الدكتور منصور خالد يفتح خزائن اسراره للقدس العربي / حاوره كمال حسن بخيت

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 11:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة حيدر حسن ميرغني(حيدر حسن ميرغني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-04-2007, 04:45 AM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 24982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الدكتور منصور خالد يفتح خزائن اسراره للقدس العربي / حاوره كمال حسن بخيت

    أجرى اللقاء الاستاذ/ كمال حسن بخيت

    الدكتور منصور خالد مفكر وكاتب سوداني، غزير الانتاج خصوصا في شؤون السياسة، واستراتيجيات التنمية، ويملك قلما جزلا رشيقا مقروءا ومثيرا للجدل في آن واحد، وفضلا عن علمه وثقافته الموسوعية التي كثيرا ما يبهر بهما خصومه قبل مريديه وهم كثر في الجانبين ، فان الرجل خبير بخبايا واسرار وتطورات واشكالات السياسة السودانية التي خاض اتونها مفكرا ووزيرا ومعارضا شرسا لكنه في كل الاحوال كان دائما ولا يزال مشهودا له بالكفاءة.
    سطع نجمه عند العامة عندما تولي وزارة الشباب والرياضة في بداية العهد المايوي (نظام الرئيس الاسبق جعفر نميري) الا انه لدي خاصة المثقفين كان معروفا بينهم يتابعون انتاجه الفكري وكتاباته ومشاركاته في المؤتمرات الدولية، وما تنشره له الصحف من مقالات تحمل وجهة نظره وفكره. كان احد ابرز من تولوا مسؤولية وزارة الخارجية عندما كانت مايو في اوجها واعتبر حينذاك احد اعمدة النظام ومنظريه وفي العام 1979 انقلب د. منصور علي مايو بسبب اخطاء لم يتحملها ولا تتوافق مع ما يؤمن به من قيم وما يعتقد ويحمل من فكر وبدأ نقدها وتعريتها في كتابه (السودان والنفق المظلم)، ثم انضم الي الحركة الشعبية لتحرير السودان مستشارا سياسيا لجون قرنق ثلاثة عقود او اكثر. ظل د. منصور خالد شخصا مثيرا لجدل كسياسي وككاتب ومفكر متميز وجريء يختلف البعض حول افكاره وطروحاته لكن الجميع يعترف بقوة قلمه وجزالة تعبيره.
    ما هي علاقته بالامام عبد الرحمن المهدي والمحجوب وقبلهما عبدالله خليل؟ بمن تأثر في بدايات حياته وما هي الظروف التي اسهمت في تكوين شخصيته؟ وما علاقته بالنخبة او الصفوة؟ ...ما هو تأثير عمله بالامم المتحدة عليه، وماذا تركت الدراسة والعمل في الولايات المتحدة؟ كيف ينظر الي الداخل الي الصراع السياسي والبحث عن حل شامل واستقرار للسودان؟ ما هي المحددات التي يراها للسودان الجديد وماذا يأخذ علي قادة الاحزاب؟ وكيف يعيش حياته الخاصة؟ هذه الاسئلة وغيرها يجيب عنها د. منصور خالد في اول حوار معه يتطرق الي الخاص والعام في حياته.
    يكشف السياسي السوداني في ثنايا الحوار انه لم ينضم لأي حزب لأنه كان يهتم بالجانب الفكري الجدلي في السياسة وليس الجانب التنظيمي وان اهم منعطف في حياته هو انتقاله للعمل في الامم المتحدة ويكشف ان الرئيس الامريكي دوايت ايزنهاور اضطر للاعتذار للسفير السوداني بعد ان اثار ازمة دبلوماسية صاخبة في واشنطن. هنا نص الحوار الذي اجريناه معه في القاهرة.
