية تمثل أي جاذبية بالمقارنة بما كانت تشهده مجتمعات العالم الشيوعية – التي كان من المفترض أنها مجتمعات لا طبقية – من أفكار براقة.

    ربما تكون المعركة الحالية أقل مشقة بالنسبة لليبراليين من المعركة التي خاضها أساتذتنا من قبل، ففي معركتهم هم كان مصدر الدعم الذي يعتمد عليه دعاة التخطيط المركزي والدول البوليسية ونظم الحزب الواحد والاقتصاد الموجه من قبل الدولة، كان الدعم يتمثل في إمبراطورية مسلحة حتى أسنانها فضلاً عن حملة دعائية قوية تجري في عقر دار الديموقراطية علي أيدي طابور خامس من المثقفين استهوتهم الأفكار الاشتراكية. أما المعركة التي يتعين علينا أن نخوضها اليوم فهي ليست موجهة ضد مفكرين شموليين كبار من أمثال كارل ماركس، أو مفكرين أذكياء من أنصار الديموقراطية الاشتراكية من أمثال "جون مانارد كينز" ولكنها موجهة ضد أشخاص ذات تصورات فكرية جامدة ليس لها وزن مؤثر تحاول أن تثير الشك والارتباك في معسكر الديموقراطية، وجاءت نتيجة محاولاتها هذه متمثلة في هجوم متعدد الجبهات والمحاور ضد وحش يطلق عليه اسم الليبرالية الجديدة. كذلك فإننا نخوض اليوم معركة ضد هواة التنظير – بدلاً من أن يعلنوا معارضتهم لثقافة الديموقراطية علي غرار ما فعل أناس مثل جورج لوكاس أن أنطونيو جرامشي أو جان بول سارتر – يقنعون أنفسهم بأن ثقافة الديموقراطية أمر لا وجود له في الواقع وأننا نتعامل مع وهم يخفي وراءه شبحاً ينذر بظهور الاستبداد.

    وأود أن أخص بالذكر من بين هذه النوعية حالة تمثل هذا الاتجاه أ أصدق تمثيل، وهي حالة الكاتب روبرت كابلان Robert D. Kaplan. فقد نشر مقالاً حافلاً بعبارات تفوح منه رائحة التحريض يقول فيه إنه يؤمن بأن الإنسانية تتجه بالفعل نحو عالم تسوده النزعة التسلطية وذلك علي عكس ما يراه من تفاءلوا بازدهار مستقبل الديموقراطية بعد أن انتهت الماركسية في شرق أوربا. ويري أن هذه النزعة التسلطية ستكون سافرة في بعض الحالات، بينما ستكون في حالات أخري مستترة وراء قناع يتمثل في مؤسسات ذات مظهر مدني وليبرالي هي – في نظر كابلان – مجرد زخارف ظاهرية، أما القوة الحقيقية فهي إما في أيدي الشركات الدولية العملاقة وهي مالكة التكنولوجيا وفي أيدي رأس المال الذي يفعل ما يشاء في أيدي تلك الشركات بما لها من طابع عالمي يتخطى الحدود، أو أن القوة الحقيقية سرعان ما ستؤول إلي أيدي تلك الشركات وإلي رأس المال.

    فكابلان يرى أن جميع جهود الغرب الرامية إلى فرض الديمقراطية في بلدان تفتقر إلى التقاليد الديموقراطية كان مصيرها الإخفاق الشنيع، وفى بعض الحالات جاء ذلك الفشل مقرونا بتكلفة باهظة كما هو الحال في كمبوديا حيث أستثمر المجتمع الدولي 2 مليار دولار لم يتحقق من ورائها أي تقدم على صعيد الشرعية أو الحرية في كمبوديا المعروفة كذلك بمملكة أنجكورAngkor القديمة وأمل الجهود المماثلة التي بذلت في بلدان مثل السودان أو الجزائر أو أفغانستان أو البوسنة أو سيراليون أو الكونغو أو مالي أو روسيا أو ألبانيا أو هايتى فقد تسبب في أحداث الفوضى ووقوع حروب أهلية وظهور الإرهاب وعودة أنظمة استبدادية قوية تعتمد سياسة التطهير العرقي أو الإبادة ضد الاقليات الدينية.

