موت مؤرخ: البروفسيور محمد سعيد القـــــدال (1935-2008م): أحمد إبراهيم أبوشوك

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-16-2024, 05:23 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-09-2008, 11:35 AM

Ahmed Abushouk

تاريخ التسجيل: 12-08-2005
مجموع المشاركات: 344

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
موت مؤرخ: البروفسيور محمد سعيد القـــــدال (1935-2008م): أحمد إبراهيم أبوشوك

    موت مؤرخ
    البروفيسور محمد سعيد القدَّال (1935-2008م)

    أ.د. أحمد إبراهيم أبوشوك

    في فراش موته بمدينة حمص السورية سنة 642م قال الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه: "لقيت كذا وكذا زحفاً، وما في جسدي شبراً إلا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير." ها هو الأستاذ الدكتور محمد سعيد القدَّال يموت، كما مات خالد بن الوليد، على فراشه بالخرطوم في السادس من يناير 2008م، بعد سنين الشقاء والعنت الطوال التي قضى بعضاً منها في سجون الأنظمة الشمولية في السودان، وكتب عنها كتابه الموسوم بـ "كوبر: ذكريات معتقل سياسي في سجون السودان"، واستهل ذلك السفر الفريد في موضوعه بإهداء معبِّر: "إلى أمي زينب، وزوجتي فاطمة، وعبرهما إلى أمهات وزوجات الشهداء والمعتقلين، فقد وقع عليهن عبء تلك السنوات العجاف، فحملنه بجلد." وبعضاً من تلك السنوات العجاف قضاها القدَّال في ظل اغتراب قسري فرضه سلاح الصالح العام الذي طال جامعة الخرطوم في مطلع تسعينيات القرن الماضي، ودفعه إلى طلب الجوار بأرض اليمن السعيد، حيث كان عزاؤه الوحيد تسامراً مع رفاق الصبا في أرض المكلا الوفية، وتوثيقاً لذكريات والده الشيخ سعيد القدَّال باشا، الذي يُعدُّ بلا منازع مؤسس التعليم المدني في المكلا في خمسينيات القرن الماضي، مفتشي التعليم المدني ووزير السلطنة القعيطية في حضرموت.
    مات القدَّال، وكان موته "موت دنيا" من منظور الدكتور عبد الحليم محمد ومحمد أحمد المحجوب، و"موت حلم" حسب رؤية غراهام توماس، و"موت مؤرخ" من وجهة نظر زملائه في المهنة وطلابه الذين نهلوا العلم من فيض عطائه السابل. عاصرناه ونحن ثلة من الطلبة المشاكسين في جامعة الخرطوم في النصف الأول وجزءاً من النصف الثاني من عقد الثمانينيات (1982-1986م) بقسم التاريخ، كلية الآداب، جامعة الخرطوم. وكان وقتها يدرسنا مادة تاريخ السودان الحديث، وكنا نتحلَّق حوله ونتحاور معه حواراً ساخناً وممتعاً، لأنه كان يجرح ثوابت معرفتنا الضامرة عن تاريخ السودان، ويعتبرها متغيرات في عرف التاريخ، بحجة أن المتغيرات تتجدد تبعاً لتجدد حركة الزمان والمكان، وتتأثر سلباً وإيجاباً بجدلية التحدي والاستجابة المصاحبة لكل حدث تاريخي، وتتفاعل من العلاقة الثلاثية الجامعة بين وسائل الانتاج والقوى