الزول دا ودُّوهو الضُل..
من أكثر القراءات إمتاعا للنفس تلك التي يكتبها أهل السلطة بعد أن يفقدوها ، ليس بسبب ما تتضمنه من حقائق، فالحقائق لاتُكتب أبدا إنما يظهر جزء منها في تلك الكتابات ، أما الحقيقة الخالصة فتظهر فقط يوم الحشر، يوم لاينفع إعلام ولا ويكي ليكس ، ومعظم الذين يكتبون من القادة ( الأصل منهم والزيوف) يأتون من ثقافات غربية أما (معظم ) قادة العالم الثالث فلا تعنيهم الكتابة أصلا إضافة إلى أن حالهم ( ما عايز ليهو كتابة) ، فعلى سبيل المثال حاول الراحل أبعاج ، عليه الرحمة ، أن يكتب عن نفسه بأقلام الغير كما فعل مع فؤاد مطر، إن لم تخني الذاكرة ، وكذا فعل السادات وغيره ، إلا أن خطابات الرجلين غير المكتوبة كانت أصدق إنباءا من أي مستخرجات دور نشر لأنها تعبر فعلا عن صاحبها و (حارّه من الطابونه) دون تنميق أو تذويق و بعيدا عن العبارات الفخيمة والأصوات الرخيمة ، و هنا فقط يبلغ مستوى الإمتاع 9 درجات بمقياس ريختر ، أي حين يبدع أولئك النفر الكريم على الهواء الطلق مباشرة . ضمن المبدعين في هذا الإتجاه (زولنا) الذي تفرغ لقياس نبض الشارع ليستجيب ويعمل وفقا لذلك النبض، فقد متَّعه المولى بحساسية عالية تجاه الأشياء ، وذخيرة عالية من المصطلحات والعبارات التي لاتدع مجالا للشك أنه مهموم ( بغضايا) الجماهير ولغة الشارع والمقاهي وقاموس (الرندوك) ، بلا دبلوماسيه بلا لمه ، فالرجل ممتع حد النشوة حين يتحدث في الهواء الطلق مباشرة خارج القاعات وخارج النصوص الجاهزة ، وبالطبع الأمثلة هنا لاحصر لها فكل خطاب له نكهته الخاصة ، وإن أشرنا إلى الجديد من (الإلبومات ) لابد أن نورد (ذات الجغمسة) والتي جاءت كردة فعل على تصريح أحد منسوبي الحركة الذي ، في ساعة صدق مع الذات عمل حركه ما ظريفه، فأطلق ما في قلبه عن دعم (حركته) للإنفصال وكانت نبرته تقول بجلاء ( يا الشماليين نحن كجَّناكم ب الله واحد) ومن ثم جاءت خطبة زولنا القضارفية الشهيرة (ذات الجغمسه) التي قال فيها: بعد الإنفصال الشريعة سريعه والجلد طبيعه والنظام العام حاجه تمام ، وهذا يعني أن العقدين المنصرمين كانا (مناظر ساكت) أو كانا شيئا لاعلاقة له بالشريعة أو كانا ( رمزا عبقريا).. ولا أظن أن أحدكم لم يمتع النفس بالخطاب المعني الذي أبان تفرد صاحبنا وموهبته واستجابته الراقصة لإيقاع قطاع معتبر من الجماهير فكان ذلك التانقو الباذخ ولا أخال أحدكم لايتفق معي في أن صاحبنا بلغ بسقف إبداعاته حد (الجغمسة) رغم أنه مهَّد لذلك السقف بعبارات ومفردات في سابق خطاباته البديعة المرتجلة التي إذا ما ضاهيناها بمكاشفات المرحوم نميري في نهايات عهده ، سنُدرِج الأخيرة ضمن المعلقات على أستار الكعبة وأعمال لبيد والحارث بن حلزة. في تلك الخطابات الممهدة لبناء الهيكل الرسالي سمعناه يخاطب