    كما ينظر كابلان بنفس الدرجة من الاستهجان إلي عملية التحول الديموقراطي في أمريكا اللاتينية، وذلك باستثناء حالتين هما شيلي وبيرو، فالاستقرار في هذين البلدين تحقق من وجهة نظر كابلان نتيجة وقوع الأول في قبضة الدكتاتورية في عهد "أوغسطو بينوشيه" ونتيجة وقوع الثاني في قبضة ديكتاتورية مقنعة تدعمها القوات المسلحة. وبالمقارنة، يري كابلان أن ما يسمي بسيادة القانون غير قادرة علي الحفاظ علي الاستقرار في بلد مثل كولومبيا أو فنزويلا أو الأرجنتين أو البرازيل حيث يري أن ضعف المؤسسات المدنية وتجاوزات الفساد والتفاوتات الرهيبة تتسبب في "ردة فعل من جانب الملايين الذين لم يتلقوا تعليماً جيداً والسكان القادمين إلي أحياء عشوائية نشأت مؤخراً حول المدن، حيث إن هؤلاء لا يرون جدوى من وراء النظم البرلمانية الغربية".

    ولا يضيع كابلان وقتاً في البحث عن عبارات غير مباشرة يصوغ فيها آراءه. فهو يعبر عما يدور في رأسه بصورة مباشرة واضحة، ومجمل آرائه أن الديموقراطية لا تتناسب مع أوضاع البلدان النامية، وفي هذا الصدد يقول: "إن الاستقرار الاجتماعي يتحقق نتيجة وجود الطبقة المتوسطة، وهذه الطبقة المتوسطة لا تنشأ علي يدي الديموقراطية وإنما تأتي نتيجة نشأة الأنظمة المتسلطة ومنها الأنظمة الملكية". ويورد أمثلة من حوض الباسفيك الآسيوي (ويستشهد بأكبر مثال من وجهة نظره وهو حالة سنغافورة في عهد لي كوان يو) ومثالاً آخر من حالة شيلي في عهد بينوشيه. وكان بإمكانه كذلك أن يشير إلي مثال أسبانيا في عهد فرانكو، لكنه لم يورد تلك الحالة ضمن أمثلته. وفي رأيه أن النظم المتسلطة الحالية التي توجد طبقات متوسطة ومن ثم تهيئ إمكانيات التحول الديموقراطي تتمثل في الصين في ظل "اشتراكية السوق market socialism" وبيرو في ظل حكم فوخيموري (وهي حالة دكتاتورية عسكرية علي رأسها رئيس مدني صوري أشبه بالدمية) فهذان هما نموذجا التنمية اللذين يري كابلان أنهما "يصنعان الرخاء علي أنقاض الفقر المدقع"، فالاختيار المتاح أمام البلدان النامية في نظره ليس اختياراً بين "حكام ديكتاتوريين وآخرين أقل سوءاً) ويري أن "روسيا قد تكون في سبيلها إلي التفكك لأنها ديموقراطية بينما الصين قد يكون نجاحها راجعاً في جانب منه إلي غيبة الديموقراطية فيها".

    لقد استنفدت كل هذه المساحة لاستعراض حجج كابلان لأنه يمتاز بالقول الصريح حيث يعجز آخرون – وهم عديدون – عن التعبير عن أفكارهم خوفاً، فإن وجدوا شجاعة القول كان مبلغهم من الشجاعة مجرد القدرة علي الهمس لا القول الصريح. والتشاؤم الذي يسيطر علي كابلان من مستقبل البلدان النامية تشاؤم شديد لكنه لا يقل بحال عن تشاؤمه من مستقبل البلدان المتقدمة، فهو يري أنه متي نجحت الديكتاتوريات التي تتسم بالكفاءة في تحقيق التنمية في البلدان الفقيرة وظهرت طبقة متوسطة جديدة في تلك البلدان تسعي إلي تحقيق الديموقراطية علي النمط الغربي، ستكون تلك الطبقة كمن يجري وراء السراب لأن الديموقراطية الغربية ستكون حينئذ أفسحت مكانها لنظام (مشابه لما عرفته كل من أثينا واسبرطة) تنتزع فيه الأوليجاركيات – وهي هنا تتمثل في الشركات متعددة الجنسيات العاملة في جميع أرجاء العالم – تنتزع من الحكومات القدرة علي اتخاذ قرارات مؤثرة بالنسبة للمجتمع والفرد. وسوف تمارس الأوليجاركيات تلك السلطة دون أن تكون مسئولة في ذلك أمام أحد لأن تلك السلطة لا تتحقق للشركات العملاقة عن طريق تفويض من خلال انتخابات وإنما تتحقق لها عن طريق ما لديها من قوة تكنولوجية واقتصادية. وإذا لم يكن القارئ من هواة متابعة الإحصاءات، فإننا نورد هنا ما يذكرنا به كابلان من أن من بين أقوي 100 كيان اقتصادي في العالم هناك 51 ليسوا دولاً وإنما هي شركات، وأن أكبر 500 شركة في العالم تستحوذ وحدها علي 70% من حجم التجارة الدولية.

