العلوم الإنسانية : آفاق المعرفة ، وحدود التنظير*

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 03:41 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-10-2008, 02:48 PM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العلوم الإنسانية : آفاق المعرفة ، وحدود التنظير*

    العلوم الإنسانية : آفاق المعرفة ، وحدود التنظير* محمد جميل أحمد

    إذا جاز لنا أن نتأمل التفاوت بين العلوم التطبيقية ، والعلوم الإنسانية . وما إذا كانت هذه الأخيرة مجرد علوم تنظيرية ؟ جاز لنا أن نتأمل شرطا آخرا ً هو في الحقيقة الشرط الشارط لتلك العلوم في مساراتها المتعددة . لاسيما ونحن نتكلم بصدد جدوى هذه العلوم في عالمنا العربي .
    ربما كان من البداهة أن هذا الشرط الضروري : (الحرية) هو المناخ الذي تنطلق فيه شروط المعرفة الأخرى ، وازدهارها ، وتطورها وفق سيرورة لا تعرف الانقطاع .
    والحال أن التأمل المجرد في وارد التفاوت بين العلوم الإنسانية ، والعلوم التطبيقية يحيل إلى العديد من الفروق ذات الطبيعة الذاتية في الحقلين . ذلك أن العلوم التطبيقية في الأصل نتائج محايدة تنتج عن اختبار العقل للطبيعة والحياة .لا تخضع للرغبات وإنما تخضع للتجارب في ما هو مخبري من واقع مشاهدات صارمة حسب قواعد القانون العلمي ، التجربة الملاحظة ، الاستنتاج . وهي في نفس الوقت تجارب صارمة للمادة العضوية في مجالاتها المتعددة . وربما كانت نشأة العلوم التطبيقية في بعض مراحلها ضمن مناخات سياسية لا توفر إمكانات الحرية اللازمة(الاتحاد السوفيتي السابق مثلا) توهم بتناقض ما في اشتراط الحرية إلا أن هذا الوهم يمكن تجاوزه إذا عرفنا أن ذلك الكيان كان يضع أفكاره ضمن ما سماه (بالاشتراكية العلمية) . وكانت في معنى ما ضمن صيرورة الحداثة الغربية . فضلا عن شروط النشأة الجديدة . وجمال الحلم الإنساني الذي كانت ترسمه الشيوعية قبل أن يتحول إلى كابوس . أي أن القمع لم يكن للعقل في اختبار قدراته إزاء الطبيعة (كما كان رأي الكنيسة في العصر الوسيط) بل إزاء الآراء السياسية المخالفة . وتكريس الأوتقراطية ولكن حتى هذه المعطيات التي تسمح بجدوى العلوم التطبيقية تتحول مع الزمن واختناق مساحات الحرية إلى معوقات كابحة للإبداع في العلوم التطبيقية . كما هو حال ما تعيشه روسيا اليوم بعد أكثر من سبعين عاما من تجربة (الاشتراكية العلمية) . غير أن هناك تقاطعات مهمة ربطت بين العلوم الإنسانية والعلوم التطبيقية وكانت في الحقيقة علاقة جدلية . فنتيجة لنظريات العلوم الإنسانية في الفلسفة والتاريخ والقانون والسياسة ، ونتائجها التي ارتبطت في أوربا بثورات وتحولات كبرى(علماء الموسوعة الفرنسية ـ فولتير ـ ديدروـ جان جاك روسو) . كل ذلك أسس للحرية التي ازدهرت فيها العلوم التطبيقية وتطورت فيما بعد وحتى اليوم في النتائج الباهرة لها في مختلف مجالات الحياة المادية وما وفرته للإنسان من رفاهية وتيسير في وسائل العيش . لكن اليوم بعد الآثار الكارثية لتلك العلوم في مجلات التسليح وتطبيقاتها في الحربين العالميتين . انحسرت تلك الأيدلوجيا الخفية التي صاحبت نتائج العلم الباهرة في بداية القرن العشرين في الظن بأن العلم هو الحل السحري لكل مشكلات الإنسان في العالم الحديث .
