جبر.. موسيقى الألوان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 08:28 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة نهال كرار(نهال كرار)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-14-2007, 11:40 AM

نهال كرار

تاريخ التسجيل: 01-16-2005
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جبر.. موسيقى الألوان (Re: نهال كرار)



    أولى تلك الكتابات
    هي للأديب " عبدالرحمن منيف " , وهي جزء من كتاب بإسم " جبر موسيقى الألوان " قام بتأليفه الأديب عبدالرحمن منيف توثيقا لحياة جبر الفنية ونشر الكتاب بعام 2000 عن دار المدى


    الطفولة للمبدع إحدى المحطات الرئيسية التي يتوق العودة إليها باستمرار، لأنها تشكل مصد راً مهماً لإبداعه، فهي بالإضافة إلى ما تثيره من حنين و رغبة و لوعة، كمحفزات للإبداع ، تعتبر بداية الإكتشاف و الإشتباك مع الحياة، و هي الدهشة، و أولى الخطوات في عالم ملييء بالأسرار و الألوان و الأشياء الجديدة المثيرة.
    و إذا كانت الطفولة مرحلة زمنية في حياة أي إنسان، فهي روح أيضاً. أي أن الطفولة لا تقتصر على تلك الفترة وحدها، بل قد تمتد و تستمر، أو ربما تغيب فترة من الزمن لتستعاد مرة أخرى ، لأنها نظرة إلى الأشياء، إلى العالم، و هي اكتشاف دائم، كما هي أسلوب في الحياة، و طريقة في العمل و التعبير. و ذروة سعادة الفنان أن يمتلك هذه الروح ، أو أن يصل إليها.
    و يبذل معظم المبدعين جهداً كبيراً من اجل العودة إلى الطفولة، أو إستعادة الطفولة، لكن النتائج تكون متفاوتة أغلب الأحيان. لأن العودة، أو الاستعادة، ليست مجرد رغبة ، و إنما هي استعداد بالدرجة الأولى، و هي إمكانية أكثر مما هي تمنً . وهكذا نجد أن رحلة من هذا النوع لا تكون مرضية دائماً، سواء للذات أو للآ خر. و محظوظ ذلك الفنان الذي يستطيع العودة إلى طفولته، و لو جزئياً، و أن يستعيد من تلك الطفولة أجزاء تتمثل بأعمال فنية مقنعة له و للآخرين.
    أما ان يتمتع بعض المبدعين بطفولة دائمة، من حيث الدهشة و محاولة الاكتشاف ورغبة اللعب الفني، فإن حالة مثل هذه إن وجدت فهي موهبة إضافية بكل تأكيد، لأن الفنان، حين يبحث و يرى، و حين يبذل جهداً مضنياً من أجل الوصول إلى قوله الخاص، إلى أسلوبه ، يفعل ذلك مدفوعاً بقوة داخلية، ربما يتلخص جوهرها بالوصول إلى اللعب الجميل الممتع لطرفي العلاقة: الفنان و المتلقي. أما إذا خلا العمل الفني من هذه القوة الداخلية فيصبح رتيباً مملاً، و بالتالي يفتقر إلى الضرورة، لأنه لا يمتع صانعه و لا يحفل به من يراه ، أي يخلو من الحافز أو الإضافة او المتعة، و ل يختلف عن اشياء كثيرة في هذه الحياة يمر بها الانسان دون أن يراها او دون أن يتوقف عندها، لأنها لا تعني له شيئاً في النتيجة.
    لذلك فإن محطة الطفولة، في السياق الفني، توق و إستعداد، أو هي مكابرة من أجل الوصول. و في الحالتين تتحدد ، حصراً، بالإنجاز الذي يمكن أن يصل إلى الآخر، و يكون حاملاً هذه الصفة.
    جبر علوان يمثل هذه الطفولة. صحيح أنه الآن يقترب من الخمسين، لكنه يبقى طفلاً في دهشته و اكتشافاته، و في محاولته أن يعتبر العمل الفني لعباً جميلاً، ممتعاً له و للآخرين، و هذا ما يحرص عليه، رغم أن جمرة الحزن الثاوية في قلبه لا تكف عن رفع رأسها في كل لحظة. لتذكر بوحدة الإنسان و قلقه و خوفه... و حزنه ايضاً، لأن الحياة هاربة، قصيرة، لا نكاد نمسك بها حتى تفلت، تنزلق، لتصبح ماضياً، ثم ذكرى، و أخيراً حنيحاً إلى شيء لن يعود.
    و إذا كان حسين مروة قد قال في أواخر أيامه، و هو يصف مسيرته في هذه الحياة، أنه و لد شيخاً و يموت طفلاً، فإن جبر علوان الذي لا ينوي مغادرة طفولته، بل و يزداد طفولة بعد أن امتحن أطواراً متعددة في هذه الحياة، في الوطن ، و في الوطن الآخر، حيث يقيم منذ ربع قرن اكتشف أن مهمة الفنان" أن أشهد على زمني، و بصورة أدق أعني أشواقي ، دون أن أضطر إلى تزييف المعاني، أريد أن أتكلم بوضوح، أن أبدو عادياً، دون أن أكون رخيصاً، لا بل أريد أن أقول أشياء جديدة تماماً. " أريد أن أصل إلى الحرية التامة في الفن، حرية تشتمل على الحقيقة كما في الحياة: تواصل ملموس لصورة ملموسة".