    هذه الحجج تمثل مطلقاً جيداً للمقارنة مع الرؤية الليبرالية لحالة العالم وهو عند مطلع الألفية الجديدة، ومحصلة هذه الرؤية أن ابتداع الإنسان للحرية - رغم كل ما سببه من اضطراب واسع النطاق – هو الذي حقق كل ما نراه من تقدم هائل في مجالات العلوم وحقوق الإنسان والتقدم التكنولوجي والكفاح ضد الاستبداد والاستغلال.

    وأغرب حجة يسوقها كابلان في هذا الصدد هي قوله بأن الديكتاتوريات هي وحدها التي توجد الطبقة المتوسطة وتحقق الاستقرار لبلدانها. ولو كان الأمر كذلك لكانت الولايات المتحدة وغرب أوربا وكندا واستراليا ونيوزيلندا هي الجنة بالنسبة للطبقات المتوسطة، لا المكسيك أو بوليفيا أن باراجواي، إذ أن تاريخ أمريكا اللاتينية ما هو إلا ساحة حقيقية لصغار الطغاة وزعماء العصابات والزعماء من أصحاب السلطة المطلقة، ويكفينا في هذا الصدد أن نعطي مثالاً واحداً هو خوان دومينجو بيرون الذي كاد يدمر الطبقة المتوسطة في الأرجنتين تدميراً كاملاً رغم أنها طبقة متوسطة كانت تتمتع – حتى مجيئه للسلطة – بالقوة العددية والرخاء وحققت لبلدها معدلات تنمية تخطت معدلات التنمية في معظم بلدان أوربا. ومثال آخر هو كوبا التي شهدت أربعين عاماً من الحكم الديكتاتوري لم يتحقق فيها أدني قدر من الرخاء بل إن الديكتاتورية جعلت من كوبا دولة تتسول من العالم، وقد اضطر بعض سكان كوبا إلي أكل العشب والأزهار حتى لا يموتوا جوعاً بينما اضطرت نساؤهم إلي ممارسة البغاء مع السائحين القادمين من بلدان رأسمالية.

    بطبيعة الحال يستطيع كابلان أن يقول إنه لا يعني بحديثه هذا جميع الأنظمة الديكتاتورية، لكنه يقصد الأنظمة التي تعمل بكفاءة دون غيرها، وهي ديكتاتوريات الجانب الآسيوي من المحيط الهادي، وديكتاتورية كل من بينوشيه وفوخيموري. ولعل من المصادفة الغريبة أنني قرأت مقاله الذي أورد منه هذه الاقتباسات في وقت كانت ديكتاتورية سوهارتو في إندونيسيا – وهي من بين الديكتاتورية التي اعتبرها كابلان تعمل بكفاءة – كانت تنهار وانتهي الأمر بتنحي سوهارتو عن السلطة تحت الضغوط التي واجهها مع ما اقترن بذلك من تدهور اقتصاد إندونيسيا، ومثل ذلك بوقت قصير كانت الأوتوقراطيات في كوريا وتايلاند قد انهارت وكانت النمور الآسيوية الشهيرة قد بدأت تتلاشى وكأنها دخان يتصاعد في مشهد من مشاهد أفلام هوليوود الخيالية المثيرة. والظاهر أن ديكتاتوريات اقتصاد السوق هذه لم تحقق النجاح الذي ظن كابلان أنها ستحققه، وهي الآن جميعاً راكعة أمام صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والولايات المتحدة واليابان وغرب أوربا راجية إنقاذها من الدمار الكامل.

