الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 02:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة منصور عبدالله المفتاح(munswor almophtah)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-04-2009, 10:40 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه

    من الدكتور عبد الله علي إبراهيم إلى الشعب السوداني

    سمعت أول ما سمعت بنبأ قرب خلاص السودان من الاستعمار وأنا في وضع منذر بسوء العاقبة. فقد كنت صبياً بالمدرسة الوسطى "قالب هوبة": رأسي مدلدلاً وأقدامي في الهواء على حائط من بيوت حلة المحطة بمدينة عطبرة. وأنا على هذا الوضع الاستثنائي جاء رجل من من أقصى المحطة مهرولاً يذيع نبأ توقيع اتفاقية فبرائر 1953 بين بريطانيا ومصر التي منحت الحكم الذاتي للسودانيين. ووجدت في هذا الوضع، الذي تلقيت فيه نبأ استقلالنا، رمزاً لسوء منقلب هذا الحادث السعيد حتى أصبح فينا "عيد باية حال عدت ياعيد". ولكن أكثرنا عض على هذا المنجز الوطني الوسيم بالنواجذ مثمنين استعادتنا لإرادتنا الوطنية بغض النظر عن سوء استخدامنا لها. فالعودة إلى مربع الاستعمار (أو تشهي العودة له) عيب شؤم لأنه استبدال للحق و الحرية بالباطل وهو العبودية. والأصل في الإرادة الوطنية هو حق الخطأ.حتى قال الرئيس نايريري للغرب إن لنا سرعتنا الخاصة فلا تعجلوا بنا.

    وفي شرط الإرادة الوطنية والحرية قمنا بما نكاد أن نبلغ الآن به بر الأمان رغم مر الشكوى من الاستقلال. فقد توافرت الآن الأسس الواجبة لبناء وطن حر مستقل تظلله الإلفة السودانية. فالاتفاقات الناجزة (نيفاشا) والتي تحت النظر والمراجعة والاحتجاج (أبوجا والشرق والقاهرة) توجت ما اسميته من قبل ب "إعادة التفاوض" في بلدنا. وهو إجراء ضروري لنتحول بالبلد من مستعمرة فصَّلها الاستعمار على مقاسه وغرضه "قميص عامر" إلى وطن يسعد فيه السودانيون كافة بمنزلة المواطن لا الرعية. ونحن نقف بهذه الاتفاقات على أكتاف عالية سبقت مثل ثورة أكتوبر بتعبيرها الجنوبي المسئول ومفاوضات المائدة المستديرة في 1965 واتفاقية أديس أبابا في 1972 وسائر المفاوضات من بعد ذلك بين الدولة وخصومها ومن بين الجماعات السودانية فيما بينها.

    ومن حقنا تهنئة أنفسنا كسودانيين على أمرين. اولهما الشجاعة التي جاءت بها كل قوى الشعب السوداني بما في ذلك الجماعات المهمشة بأشواقهم جمعاء إلى مائدة المفاوضات تباعاً وبإلحاح وصبر وعزيمة حتى صرنا كلنا على علم بظلاماتنا. فكل شيء في الضوء وهذا سبيل الحلول والمواثيق التي تبقى وتلم شعث الوطن. أما ثاني ما نستحق التهنئة عليه فهو أننا لم نمل التفاوض وصار فينا عادة. وحتى الذي استكبر عاد مكرهاً لطاولته: أباها ممعوطة فقبلها بصوفها. وما نريد اعتياده هو شرف الالتزام بالميثاق الوطني لا نهبط به إلى درك الحزبيات والجهويات وما أدريك. و عادة التواثق مما يحمل عليه الناكث لأن في السياسة من يراوغ حتى تنسد عليه السبل.