    لكن فبل الوصول إلى النتائج، إلى المرحلة الراهنة، لا بد من السفر إلى جذور المكان و الطفولة، لعلنا من خلال هذه المرحلة نتبين العوامل و المؤثرات التي ساهمت في تكوين جبر علوان الفنان.
    أن يولد الإنسان في العراق، في منطقة الفرات الأوسط، بالقرب من بابل، و خلال تلك الفترة الرمادية من تاريخ العراق، أواخر الأربعينات، لابد أن يكتسب من التاريخ و الجغرافيا ومن الأحزان القديمة المتواترة، صفات و ملامح تلازمه إلى الأبد.
    ففي قرية صغيرة واقعة على نهر متفرع من نهر المحاويل، المتفرع بدوره من الفرات، و حين يولد لعلوان سلمان، من إمرأته الجديدةن الآتية من عشيرة أخرىن و بعد طفلين ماتا في المهد، حيث يولد له طفل جديد لابد أن يطلق عليه اسم جبر، لكي يجبر قلب أمه، و يكون عزاء لها ، خاصة أنها تشعر بالغربة و الوحدة بعد أن غادرت أسرتها و عشيرتها، و جاءت لتعش مع هذا الملاّك المتوسط.
    صحيح أن المولود الجديد كان موضع اعتزاز و اهتمام، خاصة من الأم، غير أن تاريخ ميلاده لا يعرف بدقة، مثل المواليد الآخرين في منطقته و المناطق المشابهة، لذلك حين يراد تسجيله في وقت لاحق، ولما يسأل الأب عن الوقت الذي ولد فيه، لا يتذكر إلا أنه ولد في السنة التي فقد خلالها السكر، وهكذا يسجل جبر أنه من مواليد تموز 1948.
    أما حين يبلغ الصغير بضع سنوات، و يصاب بعارض صحي في فكه، فإن علوان لا يدخر وسعاً من أجل معالجته. يستدعي طبيب القرية، و يجزل له العطاء كي يبذل جهده من أجل العناية بالمريض الصغير، وتقام دعوة، تذبح خلالها الخراف للقرية كلها، و تنتهي المعالجة بالكي و الذي سيترك علامة دائمة بالوجنة، دون أن يشفى الصغير.
    و في موسم القراءة على الحسين، و بعد أن تبين عجز طبيب القرية عن شفاء الصغير، سيتولى "المومن" المهمة، إذ سيأمر ببطح الطفل على الأرض، و سيقوم بالتفل على وجهه موضع الإصابة، ثم سيضربه " بالقندرة" على الفك، و كان متأكداً أن هذه الطريقة في المعالجة لن تخيب، لكن نتيجتها لم تكن أحسن من الكي.
    و بعد شهر، و في أول زيارة يقوم بها إلى الحلة بصحبة أبيه، و ما أن يراه أحد معارف العائلة، و يسأل عن إصابته، حتى يأتي له بدواء من عطار السوق، و خلال أيام قليلة يزول العارض، و يشفى الصغير، و لا تبقى في الوجنة إلا علامة الكي، و لا تبقى في البال إلا ذكرى التفلة و اللطمة.
    و لأن علوان ملاّك ، ولديه إمكانية مادية أكبر من الفلاحين الذين حوله، فلا بد أن تكون له مضافة يجتمع فيها رجال القرية لشرب القهوة و بحث أمور الزرع و السقاية والحصاد، و في أيام محرم لاستقبال الملاّ الذي يتولى القراءة على الحسين، و إعادة رواية ما حصل في كربلاء مع البكاء و التمثيل، لذلك فإن الحزن الذي بذرته المكابدة اليومية من أجل تحصيل الرزق، ستتعهد أيام عاشوراء لكي ينمو و يكبر، ليصبح طقساً دائماً، خاصة و أن الحرمان يغذيه باستمرار، و كوارث الطبيعة تترصد الجميع، و لا بد أن تدهم الأرض و البشر بين فترة و أخرى.
    الأب يستعجل ابنه الكبير، من الجيل الثاني، ومن المرأة الأخرى، لكي يكبرمن أجل أن يصطحبه معه إلى المضافة، و أن يكون بين الكبار، في الوقت الذي لم يرتو الصغير بعد من اللعب، خاصة و أنه يرى أقرانه يسبحون في النهر، أو يمرحون في البساتين، و هكذا تولد أول رغبة للتشبث بالطفولة، في الوقت الذي حاول الآخرون إنتزاعه منها.
    بين التردد على المضافة، و التردد على النهر للسباحة، تنكسر رجل الصغير، ومثلما دفع ثمناً حين أصيب بفكه، لا بد أن يدفع ثمناً إضافياً، إذ لا يحسن المجبر إعادة عظام القدم إلى ما كانت عليه، فيترك في مشيته عرجاً خفيفاً، الأمر الذي يحمل الأب على أن يقدم له حصاناً أبيض جميلاً لكي يمتطيه في ذهابه إلى المدرسة التي تبعد عدة كيلومترات عن القرية.
    ولن يتأخر جبر في إستبدال و سيلة النقل هذه، إذ يستعيض عن الحصان بدراجة لها جرس أبيض. فضي. و لأن أطفال القرى يتعلمون ركوب الدواب منذ وقت مبكر، فإن الحصان الحديدي يحتاج إلى بعض التدريب، أما الخال فلا يعترف بهذا الفرق، و لا يحتمل أن يتأخر الصغير بركوب الدراجة، و هكذا يكيل له الصفعات لكي يتعلم بسرعة، الأمر الذي لم ينسه جبر، و هكذا سيعود إلى ممارسة هذه الهواية، و لفترة طويلة، حين يصل إلى روما، إذ ستكون وسيلة المواصلات التي يعتمدها دراجة أيضاً، ولكن متطورة قليلاً عن تلك التي كانت تحمله إلى قرية الصباغية في ذهابه إلى المدرسة أو عودته منها إلى القرية.
    و لأن العراق خلال عقد الخمسينات مرجل يغلي بالاضطرابات و التغيرات السياسية. فلا بد أن يتمخض عن تحولات كبرى في النظام السياسي، و في ملكية الأرض، عندما تقوم ثورة 14 تموز 1958، من جملة من تطالهم الثورة ملاّكو الأراضي الزراعية. و يكون واحداً منهم علوان سلمان.
    بقيام ثورة تموز، لا تقتصر التغيرات على الجانب السياسي، إذ تمتد أيضاً إلى وعي الناس و إلى العلاقات الإجتماعية، لكن ببطء و بمقدار محدود. و التنظيمات السياسية التي كانت ممنوعة في فترة سابقة خرجت إلى العلن، وأخذت تلعب دوراً متزايد الأهمية، و مع ذلك فإن صورة المجتمع، و القوى الإجتماعية لا تتغير إلا بمقدار، و يختلف هذا المقدار تبعاً للتعليم و الاحتكاك، و أيضاً تبعاً للقرب من المراكز الحضرية.
    ففي مجتمع محافظ، كالعراق، تسيطر العلاقات و القيم العشائرية، و تتحكم فيه القوى و التقاليد المتزمتة، لذلك لا يكفي أن يتغير النظام السياسي لتغيير العلاقات و القيم السائدة، إذ أن ذلك يتطلب وقتاً، و يتطلب جهوداً كبيرة و منظمة و دائمة، و هكذا اقتصر التغير، خاصة في المرحلة الأولى، على المظاهر، و ظل القديم موجوداً و قوياً، خاصة النظرة إلى المرأة او الموقف منها.
    فإذا عرفنا ان جزءاً من الأحداث الدامية في الريف تقع بسبب المرأة ومن أجلها، فإن ذاكرة الطفولة تختزن الكثير من هذه الأحداث، و هذا ما حصل لجبر‘ إذ أن بعض تلك الأحداث التي شهدها أو سمع بها، أو كان قريباً منها، غنحفرت في عقله و قلبه، و تركت أخاديد في ذاكرته، و سوف ترافقه لفترات طويلة لاحقة، ثم ستنعكس في فنه.
    يتذكر أن بعض " الخطاة" كان يتم اصطيادهم في الليل و في النهار، إذ كانت تلاحقهم الطلقات، و حين تخطئهم أو حين تنتهي، كانت تلتمع الخناجر لتنهي ما عجزت عنه الأسلحة النارية، و يتذكر أن واحدة في القرية قتلت للشبهة، و أن الخنجر الذي إنغرز في قلبها جعلها ترفرف كالطير و هي تموت.
    إن الموقف تجاه المرأة، بالنسبة لهذا الفنان، أخذ يتكون من خلال عزلة الأم و شعورها بالوحدةن و سوف يتأكد هذا الموقف يوماً بعد آخر، حادثة بعد أخرى، نتيجة القسوة و الظلم و عدم الاعتراف بأي حق للمرأة، و سيتأكد هذا أكثر حين تنزف الدماء أمام الجميع، بمن فيهم الصغار، في وضح النهار، على طرف النهر او في مخادع النوم، لتقول في النهاية أنها القيم السائدة، وطبيعة العلاقة التي يجب أن تمتثل لها المرأة.
    هذا المناخ سيجد تعبيراته لاحقاً في الكثير من الأعمال التي قام بها جبر: المرأة وحيدة، في حالة عزلة، و رغم مظاهر الزينة فهي حزينة. لا يجوز أن تكون لها رغبات، أو تكون مختلفة. عليها أن تمتثل للتقاليد السائدة، لرغبة الرجل، لتراتيبه من نمط معين. و مجتمع الرجال، الذكور، هو الذي يشرع القيم، و يحدد المواقع و المنازل. قد يكون من السابق لأوانه الحديث عن التعبيرات الفنية لهذا الموضوع، خاصة لفنان مثل جبر علوان، لكن من الضروري الإشارة إلى المناخات و المؤثرات، و الجروح أيضاً، التي كونت مزاجه النفسي، و ما دفعه إلى التوقف عند بعض الموضوعات و الشخصيات أكثر من غيرها.