    من وجهة النظر الاقتصادية، تعتبر ديكتاتورية الجنرال بينوشيه دكتاتورية ناجحة، ويصدق ذات القول علي ديكتاتورية فوخيموري (هذا إذا كانت مقاييس الكفاءة تقتصر فقط علي انخفاض معدل التضخم وانخفاض عجز الموازنة العامة وزيادة الاحتياطيات الرسمية وزيادة معدل نمو إجمالي الناتج المحلي). وحتى مع ذلك، فنحن نتحدث عن كفاءة نسبية للغاية، فعندما ندع جانباً درجة الأمن المريحة التي يتمتع بها مجتمع مفتوح (مثل الولايات المتحدة وفق معايير كابلان) ونبحث أوضاع بلك الأنظمة من منظور من عانوا من جرائم وتجاوزات الديكتاتوريات التي سيطرت عليها، نجد تلك الكفاءة النسبية تتلاشى تماماً. وعلي عكس ما يراه كابلان، فنحن معشر الليبراليين لا نؤمن بأن وضع حد للسياسات لاقتصادية الرامية إلي مجرد حشد التأييد الجماهيري – أو قطع دابر التضخم – يحققان أدني تقدم بالنسبة للمجتمع اذا اقترن إطلاق الأسعار وخفض الأنفاق العام وخصخصة القطاع العام بسياسة تمارس فيها الحكومة علي مواطنيها التخويف المهين، فالتقدم لا يمكن أن يتحقق علي حساب حقوق المواطنين من صحافة حرة أو حرمانهم من حق اللجوء إلي سلطة قضائية مستقلة إذا تعرضوا للإساءة أو الاحتيال، والتقدم لا يتحقق مع تعذيب المواطنين أو مصادرة ممتلكاتهم، أو اختفائهم أو إزهاق أرواحهم وفق أهواء الزمرة الحاكمة في أي بلد. إن التقدم – وفق مبدأ الليبرالية – يتألف في نفس الوقت من جوانب اقتصادية وسياسية وثقافية، وإلا فلن يكون تقدماً. وهذا صحيح لأسباب عملية وأخلاقية علي السواء, فالمجتمعات التي تنتشر فيها المعلومات دون أي عائق وتحكمها سيادة القانون أقدر علي الصمود في وجه الأزمات من المجتمعات التي تحكمها القيود. وقد برهنت علي صحة هذا القول حالة كل من الحزب الثوري المؤسسي PRI في المكسيك منذ عدة سنوات، وحالة الجنرال سوهارتو في إندونيسيا. والدور الذي لعبه غياب الشرعية الحقيقية في بلدان حوض الباسيفيك التي تحكمها الديكتاتوريات لم يلق حقه من الدراسة في معرض إيجاد أسباب الأزمة الراهنة في تلك المنطقة.

    كم عدد الديكتاتوريات الكفء التي ظهرت إلي الوجود؟ وكم عدد الديكتاتوريات غير الكفء من الناحية الأخرى؟ وكم عدد الديكتاتوريات التي أودت ببلدانها إلي درك الوحشية الغاشمة كما هي الحال الآن في الجزائر وأفغانستان؟ إن الغالبية العظمي من الدكتاتوريات تندرج تحت باب الديكتاتوريات غير الكفء، أما الكفء منها فهو الاستثناء الذي يثبت القاعدة – ومن ثم ألا يكون من الحماقة اختيار الديكتاتورية سبيلاً إلي تحقيق التنمية علي أمل أن هذه الديكتاتوريات ستتحلى بالكفاءة والالتزام وستكون ذات طبيعة مؤقتة، عوضاً عن اختيار أنظمة غير ديكتاتورية؟ أليست الأنظمة غير الديكتاتورية سبلاً أقل مخاطرة وقسوة عن السعي لتحقيق التقدم الاقتصادي؟ الواقع أنها كذلك، لكن هذه هي الحقيقة التي لا يود أناس مثل كابلان أن يروها.