    كدنا بما توافر لنا من مواثيق أن نرى الضوء في نهاية النفق. وكل ما أصابنا من ضر فادح هو من مستحقات بناء الأوطان الخيرة المتآلفة بلا استثناء. فلنتفاءل بالخير نجده. ولا نستبق التطورات الدقيقة الحرجة القادمة لتشطيب بناءنا الوطني بالنذر البائسة. فليس بوسع سياسي أن يرشو شعبنا لإنتخابه كما يروج البعض من شرفات لوج السياسة. فهذا تبخيس لإرادة شعبنا سواء جاء ممن طلب شراء الذمم أو من صدق أن هذا ممكن الحدوث.شعبنا فوق هذه الصغائر. ومن تلك النذر قولهم إنه ربما طاف بنا طائف الجارة كينيا في انتخاباتها الأخيرة. وهذا استنتاج فاسد لأنه لم يقم على مقدمات منطقية. فلو كانت فينا جرثومة الفتنة الانتخابية لحدثت بعد انتخاباتنا في 1954 بعورها الكثير. ولكن بلدنا محروس. ومن النذر أيضاً قولنا أن تقرير المصير الجنوبي هو باب وشيك حتمي للانفصال. وهذا باطل من وجهين. أولهما: طالما كان الانفصال خياراً فلماذا هذا الترويع به أصلاً؟ لماذا نرتعب من ممارسة لحق مكفول؟ علماً بأنه، من الجهة الأخرى، لم يثبت من تاريخنا أن كان الجنوب على هذا المزاج إلا من قلة ستظل عليه قبل الاستفتاء وبعده ولا تثريب عليها.

    لذا كانت الانتخابات القادمة هي عقدة المسألة للخروج من نفق طال. وعلينا أن نستعد لها بأفضل مما نفعل. فأكثرنا ما زال يرواح عند استباق نتائج الفرص الذهبية المتوافرة لبناء السودان المتآخي الديمقراطي. فتهجم عليه نذر الشؤم خشية أن يتفرق السودانيون أيدي سبأ. وبالنظر إلى ما علقته من أهمية على الانتخابات القادمة للم شتات الوطن ولطويلة فإنني أنظر بجد وقوة إلى نتائجها على مستوى رئاسة الجمهورية خاصة. فمتى أَمَّنا زعامة صالحة ضمنا استثماراً أكيداً للفرص الغراء التي بمتناولنا حتى ننهض بالسودان ونشفي جراحه فيكون الوطن المتآخي السالم المسالم السعيد . . . " الفوق" الذي به هتفنا حتى انشرخ الصدر. وقد استخرت بشأن تبعتي شخصياً تجاه هذا التشهيل الطيب للانتخابات وتوصلت إلى ما يلي:

    أصالة عن حقيقة في نفسي وامتثالاً لرغبة العديد من الأصدقاء ومريدي الخير لنا أنقل إليكم عودتي بصورة نهائية للسودان لإستئناف شاغلي العام وشغلي في وطني وبين أهلي. قال ولي في الطبقات حين استبان الحق : "البيضوي البيضوي بين أهله" .وسأبعث برسالة بعد لقائي هذا بكم إلى مخدمي وهو شعبة التاريخ بكلية الآداب والعلوم بجامعة ميسوري بالولايات المتحدة أطلب منها إحالتي إلى المعاش الذي بلغت سنيه الاختيارية. وليس هنا موضوع تفصيل فضل هذه الجامعة وأمريكا بعامة عليّ. وسيجي يوم شكرهم جميعاً تباعاً.

    وبعد تفكر طويل في ما ينبغي لي عمله في جولتي الأخيرة هذه في العمل العام قدرت أن افضل ما بوسعي القيام به هو أن أشٌرف برئاسة الجمهورية في هذه المنعطف الولود الخصيب من تاريخنا الذي سيتشكل فيه بلداً للسودانيين جميعاً. وبناء عليه فيسعدني أن تنقلوا عني ترشيح نفسي لإنتخابات رئاسة الجمهورية القادمة في سبتمبر من هذا العام أو متى وقعت.