    أما حول الطقس، حول الشمس الصيفية الحارقة، و ما يتولد بتأثيرها من ألوان، أو قدرة على رؤية الألوان، في هذا العري الكلي، فإن ذلك يفسر، جزئياً، رؤية جبر للألوان، ثم طريقته في التعامل معها.
    إن التدرج في الحرارة، او حتى البرودة، الذي تعرفه المناطق المناطق الأخرى؛ وذلك الانتقال الهادىء للفصول ، و بالتالي للألوان، و الذي يجري في أغلب مناطق العالم، و ما يتخلل ذلك من تشابك و تداخل، قد لا يجد ترجمة واقعية له في العراق، فالفصول، و ما يستتبعها من الحرارة و البرودة، و من التدرج، و بعض الأحيان التداخل، تأخذ شكلاً مختلفاً، أقرب إلى الهجوم المباغت.
    الربيع في العراق أجمل الفصول، لكنه أقصرها. إذ ما يكاد النهار يمتد و يطول، إعلاناً عن بداية الربيع، و يأخذ الناس بنفض أكتافهم من ثقل الشتاء و برودته، مستبشرين بأيام جميلة، حتى يباغتهم الصيف بكل حرارته و قسوته، و طوله أيضاً.
    و مثلما يعبر الربيع سريعاً، و يهجم الصيف ليسيطر و يستبد، و ليبقى زمناً طويلاً، فإن الناس يتطلعون و ينتظرون أيام الخريف، لعلها تكون أكثر رحمة، و لكي يستعدوا أيضاً لفصل الشتاء، لكن الخريف يكذب التوقعات أغلب الأحيان، إذ يؤثر أن ينقسم إلى جزءين: الأول يلتحق بالصيف، و يصبح جزءاً منه، إذ لا يختلف عن الأيام الحارة الكثيرة التي امتدت عبر الشهور الفائتة كلها؛ أما الجزء الثاني، و هو الأقصر، فينضم إلى الشتاء، و كأنه يخجل أن يكون فصلاً مستقلاً أو مختلفاً.
    الطقس في العراق، خلافاً لأماكن أخرى كثيرة، فصلان: الصيف و الشتاء، و ما عداهما تحضير و استعداد لواحد من هذين الفصلين، و الطقس هنا لا يعني درجة الحرارة فقط، بل و يعني أيضاً الألوان التي تسيطر على الطبيعة، أو على الأقل ما يراه المصور، و الذي يعتبر الطبيعة و ألوانها أحد المصادر التي يستمد منها ألواته، أو كيف يرى الألوان خلال الطبيعة. و لا بد هنا من الإشارة إلى إضافتين تبرزان في العراق أكثر من الأماكن الأخرى: صراحة الألوان إلى الدرجة القصوى، حيث تتبدى: متفردة، كاملة، مستقلة، و بعض الأحيان جارحة، مما يحفز الفنان على التعامل معها كما رأتها عين الطفولة بشكل خاص.
    أما الإضافة الثانية الجديرة بالتسجيل هنا، فهي محاولة إمرار الألوان ضمن موشور لكي تمكن رؤيتها بوضوح و على حقيقتها، لأن الوهج الذي يتولد في حدة النور و سطوعه يجعل من الصعوبة بمكان النظر إليه أو التعامل معه، إلا بعد أن يتكسر أو أن يتخفف، و كما فعل المعماريون، و منهم رفعة الجادرجي، في التعامل مع الحرارة و الوهج في مناخ مثل مناخ العراق، إذ لجأوا إلى وضع حواجز تقي أوتحد من، أو تمنع، وصول النور بطريقة مباشرة. هذه الحالة سوف نرى لاحقاً كيف تعامل معها جبر فنياً من خلال ما قدمه من أعمال. و لكي ننتهي من رسم المشهد الذي كوّن الذاكرة البصرية لهذا الفنان، تجدر الإشارة أيضاً، إلى المحيظ القريب الذي عاش فيه، و تعني هنا تحديداً: بابل.
    فهذه المدينة الأثرية، التي ألهبت خيال الفنانين على مدى العصور، و لا تزال إلى الآن، و التي لا تبعد عن مكان ولادة جبر إلا بضعة كيلومترات، تركت في خياله و عينه كمّاً غير قليل من المشاهد و الصور، المعنوية و الحسية، و التي أصبحت مصدراً لأعمال فنية لاحقة. فالحدائق المعلقة التي شيدت هدية للجمال الإنساني و المادي، و كتعبير عن الحب و عن عبقرية الإنسان و قدرته على ابتداع الوسائل من أجل زيادة جمال الحياة و غناها، بما في ذلك ترويض المياه؛ مدينة مثل هذه لابد و أن تحفر في الذاكرة معالم، و أن تجد معادلها الفني في وقت لاحق. و لأن بابل التاريخ لم تعد موجودة الآن بصورتها التي كانتها في أزمنة سابقة، فقد تحولت إلى كتل و ركام، و هذا ما أدمن جبر مشاهدته على مدى سنوات متلاحقة، فإن بابل المعاصرة سوف تتلخص في ذاكرة هذا الفنان على شكل نحت و كتل، أو هجوم و فراغات، و هو مجرد اجتهاد، وربما جزئي أيضاً. توجه جبر إلى اختيار النحت موضوعاً لدراسته، و إلى أن يبقي في شخوص الكثير من لوحاته شكل الكتلة أو على الأقل روحها، ربما يكون ذلك بتأثير من بابل أو ما تبقى منها.