    وفي البلدان التي تزدهر فيها الديموقراطية، ليس من الضروري أن تكون ثقافة الديموقراطية تقليداً راسخاً، فالحال لم تكن كذلك في أي بلدان من التي أصبحت الآن بلدانا ديموقراطية إلا بعد حدوث العديد من المحاولات والانتكاسات انتهت باستقرار اختيار تلك البلدان لثقافة الديموقراطية وتحركت بهذه الثقافة إلي الأمام تصقلها مع مرور الزمن حتى أصبحت الثقافة الديموقراطية جزءاً لا يتجزأ من كيان تلك البلدان. إن الضغط الدولي والمعونة الدولية يمكن أن يكونا عاملين مؤثرين من الطراز الأول في جعل المجتمع يعتمد ثقافة الديموقراطية، وهو ما يبرهن علي صحته مثالا ألمانيا واليابان كبلدين كانت حالتهما من حيث الافتقار إلي التقاليد الديموقراطية مشابهة لحالة أي بلد في أمريكا اللاتينية. ففي غضون مدة قصيرة من انتهاء الحرب العالمية، استطاعت ألمانيا واليابان اللحاق بركب الديموقراطيات المتقدمة في العالم، فلما إذاً لا تستطيع بلدان نامية (أو لا تستطيع بلد مثل روسيا) التحرر من التقاليد الشمولية؟ ولماذا إذاً لا تستطيع هذه البلدان أن تحذو حذو اليابانيين والألمان وأن تعتنق ثقافة الحرية؟ إن العولمة – علي عكس ما خلص إليه كابلان من استنتاجات متسائمة – تتيح فرصة فريدة للبلدان الديموقراطية في العالم – لا سيما البلدان الديموقراطية المتقدمة في أمريكا وأوربا – للمساهمة في نشر التسامح والتعددية والشرعية والحرية. فلا يزال العديد من البلدان أسيراً لتقاليد التسلط، ولكن ينبغي أن نتذكر أن الأنظمة المتسلطة كانت في يوم من الأيام تسيطر علي العالم بأسره، ونشر ثقافة الحرية رهن بأمرين هما:
    (أ) أن يكون لدينا إيمان واضح بتفوق هذه الثقافة عل الثقافات التي تضفي صبغة شرعية علي التطرف والعنصرية وعدم التسامح وتضفي صبغة شرعية علي التمييز علي أساس الدين أو العرق أن النوع أو الانتماء السياسي.
    (ب) أن نعتمد سياسات اقتصادية وخارجية ثابتة موجهة علي نحو يجمع بين تشجيع الاتجاهات الديموقراطية في البلدان النامية ومعاقبة وعزل الأنظمة التي تناصر السياسات الليبرالية في المجال الاقتصادي بينما هي تتسم بطابع دكتاتوري في المجال السياسي، مثل النظام القائم في الصين أو الزمرة المدنية – العسكرية القائم في بيرو.

    ومما يؤسف له أنه علي العكس من موقف كابلان، نجد أن الانحياز لصالح الديموقراطية الذي حقق العديد من المكاسب لبلدان مثل ألمانيا وإيطاليا واليابان قبل نصف قرن لم تطبقه ديموقراطيات عالم اليوم علي سائر بلدان العالم، وحتى إن طبق فإنه يطبق بطريقة جزئية تتسم بالنفاق, كما هي الحال في تطبيقه علي كوبا.
    بيد أنه مع مطلع الألفية الجديدة, هناك حافزاً قوي متاح للبلدان الديموقراطية المتقدمة يجعلها تتصرف بصورة حازمة وقائمة على المبادئ لصالح الديموقراطية, وهو حافز يأتي من وجود خطر جديد وردت الإشارة إليه في مقال كابلان. إن كابلان يتنبأ –بعبارته الموغلة في التعقيد- ظهور حكومة عالمية غير ديموقراطية مستقبلاً تتألف من الشركات القوية متعددة الجنسيات تتصرف كما يحلو لها في جميع أرجاء المعمورة, وهي رؤية مخيفة تشير إلي الخطر الحقيقي الذي ندرك نحن وجودة, فاختفاء الحدود الاقتصادية وانتشار الأسواق العالمية يحفزان علي الاندماج والتحالف بين الشركات في سعيها لتحقيق ميزة تنافسية اكثر فاعلية في جميع ميادين الإنتاج.

    وتشكيل شركات عملاقة لا تمثل في حد ذاته خطراً علي الديموقراطية ما دامت الديموقراطية القائمة حقيقية, أي ما دامت هناك قوانين عادلة وحكومات قوية تطبق تلك القوانين (ولفظ "قوية" من المنظور الليبرالي تعني "صغيرة الحكم وفعاله" وليس "كبيرة الحجم").