    البدايات

    متي بدأ اهتمامك بالسياسة وبمن تأثرت ولماذا لم تصبح شيوعيا او اخا مسلما مثل اقرانك في الجامعة في ذلك الوقت ؟
    اهتمامي بالسياسة قديم منذ عهد الطلب ولربما طغي علي ذلك الاهتمام الجانب الفكري الجدلي، علي الجانب الحركي التنظيمي. منذ صغري طبعت علي بعض القولبة والتعليب. وكان لاساتذتي في هذا، جمال محمد احمد بشير محمد، سعيد محمد توفيق ـ عبد الرحيم الامين المعلم الاكبر وما اسماه صحبه المعلم الا لما تميز به، علم وارف ومقول بليغ وصارم لا يماري معه ولا يداري ورغم نشأتي في اسرة الاشياخ المتصوفة الذين نذروا انفسهم للعلم وعافو السياسة الا ان بعض ابناء الجيل الثاني منهم ولج ميدانها كاتحاديين. وعلاقتي بالمعلم هي التي قادتني الي حزب الامة وبوجه خاص الي البيه عبدالله خليل وكان بين الرجلين تماثل في الصراحة الممعنة.
    اذا لم تكن تهتم بالجانب الحركي التنظيمي في السياسة وكنت كما قلت تهتم بالجانب الفكري الجدلي ما هي الوسائل التي كانت متاحة لك للتعبير عن افكارك ... عن نفسك في السياسة ؟
    مدخلي للتعبيرعن نفسي في السياسة كان هو الصحافة، صحافة الحائط في الثانوي والجامعة بجانب الصحف التي كنت اعمل فيها في فترات العطلة الصيفية. من تلك الصحف جريدة (النيل) التي كان يحررها المعلم ووكالة السودان للنشر التي كان يحررها محمد احمد عمر بالانكليزية. وتعاقب علي مراجعة ترجمة اخبار الصحافة السودانية فيها رجلان كانا يقفان علي طرفي نقيض، عبد الخالق محجوب وعوض عبد الرازق. كما اسهمت بالعمل في جريدة (الشباب) لعفان. وكان يتوسم في خيرا ولا يدرك اسباب خياري السياسي. علي ان عفان كان حييا لم يكن في قسوة حسن احمد. عثمان الكد وخلف الله بابكر كانا كلما لقياني في زيارتهما لمصطفي الصاوي، يقولان (اولم يحدثك خالد عما فعله خليفة المهدي بأولاد السادة؟). ومن الصحف الاخري التي عملت فيها اسبوعية كان يصدرها يحيي عبد القادر صحافي عصامي حببته الي نفسي رعايته للشباب، واستهواني اسلوبه، وقد كرمني يحيي بان ضم اسمي وصورتي في كتاب اصدره يوم ذاك (شخصيات سودانية) وكان من بين معاوني يحيي رحمي محمد سليمان وادريس حسن .. كما كان الزائر الدائم للصحيفة ولعله ممولها الشريف حسين الهندي قبل ان يدخل السياسة من اوسع ابوابها ولن انسي بالطبع جريدة الايام التي اتاحت لي الكتابة الجادة فيما بعد. وكان محجوب عثمان الصديق القديم والباقي رغم غثاثات الموتورين من اكثر المشجعين لي رغم اختلاف المنابت الفكرية، اطلقت علي صحيفتي الجدارية في مرحلة الدراسة الثانوية اسم (هذيان). وكان الفنان ابراهيم الصلحي يقوم بتذويقها بتصاويره وليتني احتفظت بكل ما ذوق فناننا العظيم فقد اصبح الصلحي فيما بعد شيخ الفن السوداني الحديث بلا منازع عبر في فنه عن الشخصية السودانية ببعدها العربي ـ الاسلامي والافريقي. اما صحيفة الجامعة فكان اسمها (المقص) واخترت لها شعارا (انهم يقولون دعهم يقولون ، ماذا يقولون؟) كان ذلك ردي علي اصحاب العقائد من الاخوان والشيوعيين الذين قدروا ان في شق طريق ثالث مستقل ما يؤثر علي ما يعتبرونه رصيدا جماهيريا استراتيجيا.