    من أمثل؟

    للإجابة على سؤال "من أمثل؟" أعود إلى ذكرى من الطفولة. عدت ظهيرة يوم من أيام 1947 من روضة مدرسة كمبوني بعطبرة. ووجدت ركباً من العمال متجهاً صوب مكتب مدير السكة الحديد. فسرت في ذيل الموكب فضولاً. وعلمت لاحقاً أن ذلك كان أول موكب أراد به العمال الضغط على الحكومة للاعتراف بهيئة شئون العمال أو نقابة السكة الحديد. ثم اخترت لاحقاً بوعي أن أكون في الحلف الاجتماعي السياسي الذي نشأ حول النقابة وإنسانيتها. وهي إنسانية عمت القرى والحضر متواشجة مع إنسانية القبيلة والطائفة ومغطية عليها. وكانت لها امجادها وعثراتها. فقد نهضت بثورة أكتوبر 1964 وابريل 1985 وابتنت تحالفات سياسية إجتماعية ستراودنا أبداً. من الجهة الأخرى كان لهذه الإنسانية عثراتها. ونذكر عرضاً تمترسها خلف مصطلح "القوى الحديثة" حتى تنصلت عن الأرياف وتركتها نهباً لتكتيكات العنف. ومن عثراتها ضيقها بالهزائم ومحاولاتها المتكررة لتجديد ثوراتها بالانقلاب والانقلاب المضاد حتى أصابها الإنهاك. وسيكون كل ذلك موضوع نظرنا لعودة إنسانية النقابة إلى معترك اليساسة بعد جلاء الطغم المسلحة التي سادت الحكم والمعارضة في العقود الأخيرة.

    كنت في ذيل موكب لهذه الإنسانية طفلاً ثم كنت بعضها شاباً ثم في وسطها كهلاً. وأريد منكم في شيخوختي أن تعينوني أن أكون على رأسها مجاهداً برئاسة الجمهورية لنصلح البلد ونسعد أهله وغمارهم خاصة.

    وماذا أطلب بالتحديد؟

    لن أفصل في برنامجي لا منعاً للإطالة فحسب بل لأنني أخشي أن يكون قولي مكروراً أنسج من قماشة الأزمة ذاتها في طلب مستحيل لتفكيكها والشفاء منها. فقد سمعت الأمريكيين يقولون أنك لا تحل شِبكة ما وكل زادك هو نفس الفكر الذي ورطك فيها أول مرة. ويقول أهلنا الملوية من البهم ما بتحل رقبتها. فلكي نوفق إلى الحل الصواب (لا المسكنات وجراحة التجميل وعدي من وجهك) رأيت ان تكون مناسبة ترشيحي باباً لفتح باب الحوار الوطني على مصراعيه حول أدق وأعصى متاعبنا بروح سمح وأريحية تشترط الآخر لسداد الفكرة والاستنارة. لقد انقطع حبل هذا الحوار دائماً لتطوع نفر منا باحتكار الرأي وفرضه بانقلابات عسكرية-مدنية متساوقة. فجعلوا من رأيهم عقيدة بينما تعصب معارضوهم وجعلوا من رأيهم غبائن. واصبحنا جميعاً وقلوبنا شتى.

    والتزم من جانبي بما يلي:

    أن أسعى ومن تبعني بإحسان إلى عقد حوارات موثقة مع كافة طوائف المواطنين والجاليات باختلاف لغاتها ومواقعها لبلوغ إقليم الوجع فيهم ومكنون حكمتهم. وشرط هذا الإجراء الحرية والعزيمة. فنسأل ولاة الأمر في حكومة الوحدة الوطنية وحكومة الجنوب والولايات أن يتفاءلوا باستئنافنا الحوار الوطني وأن ييسروا ولا يعسروا. وسيجدوننا في مقاس كثافة تبعة مثل النهوض بمثل هذا الحوار وتمام الذوق السياسي متى اختاروا قبولنا. وسيروا صدق عزائمنا إن هم لجوا عن سواء سبيل الحرية.

