ملك الموت لا يرحل، ولا يعود هو دائماً بين مشاعرنا المتضاربة، وبين أوقاتنا التي تعج بالحيوية والكآبة. يراقب التناقضات ويخلق منها تمائم لصدره الوافر بالقصص الحزينة. والموتى لا يرحلون إلا عبر بوابة ما في مكان ما في عالمنا الحيّ ، نحن نشعر بهم، ونحس بقربهم منّا أكثر من قبل. نسمع أصواتهم بتردد مختلف، فقط نعلم أنهم يحملون طاقة لا نحملها، أو يفتقدون إلى طاقة ما زالنا محبوسين فيها حتى يعطس ملك الموت، وعندما يفعلها، ننحني، ثم نرفع رؤوسنا لنعد أصابع أيدينا وأرجلنا جيّداًَ، ثم نلتفت إلى أطفالنا وزوجاتنا ونتأكد أنّهم ما زالوا أحياء.
الموت عالم مخيف، لأننا لا نعرفه. نحن نخشى الأشياء التي لا نعرفها، ولكنّنا حين نعرفها نصبح أكثر التصاقاً بها من غيرنا، ونصاب بنرجسية المعرفة، وندسها عن الآخرين، لنستمتع بالفردانية. وهكذا يفعل الموتى. بعضهم يزورنا ليلاً، لكي يخبرنا عن نعيمه الذي حظي به، ولم يجرؤ أحدنا على رؤية قريبه في الجحيم. هكذا يقول الحكيم! الجحيم والنعيم، ما هما إلا انعكاس لأشيائنا الخاصة، وخطرفات أواخر الليل. ولكن الموت ما هو إلا صندوق للموتى، وأكثر. موتنا حياة لنا ولآخرين في أحيانٍ كثيرة، وحياتنا حياة لنا وموت لآخرين في أحيان كثيرة، وموت الآخرين موت لبعضنا فقط.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة