|
ركن نقاش للنائب الثاني
|
قراءة للمؤتمر الصحفي الذي عقده النائب الثاني ..تكريس للشقاق
من مميزات عصرنا الحالي المؤتمرات الصحفية ، فهي كالعادة تكون موجزة في المضمون ، ولا يدخل سياقها في تحليل المواقف السياسية بمزيد من الإسهاب ، أو الدخول في تفاصيل دقيقة تجعل السامعين يملون الحديث ، كما جرت العادة أن يُسمح للصحفيين بعمل عدد من المداخلات ، هذا التفاعل مطلوب بين المسؤول وجمهور السامعين ، توقعت أن يحدث هذا يوم أمس عندما عقد النائب الثاني لرئيس الجمهورية الأستاذ/علي عثمان محمد طه مؤتمره الصحفي ، ما أتضح لي أن ما قام به ليس بمؤتمر صحفي بل ندوة سياسية أو " ركن نقاش " إذا صح التعبير ، الحديث كان مطولاً ودخل الأستاذ طه في تفاصيل مملة ، وحصيلة ما قدمه لوسائل الإعلام لا يزيد عن كونه ملخص كامل للهجمة التي يمارسها حزب المؤتمر الوطني على الحركة الشعبية . مما جاء في المؤتمر أن حزب المؤتمر الوطني حوّل أكثر من ثلاثة مليار دولار لحكومة الجنوب ، ويسأل الأستاذ طه أين ذهبت هذه الأموال ؟؟ وبنفس المستوى المواطن في الشمال أين ذهبت حصته من هذا المال ؟؟ فمن أجل معالجة الأوضاع في دارفور تبرعت حكومة الإنقاذ بثلاثين مليون دولار فقط كما جاء في إتفاق أبوجا ، وألتزمت للرئيس كارتر بدفع ثلاثمائة مليون دولار من بينها مائتي مليون دولار قرض قدمته الحكومة الصينية ،و في كارثة الفيضانات الأخيرة في الشمال لم يجد الناس مساعدة من الحكومة ، ومن أعان الناس حقاً هو المنظمات الإنسانية التي توفر الخيام والدواء ، لذلك ليس مطلوب من التنفيذيين في حزب المؤتمر الوطني الحديث عن مصالح الجنوبيين ، لأن ما قدمه لهم حزبه هو الحرب والفناء وتدمير البنية التحتية ، هذه الثلاثة مليارات لن تبني أرضاً مُورست فيها الحرب خلال عدة عقود وبمختلف الأشكال التي تتنوع بين عرقية ودينية ، فخلال الفترة الممتدة بين 1989 إلي 2005 ما هي إنجازات حزب المؤتمر الوطني في الجنوب ؟؟ كم عدد المدارس التي بناها ؟؟ وكم عدد المستشفيات التي شيدها ؟؟ ، أنا متفائلة بالوضع الحالي في الجنوب ، وما نجده من خلل نعزوه إلي حداثة التجربة ، ولقد قرأت تقريراً أن ستمائة ألف تلميذ في الجنوب أنتظموا في سلك المدارس خلال هذا العام ، وهناك عودة طوعية لسكان الجنوب ، وهناك وعي بين الجنوبيين بأن من يمثلهم " علي علاته " أفضل من الدخلاء الذين لم يعطوهم سوى الحرب والنزوح . أمر ثاني أشار إليه النائب الثاني ، وهو أن رجال المؤتمر الوطني لا يتكالبون على السلطة ، هذه فرضية تدحضها الوقائع ، فمنذ عام 1989 وحتى تاريخ كتابة هذه السطور لا زال حكم السودان حكراً بين مجموعة قليلة من ثلة المؤتمر الوطني ، والتعديل الوحيد الذي طرأ هو خروج الوجوه التي كانت مؤيدة للدكتور الترابي ، فإذا أخذنا النائب الثاني كمثال فهو لم يبارح السلطة ، بدأ كوزير للتخطيط الإجتماعي ثم وزيراً للخارجية ، وأستقر الآن على نائب ثاني ، فالإستئثار بالسلطة هو الذي دفع الجبهة الإسلامية القومية إلي تنفيذ هذا الإنقلاب ، ومن أجل الهيمنة وفرض الرؤي السياسية دخلت الإنقاذ في حرب الجنوب ، وصراع الحزب الحاكم وتشرذمه بين مجموعتي القصرو المنشية سببه الخلاف حول منصب نائب الرئيس الذي يشغله الأستاذ/طه الآن ، ليس علينا أن نذهب بعيداً ، فلماذا لا نأخذ تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية الحالية كمثال للتكالب على السلطة ؟؟ فالحركة الشعبية لا تشغل سوى منصب سيادي واحد ووهو وزارة الخارجية ، وهذه الوزارة يشغلها عضو في الحركة يعاني من (conflict of interest) تجعله أقرب لحزب المؤتمر الوطني من الحركة الشعبية ، غير ذلك ، فهو محاط بعدد كبير من المستشاريين الرئاسيين المنتمين لحزب المؤتمر الوطني وبصلاحيات كبيرة تتجاوز صلاحيات الوزير المفوض ، وهذا الأمر أشار إليه القائد سلفاكير عندما تبرم من طرد المسؤوليين الأممين من البلاد من دون التشاور معه . سارة عيسي
|
|
|
|
|
|
|
|
|