    فإذا انتقلنا إلى تأثير العلوم الإنسانية في الحياة المعاصرة نجد أن مقولة : العلوم الإنسانية تنطوي على كليات وإطلاقات لا تستوي إلا في كونها علوما اعتمد عليها الإنسان داخل شروطه التاريخية والبيئية والاجتماعية . وربما كان من المستحيل في تجارب العلوم الإنسانية ترحيل أو تعدية نظرياتها كما هي إلى بيئات علمية أخرى , واختبار آلياتها كما هي . إذ أن تطبيقاتها لا تكشف دائما عن تطابقات واحدة أو أنها ليست بالضرورة كذلك . ذلك أن منطلقات العلوم الإنسانية رغم اعتمادها على مناهج افتراضية للبحث إلا أن ما يثبت جدواها هو نتائجها التي تصدر عبر اختبارها النقدي وتحقق مصاديقها في أزمنة أخرى ، ومجتمعات معينة . أو تأويلها عبر مناهج البحث المقارن . أو قوانين العقل الإنساني في النظر والتأمل ، والتجارب الإنسانية . بالإضافة إلى تعالقها بالشرائع والأديان والأساطير والتراث وغير ذلك ؛ وما يتفرع عنها من علوم جديدة . لكن إشكالية الإنسان الكبرى هي أن هذه العلوم رغم تقدمها في العالم الحديث إلا أنها لم تتوفر حتى الآن على إجابات لأسئلة من طبيعة ميتافزيقية / غيبية . بالرغم من أن الفلسفة حاولت أن تتصدى لهذه الأسئلة منذ فجر التاريخ . وإذا كانت العلوم الإنسانية عبر تقدمها في الغرب استطاعت تعميم مناهجها في علم النفس (فرويد) والاجتماع (ماكس فيبر) والسياسة (ماركس وغيره) ، مثلا ، بعد أن وجدت لها استجابات ذات فاعلية في المجتمعات الغربية ، فإن ذلك نبع بالدرجة الأولى بعد أن نزع الغرب عنه سلطة المعرفة الكنسية عن تلك العلوم ، الأمر الذي وفر له حرية المعرفة. أي أن تحولات الوعي والمجتمع التي تزامنت في الغرب مع النهضة والإصلاح الديني والتنوير والثور الصناعية أدى في النهاية إلى الاطمئنان لثمرات تلك العلوم في حياة مزدهرة وقوية .
    بيد أن هيمنة الغرب على الشرق في الحالة الاستعمارية والتي كان من مفاعيلها نشأة المدرسة الحديثة والجامعة في العالم الإسلامي على صورتها في الغرب ، ومن ثم استيراد العلوم التطبيقية والإنسانية التي وصل إليها الغرب ، كانت هي السبب في تخلف العلوم الإنسانية والتطبيقية في العالم العربي . والاعتراض هنا ليس على فكرة المدرسة والجامعة في صورتها الحديثة . أو التتلمذ على الغرب بقدر ما هو على عجز العرب والمسلمين في اقتراح علوم إنسانية تستبطن معرفة الغرب مع القدرة على اكتشاف وتفكيك إشكالا تهم المعرفية التي تحتاج إلى حفريات عميقة في الثقافة والتاريخ ا وما يتضمن ذلك من تحديات واستجابات في الواقع والانطلاق منه إلى المستقبل . كل ذلك مما لم تنجزه العلوم الإنسانية المنقولة من الغرب على نحو آلي ، بتطبيقات غير مجدية . فضلا أن المراحل التحويلية التي تقتضيها هذه العلوم في التغيير تختلف تماما عن المراحل التي أنجزها الغرب . فما زال الإصلاح الديني في العالم الإسلامي من أهم الاستحقاقات التي ينبغي أن تتصدى لها هذه العلوم ، فيما الغرب أنجز هذا الاستحقاق قبل أربعة قرون . وهذا الاستحقاق أي الإصلاح الديني كان من أهم الحلقات التي أفضت للحداثة في الغرب.
    وبالجملة فأن تفكيك نمط التخلف في كل نواحي الحياة العربية بآليات العلوم الإنسانية هو التحدي الأكبر . وخصوصا علوم التربية ومناهج التعليم التي تنهض عليها كل عملية التغيير . إن إنفكاك العلوم الإنسانية عن مفاهيمها التربوية ، وانعدام الحرية ، وغياب الوعي . كل ذلك أدى إلى انحياز العلوم الإنسانية لجهة التنظير ، واقتصارها على مناهج عاجزة ومحصنة في قلاع الأكاديميا ، بعيدا عن التطبيقات التي تؤسس لتلك العلاقة الجدلية بين العلوم الإنسانية من جهة ، وحالة الحراك والتغيير الاجتماعي من جهة أخرى . وربما كان إحجام تلك العلوم عن إطلاق قواعد معرفية لقراءة التراث ؛ وعلاقته بالواقع ، وإعادة قراءة جديدة للقرآن الكريم عبر إستثمار المعرفة الحديثة ومناهج البحث في اللسانيات ،والهرمونيطيقيا (التأويل) والفلسفة وعلم الاجتماع والتاريخ ، وحتى الأنثروبولوجيا. والمنطق ، ربما كان ذلك الإحجام بفعل الحاجز النفسي الذي تزامن مع نشأة العلوم الإنسانية في محاضن التعليم الاستعماري. هو الذي أدى إلى ذلك العجز فيما خص فهم القرآن في ضوء العلوم الإنسانية الحديثة. وهو ما عكف عليه مؤخرا بعض المفكرين العرب (محمد أركون ــ نصر أبي زيد ــ يوسف صديق ــ أبي يعرب المر زوقي) وخلافهم .
