حق لماذا؟ بقلم عمر الصائم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 00:42 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.امجد إبراهيم سلمان(Amjad ibrahim)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-13-2005, 03:59 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حق لماذا؟ بقلم عمر الصائم

    سلام جميعا
    ها انا اطل عليكم بعد غيبة مصطحبا معي قلما وطنيا جادا سبق و ان نشرت له عدة مقالات في هذا المنبر الاخ عمر الصائم كان قد كتب هذه المساهمة في وقت مضى لكنهالم تجد القدر الكافي من النقاش و لم تطرح هنا مطلقا، لذا قمت باعادة طباعتها ونشرها في المنبر.
    اتمنى ان تساهم في استبيان حلول لازماتنا السياسية الراهنة
    يمكن الاتصال على الكاتب عبر الايميل الاتي
    [email protected]
    تحياتي

    حق لماذا؟
    *عمر محمد الصايم
    لا شيء يستجلب الغرابة في شروع جماعة لتأسيس حزب أو حركة سياسية، فالفعل مألوف و لا تعوزه المشروعية في حالة كونه احتياجا موضوعيا، بيد أن ظاهرة الولادات السياسية في السودان مكتنفة بجدل يماثل اللغط حول حق الأجنة في الحياة مقابل حق الأمهات في الإجهاض، و تبدو الآراء في تباينها تعبيرا عن الفجوة التي تفصل بين المتمترسين في مواقعهم المتباينة تلك، الزعم بأن تجدد الدعوة إلى بناء تنظيمات في السودان. أو انقسام ما هو قائم من تنظيمات سياسية يعزى إلى شغف السودانيين بممارسة السياسة، أو ولعهم بالقيادة، هذا الجدل يبدو ثانوياً و لا يرقى إلى مدارج الموثوقية. ثمة دلالات أخرى يمكن تبصرها لا على صعيد الحقوق الإنسانية فقط - فالحق المكفول قانونا لا يزاول عادة إلا بدافع الحوجة إليه- و لكن من جهة كونها تمثل إشارات لفشل ما هو مطروح، و أن الأسئلة التي نهضت القوى السياسية للإجابة عليها ظلت تراوح مكانها، أو ضلت عن الطريق و استعاضت عنه بطرق أخرى من عندياتها، و ليست من معطيات الواقع و ديناميته.
    الاتجاه إلى بناء تنظيمات جديدة، قد تنطفيء كفقاعة في رغوة واقع عكّرته ممارسة سياسية ذات طابع انقلابي و لو على أطروحاتها و برامجها، مقرونة بظاهرة الانقسامات التي تعتري الأحزاب القديمة، مع محافظتها على البرامج و النظرية، ثم تركن الانقسامات إلى توقع نتائج، محددة، لا تهيئ لها مقدماته،ا يبدو كل هذا وجها بارزا للأزمة السياسية التي استحكم طوقها، حتى صارت تحتاج إلى الحفر عميقا، خاصة بعد انقلاب يونيو، و افتضاح سوءة النظم السياسية بصورة لم تكن معهودة من قبل، بالرغم من أن الأزمة السياسية ليست من مواليد يونيو و لكنها – أي يونيو- مثلت البوح بالمسكوت عنه، و الناطق بحالة الفشل الحي كخلية سرطانية.