المنتجة وعلاقات الانتاج الجامعة بين كليهما. كنا نحسب أن تناوله للتاريخ بهذه الكيفية ومن هذه الزوايا المتعددة فيه طمس لمعالم تاريخنا الحديث، الذي كنا ننظر إليه من خلال صور نمطية مقدسة ومثقلة بعطاء أبطاله الملهمين الذين وضعهم بعض المؤرخين والرواة خارج أرحام مجتمعاتهم المحلية، ودثروهم بقيم المثالية الهجيلية في صراعهم وتدافعهم مع حركة المجتمع البشري والظروف البيئية المحيطة به. أضف إلى ذلك أن مثل هذا الطرح الجديد كنا نحسبه يتعارض مع قراءاتنا المتواضعة لأدبيات بعض الإسلاميين أمثال محمد قطب، وكتابه "التفسير الإسلامي للتاريخ". فكان هذا الواقع الأيديولوجي يدفعنا للمجادلة معه حول أدبيات حسين مروة التي تنظر إلى التاريخ الإسلامي من منظور مادي جدلي، وكنا نختلف معه في تفسير بعض القضايا التاريخية، إلا أنه كان معلماً كفؤاً، يؤمن بأدب الخلاف الذي لا يفسد للود قضية. ومن ثم توثقت العلاقة بيننا وبينه داخل قاعات الدرس وخارجها، وأضحت صلتنا به قوية، لأننا استفدنا منه كثيراً، وتعلمنا منه ما لم يجنه زملاؤنا في الجامعات الأخرى، لأن حوارنا معه كان حواراً فكرياً بحتاً، أخرجنا من قوقعة تفكير النسق والرؤية الأحادية لتفسير مفردات التاريخ الإنساني إلى رحاب الاعتقاد المعرفي بإن القراءة التاريخية لأحداث الماضي البشري تحكمها منطلقات شتى، تختلف باختلاف التوجهات الفكرية للباحثين، ودرجة استيعاب القُرَّاء للمادة التاريخية التي يعرضونها، فالإطار الفكري لكل باحث يمثل البِنْية التحتيَّة التي يقوم عليها صرح مفردات الحدث التاريخي المُدوَّن من وجهة نظر ذلك الباحث، الذي يستقي مرجعيته من تراث الماضي وفق حزمة من الأسئلة المتأثرة بإسقاطات الحاضر، والمرتبطة بقضايا الـهُويَّة، والأصالة، وإثبات الوجود البشري الفاعل في تحديد مسارات حياة الناس العامة والخاصة. ومن ثم كان القدَّال يؤكد دوماً أن القراءة التاريخية الفاحصة يجب أن تكون قراءة شاملة في إطار ظروف العمران البشري الذي تشكلت فيه أحداث الماضي، ومن خلال فهم ثاقب للمقاصد الكامنة وراء تلك الأحداث، بعيداً عن إسقاطات الحاضر المعشعشة في مخيلة التراث الشعبي. وبهذه الكيفية ، حسب وجهة نظر القدَّال، يستطيع المؤرخ أو طالب التاريخ أن يسهم في تأسيس وعاء معرفي لفهم الجوانب التاريخية التي لديها حضور كثيف في تشكيل مفردات الحدث التاريخي المعاصر.
    ووفق هذه الرؤية الثاقبة والفهم الشامل لحركة التاريخ كان الأستاذ القدَّال يحدثنا دوماً عن المدرسة التاريخية السودانية، ويثـمِّن جوانبها الايجابية المرتبطة بتوثيق تاريخ السودان بعيداً عن تُرُّهات الكتابات الاستعمارية ومناهجها المشوهة للتاريخ السوداني، إلا أنه كان يعيب منهجها القاصر على المصادر التاريخية المكتوبة، والسافهة للروايات الشفاهية ودورها في إعادة صياغة التاريخ الإنساني، لذا يصف قراءتها لتاريخ السودان بأنها قراءة سكونية، لأنها لا تربط الحدث التاريخي الفوقي بجذوره الاجتماعية الدنيا، وتقومه في إطار القوانين الداخلية لعملية الانجاز الفكري وطبيعة القوانين العامة التي تحكم حركة الواقع الاجتماعي. ولذلك يعتقد القدَّال أن منهجها قد تأثر بالتناول الأحادي للظواهر التاريخية، فأصبح الحدث التاريخي في أدبيات روادها منبت الصلة بالظروف الموضوعية التي شب فيها، ومجرداً من تفاعلات الحركة الاجتماعية الدائمة وانفعالاتها. وهنا يصف القدَّال المدرسة التاريخية السودانية بأنها أُسست على منهج أيديولوجي برجوازي، يميل انصاره إلى تسليط الضوء على الفرد ودوره البطولي في صناعة الفعل التاريخي، دون سبر غور حركة المجتمع الذي يمثل أساس البنية التحتيَّة لمفردات الفعل التاريخي. وبهذا النظرة الفوقية، حسب القدَّال، تدثر التحقيب التاريخي لتاريخ السودان بنوع من السطحية والنمطية المملة: العهد المروي الأثني، والممالك المسيحية، والممالك الإسلامية، والحكم التركي المصري، والحكم الثنائي، والسودان المستقل. ويرى القدَّال أن مثل هذا التحقب جاء متناقماً مع الانظمة السياسية أو فترات الحكام في السُلطة دون أن يعير انتباهاً موضوعياً لواقع السواد الأعظم من الأهلين، وبلغ الاسفاف درجة عندما قسم بعض المؤرخين تاريخ الحقبة التركية (1821-1881م) إلى عهد محمد علي، وعهد عباس، وعهد محمد سعيد، وعهد الخديوي إسماعيل. ويحدثنا القدَّال ساخراً وجارحاً في شرعية هذا التحقيب الفوقي بقوله: كأن تغيير هؤلاء الحكام في مصر يعني تغيير السياسية الاستعمارية في السودان، وتغيير التركيبة الاجتماعية ومفرداتها الاقتصادية والثقافية والدينية بطريقة نمطية لا يقبلها المنطق السليم. وبإثارة مثل هذه القضايا المثيرة للجدل والجرج والتعديل في موروثات المدرسة التاريخية السودانية كان القدَّال يلقي جملة من العبارات الناقدة في بركة أفكارنا الساكنة، ويعكر صفوها، ويدفعنا لمزيد من القراءة والتحصيل، ولمزيد من الجُُرأة في سماع الرأي والرأي الآخر، ومقارعة الحجة بالحجة خارج إطار تفكرينا السكوني النمطي الذي ورثناه من مؤسساتنا التعليمية القائمة على التلقين دون التفكير والتفكُّر.
    هذا هو القدَّال الذي عرفناه في جامعة الخرطوم، وتركناه عام 1987م يصول ويجول في أروقة قسم التاريخ وقاعاته، إلا أنني كنتُ أسعد حظاً من زملائي الآخرين، لأن الأقدار هيأت ليَّ لقاءات أخرى بالقدَّال في رحاب جامعة بيرقن بالنرويج وجامعة درم بانجلترا، وفي تلك الفترة كنت مشغولاً بإعداد أطروحة لنيل الماجستير وبعدها أطروحة الدكتوراه، وكان القدَّال يعلق بمُلُحةٍ وسخريةٍ محببة إلى نفسي على ذلك الواقع الرهق من عناء البحث ووعثاء التحصيل بقوله: "والساقية لسع ولسع مدوره ... وأحمد وراء التيران يخب". وقبل أن يكمل