    إن التاريخ حين يكون كثيفاً و قريباً. و القرب هنا مادي، و ليس من حيث الزمن بهذا المقدار، لا بد أن يترك تأثيره في وعي الإنسان أو لاوعيه، و سيكون بالتالي عاملاً هاماً في الخيارات اللاحقة، و تعبيراتها الفنية، و إن يكن بشكل غير مباشر.
    لكن قبل أن نقرأ الفنان من خلال لوحاته، من الضروري أن نتابع مسار حياته، و نقف في بعض المحطات، لنرى كيف وصل إلى الفن، و لماذا كان هذا الاختيار.
    إلى جانب النهر. ساعات من السباحة كل يوم، و بعد التعب، و أثناء الاستراحة: اللعب بالطين و محاولة خلق أشكال و كتل. الرحلة الجماعية إلى المدرسة، و قطع بضع كيلومترات من الذهاب و العودة. الاستغراق في الطبيعةبألوانها وأشكالها، ثم بابل بكتلها و إيحاءاتها...
    هذه المناخات لابد أن تترك تأثيرها على الصغير الذي أخذ يكبر و يتدرج في مدرسته سنة بعد أخرى، و لا بد ان يحاول أن يحاول إكتشاف مركز الثقل في عقله و قلبه، فيجد أن الفن هو ما يمكن أن يلبي النداء الداخلي الذي يعصف به في هذه القرية الصغيرة.
    بعد البحث و سؤال الأكبر سناً، يهمس في أذنه أحد معارفه من المحاويل، و كان من طلبة معهد الفنون الجميلة ببغداد، أن متعة الفن لا تعادلها متعة، و ما عليه إلا أن يدرس في معهد الفنون.
    لم يكن جبر بحاجة إلى تحريض، حتى و هو يسأل، فقد تعمد أن يختار من يؤيده للسير في هذا الاتجاه، خاصة و أنه بدأ التفكير، و التخطيط أيضاً، منذ مرحلة الدراسة التوسطة. ثم إن بغداد التي زارها مرة واحدة من قبل، و بظروف إستثنائية، إذ كانت احتجاجاً على ضرب خاله له، و كيف تجندت العائلة للبحث عنه في كربلاء و سامراء. إلى أن وجدته عند أقارب له في بغداد، و كيف عاد إلى المحاويل منتصراً، بعد أن تم الاعتذار منه. بغداد التي زارها بتلك الظروف، ظلت تلهب خياله لما شاهده فبها، و للفارق الكبير بين كل الأماكن التي زارها من قبل، و هذه المدينة، لقد حان الوقت الآن للانتقال إليها.
    كانت إذن الزيارة الثانية لبغداد حين أنهى دراسته و جاء لكي يصبح طالباً في معهد الفنون الجميلة.
    و إذا كانت السنوات الماضية كلها هي للتعرف و الاكتشاف، ضمن ذلك الحيز المحدود، فإن بغداد، خاصة خلال عقد الستينات، كانت سريعة التغير، و بحاجة إلى إكتشاف مستمر ، و في جميع المجالات، و هكذا و جد جبر نفسه في بداية الطريق الذي طالما حلم به و أراده.
    فمعهد الفنون الجميلة، ذلك الوقت، و رغم العواصف السياسية، و كما يذكر جبر، كان واحة من الجمال و الغنى و التفاعل و الاكتشاف. إذ بالإضافة إلى جمال المكان من حيث الموقع و المعمار و الحدائق، فإن الحياة ذاتها داخل المعهد كانت مليئة بالغنى و الخصوبة: المسرح، الموسيقى، قاعات الرسم و النحت، الحوارات الثقافية، العلاقات بين الطلبة والأساتذة، المرأة، و ما يضفي وجودها من لمسات و آثار على المناخ كله. ثم العلاقة بين المعهد و الكليات الأخرى، وما يتولد نتيجة ذلك من تفاعل.
    في هذا الجو، و الذي لا يمكن مقارنته بما كان قبله، سيعيش جبر، و سوف يوالي اكتشافاته في جميع المجالات، بما فيها المجال السياسي. و رغم أنه تعرف على الحركة السياسية، و أصبح بقناعاته و مواقفه مع اليسار، إلا أنه لم ينتم إلى الحذب الشيوعي خلال هذه المرحلة.