    على أن هذه المحاولات للانفلات من أجواء الأزمة السياسية و أرضية صناعتها ممثلة في القوى التي شاركت بفعالية في جعل الحقل السياسي ممتلئا بالإخفاق، لم يحالفها التوفيق إذ لم تمض في صيرورة مغايرة لما رفضته سلفا، مما حفز القوى صانعة الأزمة إلى التكلس في مواقعها، بذريعة أنه ليس بالإمكان أفضل من ما هو كائن، بالنسبة إلى الانقسامات التي اعترت الأحزاب العقائدية، كان مناط همومها السير قدما بالايدولوجيا، و لم تنجز مفارقة مع الايدولوجيا و المنهج الفلسفي و النظرية التنظيمية و بالرغم من تكرار هذا الحدث لأكثر من مرة، لم يلتفت الانقساميون أو المنقسم عنهم لطبيعة الظاهرة، و جوهر الأزمة، و على الدوام يذهب كل فريق فرحا بمن معه من العضوية، و ظلت الايدولوجيا، و المنهج الفلسفي و النظرية التنظيمية، طواطم يمتنع مسَها عند كلا الطرفين، القصور عن بلوغ مكمن الداء، بالرغم من التأذي منه مثًل إشارة لطبيعة الأزمة لم يتم التقاطها مما أهدر الكثير من وقت البلاد في التجريب و إعادة التجريب، و على سطح الأزمة دارت رحى الصراع الانقسامي، و استنكف القادة على أنفسهم التغيير، و إبدال مقولاتهم بأخرى جديدة، ربما حفاظا على مجد قديم، أو ربما اتساقا مع مرحلة عمرية تخصهم، على كل تنكبوا الطريق المفضي إلى القبض على الأسئلة الحقيقية، و بذل الجهد في تقديم الإجابات لها، بكل وعثاء هذا الطريق و فجائعه. هناك بعض المحاولات للانفلات من بني الأحزاب القديمة، تمت داخل شرائح الشباب و بين أسوار الجامعات، في رحم اشتراطات تاريخية محدده، أبرزها مؤتمر الطلاب المستقلين و حركة الطلاب المحايدين، فقد حددت موقف ضدي من الانتماء إلى ما هو مطروح، و لكنها ظلت بطبيعة تكوينها متأثرة بالاشتراطات التي أنتجتها، خاصة حركة المحايدين. لاكتفائها بتسجيل موقف الإدانة و الرفض دون المضي قدما نحو تأسيس و إسهام في قضية البناء الوطني، أما مؤتمر الطلاب المستقلين فقد ذهب إلى رحابة الإنتاج النظري، و مطارق القوى العقائدية تدق عليه، و تسم مشروعه بالخواء حتى أوغل في إثبات الضد، أفضى به ذلك إلى نسق فكري غير عديم الصلة بأيدولوجيا الأحزاب العقائدية التي استعذبت ممارسة التجفيل و الإرهاب الفكري عليه، و هو بعد طري العود و لأنها - أي القوى العقائدية- تدعي لنفسها كمالات الفكر، و مطلق الصواب، فأنها ترفع عقيرتها لتشير إلى ما تعتقد أنه الصواب، و هي أسئلة حول المنهج الفلسفي و بالضرورة عندها أن يكون منهجا واحدا، هو المفضي إلى الحقيقة دون غيرها، أو حول النظرية التنظيمية، و غيرها من الأسئلة التي تشي بأزمتها ابتدءا، و تعمد على ترحيلها للآخرين و تسويقها كحل، يضاف إلى هذا أزمة التكوين في سياقات اللحظة التاريخية للميلاد، ليجعل من هذه المبادرات ذات طابع نخبوي، أو في تقدير آخر قليلة التأثير في مجالها الحيوي.
    ثمة تكوينات أخرى نشأت عقب 30 يونيو، بعضها يحمل ملامح الأزمة و لا يتخطاها، أبرزها الكيانات الناشئة من انقسام الأحزاب العقائدية، ثلاثة أحزاب تقتات على أيديولوجيا حزب البعث، و اثنان على أيديولوجيا الحزب الناصري، و اثنان على أيديولوجيا الجبهة الإسلامية، ووحده ظل الحزب الشيوعي يعلك الماركسية و يجترها. هذه بعض تمظهرات الأزمة السياسية و إلى جوار ذلك، نشأت حسم، و العدالة، الخ مستندة إلى ركيزة مائلة عن هامش الحريات، و عن سقفها الذي بلغ منتهاه مع التوالي، و هي محاولات يعوزها احتراز مسألة تعالجها ببعد نظر، فتقاصرت عن التحليل ابعد مما هو متاح في الواقع أو لقدراتها، و لذلك فهي تلمع ثم تنطفئ.