    غير أنني أبادر بمؤشرات عامة حول تصوري للحكم في ظل رئاستي للجمهورية:

    استئناف تحرير الدولة من موروث الاستعمار الذي لا مكان فيه لمواطنة مستحقة التكريم. فقد بقينا في ذل وضعية "الأهالي" حتى في ظل الاستقلال لأن ولاة امرنا لم يجدوا سوى القدوة الاستعمارية في الحكم فناسبتهم. فالأهالي هم من يدفعون الضريبة عن يد صاغرين بغير تمثيل إنتخابي حقيقي في كيان الحكم. وعليه فلا حق لهم في مساءلة الخاصة الحاكمة في انفاق تلك الضريبة. وقد انتهى بنا هذه إلى سفه حكومي طال مداه ووجب لجمه بشرع الشعب.

    أن يستتب دوران الحكم بالإنتخاب ويتنزل أدنى فأدنى من الولاة حتى أصغر قائم بالولاية العامة. وفي هذا ترسيخ لمبدأ مساءلة ولي الأمر باقتران الوظيفة العامة وخلعها بالجمهرة لا بسلطان علوي.

    أن يمتثل السلطان العسكري والشرطي والنظامي للإرادة المدنية مجسدة في ممثلي الشعب المننتخبين.

    أن تعنى الدولة باللغات غير الرسمية عناية تأذن للمتحدث بها أن يبلغ الدولة بأشواقه وظلاماته في المحاكم ومفوضيات الأراضي والنزاعات. فهذه اللغات المتروكة هي مستودع أوجاع ورغائب في الحياة الحرة السعيدة رمينا بها على قارعة الحكم في طلبنا لإدارة الشعب رغماً عنه. فتحرر الصفوة من الشعب وسفهها هو وجه من وجوه قمع اللسان المظلوم.

    ولغاية ترشيد الحكم ولجمه بإرادة المواطنين وتصريفهم سأطلب من الجهات المختصة أن تضع في متناول حملتي الإنتخابية ما يلي:

    كل التقارير المتعلقة بالمواجهات التي تمت بين الدولة والشعب أو الشعب والشعب مثل واقعة الضعين و سوبا والمهندسين وبورتسودان وكجبار والمناصير وغيرها.

    سأطلب كل بيانات عمليات الخصصة والتصرف في رئات المدن وأراضي المواطنين بولاية الخرطوم وغيرها.

    سأطلب تقارير دقيقة عن شركات الدولة الباطنة وسير أدائها ودخلها ومنصرفها.

    وغايتي من ذلك لا مجرد المحاسبة بل بذر بذرة التعافي والعدالة الانتقالية على بينة وعلى مرأى من الشعب وبإذن منه. وأدعو من هنا أهل العلم والاختصاص أن يستعينوا بهذه الحصيلة وثمرة أبحاثهم الخاصة لترتيب بيت الدولة على الامتثال للشعب.

    أتوقف هنا قليلاً لوصف إلتزام سياسي وروحي هو ميثاقي خلال رئاستي للدولة أو كجزء من الحركة الاجتماعية السياسية التي نرمي إلى استنهاضها خلال الانتخابات لتمكث في الأرض وتنفع الناس. كانت عمتي أمنة بت حجر قد رعت طفلة تركتها بنتها القسمة شافعة ورحلت عن دنيانا. وكانت تسميها "البنت الأمانة". والتزم كرئيس للجمهورية أن تكون من بين مسئوليتي المباشرة وتحت نظري تماماً الجماعات الأمانة التالية من ذوي الحاجات الخاصة أو من ضحايا إضطراب الحكم وسفهه منذ الاستقلال: وأحصرهم في :

    (1) العرجى والمكاسير والعجزة والعجائز والمفرطين في القصر والمتعففين من الفقراء والمساكين.