    إنه من الصعب اكتشاف مناهج جديدة للعلوم الإنسانية بمعزل عن قراءة واعية لآليات التخلف التي تعيد إنتاج نفسها في صيرورة غريبة . لقد كان تصميم مناهج التعليم في نشأتها الأولى على إنتاج نماذج هشة ومستلبة في الأجيال اللاحقة ، وربطها بمنطق العلة والمعلول إلى (المتروبول) " العواصم العالمية " ، جزء ً من ذلك التخلف . وبالتالي من الصعوبة بمكان أن تتجاوز معطيات العلوم الإنسانية حدود التنظير البائس ، والعجز عن إنتاج قفزات جادة ، دون أن تواجه واقع التخلف المقيم .
    ونحن هنا لا نعني استحالة اختراق ذلك الواقع بمفاهيم جديدة ومقولات مبتكرة استنادا إلى تلك العلوم الإنسانية ، فهي بالرغم من ظروف نشأتها المتعثرة والملتبسة في العالم العربي والإسلامي إلا أن ذلك لم يمنع من تسجيل اختراقات هامة وخطيرة استفادت من مناخ (المتروبول) وأسست مقولاتها الخاصة ؛ مثل كتابات إدوارد سعيد في تفكيك بنية الاستشراق التي أعادت موضعته في زواية نظر جديدة خلخلت ذلك الفهم العتيد في أذهان الغربيين لتلك المقولة .
    ربما كان التأمل في علاقة التفاوت بين العلوم الإنسانية والتطبيقية ، بعد أن تشعبت هذه الأخيرة وتيقنت من عجزها عن حلول مشاكل الإنسان غير المادية .( باعترافها أن هناك مساحة ميتافزيقية من هذا العالم ليس من العلم إنكارها ، كما أنه ليس في وسع العلم الإجابة عنها). ربما كان في كل ذلك ما يسمح للعلوم الإنسانية بإعادة قراءة واقع الحياة الإنسانية بكل ما فيها من مؤثرات أهملتها بدايات نشأة تلك العلوم التي نبذت مصادر المعرفة الدينية مثلا . فالعالم اليوم انخرط في علاقة ارتدادية مع الدين بحسب ، هابرماس ، قد تكون غير عادية وعميقة أيضا ً .
    إن حاجة العلوم الإنسانية لتنويع مصادر المعرفة في دراستها لظواهر الحياة الاجتماعية وتحولاتها ، بما في ذلك الدين والتراث في عالمنا العربي ، بحسب قراء ة موضوعية ، هو ما يمكن أن يطور تلك العلوم لجهة التنظير المعرفي المستند إلى علاقة حيوية بمفاعيله المؤثرة في واقع الحياة والصادرة عنها في نفس الوقت .
    ليس هناك حلول نهائية لمشكلات الإنسان في العالم الحديث وإنما هناك صيرورة لإعادة إنتاج حلول جزئية لمشكلات جزئية ، يمكن للعلوم الإنسانية عبر تشعباتها العديدة أن تقترح لها صورة شبه كلية تلم أجزائها من تلك المشكلات المتعددة ، بشرط أن تتوفر على مصادر عديدة للمعرفة والدرس .
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * نقلا عن دورية (المسار) جامعة السلطان قابوس ـ سلطنة عمان
                  

العنوان الكاتب Date
العلوم الإنسانية : آفاق المعرفة ، وحدود التنظير* محمد جميل أحمد04-10-08, 02:48 PM
  Re: العلوم الإنسانية : آفاق المعرفة ، وحدود التنظير* صلاح شعيب04-10-08, 04:56 PM
    Re: العلوم الإنسانية : آفاق المعرفة ، وحدود التنظير* ibrahim fadlalla04-10-08, 05:52 PM
      Re: العلوم الإنسانية : آفاق المعرفة ، وحدود التنظير* محمد جميل أحمد04-11-08, 01:50 AM
        Re: العلوم الإنسانية : آفاق المعرفة ، وحدود التنظير* محمد جميل أحمد04-11-08, 01:55 AM
  Re: العلوم الإنسانية : آفاق المعرفة ، وحدود التنظير* emad altaib04-11-08, 05:26 AM
    Re: العلوم الإنسانية : آفاق المعرفة ، وحدود التنظير* محمد جميل أحمد04-11-08, 05:50 PM
      Re: العلوم الإنسانية : آفاق المعرفة ، وحدود التنظير* محمد جميل أحمد04-12-08, 10:34 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de