    لماذا تساقط كثير من الذين ينتمون الي التنظيمات العقائدية التي ذكرت، وما هو السر في ان معظمهم كانوا اخوانا مسلمين؟
    لا اعرف من هؤلاء، ولكن حسب تجربتي الجامعية هناك كثيرون اتخذوا لانفسهم هذا الطريق او ذاك التي لا تمت للفكر بسبب مثل الرابطة الاسرية او الجهوية او الصداقة او الحرص علي الانضمام لكيان يحميهم، هؤلاء هم الذين يتساقطون حسب تعبيرك ولكني اعرف ايضا جماعات اخري آمنوا بالفكر الاخواني او الشيوعي وظلوا ثابتين عليه رغم كل ما لاقوا من اهوال. ومع اختلافي مع هؤلاء في الرأي والرؤية الا اني احترم استمساكهم بما آمنوا به، ديدني في الوسط الجامعي كان هو قول الله تعالي (وكان بين ذلك قواما) لا ميل الي هذا ولا انحراف الي ذلك. بهؤلاء تأثرت.
    لا تميل الي هذا ولا تنحرف الي ذلك. نسألك اذن عمن شكلوا رؤي د. منصور واولئك الذين أثروا في تكوين وعيه مبكرا ؟
    من العسير ان احدد بصدق كل الذين أثروا في تكوين وعيي فالاباء والاسرة التي نشأت فيها أثروا في اهتمامي بالدراسات الدينية، ولبعض معلمي الذين اشرت الي بعضهم اثر في اهتماماتي الادبية والفنية (عبد الرحيم محمد سعيد وعبد القادر تلودي)، كما ان لبعض من عملت تحت امرتهم في المنظمات الدولية اثر اثرا كبيرا في دربتي علي منهاج العمل ولربما اضفت ايضا ان كان لي ان اذكر واحدا من المنتديات الفكرية في السودان التي كان لها الاثر البالغ في اقبالي علي القضايا العامة دار الثقافة التي كان بعض اصحابي يحسبونها قلعة من قلاع الاستعمار، ربما لانها تقع قرب القصر والكنيسة الانجليكانية او فيما كان يعرف بالحي الشرقي. اذ لا اظن ان هناك رابطا بين من كانوا يرتادونها ففيهم الاستقلالي والاتحادي. ولكن ان يتاح للفتي الناشئ ان يجلس مستمعا للشنقيطي ومكي شبيكة والقاضي ابورنات والدكتور التجاني الماحي وجمال محمد احمد ومكاوي اكرت وداوود عبد اللطيف وابراهيم عثمان اسحق، تلك وأيم الحق منة من الله. ارتاد الدار ايضا بعض مما يلي وان كانوا سبقوني في الدراسة محجوب محمد صالح وسرالختم السنوسي ومحمد عبد الحليم وعبد الوهاب موسي، ولا انسي الاخ الحبيب احمد عمر امين مكتبة الدار من بين كل هؤلاء ترك في نفسي ابورنات اثرا لا انساه ليس بحسبانه القاضي العادل المنصف بل لتواضعه العلمي فوجئت مرة بالشيخ الجليل يحمل كتابه وكراسته في المعهد الفرنسي حيث كنت اتعلم مبادئ اللغة. سألت ذلك الرجل العظيم رئيس قضاء السودان ما الذي يحمله علي الوفود الي حلقات المبتدئين؟ فرد في تواضع جم ، وفي كلمات تنسل من الفم انسلالا وكأنه يحسب كل حرف فيها : ( يا ابني العلم لا حدود له .. يطلب من المهد الي اللحد) ثم مضي يقول (لاقتني في عملي وقراءاتي القانونية تعبيرات فرنسية كثيرة فأردت أن احسن معرفتي بتلك اللغة)، كم منا اليوم يعترف بان الانسان والمعرفة خطان متوازيان لا يلتقيان الا في اللانهاية.