    كان المعهد لجبر مناخاً و مرحلة مهمة، و إذا كان قد اختار النحت تخصصاً لدراسته، فإن أستاذة الرسم، و في مجالات متعددة، تزكوا تأثيراً بارزاً في تكوينه و اهتماماته، مع الإشارة، و كما يذكر جبر، أنه عذب أساتذته نتيجة عدم مواصلته للعمل الذي يبدأ به، فقد كان عدد من الأساتذة يقدر ما لديه من موهبة، و أنه يختلف عن غيره من الطلبة، إلا أن الكسل، أو بعض الانشغالات، كان يصرفه عن بذل الجهد المطلوب و الاستمرار بالعمل إلى نهايته. و مع ذلك، فإن بعض الأساتذة واصل واستمر العناية بهذه الموهبة الجامحة و غير القابلة للانضباط. يذكر جبر أن أستاذه رسول علوان راهن عليه، و كان لا يكف عن الإلحاح و المتابعة، و من جملة ما دفعه إلى ذاك بذرة القلق أو عدم الرضى التي كانت تميز جبر. أما الأستاذ مهر الدين، و رغم تقديره لعدد من الواجبات التي أنجزها جبر، فقد كان يصر عل ضرورة تدميرها من أجل اتباع الطريقة الأكادمية في العمل، لأن تعلم الطريقة سيوصل إلى إنجاز أفضل، و أستاذه محمد مارديني اكتشف لديه حساً مميزاً للون مع أنه كان في المرحلة الأولى لاستعمال الألوان.
    أما أستاذه شاكر حسن آل سعيد، الذي لفت نظره إلى القوس و السيف و الانحناءات، فكان يريده أن يقرأ و أن يبحث، لأن جزءاً من أهمية الفنان ثقافته و متابعته.
    عالم معهد الفنون الجميلة، و ما يحيط به، جديد بالنسبة له، و لا بد من اكتشاف جميع مجالاته. لذلك لا يحصر اهتمامه في حقل تخصصه، و إنما يندفع للتعرف على المسرح، ليس فقط من خلال المسرحيات التي تقدم، بل و محاولة متابعة المراحل كلها، و هذا ما سوف يجعله، لاحقاً، و ثيقة الصلة بالمسرح و السينما، و سوف يساهم هذان الفنانان في إغناء رؤيته البصرية، خاصة أثناء إقامته في إيطاليا، و اقترابه من أجواء السينما و السينمائيين الإيطاليين.
    ومثلما فتن بالمسرح، فإن غرف الموسيقى في المعهد لم تقل عنه إثارة، و هكذا سيقضي الساعات الطويلة، و هو يستمع لهذه الآلات الجديدة: البيانو و الكمان، و آلات أخرى أيضاً. و سوف يجد أن هناك علاقة وثيقة بين الفن التشكيلي و الموسيقى، و هذا سيدفعه لتأمل حياة الموسيقيين و حركاتهم و انفعلاتهم، و أيضاً لإعطائهم حيزاً مهماً في لوحاته. كما ستؤثر الموسيقى عليه في طريقة بناء اللوحة، و ما تطلبه من هارموني يجمع بين أجزائها.
    و في فترة المعهد، و بتأثير أساتذته و أصدقائه، سوف يكرس جزءاً من وقته للقراءة، و ربما تكون هذه الفترة ، ثم السنوات القليلة بعدها، التي قرأ خلاله الكتب التي كانت رائجة ذلك الوقت (سارتر، مورافيا، كولن ولسن)، لتصبح قراءاته لاحقاً، بحكم الظروف و البلد، أقل من السابق، لكنها مختارة، و سيكون الشعر تحديداً ما ما يلاقي هوى في نفسه.
    أما الأجواء السياسية العاصفة، و السريعة التحول، في عقد السيتينات، و الصراعات بين القوى السياسية، فسوف تحدد الخيارات و الملامح، وسوف تكون هذه الأجواء بالغة التأثير، ليس في مجالها وحده، وإنما في الفكر و الفن و العلاقات. الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان أن يبقى الإنسان محايداً أو مجرد مراقب، و هكذا ستتحد الملامح الفكرية و السياسية، إن لم يكن من حيث الارتباط التنظيمي، فمن حيث الميل أو الانحياز الفكري، خاصة و أن العنف الذي وسم ذلك العقد ترك آثاره البالغة في العقول و القلوب لأكثر الناس. و إذا كان وضع الملاّك علوان سلمان في وقت سابق جيداً، و بإمكانه أن يفتح مضافة في القرية، و أن يتزوج إمرأتين، لكل واحد منهما بقرة، و كان بإمكانه أن يهدي ابنه حصاناً ثم يشتري له دراجة، فإن وضعه بعد التغيرات التي أخذت تتلاحق بسرعة، بدءاً من ثورة تموز1958، لم يعد يمكنه امداد طالب معهد الفنون الجميلة بما يكفي، و هكذا سيتقدم أحد الأخوة للمساعدة، و سوف يكون عوناً كافياً إلى أن ينتهي جبر من الدراسة.
    إن سنوات الدراسة في المعهد، و إن لم تخلق من جبر فناناً، فقد هيأته أن يكون كذلك في وقت لاحق. لقد جعلته هذه السنوات يعيش في مناخ فني، و صقلت، بمقدار، مهارته، ووضعته على بداية الطريق.
    ورغم أنه كان بارعاً في التخطيط، كما يذكر، و لديه حسن للون كما يذكر أحد أساتذته، و اكتشف فيه رسول علوان مشروع الفنان، كما اعتنى به شاكر حسن و المارديني و مهر الدين، وقام بنحت أول تمثال، و قد اعتبره أستاذه ميران السعدي تمثالاً جيداً و توقع له أن يكون نحاتاً مهماً، إلا أن رغبته في أن يعيش الفن كانت أقوى من أن يكون فناناً منتجاً.