    (2) اصحاب المعاش الذي أفرطنا في فرضه على العاملين فأبتلوا بموارده الشحيحة وهم في زهرة أعمارهم. ولن يخرجوا عن أمانتي حتى تتهيأ الدولة لعودتهم إلى أضابيرها عوداً كريماً.

    (3) المحالون لصالح العام لم يسفر صلاحه بعد حتى يأمنوا إلى عيش جديد.

    (4) قدامى المحاربين من العسكرييين والحركات التي ناهضت الحكومة المركزية حتى نستقر على سياسة حكومية مثلى تعتبر خدمتهم الوطنية وتعتبر بها.

    (5) قدامى المحاربين من قادة العمل النقابي وما جرى مجراه ممن خدموا جمهورهم ووسعوا ماعون الديمقراطية من أسفل.

    (6) ضحايا إضطرابات السياسة السودانية وعنف الدولة والعنف المضاد.

    وهذه أمانة انا محاسب بها أمامكم سياسة وامام الله تقوى واحتساباً. وأنا على يقين شديد أن ديوان الزكاة سيعينني ، جهازاً وفقهاً، على هذا الإبتلاء السيادي. وسأسن من القوانين ما يٌفَعِل تقوى "فضل الزاد" بإسقاط جٌعل من الضريبة على المحسنين من كافلي الأيتام وغيرهم..

    إنني متفائل بأن مسعاي هذا سيكلل بالنصر. فالفلاح معقود على ناصية الخير. والخير أردت. وثقتي في شعبي عامة كبيرة وفي الكادحين فيه كدحاً بالذات. ولكنني حريص بذات القدر بأن تكون حملتي الإنتخابية مناسبة لإستثارة حركة سياسية إجتماعية باسم "القائمة الوطنية للنهضة" (قون) تتقتق عن عبقرية شعبنا المعهودة. وسنفصل في ذلك في حينه. فأرجو أن أتوجه عبركم هنا للسودانيين جميعاً ليباركوا خطوتي هذه وينصرنوها. فإن لم تكن ممن قبلني ظاهراً وباطناً فباركها لأنها تصب في نهر التحول للديمقراطية. وأوصي من سمع عنا خيراً أن يذيعه ومن سمع منا غير ذلك أن يأوله على حسن القصد ويعفو عفواً وعافية ويطلب لنا المغفرة.

    د. عبد الله علي إبراهيم

    عن القائمة الوطنية للنهضة (قون)









    عبد الله على ابراهيم رئيساً

    د. الطيب زين العابدين
    [email protected]

    فجر صديقى الدكتور عبد الله على ابراهيم نهار الأربعاء الماضى قنبلة مجهولة الاتجاه أمام مستمعيه فى رحاب منتدى طيبة برس بمتحف التاريخ الطبيعى بجامعة الخرطوم، جاءوا يمنون النفس بمحاضرة سياسية شيقة عن ذكرى استقلال السودان الثالث والخمسين، مما عرف به الكاتب الأديب السليط، ولكنه رأى المناسبة سانحة ليعلن عن نيته الترشح لرئاسة الجمهورية فى الانتخابات القادمة. هكذا مرة واحدة دون صعود السلم الانتخابى درجة درجة كما يفعل ناشئة السياسيين عادة! يبدو أن حالة السودان المرضية تستحق جراحة عاجلة فى تقديره وأن ما بقى من العمر لا يسمح له بهدر الوقت فى معارك صغيرة أو جزئية. فهو من قبيلة تتغنى: يا غرق يا جيت حازمة! ولعله محق فى كلا التقديرين، ولكن هل يعنى هذا أنه هو من دون خلق الله سيكون الطبيب المداويا. مسألة فيها نظر وتختلف حولها الأراء مثل كافة القضايا السياسية! وبصرف النظر عن صلاحية عبد الله شخصيا للترشح لرئاسة الجمهورية أم لا؛ هل الخطوة فى حد ذاتها مطلوبة الآن أم لا؟ أن يقفز أحد المثقفين الأكاديميين من كرسيه المريح فى الجامعة، ويترك معاشه المضمون بها، ويتخلى عن مهنته التى يجيدها فى التحصيل والتدريس، ويبتعد شيئاً ما عن صحبه القدامى من الأكاديميين الذين عرفهم وعرفوه، ليتشابى لقيادة السودان بالترشح الى رئاسة الجمهورية. أحسب أن الخطوة مطلوبة وبإلحاح فى هذا الزمن وتحتاج الى قدر من الشجاعة والإقدام لا تتوفر الا للقلة من طبقة المثقفين مثل الصديق عبد الله الذى عركته الأيام وعركها حتى تكسرت النصال على النصال.