    ما هي المنعطفات في حياتك السياسية .. والاحداث .. والشخصيات التي عرفتها أو عاصرتها، وكان لها دور في تشكيل وعيك اللاحق ؟
    أهم منعطف في حياتي ـ بمجملها ولا اقول حياتي السياسية ـ هو انتقالي للعمل في الامم المتحدة بنيويورك ثم في الجزائر من بعد .. في الاولي بجانب ما اكتسبت من خبرات حول مناهج العمل ومن علائق زادتها الايام رسوخاً ـ تعرضت لتجربتين: الاولي هي محاباة البزوغ الافريقي في العالم (بعد الاستقلال وانضمام اغلب الدول الافريقية للمنظمة ) اذ لم تكن تمثل الدول الافريقية جنوب الصحراء في المنظمتين غير دولتين - اثيوبيا وليبريا - ثم جاء السودان من بعد، والثانية : الصراع لانهاء التمييز العرقي في امريكا خاصة في عهد الرئيس كينيدي .. التجربة الاولي كانت مدخلاً فقد ربيت منذ الصغر علي نشيد ( أمة اصلها للعرب دينها خير دين يحب ) .. في ذلك النشيد اسقطنا كل تاريخنا النوبي الزاهر .. كما اسقطنا من الاعتبار اقواماً اخر يشاركوننا الوطن .. ولا يدينون بما ندين .. وكان اغلب الافارقة الذين التقيت يومذاك ينظرون للسودان نظرة فيها الكثير من التقدير والرجاء وهم لا يدرون ما ننطوي عليه من استهجان لهم.
    كنت اعجب - بعد ان لقيت من الافارقة ما لقيت - ما الذي يحمل المرء منا علي التهوين من قادة رجال مثل ديفيد نيكول ( سيراليون ) والبرتو موندلاني ( موزامبيق ) وجون مالشلا ( تنزانيا) ود يالوتي ( غينيا ) .. أهو العرق واللون؟ ان كان الامر كذلك ففي التجربة الثانية ما يردع المرء عند هذا .. الا وهي تجربة التمييز بين ابناء الوطن الواحد علي اساس العرق واللون .. ومن التجارب التي عايشت ما تعرض له أول سفير للسودان في واشنطن .. دعي السفير الدكتور ابراهيم انيس الي حفل جامع ـ وسحنة الرجل ابعد ما تكون عن السواد الذي نعرفه ـ فمنع من الدخول من الباب الرئيسي لان دخول امثاله من الملونين لا يكون الا من باب الخدم في شريعة العنصريين .. بالطبع غضب انيس وقفل راجعا مما اثار ازمة دبلوماسية صاخبة حملت الرئيس ايزنهاور علي دعوته الي البيت الابيض والاعتذار له.
    القصة الثانية كانت مع الصديق صلاح احمد السكرتير الثاني بالسفارة آنذاك وصلاح هو الشاعر العربي الفصيح بن الشاعر العربي الافصح الذي طالما تغني بعرار نجد وربي تهامة ، الحظ العاثر قاد صلاحاً لدخول احد المتاجر والافصاح عن اصله السوداني .. فما كان من البائع اليهودي الغليظ الا ان قال له .. اقرأ هذه الايام في الصحف حملات - العرب - عليكم ( وكان ذلك في عهد الرئيس عبود ) قلوبنا معكم .. البائع لم يصدق ان الطود الاسود الذي يقف امامه هو واحد من هؤلاء العرب .. خاصة بعد ان وشي للرجل بسودانيته - بل هو رسولهم الي تلك النجوع النائية .. مع ان صلاح يتمتع بقدر كبير من السخرية التي تقارب جلد الذات .. جاءه دبلوماسي ناشئ ( عزت الديب ) يحتج غاضبا لان الحلاق الابيض رفض استقباله في صالون الحلاقة بواشنطن .. فما كان من صلاح الا ان قال له (روح احلق عند البيشبهونا واعتبر نفسك حلقت عند دراج) او تري الظلال البعيدة في هاتين القصتين؟ .. القصتان وتجارب اخري نظيرة كشفت لي عن الغباء الكامن في التمييز بين البشر حسب الوانهم واعراقهم في امريكا كما في السودان.