أحمد مشواره مع الثيران ويصبح حراً طليقاً، رُفت القدَّال بقرار جمهوري من جامعة الخرطوم، ومعه تلميذته الدكتورة فدوى عبد الرحمن علي طه التى آثرت الهجرة مع زوجها الدكتور المقداد أحمد علي إلى المملكة العربية السعودية، وفي حي العزيزة بمكة المكرمة انجزت كتابها الموسوم بـ "كيف نال السودان استقلاله: دراسة تحليلية لاتفاقية 12 فبراير 1953م"، أما أستاذنا القدَّال فقد حط رحاله برهةً من الزمن في سجن كوبر العمومي مع رهط من الرفاق، ومنه حمل عصا الترحال على العاتق مهاجراً إلى أرض اليمن السعيد، حيث سيرة والده الشيخ سعيد القدَّال باشا العطرة، وعصبية آل باعبود الذين تربطه بهم علاقة نسب وطيدة، وله مودة لهم، ومنهم رحمة. وفي تلك الفترة العامرة بتحديات الاغتراب والبُعد عن الوطن ودفء الأسرة انجز القدَّال سلسلة من الكتب المهمة، وأذكر منها: الإسلام والسياسة في السودان:621- 1985م، (1992م)؛ والانتماء والاغتراب: دراسات في تاريخ السودان (1992م)، وتاريخ السودان الحديث، 1821-1956م (1993)؛ والشيخ القدَّال باشا: معلم سواني في حضرموت (1997)؛ وكوبر: ذكريات معتقل سياسي في سجون السودان (1997)؛ والسلطان علي بن صلاح القعيطي: نصف قرن من الصراع السياسي في حضرموت (1998)، والمرشد إلى تاريخ أوربا الحديث: من عصر النهضة إلى الحرب العالمية الثانية (1998)؛ ولم يصرفه هذا الزخم الأكاديمي من الحديث عن "القات (1999م)"، وأهميته في مجالس أنس اليمنيين وجلساتهم الرسمية وغيرها. وفي هذا المقام لا أود أن أعلق على هذه الباقة الرائعة من مختارات القدَّال، بل آثر الحديث عن كتابين لهما وقع خاص في نفسه، وهما: القدَّال باشا وسجن كوبر.
    وحميمية الشيخ القدَّال باشا إلى نفس محمد سعيد تتجلى في إهدائه الرقيق ذي العواطف الجياشة: "إلى إخوتي نفيسة، وفاطمة، ومريم، ورجاء، ومحمد الحسن، وإحسان. هذه ومضات من سيرة والدنا، أهديها إليكم لأنكم أكثر من عايشه حيَّاً، وأكثر من أحس وحشة فراقه، وأكثر من طافت به الذكرى بعد رحيله، فعسى أن تعيد إليكم بعض انسام شمائلة العطرة." وقف الدكتور محمد خير عثمان عند السفر وقرأه بتمعنٍ، ثم نشر عنه مقالاً في صحيفة الخرطوم، بعنوان "الشيخ القدَّال وحالة اغترابه الفريدة". وبعد مقدمة قصيرة لحياة الشيخ المترجم له طرح سؤالاً عن قضية اغترابه بحجة أنها مشروع " بحث عن المنهجية لدراسة ظاهرة الاغتراب عموماً"، الاغتراب الذي يعتبره الكاتب "واقع غير طبيعي في حياة الإنسان لأنه يحاول اقتلاعه من بيئته الطبيعية إلى بيئة أخرى غير مألوفة لديه". ويؤمن على أن هذه الظاهرة لها تأثيرها على حياة المغترب والمقيم في أرض الوطن، ودرجات التأثير تنعكس سلباً وإيجاباً على حياة الفرد والمجموعة، ثم يتبلور بعض عطائها في شكل أنماط اجتماعية ونفسية وإبداعية يدور معظمها في فلك الاغتراب نفسه.