    بعد أن طرحت (حق) نفسها في الساحة، على خلفية التماس الفشل في البنى الماثلة، و قراءة إخفاقاتها، سعت إلى مجاوزة مربع الرفض إلى منفذ الإنتاج للموقف الفكري و السياسي، مستفيدة من طبيعة تكوينها، بوصف كادرها المؤسس قد تأذى من أحكام الرتاج عليه في القوى العقائدية، ثم جاءت يونيو لتمثل لعقائدية صارمة، فوشت بزيف التغيير الثوري، وضآلة حضور الديمقراطية بين ظهراني الأحزاب السودانية، إلا حضور المزايدة و الغرض التكتيكي، و غير ذلك من العوامل التي حدت بها – حق- إلى الحفر عميقا في التركية الجيوسياسية، و حفزت استجابتها للتحديات الماثلة ، في هذه الفقرة ، لسنا بصدد التقييم، و لكننا نركز جهدنا على إضاءة أسباب النشوء و هي أسباب تدفع بنتائج مختلفة إلى السطح تبقي هذه الأسباب قاسما مشتركا بين نتائج متباينة.

    إن انقلاب يونيو برهة تاريخية- عالية الخطورة لاستكشاف الملامح الشائهة في تعاطي السياسة بالسودان، لكونه وفر فرصة انفجار التناقضات، و لذا لزم إعادة القراءة لما كان معروفا عن السياسي بالبداهة، بيد أن الاتجاهات التي سيكون لها دور و فاعلية عليها أن ترى ابعد من البرهة التاريخية نفسها، و أعمق من سطح السائد و المألوف، و أن تتجاوز مناخ الأزمة بالرغم من تعاطيها معها، إلى مناخ يسمح لها بالديناميكية، حاولت حق أن تتلمس كل ذلك، و تسعى إليه بجدية، و هي تتمثله، و إن أخفقت في بعضه، و إن اكتنفتها أجواء الأزمة، فإن نظرها يرمق ابعد من ذلك، بالرغم من تعاطيها مع المشكل السياسي الراهن، ثمة أسباب لا زالت قائمة، دفعت بحق، إلى الميلاد، و ذات هذه الأسباب ستمنحها صيرورتها.

    أول هذه الأسباب هو غياب المشروع النهضوي، بوصفه جملة قضايا متعلقة بالبناء الوطني، تنهض باتجاه فكري و سياسي، و تتركب على صيغة سؤال غير زائف، تقترب إمكانية معالجته في حيز الواقع ، مثل مسألة الديمقراطية، مسألة التنمية، مسألة السلام السياسي و الاجتماعي، مسألة الحقوق في السلطة و الثروة، و غير ذلك، يقع عبء تأسيس مثل هذا المشروع على النخبة الفاعلة، أو عل نحو أدق على الانتيلجنسيا، وهي تقف على مواقع سياسية و فكرية و تنظيمية تكبح حركتها، و قدرتها على إنشاء هذا الفعل، إضافة إلى ما تعانيه سلفا من خلل في تركيبتها، وسع الفجوة بينها و بين الجماهير، و قادها إلى اللهاث خلف أسئلة مضللة و زائفة، ترتكز على رؤية أحادية، و أوهام أيديولوجية نحو أسئلة الهوية العربية، و الدستور الإسلامي، و غير ذلك مما تم تركيبه لاحقا تحت مسمى (المشروع الحضاري) و هو إن لم يكن طلسم بلا معنى إلا انه أدى إلى تشويه الممارسة السياسية، ووسمها بطابع عبثي وحجب الأسئلة الحقيقية، التي كان من شأنها دفع الحراك الاجتماعي و السياسي نحو تنمية مستديمة، و الخروج من مستنقع الأحادية إلى بر التعددية و القبول بالآخر و إلى غياب طرح المشروع النهضوي يعزي تخبط القوى السياسية في مواقفها، و انقلا بيتها على برامجها و أطروحاتها، سيما الديمقراطية و إلى غيابه يعزى نأي الجماهير بنفسها عن القوى السياسية، و انفضاضها عن بنائها، و من جهة فان غياب هذا المشروع أصبح أكثر انفتاحا مع تنامي النكوص عن مشاريع التحديث، هذا التنامي يستنفر قوى التحديث لإعداد إسهامها حول قضايا المشروع النهضوي و هو – أي المشروع- بطبيعته نتاج لإسهام قوى مختلفة و متباينة المواقع، حركة (حق) كواحدة من بين هذه القوى، يتعين عليها ان تعي استهدافها لعمل هائل، و تاريخي في ذات الوقت، يلزمها تكوينه و تطلعاتها بالجدية و الفاعلية في صياغة هذا المشروع على نحو يجعلها تساهم في تفكيك مفاصل الأزمة الراهنة و لا يخرجها من خط صيرورتها نحو بناء المشروع النهضوي.