    تأثير أمريكا عليّ ..

    أو لم يكن لأمريكا تأثير ايجابي عليك ؟
    امريكا كان لها ايضا أثر آخر عليّ خاصة في فترة الدراسة الجامعية بجامعة بنسلفانيا .. ذهبت اليها للدراسات العليا في القانون. وتخيرت القانون الدولي كمادة تخصص .. فاجأني لويس هينكن بالقول : لماذا لا تختار بجانب هذا موضوع قانون المعاملات وتختار بجانبه مادة مبادئ الاقتصاد في Law of international tarn actions الدولية في مدرسة هوارتون الملحقة بالجامعة. حسبت ذلك تخطيطا فقلت ان لا شأن لي بالاقتصاد لم ادرسه ولا ارغب في دراسته، وقد تعلمنا في بلادنا الفصل القسري بين المعارف فطالب القانون لا يدرس غير القانون، وطالب الاقتصاد لا يدرس غير الاقتصاد. تلك التجربة التي نمت في الاحساس بموسوعية المعرفة والرغبة في التزود بالمعارف في ميادين شتي. هوارتون اتاحت لي اللقاء بزملاء عرب افدت كثيرا من الحوار معهم، وقد اصبح لأغلبهم شأن. من اولئك استذكر نبيل شعث المستشار الاقتصادي للرئيس عرفات وحازم البيلاوي الاقتصادي المصري المعروف والذي يشغل الان منصب السكرتير التنفيذي للجنة الاقتصادية للامم المتحدة لغرب اسيا .
    المرحلة الجزائرية عمقت في وجداني النظرة الانسانية للافريقي والوعي العميق بضرورات الوحدة الافريقية والتناصر العربي الافريقي المفتعل بين الهويتين، ولربما اعان اهل الجزائر علي ذلك انهم لا يعانون من عقد نفسية هم ليسوا بحاجة الي اثبات عروبتهم فلونهم كلون غيرهم من العرب كما لا يكف البربري عن الاعتراف بأصوله البربرية او يتظاهر المعلم بالفرنسية منهم بالعداء لمكتسباته الثقافية من الفرنسيين .. كانت الجزائر يومها هي المنطلق لكل حركات التحرير الافريقية، انغولا، غينيا ، اللوممبيين ،كما كانت في ذات الوقت منبرا للحوار الحافل الذكي بين المفكرين الافارقة والعرب، ومن العرب اذكي لطفي الخولي وبطرس غالي ومراد غالب ..هذه التجارب جعلتني اسعي دوما للتعرف علي الاخر وان كان العجز عن التعرف علي الاخر نقصا مفهوميا، الا انه في السودان نقص خلقي ايضا بسبب الكوارث التي ادي وما زال يؤدي اليها عجزنا عن التعرف - ناهيك عن الاعتراف بالآخر .