    ونشرتُ تعقيباً على مُدارسة الدكتور محمد خير عثمان في صحيفة الخرطوم، وتقاسمت معه الرأي أن ظاهرة الاغتراب لم تجد الاهتمام الكافي من الدارسة العلمية التي تقودنا إلي تحديد أبعادها المختلفة، وكيفية توظيفها توظيفاً موضوعياً حسب احتياجات البلاد، ثم معالجة الآثار السلبية الناجمة عنها، إلا أنني خرجتُ بفرضية أخرى تقضي بأن اغتراب الشيخ القدَّال ينبغي أن ينظر إليه باعتباره ضرب آخر من ضروب الاغتراب التي نتحدث عنها، لأنه يمثل الوجه الإبداعي المشرق قبل أن يكون الاغتراب ظاهرة جمعية لها أبعادها السلبية المختلفة على الفرد والمجموعة. وحاولت في هذا المضمار أن اقتبس طرفاً من سيرة الشيح القدَّال التي خطها يراع ابنه محمد سعيد، وذهبتُ إلى القول بأن الشيخ القدَّال شد رحاله إلي أرض المكلا بطلب من ممثل الحكومة البريطانية على محمية عدن، الذي حاول جاهداً أن يستفيد من خبراته التربوية والتعليمية في وضع قواعد التعليم المدني وتأهيل بنياته الأساسية. أخذ الشيخ القدَّال هذه المهمة على عاتقه انطلاقاً من إيمانه الراسخ بأنه سيقدم خدمة جليلة إلي شعب شقيق يحتاج إلي خدماته، وبقناعة تامة أن هذا العطاء سيحتاج إلي نوع من التضحيات والمجاهدات. وتبدو هذه التضحيات بهجر الوطن الذي كان غنياً بموارده المادية والبشرية ومحط رحال لذوي الحاجيات. فمن هذه الزاوية تختلف دوافع اغتراب الشيخ القدَّال من دوافع اغتراب ابنيه محمد سعيد إلي عدن (آنذاك) ومحمد الحسن إلي إنجلترا وغيرهم من المهنيين من أبناء السودان الذين بفضل هجرتهم اصبح الاغتراب ظاهرة عامة تدثرت ببعض الدوافع السياسية والاقتصادية. وكانت مجاهدات الشيخ القدَّال تكمن في إقناع أهل المكلا بأن التعليم المدني لا يفضي إلي إفساد أخلاق أبنائهم ولا يبعدهم عن واقعهم الاجتماعي وقيمهم الإسلامية، بل سيمهد لهم الطريق نحو الرقي والتقدم. لكن هذا الإطار النظري كان يحتاج إلي إنسان يؤمن بالقضية ولديه القدرة على تغيير النظرة الحضرمية الرافضة للتعليم المدني آنذاك. ومن خلال مطالعتنا لسيرة الشيخ القدَّال باشا التي نسج أطرافها وجمع شملها أبنه الدكتور محمد سعيد يمكننا القول بأن الشيخ القدَّال كان أنساناً يتحرك من واقع فرضية الأستاذ العقاد التي تقضي بأن "أجمل ما في الحياة الدنيا هو أسوأ ما فيها، وأسوأ ما فيها هي تحدياتها" ، علماً بأن تقدم الشعوب والأفراد يقاس على مدى قدرتهم على فهم التحديات ووضع الحلول المناسبة لها. هذا الفهم الواقعي مكّن الشيخ القدَّال من كسب ود السادة الحضارمة الذين اجمعوا على أنه لا يمثل امتداداً استعمارياً في بلادهم ولا يتبنى خطة تعليمية تفضي إلي إفساد أبنائهم وفلذات أكبادهم، بل هو معلم من طراز فريد غايته المصلحة العامة واستقامة الحال المعرفي وتثقيف الواقع الاجتماعي. وبهذه الشهادة يعد عطاء الشيخ القدَّال عطاءً مؤسسياً أهلَّه ليتقلد منصب مفتش التعليم المدني ووزير السلطنة القعيطية في حضرموت آنذاك.
    وعندما أكمل الشيخ القدَّال مهمته بالمكلا رفض العرض الذي قُدم إليه من دولة قطر الشقيقة بحجة أنه يريد أن يسهم في دفع عجلة النماء والتطور في بلاده حديثة العهد بالاستقلال. عاد إلي أرض الوطن عام 1957م وعرض عليه أن يكون سفيراً للسودان في المملكة العربية السعودية إلا أنه رفض العرض، متعللاً بأنه لم يكن الشخص المناسب للوظيفة المعنية بالأمر. أخي القارئ الكريم أنظر إلي هذا الموقف النبيل وقارنه بينه وبين واقع الحال في بلادي اليوم، حيث أضحي الجميع يوقدون البخور تحت أرجل أصحاب السلطان ليتسنموا وظائف تربو على هاماتهم المعرفية، ولا تتناسب مع خبراتهم العملية . هكذا انفرط عقد النظام في كثير من البلدان التي لا تؤمن بمفهوم الشخص المناسب في المكان المناسب، وكانت حصيلة هذا التوجه تدنياً في العطاء وقيم ضبط الأداء في مؤسسات الدولة، ولا شك أن ضحية هذا التسيب هو المجتمع المدني بقطاعاته المختلفة.