    من المبررات التي تدفع إلى وجود حركة ديمقراطية سواء أن كانت (حق)، أو غيرها، التناقض القائم بين الأحزاب السودانية و الديمقراطية، مما يجعل الأخيرة مجرد تكتيك و ألعوبة سياسية، سرعان ما يحدث تخطيها لصالح تركيبة الأحزاب، أو لإنفاذ أيديولوجيتها، في حالية الأحزاب العقائدية تمثل الايدولوجيا كمخلص، تتمتع بأولوية على شعار الديمقراطية لكونه شعارا تكتيكيا، لا ينعم بأصالة في المنطلقات النظرية لهذه الأحزاب و لا تسنده مقدمات منطقية. و في حالية الأحزاب الطائفية فإن تكوينها يكبح بناءها ديمقراطيا، و بالرغم من كونها تصعد إلى سدة الحكم عبر النظام الديمقراطي إلا أن تبيئة الديمقراطية داخل هذه الأحزاب، سيدفعها إلى التضحية بشقها الطائفي، و هو الأكبر عددا و تأثيرا، و لن يكون بمقدورها إعادة إنتاج نفسها مستصحبة البرهة التاريخية التي تخلقت ضمنها، على أهمية هذه النقطة للحفاظ على ديمومة و حيوية الكيان الطائفي، فأن تطورا يحدث بها نقلة تاريخية غير مأمول في القريب المنظور. جراء هذا التناقض بين الديمقراطية و الأحزاب السياسية، كان هيناً على رئيس وزراء المنتخب أن يسلم السلطة للجيش، أو على أمين عام أن يحرك ضباطه في الجيش للانقلاب على أٌقرانه، لإقامة دولة بوليسية و ذات أيديولوجيا كالحة و غبراء، في ظل واقع كهذا فإن عدم بروز حركة ديمقراطية مدعاة للاستغراب، لأن بروزها يعني تحليلا جديدا و مغايرا، و سيدفع بلا شك باتجاه الاتساق مع الديمقراطية حتى في البنى القديمة نفسها، كما أن بروزها هو الاستجابة الواعية لمعطيات الواقع و إمكانياته. أما الدعوة إلى إرجاء التحول في الأحزاب العقائدية لحين الفراغ من مهمة النضال ضد السلطة، ليست إلا دعوة تبتسر النضال في حيز زمني تأمل نهايته، في وقت تنعدم فيه مبررات النضال من أجل الديمقراطية لكون الأحزاب المناضلة لا تتمتع بها و لا توفرها حتى يتم التطلع إليها.