    وفي اقتصاد السوق المفتوح أمام التنافس, تحقق الشركة الكبيرة صالح المستهلك لأن حجم نشاطها يمكنها من خفض الأسعار ومضاعفة ما تقدمه من خدمات, فالخطر هنا ليس مكمنه حجم الشركة, وإنما الخطر يكمن في الاحتكار, الذي هو دائماً مصدر للفساد وعدم الكفاءة. ومادامت هناك حكومات ديموقراطية قادرة علي ضمان احترام القانون –أي حكومات يمكن أن تحاكم شخصاً مثل "بيل جيتس" إذا تخطي القانون- فلن يكون هناك أي خطر. وما دامت الحكومات الديموقراطية تحافظ علي انفتاح الأسواق أمام التنافس دون أن تسيطر عليها الاحتكارات, فلن يكون هناك خوف من الشركات العملاقة التي تحقق صالح المجتمع باقتحامها مجالات جديدة تحقق تقدماً علمياً وتكنولوجياً.

    والمنشأة الرأسمالية فيها شئ من طبيعة الحرباء, فهي في البلد الديموقراطي مؤسسة تحقق للآخرين مزايا التنمية والتقدم، بينما هي البلدان التي لا تعرف سيادة القانون – ولا حرية الأسواق والبلدان التي يحل فيها كل شئ بفعل إرادة الحاكم المطلق أو بفعل إرادة بطانة حاكمة – يمكن ن تكون سبباً للكوارث. والشركات تتصرف علي أساس الفصل بين النشاط والأخلاق، وتتكيف بسهولة مع قواعد اللعبة السائدة في البيئة التي تمارس فيها نشاطها. فإذا كان سلوك الشركات متعددة الجنسيات في عديد من البلدان النامية سلوكاً مستهجناً، فإنما التبعة النهائية عن ذلك تقع علي كاهل الذين يحددون قواعد اللعبة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولا نستطيع أن نلوم الشركات علي اتباعها لتلك القواعد سعياً منها لتحقيق الأرباح.

    وانطلاقاً من هذا الواقع، يستخرج كابلان استنتاجه المتشائم: وهو أن مستقبل الديموقراطية يثير الإحساس بالكآبة لأن الشركات العملاقة سوف تتصرف في الألفية الجديدة بطريقة لا رادع لها سواء في ذلك طريقة تصرفها في الولايات المتحدة وغرب أوربا أوفي نيجيريا تحت حكم الراحل الكولونيل أباتشا علي سبيل المثال.

    والحقيقة أنه لا يوجد سبب من الناحية التاريخية أو النظرية لهذا الاستنتاج، بل الأدعى إلي الصواب أن نخلص إلي استنتاج مفاده: صحيح أن جميع البلدان التي تخضع اليوم للديكتاتورية تتحول بصورة سريعة نحو الديموقراطية وتضع نظاماً قانونياً حراً يمكن أن يفرض علي الشركات أن تتصرف بطريقة ملتزمة ومنصفة علي نحو ما هو مطلوب منها في البلدان الديموقراطية المتقدمة. وبدون تحقيق العولمة في الشرعية والحرية، تكون العولمة الاقتصادية وحدها خطراً مهولاً علي مستقبل الحضارة، وعلي التوازن بين الإنسان والبيئة علي هذا الكوكب. والقوي الكبرى تقع علي عاتقها التزام أخلاقي بمناصرة عمليات التحول الديموقراطي في بلدان العالم النامي، كما أن علي عاتقها التزاماً عملياً يفرضه تلاشي الحدود، فمع تلاشي الحدود يكون أكبر ضمان لاستفادة الشعوب بأسرها من القوي الاقتصادية أن يكون النشاط الاقتصادي في جميع أرجاء العالم ملتزماً بالحركة داخل سياج الحرية والمنافسة، ويهتدي في ذلك بالحوافز والحقوق والقيود التي يفرضها المجتمع الديموقراطي.