    هكذا عاش الشيخ القدَّال معلماً ومربياً بكل ما تحمل هاتان الكلمتان من معان وقيم إنسانية صادقة، ومات معلماً ومربياً حيث قضي باقي عمره الزاخر بالعطاء والإنجاز في مدينة كسلا، باعتبارها مسقط الرأس ومقطع السرة، وباعتبارها أحد معاقل الطريقة الختمية التي ينتمي إليها روحياً. ومن هذه الزاوية كان يؤمن أن مدينة كسلا لها في عنقه يد سلفت ودين مستحق، ومن واجبه أن يسدد فاتورة هذا الدين سواء كان معلماً في معهد معلميها أو عضواً في مجلسها البلدي. وربما يتساءل القارئ الكريم لماذا الإطالة عن الشيخ القدَّال والحديث عن ابنه محمد سعيد، فأرد عليه من واقع فهمي المتواضع لسيرة الشيخ القدَّال بأن سيرة الابن محمد سعيد كانت امتداداً لسيرة والده، لأنها تطابقت معها في أكثر من موضوع، ورشفت من رحيقها الدافق، علماً بأن محمد سعيد أيضاً عاش معلماً ومات معلماً.
    أما سفر الأستاذ القدَّال عن سجن كوبر، فهو سفر فريد في موضوعه، ويُعدُّ بلا منازع ضرباً من ضروب الذكريات التي تخلو منها المكتبة السودانية، لأن كثيراً من الناس يعتقدون أن توثيق مثل هذه التجارب من تاريخ حياتهم ليس بالأمر المهم، وإن الخوض فيه نوع من النرجسية والاعجاب بالنفس، وقد ظل هذا الفهم قائماً في مخيلة بعض الناس إلى أن كسر القدَّال هذا الحاجر بقوله: "الغرض من كتابة هذه الذكريات أن اسجل جانباً من فترة لها أهميتها في مجرى الصراع السياسي في السودان. ولعل هذا التسجيل يستفز أولئك الذين عاشوا التجربة بعمق أكثر من معايشتي لها، ويكتبون عنها، ويتخلون عن التواضع ونكران الذات، فهذا تراث من حق الاجيال القادمة أن تقف عليه، لعله يثرى جانباً من حياتها. وعندما يحين الوقت لكتابة تاريخ الاعتقال في السودان تصبح مثل هذه الذكريات مادة لكتابة ذلك التاريخ." وفي ضوء هذه التوطئة قسم القدَّال ذكرياته في سجون السودان إلى خمسة حقب رئيسة، شملت فترة اعتقاله من 22 يوليو 1971م إلى مايو 1973م، وفترات اعتقاله المتقطعة في الأعوام 1976م، و1979، و1981م، ثم بعد ذلك حاول أن يعطى وصفاً حياً للتركيبة الديمغرافية لسكان السجن، ورتب السجناء ودرجاتهم، وطبيعة العلاقات التي نشأت بينه وبين رواد السجن الآخرين وحراسهم، وطبيعة المناشط التي كانوا يمارسونها داخل السجن للترويح عن أنفسهم، وطبيعة المعاملة الإنسانية داخل السجن من قبل السجان وصاحب السجن. وفي هذا الكتاب حاول القدَّال أن يقدم وثيقة إدانة تاريخية لنظام جعفر النميري والذين تعاونوا معه من كل ألوان الطيف السياسي السوداني، ويعتقد أن هذه الإدانة التاريخية تختلف عن الإدانة في ساحات القضاء، لأن حيثياتها تقوم على معلومات مهمة ظلت مغيبة عن ساحات القضاء وعلم الرأي العام، ولا يدرك ظلاميتها إلا أولئك الذين تكرعوا مرارة أيامها العجاف. وفي خاتمة هذا الكتاب يتحدث القدَّال عن الدورس والعبر من الاعتقال، فينوه على أهمية الصبر والمرونة والقدرة على التكيف مع بيئة الاعتقال، لأن السجن يخرج الإنسان من محيط الحياة العادية التي يألفها إلى نمط حياة غير مألوف له، يقع خارج المجرى العام لحياة الناس. ثم يحث السجناء على ضرورة ترتيب الحياة وتنظيمها داخل السجن، فلا شك أن هذه الرؤية الثاقبة هي التي مكَّنته من انجاز جزء مهم من كتابه القيم: تاريخ السودان الحديث، 1821-1956م، الذي أضحى مرجعاً مهماً للدارسين في تاريخ السودان.