    واشنطن ..الجزائر نعود بك منهما الي باريس. د. منصور انت كاتب متمــــيز ومفكر له تأثيره ومشــــاركاته. نسأل ماذا اضافت باريس وفرنسا اليك وبمن تأثرت ؟
    لا ادري ما الذي تعنيه بكاتب متميز، انا اسعي لان اكون مؤرخا اجتماعيا اسرد الاحداث التي عايشت واحللها واستنتج منها العبر، ثم اجلي ما استقر عليه رأيي للحوار. هذا النهج من الكتابة يستوجب الحرص علي التوثيق والاحصاء الرقمي والمقارنة بين المواقف، ولا شك في ان حياتي في الخارج قد اتاحت لي شيئين اساسيين بصورة ما كانت لتتحقق لو اني اعيش في السودان: الاول هو توفر مصادر المعرفة واسلوب الاستخراج والاستنباط، والثاني هو العزلة ان اردت فالقراءة رياضة وجدانية هذا امر لا يستطيعه المرء في السودان مع الضغوط الاسرية والاجتماعية. ثمة شيء اخر اضيف حول المؤثرات والمكونات التي ساهمت في تكييف نظرتي للقضايا في الفترة الباريسية ودورها في فتح طاقات جديدة للرؤية للتاريخ الاسلامي ومنهج الاقبال علي دراسته. في هذا تأثرت كغيري بالمفكرين جاك بيرك ومكسيم رودنسون قرأت لهما وتحاورت معهما وتعلمت منهما فوجدت كنوزا زاخرة من المعرفة فيما كنا نسميه الكتب الصفراء، كما كان للمدرسة المغربية (اعني المغرب العربي) اثر ملموس في نظرتي للتاريخ العربي بدءا من باريس والي مالك بني وما عبدالله العروي ومحمد اركون الا امتداد لتلك المدراس. مدارس المشرق كانت تتسم بالخطابية والسرد التاريخي الذي لا يصاحبه تحليل متعمق والرومانسية باستثناء جهد قلة مثل زكي مبارك (كتبه عن التصوف الاسلامي) والعقاد في اسلامياته واخيرا حسن حنفي. بيرك هو الذي اتاح له فرصة التعليم في فرنسا، وكان يتردد الي السودان كثيرا بحسبانه مستشارا للشؤون العربية - الاسلامية لوزارة الخارجية الفرنسية .

    لست انطوائيا

    بالرغم من هذا الانفتاح والعلاقات الواسعة ينظر اليك الكثيرون كشخص انطوائي. هل خصوماتك الشــخصية او السياسية وراء هذه النظرة ؟
    لست انطوائيا وكيف يصبح انطوائيا من يكشف ذاته بادمان الكتابة والنزال الفكري مع الاخرين؟ اما ان اردت حياتي الخاصة فتلك انا بها ضنين الا علي اصدقائي الاقربين ولا شأن لغيرهم بها. سئل فرويد لماذ لا يسجل مذكراته قال (لا يستحق الناس ان تقول لهم كل الحقائق) يريد بذلك عامة الناس، ومن ادري من الناس من فرويد الذي سبر غور نفوسهم؟ علاقتي الخاصة قزحية فيها السياسي والاديب والعالم واهل الفن والغناء لهذا فما تسميه خصومات شخصية ليس فيه من الشخصانية شيء كما اني لست عدوانيا. قد اكون قاسيا في نقدي لمن يتحرش بي، وقد اكون ممعنا في الزراية بمن يتكذب علي الاحياء او الاموات، ان يسعي لتلوين التاريخ. مع هذا لي علاقات ورأفة مع اهل كل المدراس الفكرية بل وصداقات واحرص عليها رغم اختلاف الرأي.
    تحدثت كثيرا عن ادمان النخبة للفشل اين تضع نفسك من هذه النخبة ؟
    انا جزء من هذه النخبة وتجاربها ولعل الذين قرأوا ما كتبت ولم يقتنعوا في اصدارهم الاحكام عليه بمجرد قراءة عناوين الكتب يدركون حرصي علي القول بان فيما سجلت نقدا ذاتيا لتجاربي وبصورة عامة اقدم للاحكام دوما بالقول (هذه آراء للسجال الفكري بنيتها علي حقائق موثقة) فمن انكر الادلة عليه ان يأتي بأدلة داحضة، ومن شاء الحوار حول النتائج حاورناه ومن ذهب للتصنع عالجناه بقلم سيف حاد الشذاة لساني طويل فاحترس من شذاته عليك وسيفي من لساني طويل هذا هو نهجي يا صديق حتي تنسخ الشمس.