    ولن يتحقق شئ من ذلك بسهولة، كما لن يتحقق شئ من ذلك في عجالة من الأمر، إلا أن في صالح الليبراليين تماماً أن يدركوا أننا نعمل من أجل بلوغ هدف ممكن، ففكرة الوصول إلي عالم متحد حول ثقافة الحرية ليست فكرة طوباوية، وإنما هي فكرة للوصول إلي واقع جميل قابل للتحقيق يستحق الجهود التي نبذلها من أجله، وذلك مصداقاً لقول كارل بوبر، وهو واحد من أعظم أساتذتنا، حيث قال:
    "يتعين علينا أن نتحلى بالتفاؤل، فالمستقبل مفتوح أمامنا دون حتمية، ولا يمكن التنبؤ بالمستقبل إلا علي سبيل المصادفة، فنحن جميعاً نساهم في تحديد مستقبلنا من خلال أفعالنا، ونحن جميعاً متساوون في المسئولية عن نجاح ذلك المستقبل".
                  

العنوان الكاتب Date
يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-01-04, 10:24 PM
  Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة منوت04-01-04, 10:34 PM
    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-01-04, 10:46 PM
    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-22-04, 03:26 PM
  Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة lana mahdi04-01-04, 10:53 PM
    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-01-04, 11:04 PM
  Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة lana mahdi04-01-04, 11:06 PM
    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-01-04, 11:20 PM
      Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-01-04, 11:57 PM
        Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-03-04, 03:06 AM
    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-03-04, 04:47 AM
      Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Elwaleed Ibrahim04-03-04, 07:14 AM
        Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-03-04, 07:19 AM
          Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Elwaleed Ibrahim04-03-04, 07:40 AM
            Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-03-04, 07:46 AM
              Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Elwaleed Ibrahim04-03-04, 07:52 AM
                Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-03-04, 07:56 AM
                  Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Elwaleed Ibrahim04-03-04, 08:06 AM
                    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-03-04, 08:14 AM
                      Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Adrob wad Elkhatib04-03-04, 04:02 PM
                        Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة nazar hussien04-03-04, 04:55 PM
                          Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Abdel Aati04-03-04, 10:13 PM
                            Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-07-04, 07:45 PM
                          Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-07-04, 07:38 PM
                        Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-07-04, 07:29 PM
  Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة lana mahdi04-04-04, 00:30 AM
    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-07-04, 08:00 PM
  Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Ibrahim Algrefwi04-07-04, 08:11 PM
    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-07-04, 08:19 PM
  Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Ibrahim Algrefwi04-07-04, 08:23 PM
    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-07-04, 08:47 PM
      Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-09-04, 03:19 AM
        Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة motaz ali04-09-04, 04:11 AM
          Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-09-04, 04:30 AM
            Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Abdel Aati04-09-04, 03:07 PM
              Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-13-04, 10:21 PM
                Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Abdel Aati04-14-04, 00:19 AM
                  Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-14-04, 03:33 AM
                    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة يازولyazoalيازول04-14-04, 10:05 AM
                      Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-21-04, 08:53 PM
                    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Abdel Aati04-14-04, 10:54 PM
                      Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-21-04, 09:11 PM
                        Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Abdel Aati04-22-04, 09:14 PM
                          Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-25-04, 02:12 AM
                            Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-25-04, 03:24 AM
                              Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-25-04, 03:30 AM
  Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة نصار04-25-04, 03:37 AM
    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-25-04, 03:50 AM
  Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة نصار04-25-04, 04:51 AM
  Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة kamalabas04-25-04, 05:20 AM
    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-25-04, 05:24 AM
  Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة kamalabas04-25-04, 05:33 AM
    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-25-04, 05:37 AM
      Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة04-30-04, 07:52 PM
        Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة05-01-04, 07:06 PM
          Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة khider05-01-04, 07:26 PM
            Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة05-01-04, 07:33 PM
              Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Abdel Aati05-02-04, 08:12 PM
                Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Abdel Aati05-02-04, 08:21 PM
                  Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة05-03-04, 11:59 PM
                    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Abdel Aati05-04-04, 02:31 AM
                Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة05-03-04, 11:39 PM
                  Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Abdel Aati05-03-04, 11:53 PM
                    Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Ayman Gaafar05-04-04, 02:51 AM
                      Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Abdel Aati05-04-04, 04:03 AM
                        Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة Ayman Gaafar05-04-04, 08:13 PM
                        Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة05-04-04, 09:11 PM
                      Re: يـاخ انا ليبرالي!!! أنتوا شنو؟؟ أكشفوا الورق دة حبيب نورة05-04-04, 09:05 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

������� ��������� � ������ �������� �� ������� ������ ������� �� ������ ������ �� ���� �������� ����� ������ ����� ������ �� ������� ��� ���� �� ���� ���� ��� ������

� Copyright 2001-02
Sudanese Online
All rights reserved.




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de