دول الإستكبار كفرنصا وبريطانيا وأمريكيا بأنها تحت (جزمتو) غض النظر عن الماركة كلاركس كانت أو HUSH PUPPIES أو مركوب الفاشر، قالها وهو يشير بعصاه إلى حذائه ، أعزكم الله ، وفي ذلك ما لايخفى على حصافتكم ، ويقول حبيبنا (البعاين لينا من فوق بنبَزُغ ليهو في راسو) ، أرجو ألا تكونوا في ساعة تناول طعام أو شراب ، أما عبارة (يلحس كوعو) فهي مسجلة بإسمه كملكية فكرية من باب ولاتبخسوا الناس إبداعاتهم ، وتوالت تلك الإشراقات سيما بعد (الدُواس) الجاري بين نظامه والجنائية الدولية (ذات الأوكامبو) حين أعلن أنه لن يسلم المحكمة أي (كديسة). أحسد زولنا وزمرته على هذا المستوى من الأداء وأحسده على ذلك التفرد والتماسك ، ولم لا ، رجل تلتهم ألسنة اللهب أطراف بلده وينخر نخاع العظم الفساد والرشوة والمحسوبية وغياب التخطيط ويتكاثر الطفيليون ويتسلقون كما اللبلاب وصاحبنا يرقص ويشتم المتوعدين في الخارج والناصحين في الداخل ، فيغدو حبورا جزلا راقصا (فاره. مترف.. لــــدن فنن .. لا .. ولافنــــــــــن هده الوجد والشـــجن في الهوي قلبه اغتـــــرب) كما قال العسل المصفى أبوآمنه حامد له الجنة، كل ذلك وعلى ملامح الرجل (شئ لا يُفسَّر)، شئ يتراوح بين التبسم والإمتعاض ( زي عفصة التلجه لا تعرفا حاره لا تعرفا بارده ) كما قال صديق ، لم أستطع تفسير الإبتسامة الجيوكندية تلك فأحيانا أقول الزول دا زعلان مننا ، مرات أقول بيسخر مننا ومرات أقول الشريف دا مبسوط مننا ومرات أقول يمكن أنا الماجيت. بحق ، أعجب لنظام ظل لعشرين عاما وتزيد يُهلِك الزرع والضرع ويسحل ويقتل ويذبح ويسجن ويقطع الأرزاق والأعناق لينتهي مشروعه الحضاري إلى غطاء شَعر وتفاصيل بناطيل وأباطيل، نظام لايستفزه منظر ملايين الضحايا في كل الأرجاء ولا يستفزه ذهاب ثلث البلاد بالإنفصال ، تردٍ في التعليم والصحة والبيئة ومياه ملوثة في قلب عاصمته سيدة القرى وجيوش من المشردين والعاطلين وبلايين الجنيهات المنهوبة من المال العام ، وفقا للمراجع العام ، ولامحاكمات، كل ذلك لايستفزه ولكن يستفزه بنطال امرأة وشَعر غير مغطى ومواعيد حفلات فيحشد قواته النظامية ومحاكِمه الفورية لها ، وأهو خلاس ، فُتِحت عمورية، زغردوا. بلغ الأمر بصاحبنا أن عاب على سياسي معروف معارض أنه (بلا قبيلة) وكأنه كان لآدم أبو البشر قبيلة، أنسي صاحبنا أنا جميعا لآدم وآدم من تراب أم تناسى قبيلة نوح أو قوم صالح وغيرهما ومصيرهما المعلن في القرآن وقصص الأنبياء ؟ إقرأ القرآن يا سيدي قبل أن تقرأ كتابك ، ففي القرآن ما يكفي من عظات علمتنا أن القبيلة ربما تكون نغمة لانعمة ، ففي التنزيل خطاب لكل من ألقى السمع وهو شهيد ! أما علمت أن عبدالعزى بن عبدالمطلب وكنيته (أبولهب) كان عم الحبيب المصطفى وأنه من سادات قريش وأنه من الموعودين بالنار هو وزوجه أروى بنت حرب القيافه (أم جميل) حمالة الحطب ؟ أولئك وآخرين من المغضوب عليهم ، وفق القرآن، كانوا من قبيلة محمد (ص) يا سيدي وليسوا أعضاءا في الفيس بوك . ألم تسمع من ردد: الناس في العروض لا تقيسها بي تيبانا لا يغرنك لباسهم والعروض عريانه ديل حراس رزق زي التكنو أمانة زي إبل الرحيل شايلة السقا وعطشانة القبيلة والابناء والصاحبة لايغنوا شيئا عن العبد يوم الحساب يا سيدي ، والشرف ألا تظلم العباد ، الذين سرقوا وعذبوا وقتلوا وشردوا هم من لايعرف الشرف وإن إمتدت قبيلتهم إلى مجرة أندروميدا، المسلم يا سيدي من سلم الناس من يده ولسانه . لم أتمنى أن أسمع يوما من هذا الصاحب الرسالي أن يتحدث عن القبيلة والعرق والعنصرية والعصبية التي قال عنها الحبيب الأمين ( دعوها فإنها منتنة) ، القادة العظام يوحدون بين الناس ولا يفرقون بينهم بمثل تلك الدعاوى البئيسة التي أصبحت سلعا منبوذة بنص القرآن منذ زمن بعيد بل تجرمها المواثيق والدساتير والقوانين ، هذا قول يحزنني كمواطن لدرجة كدت معها أصدق حديث ترابينا عن حادثة (الغرباوية) فخيوطه، إن صح ، تنتسب إلى ذات القماش . في موجة تماهيه مع مزاج الشارع الذي ظل يُقسِم ب ( طير الرهو) و يغني ( أنا ياطير محل ما تطير بشوفك ) ويتغزل ب (الظبي الفي مقيلو نايم ) ويفتخر ب (الخيل عركسن ما قال عدادن كم ) ويُشبِّه شجعانه ب (تمساح الدميره الما بكتلو سلاح) استجاب صاحبنا لنبض أولئك الشعراء الأفذاذ وقرر تعيين (بيطري) لإدارة شئون عاصمة هذا الشعب المغرم بالطيور والأنعام والضواري والكواسر والزواحف ، ورغم أن هذا البستاني كان عليه أن يحصر إمكانياته وعلمه في مجال حدده له زولنا إلا أنه (كشّر) عن مواهب جديدة في الآونة الأخيرة فذهب يفتي في القضاء والأمن وترخيص السلاح (الهبتلي) والشريعة وأصول الفقه وانداح في عالم الفتيا وقدم ضمن مواهبه قانونا إقتصاديا جديدا لحصار نار الأسعار يحسده عليه كينز وآدم سميث وماركس وبيتر دايموند ، قانون فحواه أن تنظيم إيقاع السوق له حل سحري واحد وهو ( الحشاش يملا شبكتو) ، إي والله ، قالها ولم يطرف له جفن ، وكيف يطرف له جفن وهو يعزف ضمن أوركسترا لاتُجارى في الإنسجام رغم غياب المايسترو وضياع النوتة. أوركسترا يطل علينا أفرادها صباح مساء بوجوههم النضرة الوضيئة المشعة بالإيمان 300 واط ، أوركسترا تخلِّف معزوفاتها في الأذن والنفس أثرا لايماثله سوى أثر الفلاجيل في اللسان مع اعتذاري للقارديا.. الزول دا ودوهو الضل ، أما رهطه فحتما مآلهم إلى حيث يميل المال. ( لايوجد بستاني لاتوجد حديقة) مثل قديم - (عدل بواسطة محمد المرتضى حامد on 01-08-2011, 10:12 PM) (عدل بواسطة محمد المرتضى حامد on 01-08-2011, 10:34 PM)

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]