    العلاقة بحزب الامة

    كنت في شبابك الباكر اقرب لعبدالله خليل امين عام حزب الامة ورئيس حكومته في الخمسينيات اي كنت محسوبا علي حزب الامة مع انه يبدو للمدقق انك اقرب للحداثة والتجديد ظاهرا وباطنا. حدثنا عن ميولك السياسية والبيئة التي نشأت فيها.
    تعبير اقرب قد يكون غير سليم استخدام افعال التفضيل فأقرب من مَنْ واقرب من ماذا؟ صحيح كنت قريبا جدا من عبدالله خليل وتعلمت منه الكثير لذا حرصت علي اهداء الجزء الاول من كتابي (النخبة السودانية وادمان الفشل) الي ذكري رجلين كان عبدالله خليل احدهما وبلا شك ان عبدالله خليل اسهم اسهاما كبيرا في تكويني السياسي (قدوة وتمثلا) ليس من جانب الافكار وانما علي المستوي الخلقي وسعيه لتقريب القاصي والداني وكان علي درجة كبيرة من احتمال الاخر وكانت داره تعج بكثير بدءا بعبد الخالق محجوب الي صحبه الدرديري احمد اسماعيل وايضا بأقرانه من الصحافيين.
    واذكر ان يحيي عبدالقادر في فترة من فتراته ويحيي كان رجلا كثير التحول في مواقفه سخر كل صحيفته للهجوم علي عبدالله خليل وفي يوم من الايام حضر في الصباح الباكر لمأدبة الافطار (مأدبة مفتوحة دائما في منزل عبدالله خليل) حضر يحيي وما ان شاهده حسن محجوب حتي انتفض غاضبا واطلق بعض الالفاظ غير اللائقة في حقه وقال لعبدالله خليل (الراجل ده ماعندو غير شتيمتك وانت برضو تفتح ليهو بيتك وتستقبلو؟) وكان رد البيك غريبا (يا حسن سيب الناس في حالها اذا يحيي ما بقدر يعيش من غير شتيمة سيبوا يعيش)، ضحك الدكتور منصور هذه هي الجوانب التي كان لها بدون شك اثر كبير عليّ فيما يتعلق بتلك العلاقة وبالطبع هذه العلاقة كانت في فترة الصبا ولا استطيع ان اقول انها قربتني كثيرا او جعلت لي اي دور في صنع القرار وانما قربتني من دوائر صنع القرار مما مكنني من التعرف علي الكثير من الاشياء التي افدت منها لاحقا، والاتصال ببعض القيادات من ذوي القربي عبدالرحيم الامين وامين التوم من حزب الامة. اما الحديث عن الحداثة والعصرية فأستطيع ان اقول انني رجل تقليدي وربما كانت محنتي دوما حتي في صفوف حزب الامة عندما كنت فيه انني لا استكين الي الخطأ المجمع عليه ويمكن انها ما زالت مشكلتي في انني افضي بالرأي الذي اري انه صواب دون اضفاء اية حتمية علي الاراء التي انادي بها لانني اؤمن بان الحتميات حتي في العلوم البيولوجية الان اصبحت غير ثابتة خاصة بعد اكتشاف الجينوم البشري واليقين الثابت في الحقيقة هو عدم التيقن وبالتالي اي يقين لا بد ان يكون يقينا نسبيا.