    لماذا هى مطلوبة؟ لأن قادة السودان من السياسيين والعسكريين أثبتوا فشلاً ذريعا طيلة نصف قرن من الزمان فى ادارة هذا البلد بالرشد والحكمة والعقل. ويكفى دليلاً على ذلك –ان احتاج ضوء الشمس الى دليل- أن الدولة السودانية ما زالت تحكم بدستور انتقالى رغم مرور أكثر من خمسة عقود على نيل الاستقلال (بالمقارنة فان الامام الخمينى وضع دستورا لبلاده بعد سنة واحدة من ثورته الاسلامية العاتية التى غيرت وجه ايران وما زال ذلك الدستور ساريا، والزعيم الباكستانى ذو الفقار على بوتو وضع دستورا دائماً لبلاده بعد سنتين من انتخابه رئيسا للوزراء فى عام 71م وما زال ذلك الدستور نافذاً رغم تقلبات الحكم العسكرى والمدنى فى باكستان)، والسبب فى ذلك التقصير أن الحكام السياسيين لا يريدون مواجهة الحقائق الصعبة فى ادارة البلاد ولأن العسكريين الذين انقلبوا على السلطة يريدون تفصيل الدستور على مقاسهم وكأنهم باقون أبدا! وطاشت أسهم الفريقين فى تحقيق الاستقرار السياسى، أو توطين الديمقراطية، أو بسط الأمن وترسيخ حكم القانون، أو احداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أو حماية حقوق الانسان، أو رعاية المال العام. وكانت النتيجة أن زهد معظم الناس، خاصة الشباب، فى تعاطى العمل السياسى الى درجة ما عادت انتخابات طلاب الجامعات تكمل النصاب القانونى لها إلا بشق الأنفس. وفاحت رائحة الفساد من جيوب الحكام وقصورهم، وكسدت سوق العمل أمام الشباب، وتفشت المحسوبية والرشوة والتسيب فى كل مرفق من مرافق الدولة، وليس هناك من حسيب أو رقيب. وان كان رب البيت للدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقيص! وهناك رفض ظاهر ومكتوم للفريقين من الحكام، السياسيين منهم والعسكريين مع الفارق فى المسئولية بعدد السنين التى حكمها كل فريق وبعدد الجرائر والخطايا التى ارتكبها فى حق الوطن. لذا أن يغامر أحد المثقفين الأكاديميين دون أن يكون له سند حزبى يدعمه، أو شوكة قبلية أو عسكرية تقف من ورائه، أو مال وفير يستطيع أن ينفق منه على حملة انتخابية فاعلة، أمر محمود فى حد ذاته لأنه يحرك البحيرة السياسية الراكدة، ويعطى بعض الأمل لهؤلاء الشباب المحبطين فى قياداتهم السياسية العاجزة فى مجال الفكر والفعل، والسجينة خلف أسوار الأسرة والشللية والعشيرة وكأن الوطن انحصر فى هذه الدوائر الضيقة.