    ومثلما هي المعاهد و الجامعات دائماً، إنها تدل على الطريق؛ تشير إلى ما يجب أن يقوم به من يريد أن يعمل في حقل معين؛ تعطي المبادىء الأولية، كما تحدد المراحل و الخطواط التي يجب اجتيازها، و تترك الباقي، و هو الأكثر أهمية، إلى الجهد الذي يجب بذله على من يريد سلوك هذا الطريق. و لذلك إن المعهد، أو الجامعة، لا يخرج فنانين أو علماء و أدباء، إنه يعدهم لكي يكونوا كذلك في المستقبل، إذا امتلكوا الموهبة، و بذلوا الجهد المضني من أجل الوصول إلى بداية طريق الإبداع.
    جبر في المعهد أمسك بطرف الخيط، و كان عليه أن يواصل، و إذ لم تتح له هذه الأهمية الإمكانية في العراق، فإن الحرقة الداخلية أملت عليه أن يبحث عن هذه الإمكانية في مكان آخر.
    لكن قبل متابعة الرحلة في محيطها الأهم، روما، لا بد من الإشارة أن جبر بعد سنوات المعهد، و مثل الكثير من زملائه خريجي معهد الفنون الجميلة، عين مدرساً للفنون الجميلة في إحدى مدارس كربلاء.
    و كربلاء، المدينة الدينية المحافظة، تتيح فرص للتأمل، و مراجعة النفس، اكثر مما تساعد على الإنتاج الفني لأن مثل هذا الإنتاج يتطلب دوافع محرضة و بيئة ملائمة، الشيئين اللذين لم يكونا متاحين لمدرس جاء فقط ليعطي الدروس الأولية في مادة الرسملطلبة يكون الرسم من أولويات اهتمامهم.
    صحيح أن وظيفة مدرس توفر راتباً دائماً، و قد شعر جبر و هو يستلم أول راتب أنه أصبح مستقلاً، و يمكن أن يعتمد على نفسه، خاصة و أنه كان راتباً مجزياً، خمسة و ثلاثين ديناراً في الشهر، إلا أن جبر يبحث عن الفن أكثر من بحثه عن الإستقرار. و رغم أنه اتخذ لنفسه مرسماً، و يفترض أن يبدأ رحلته الفنية، إلا أن المناخ العام لم يكن محرضاً أو مساعداً، و قد زاد في الإحباط الصراعات السياسية، و ما تؤدي إليه من استنزافٍ للطاقات.
    يقوم علوان بزيارة ابنه في كربلاء، و يفرح كثيراً حين يجده مدرساً، و لديه مرسم،و تتحول الألوان بين يديه إلى أشياء جميلة، و سوف ينقل إلى القرية مشاهداته و مشاعره عن هذه الزيارة، أثناء أدائه واجباته الدينية في المراقد المقدسة، و أثناء مشاهدته لإبنه و هو يرسم أشياء جميلة.
    لكن الابن، جبر، رغم الراتب و المرسم، يكون قد تعب من المدينة، و ما تكاد السنة الدراسية تنتهي، يعرض عليه أحد المدرسين، من أبناء كربلاء، و المعين في كركوك، أن يتبادلا الأماكنن حيث يوافق جبر، مفترضاً أن تغيير المكان قد يخرجه من حالة العطالة و الضيق التي يعيشها. و هكذا تبدأ السنة الدراسية الجديدة ليجد نفسه في كركوك، مدينة مختلفة، و طقس مختلف. لكن ما أن تنقضي بضعة شهور حتى يحس أن كركوك ليست المدينة التي يبحث عنها، و ان مهنة التدريس غير ملائمة له، و لابد أن يتخذ قرارات جديدة.
    و في هذه الفترة يستعيد بذاكرته ما سمعه من أساتذته عن المدن التي زاروها، أو تعلموا فيها، ماذا اكتسبوا منها، و كيف أن الفنان، كي يصبح فناناً، لا بد أن يزور مدن الفن، وأن يقضي وقتاً فيها، ليرى متاحفها، و الساحات المليئة بالتماثيل، و أن يتعرف على الأعمال الفنية لا من خلال الكتب، و إنما بالمشاهدة المباشرة، بالتأمل، وأن يتعرف على مشاهير الفنانين و يرى أعمالهم، أو كيف يصنعون هذه الأعمال.
    أحلام كثيرة ملأت لياليه في كركوك، لكن المدن التي تحدث عنها أساتذته بعيدة، و قد ذهبوا إليها ضمن بعثات دراسية، و السفر إلى تلك المدن يتطلب مالاً لا يملكه، و لا يعرف كيف يحصل عليه.
    قلق في النهار، و أرق في الليل، و هو يبحث عن مكان، عن إمكانية لتحقيق هذا الحلم، و لولا روح الطفولة التي سيطرت عليه. و لولا رغبة الاكتشاف التي جعلته يستهل الصعب، و لا يقيم وزناً كبيراً للتحديات و العقبات، لما فكر يوماً أن يغادر العراق ليبدأ رحلته الفنية الحقيقية و الكبيرة.