    ما هي طبيعة علاقتك بالامام عبدالرحمن المهدي والصادق والهادي وكيف تقيم دور كل منهم في قيادة حزب الامة؟
    بحكم السن في تلك الفترة ما كان هناك مجال ان تكون لي علاقة بالامام عبدالرحمن لكن اتيحت لي الفرص لحضور جلسة للاستماع اليه وعبدالرحمن رجل ذو ميزات عظيمة اهم ميزاته انه رجل لا تهزه الاحداث، ايضا كان به السماحة والكرم وكان حريصا علي التوفيق بين الناس وجمع المتناثرات. اما الصديق فبحكم رئاسته لحزب الامة فكانت علاقتي به اوثق وشاركت في بعض رحلاته. اذكر رحلة قام بها الابيض برفقة الدكتور مأمون حسين شريف (رحمهما الله) وكان صديقا ايضا له علاقات واسعة تتجاوز حزبه وكان مدركا للمرارات تماما مثل والده التي خلفتها المهدية التي كان يسعي دائما لمحوها. واذكر قصة طرفة رواها لي يوسف بدري كانت في فترة عبود بعد احداث المولد المشهور وكانت معارضة نظام عبود التي يرأسها الصديق المهدي تريد الدخول في مجابهة كانت تتمني ان يقود الانصار هذه المجابهة وكما روي لي يوسف جاء نصرالدين ووداعة عثمان رحمة الي الصديق يطلبان ان ينزل الانصار الي الشارع لمجابهة النظام. كان رد الصديق ردا بليغا قال لهما (لو الانصار نزلوا الشارع ما حيسيبوه واحسن ليكم ديكتاتورية عبود من ديكتاتورية الانصار) فان يصدر هذا الحديث عن زعيم الانصار فهو يكشف عن وعيه بالمخاطر ولا يعني هذا انه يتهم الطائفة التي يقودها بالديكتاتورية او لا يريدها ان تحتل المركز الذي يليق بها وانما كان مدركا لطبيعة تكوين هذه الجماعة ولعنفوانها ولان ترك الساحة لها وحدها قد يؤدي الي نتائج لا تحقق خيرا للسودان. اما الصادق فتعرفت عليه بحكم التلاقي التنفيذي ولم نكن اصدقاء بمعني الصداقة ولكن كنت احرص دوما علي لقائه في كل الفترات التي ازور فيها السودان والصادق دون شك حباه الله بصفات كثيرة اولا له سند جماهيري واسع وعنده ثقافة متنوعة وقدارت فائقة علي التعبير عن رأيه وكل هذه الاشياء يمكن هي التي جعلت كثيرا من الشــــباب يسميه في فترة من الفترات (الصادق امل الامة) لسوء الحظ هذا الامل لم يتحقق لان الصادق في تقديري كان ضحية للتاريخ الذي كونه والذي ما زال يؤطر تفكيره ولطالما ظل حبيسا لتاريخه ولمواريثه يصعب عليه جدا ان يحقق النقلة المطلوبة في ظل مستجدات وفي ظل تطورات.


    http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=\yesterday\02z7...20العربي%20%20(1)fff
                  

العنوان الكاتب Date
الدكتور منصور خالد يفتح خزائن اسراره للقدس العربي / حاوره كمال حسن بخيت حيدر حسن ميرغني04-04-07, 04:45 AM
  Re: الدكتور منصور خالد يفتح خزائن اسراره للقدس العربي / حاوره كمال حسن بخيت حيدر حسن ميرغني04-04-07, 04:48 AM
  Re: الدكتور منصور خالد يفتح خزائن اسراره للقدس العربي / حاوره كمال حسن بخيت adil amin04-04-07, 12:23 PM
    Re: الدكتور منصور خالد يفتح خزائن اسراره للقدس العربي / حاوره كمال حسن بخيت A.Razek Althalib04-04-07, 01:04 PM
      Re: الدكتور منصور خالد يفتح خزائن اسراره للقدس العربي / حاوره كمال حسن بخيت حيدر حسن ميرغني04-06-07, 00:49 AM
        Re: الدكتور منصور خالد يفتح خزائن اسراره للقدس العربي / حاوره كمال حسن بخيت الفاتح ميرغني04-06-07, 03:06 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de