    ثم ان الوطن يمر بمرحلة دقيقة حرجة قد يكون بعدها أو لا يكون، ما زال وضع الجنوب معلقاً بالاستفتاء، ومآساة انسانية دامية تدور رحاها فى اقليم دارفور، واحتكاك ينذر بالشرر فى جنوب كردفان وتوتر فى شرق السودان وفى النيل الأزرق، وعشرات الآلاف من القوات الأممية والمراقبين الدوليين تتمترس فى أقاليم البلاد المختلفة، واصبح التدخل فى الشأن السودانى مباح لكل منظمة ودولة مهما صغرت وهان شأنها، ومحكمة الجنايات الدولية تلاحق رأس الدولة بجرائم الإبادة الجماعية وانتهاكات حقوق الانسان، وسمعة السودان أصبحت مضغة لوسائل الاعلام فى أنحاء العالم. وعجزت الحكومة أن تدفع عن السودان أو عن نفسها! كل ذلك يجعل دعوة التغيير مطلوبة وملحة، وآن للنخبة المثقفة، التى كانت تقنع بتوظيف جهدها الفكرى والمهنى لدى الحكام من السياسيين والعسكريين، آن لها أن تتقدم الصفوف بنفسها دون غطاء حزبى أو عسكرى وتعرض نفسها على الشعب صاحب الحق الأول والأخير فى تقرير مصير البلد وتنصيب حكامه.

    يقول د. عبد الله انه سيعتمد على القوى الاجتماعية النقابية فى دعم ترشيحه، وأحسب ان ذلك بقية من عصبية أيدولوجية قديمة وقد كنت أظن أن اليسار الشيوعى استوعب الدرس بأن المفهوم الطبقى فى السودان ما زال ضعيفاً بين العمال وغيرهم، فالتقسيم الأقوى بين السودانيين هو القبلية والطائفية والاقليمية ودرجة التعليم. والقيادة الفكرية والسياسية والادارية فى السودان هى للطبقة "البرجوازية المثقفة" كما يحلو لأهل اليسار أن يصفوها، وهى صاحبة الاستشعار الأفضل لمعرفة مشكلات البلد وطرق حلها، وان اتسمت بالتردد فى الاقدام على المعالجة ورضيت بالخنوع زمنا للحكام السياسيين والعسكريين. فمن الأجدى للدكتور عبد الله أن يكون مرشح الطبقة المثقفة لمنصب الرئاسة لأنه ينتمى حقاً اليها ولأنها الأقدر لمساندته ودعمه ولن تجد أفضل منه بين المرشحين المحتملين، وليست هناك ثمة عداء بين النقابيين والمثقفين فهناك خمسة عشر اتحادا نقابيا للمهنيين من أطباء ومهندسين ومحامين وزراعيين وبيطريين وأساتذة جامعات ومعلمين يضمون عشرات الآلاف من الأعضاء، وهم أكثر استقلالا من نقابات العمال وأقل حاجة لتأليف القلوب من الحكومة!

    يقول د. عبد الله ان برنامجه يستهدف الشرائح التالية: ذوى الحاجات الخاصة من المعوقين والعجزة، المعاشيين والمفصولين تعسفيا، المهمشين الذين حملوا السلاح، قدامى المحاربين وقدامى النقابيين. ويريد تحرير الدولة من بيروقراطية المستعمر (يا حليلها!)، وتنزيل الحكم الى أدنى، وخضوع العسكريين للارادة المدنية المنتخبة، وكفالة حريات اللغات السودانية غير الرسمية، وإعادة فتح التحقيقات فى بعض المواجهات وفى قرارات الخصخصة. أحسب أن عبد الله تعجل فى وضع اطار ضيق لبرنامجه يتجاهل بعض القضايا الكبيرة مثل صنع السلام، والحفاظ على وحدة البلاد، واحداث التحول الديمقراطى، وترسيخ نظام اتحادى على أسس متوازنة ومقبولة للأقاليم المختلفة، ومعالجة الفقر المستشرى، وتحسين فرص العمالة، وزيادة الأجور وتوازنها بين العمال والموظفين والمدنيين والعسكريين، والنهضة بالزراعة المتعثرة، وتشجيع الصناعة التى أقفلت أبوابها الخ.. والفرصة ما زالت أمامه ليلتقى بقطاعات واسعة من المجتمع ليأخذ معهم ويعطى، ويعرف ما يجرى وما يشكو منه الناس.