    يضاف إلى هذه الأسباب، انغلاقية الحركة الوطنية بمختلف أحزابها على المركز، بوصفه ثقافة، و جغرافيا، و أناس، منذ بواكير تأسيسها، مرورا بانقسام الخريجين، و بناء التكوينات الحديثة –قطاعيا- صحيح أنها توفر دوائر و قطاعات للهامش خاصة الجنوب، لكنها لا تعدو أن تكون ديكورية للاحتفاء فقط، بينما تبقى أيديولوجيا و تنظيميا منغلقة، على جغرافيا و ثقافة المركز، والأناس المنتجين فيهما، ولأن روافد الثقافات المختلفة تشكل مصدرا خصبا للتعدد، الذي سيعبر عن نفسه في بيئة ديمقراطية، لا يمكن وجوده ضمن سياج الايدولوجيا بوصفها رؤية منغلقة، إن هذه الأحزاب كانت على الدوام طاردة، لغير أبناء المركز و ثقافته، و إذا قبلت بالآخر المغاير، فإنما تقبله لغرض استيعابه و إستتباعه، يمكن أن نلحظ ذلك من خلال وضعية المرأة، أو ما يصطلح إ ليه بالأقليات. حدا ذلك ببعض مثقفي الهامش إلى تأسيس تنظيمات تعبر عن احتياجاتهم و تطلعاتهم. يتم توصيفها بالجهوية، من قبل منظري المركز، على الرغم من أن هذا الوصف ينطبق على المركز أيضا، فهو جهوي لجهة تعبيره عن ثقافة واحدة، و اتجاه أيديولوجي واحد، و يكمن الفرق بين تنظيمات الهامش- الجهوية- و تنظيمات المركز –الجهوية- في أن الأخيرة قابضة على السلطة و من ثم فهي تسبغ الألقاب و النعوت من موقعها، و اضطر فريق آخر من مثقفي الهامش إلى مستوى الاعتراف الفعلي بها، و تعاطي الجوار معها بجدية، هذه القطيعة التي جعلت من مثقفي البلاد جزرا معزولة عن بعضها البعض، لها جزرها التاريخي كما أسلفنا، و عززته طبيعة تكوين المركز، فاقم من هذه الانعزالية كون الأحزاب أما عقائدية لا تعبر في رؤيتها عن قضايا حقيقية و معاشة أو طائفية لا تعني بأبناء هامش ما إلا من حيث انتمائهم الطائفي لها.، و حتى في هذه نجدها تتحمل أوزار التخلف، إن الحركة الناشئة وهي تقوم بمهمة البناء سيكون عليها الانعتاق من ربقة الايدولوجيا، و تجاوز انكفائية المركز، و تهيئة بنيتها ديمقراطيا، حتى يتسنى له إيجاد مقاربة بين كل السودانيين تحفظ بها إمكانية إرساء الديمقراطية الاجتماعية، دون انحياز لثقافة ما، أو جغرافيا ما، ذلك الطريق يجعلها أكثر انفتاحا و ستكون –لا تصورات مسبقة- رصيدا للوحدة الوطنية، التي لن تتحقق ما لم يكن هنالك تقاطعا بين النخب السودانية من مختلف الاتجاهات، قد تعبر عن نفسها في تنظيم يستطيع ضم اتجاهات متباينة دون طمرها.
    من الدواعي التي تنشاء حركة (حق) من أجلها، تقليص الفجوة المتسعة يوما بعد يوم بين الانتلجنسيا و الجماهير. تتبدى هذه الفجوة في طبيعة الشعارات التي ترفعها الجماعة المشتغلة بالتأليف الذهني، و العمل العام، منذ شعارات بواكير الحركة الوطنية، و تسلل أوهام النخبة من شاكلة الدستور الإسلامي، وصولا إلى إسلامية المعرفة، وممارسة دور الوصاية على ثقافة الشعب و توجهاته، حتى توجت الجبهة الإسلامية ذلك بإعلائها إعادة صياغة الإنسان السوداني، و أسندت هذه المهمة إلى جهات كثيرة على رأسها شرطة النظام العام. تتمظهر هذه الفجوة في أن الأسئلة التي اعتقدت النخب أنها حسمتها، ليست هي الأسئلة الملحة و الحقيقية عند الجماهير، مما دفعها للانعزال و اجتراح أساليبها في الحفاظ على ثقافتها و أنماطها المعيشية، و لذا سيكون من أولويات (حق) طرح قضايا البناء الوطني على نحو، واضح لا التباس فيه، لأن ذلك كفيل بإزاحة الشعارات التي ساهمت فيفض الجماهير عن العمل العام، و زيفت إرادتها و احتياجاتها، سيكون علها – حق- منازلة شعارات التضليل أينما أعلن عنها، حتى يتسنى له ذلك فأن تكوينه يجب أن يزداد انفتاحا، و قربا من الجماهير، و أن تسعى إلى تجاوز النخبوية في الاستنتاجات النظرية وفي التنظيم.

    و لأن حق حركة سياسية ضمن عالمنا الثالث، فإنها بلا شك تستند في وجودها إلى مشروعية نضالية، بل أن الدعوة إلى نشوئها هي في الأصل محاولة للاتساق مع مفهوم النضال، و هو نضال لا يحده سقف زمني معلوم، إذ يهدف إلى إرساء الدعائم الثقافية، و الحقوقية، و السياسية للديمقراطية. و إلى إحراز نهضة تنموية، و إلى مجاوزة حالة التهرؤ في النسيج الاجتماعي، كل هذا عبر حراك سياسي، و اجتماعي، و ثقافي غير قصير الأمد، و سيستنزف وقتا، العزاء فيه أنه لن يضيع سدى، من حيث فهم النضال نفسه. سيما أن ما تهدف إليه. حق يتجاوز التعددية السياسية فقط، و التي استخدمت سودانيا لإرساء الدكتاتورية المدنية، تشهد على ذلك تطلعات الصادق المهدي لأن يكون رئيسا للوزراء و هو بعد لم يتجاوز الثلاثين وطرد الحزب الشيوعي من البرلمان و غير ذلك، و الآن تسعى حكومة يونيو الانقلابية لإقناع خصومها بأنها آبت إلى مبدأ التعددية السياسية، و إذا وفرت هذا المبدأ فأنها ستحاول أن تكرس من خلال دكتاتورية مدنية.
    إن حق شارعة في نضالها ضد النظام العسكري الأيديولوجي للجبهة الإسلامية، و ستشرع في نضالها ضد النظام الدكتاتوري المدني من خلال إرساء القاعدة الثقافية، و القاعدة القانونية، للديمقراطية و عليها أن تبرر مشروعية وجودها من خلال فعالياتها النضالية، و كل ما وسعت مساحات الديمقراطية ازداد رصيد (حق) وتوسعت في نموها، هذه بعض من المسوغات التي قادت إلى ظهور صور و علامات على خارطة العمل السياسي في السودان تدل على أهمية نشوء حركة (حق)، و على الضرورات الموضوعية التي تدعم تأسيسها، سيما في هذا الوقت من تاريخ البلاد لك ما يزخر به من معطيات، ستؤثر على قدراتها على إنجاز الممكن، هذا ما سنأتي عليه لا حقا.


    * عمر الصائم المسئول السياسي لقيادة حركة القوى الجديدة حق بالسودان.
                  

العنوان الكاتب Date
حق لماذا؟ بقلم عمر الصائم Amjad ibrahim02-13-05, 03:59 PM
  Re: حق لماذا؟ بقلم عمر الصائم Marouf Sanad02-13-05, 05:42 PM
  Re: حق لماذا؟ بقلم عمر الصائم قاسم المهداوى02-13-05, 07:01 PM
  Re: حق لماذا؟ بقلم عمر الصائم Amjad ibrahim02-14-05, 02:55 AM
  Re: حق لماذا؟ بقلم عمر الصائم هميمة02-15-05, 02:33 AM
    Re: حق لماذا؟ بقلم عمر الصائم محمد عبدالرحمن02-15-05, 12:37 PM
  Re: حق لماذا؟ بقلم عمر الصائم محمد أبوجودة02-16-05, 03:09 AM
  Re: حق لماذا؟ بقلم عمر الصائم قاسم المهداوى02-16-05, 08:05 PM
  Re: حق لماذا؟ بقلم عمر الصائم Amjad ibrahim02-20-05, 05:59 AM
  Re: حق لماذا؟ بقلم عمر الصائم Amjad ibrahim02-20-05, 06:03 AM
    Re: حق لماذا؟ بقلم عمر الصائم قاسم المهداوى02-23-05, 02:52 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de