    لأن روما إحدى العواصم الكبرى للفن، و قد درس فيها بعض أساتذة جبر، و سمع عنها الكثير منهم، و لأنه، حتى هذه اللحظة، نحات، و الاحتمال الأقوى أن يواصل دراسته و عمله في هذا المجال، و روما هي المدينة المؤهلة أكثر من غيرها لهذا التخصص، فقد أصبح حلم جبر أن يصل إليها.
    ثم إن هناك عاملاً إضافياً آخر: و جود صديق، أحد زملاء الدراسة، كان قد وصل قبل سنة إلى روما، و قد كتب إليه يحدثه عن جمالها و أهميتها، و إمكانية أن يستقبله فيها أيضاً.
    كما أن أحد أساتذته أبلغه عن إمكانية أن يجد عملاً في روما يمكنه من مواصلة دراسته.
    لكن روما بعيدة، تفصلها عن بغدداد آلاف الأميال، و ليس لدى جبر إلا القليل من المال و كان عليه أن يقرر: إما أن يطوي الموضوع، و ربما نهائياً، أو أن يغامر بالمال القليل الذي استطاع تدبيره، و يتحمل النتائج، مهما تكن تلك النتائج.
    لم يتأخر كثيراً، إذ قبل أن تنتهي سنة 1972 بأيام قليلة، و بعد أن حصل على الأوراق الضرورية، شد الرحال إلى المدينة. الحلم.
    كان في جيبه لما غادر بغداد مئة دولار، و كان هذا المبلغ كل ما يملك.
    قضى في بيروت ليلة، و هو في طريقه إلى روما. ولأن الأستاذ محمد علي شاكر أرشده ظغلى الباص رقم 67 الذي يجب أن يستقله لكي يصل، فهكذا فعل جبر لما وصل إلى مطار روما، و قضى ليلته الأولى عند صديق الدراسة.
    و إذا كان قد أمضى أياماً كثيرة، حين كان في العراق، قلقاً، و قد ليالي كثيرة أرقاً، من أجل اتخاذ هذا القرار، و تنفيذ هذه الخطوة، فها هو الآن في مواجهة التحدي الكبير: كيف يستمر بعد أن وصل؟
    لم يتأخر لكي يتابع المغامرة : استأجر غرفة في فندق بسيط، اشترى في نفس اليوم، و هو اليوم الثاني لوصوله إلى روما، حاملاً للرسم، و ذهب إلى ساحة نافونا ليبدأ من هناك رحلته الكبيرة في عالم الفن و الإنجاز الفني.

    يتبع
                  

العنوان الكاتب Date
جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار04-14-07, 11:15 AM
  Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار04-14-07, 11:28 AM
  Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار04-14-07, 11:40 AM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار04-14-07, 11:59 AM
  Re: جبر.. موسيقى الألوان سمرية04-14-07, 01:15 PM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان سمرية04-14-07, 01:24 PM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار04-15-07, 10:24 AM
  Re: جبر.. موسيقى الألوان Elmosley04-14-07, 01:19 PM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار04-15-07, 11:41 AM
      Re: جبر.. موسيقى الألوان Elmosley04-16-07, 07:45 PM
  Re: جبر.. موسيقى الألوان fadlabi04-14-07, 01:39 PM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان Bannaga ELias04-15-07, 01:37 PM
      Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار04-19-07, 00:10 AM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار04-16-07, 12:20 PM
  Re: جبر.. موسيقى الألوان bushra suleiman04-15-07, 04:25 PM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان غادة عبدالعزيز خالد04-16-07, 12:24 PM
      Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار04-23-07, 12:45 PM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار04-19-07, 01:13 PM
  Re: جبر.. موسيقى الألوان Foetus04-16-07, 09:24 PM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار04-23-07, 11:22 PM
  Re: جبر.. موسيقى الألوان الملك04-16-07, 11:58 PM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان خدر04-20-07, 06:02 AM
      Re: جبر.. موسيقى الألوان Emad Abdulla04-20-07, 09:10 AM
        Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار05-04-07, 08:46 PM
      Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار04-30-07, 09:36 PM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار04-30-07, 08:15 PM
  Re: جبر.. موسيقى الألوان Ibrahim Algrefwi04-20-07, 01:19 PM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان طلال عفيفي04-30-07, 09:14 PM
      Re: جبر.. موسيقى الألوان Elmosley04-30-07, 10:01 PM
      Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار05-17-07, 11:28 PM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار05-04-07, 10:34 PM
  Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار04-30-07, 10:39 PM
  Re: جبر.. موسيقى الألوان Foetus04-30-07, 10:54 PM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان عامر تيتاوى05-01-07, 00:27 AM
      Re: جبر.. موسيقى الألوان غادة عبدالعزيز خالد05-04-07, 10:55 PM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار06-14-07, 10:50 AM
  Re: جبر.. موسيقى الألوان nourelhadi awad05-18-07, 08:47 AM
    Re: جبر.. موسيقى الألوان Elmosley05-18-07, 02:17 PM
  Re: جبر.. موسيقى الألوان نهال كرار06-14-07, 10:21 AM
  Re: جبر.. موسيقى الألوان عبدالله داش06-14-07, 02:55 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de