    لا تبدو الفرصة كبيرة أمام د. عبد الله ليفوز بمنصب الرئاسة لأن السلطة والمال والعصبيات التقليدية ستلعب دورها لا محالة، ولكنه سيحدث حراكاً مفيدا فى الساحة السياسية يكون تراثاً لمن يبنى عليه فى المستقبل، ولا أستبعد تماماً أن يضرب معه الحظ فينفتح له طريقا للنجاح من حيث لا يحتسب، ويحدث ذلك ان استطاع إنشاء تحالفات عديدة مع قوى سياسية واجتماعية فى مناطق السودان المختلفة، وان تمكن من تكوين ادارة انتخابية نشطة وفاعلة فى أنحاء البلاد، وان استطاع جذب تمويل مقدر من قطاعات المجتمع المختلفة خاصة القاعدية. وفى مقارنة بينه وبين المرشحين المحتملين من القوى السياسية الكبيرة مثل المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية وحزب الأمة والاتحادى الديمقراطى، أرى أنه سيكون أكثر جاذبية للمثقفين والشباب والطبقة الوسطى (ان بقيت فيها بقية) وربما المرأة من كل أولئك. فمنهم من حكم سنوات طويلة وليس لديه ما يعطيه وآن له أن يستريح، ومنهم من اكتفى بحكم اقليمه ولا ينبغى له أن يزيد، ومنهم من أخذ فرصته كاملة فى الماضى دون أن يحقق الكثير، ومنهم من لا يجد من يطمئن الى ترشيحه! قود لاك (Good Luck) د. عبد الله!

    تنويه:

    هذه النسخة مكتملة غير التي نشرت في صحيفة الصحافة، فانسخة التي نشرت في الصحافة تعرضت لمقص الرقيب


    --------------------------------------------------------------------------------

    (عدل بواسطة munswor almophtah on 01-05-2009, 10:50 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-04-09, 10:40 PM
  Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه هاشم الحسن01-04-09, 11:13 PM
    Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-05-09, 10:30 AM
      Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-05-09, 08:59 PM
        Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-05-09, 09:24 PM
          Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-05-09, 09:40 PM
            Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-05-09, 09:46 PM
              Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-05-09, 09:49 PM
                Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-06-09, 10:48 PM
                  Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-07-09, 09:39 PM
                    Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-08-09, 10:07 AM
  Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-08-09, 10:40 PM
    Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-09-09, 10:47 PM
      Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-10-09, 11:50 AM
        Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه Mohamed Abdelgaleel01-10-09, 12:10 PM
  Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه DKEEN01-10-09, 12:23 PM
    Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-10-09, 12:31 PM
      Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-10-09, 07:25 PM
        Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه صباح حسين طه01-10-09, 07:43 PM
          Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-11-09, 09:20 AM
            Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-11-09, 09:29 AM
              Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-11-09, 03:07 PM
                Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-11-09, 08:41 PM
                  Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-13-09, 08:57 PM
                    Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-13-09, 09:12 PM
                      Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-15-09, 01:06 AM
                        Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah01-29-09, 10:39 PM
                          Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah02-01-09, 11:41 PM
                            Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah02-03-09, 09:31 PM
                              Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه محمد المعتصم ابراهيم02-04-09, 12:16 PM
                                Re: الطيب زين العابدين يدعم عبدالله على إبراهيم ويضيف لبرنامجه munswor almophtah02-05-09, 10:43 AM
                                  Re: حوار sami Alzubair04-07-09, 08:12 PM
                                    Re: حوار munswor almophtah04-08-09, 09:06 PM
                                      Re: حوار munswor almophtah07-21-09, 11:34 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de