    إن المؤلفات التي أشرتُ إليها أعلاه لا تمثل إلا جزءاً من عطاء القدَّال الدافق، فبجانب ما ذُكر نلحظ أن القدَّال قد وثق لتاريخ المهدية بصورة غير مسبوقة، وأفرد طرفاً من أبحاثه إلى تاريخ الحزب الشيوعي السوداني، وشخَّص الجذور التاريخية لانهيار الاتحاد السوفيتي في مقال جيد الصِنعة، أعطاني منه نسخة في تسعينيات القرن الماضي، وأطلع على هذا المقال حديثاً القارئ الحصيف الأستاذ محمد عباس (نصر)، ونال أعجابه، إلا أنه لم يجد للرفاق عذراً لحجبهم هذا المقال الجيد عن شباب الحزب الشيوعي، فعزى هذا الموقف السالب إلى اعتقادهم المخجل بأن "الثورة البلشفية هى أحدى الأبقار المقدسة عند الشيوعيين"، فلا يجور الحديث عنها، ولا يجوز مسها من قريب أو بعيد. فالقدَّال حقاً تجاوز هذه القدسية، وفصل بين انتمائه الأيديولوجي ومنهجه التاريخي عندما حلل الاسباب الكامنة وراء انهيار الاتحاد السوفيتي، وذلك في ضوء قراءة تاريخية حاذقة، بيد أنها لم تكن مقبولة في نظر أولئك الذين يقدسون الثورة البلشفية، ولا يدركون أن قراءة التاريخ شيء والاعتقاد الأيديولوجي شئ آخر.
    وبناءً على هذا الفصل المنهجي الواضح استطاع القدَّال أن ينقل أطروحة الباحث الأمريكي جون فول عن تاريخ الطريقة الختمية إلى اللغة العربية، وينشرها عام 2003م، لأنها حسب مبلغ علمه أطروحة مهمة في تاريخ الطريقة الختمية، التي تُعدُّ من أهم الطرق الصوفية ذات الحضور السياسي الكثيف في السودان، ولأنها أيضاً تحمل جزءاً من تاريخ أسرته ذات الميول الختمية. وذهب القدَّال مذهباً أبعد ذلك عندما ألف بالاشتراك مع الدكتور عاطف عبد الرحمن صغيرون كتاباً في أدبيات الرأسمالية السودانية بعنوان: الشيخ مصطفى الأمين (1889-1998م): رحلة قرن من الغبشة إلى هامبرج. وكتب البروفيسور يوسف فضل حسن تقديماً ممتازاً لهذا الكتاب، جاء في بعض مقاطعه: "هذا كتاب ممتع غاية الإمتاع، وهو بحق إضافة جديدة للاهتمام المتنامي بكتابة السير، وتدوينها، ونشرها، وذلك بارتياد مجال جديد في مجال الشخصيات السياسية والأدبية، وهو قطاع رجال الاعمال والتجارة والصناعة، وهو مجال يكاد يكون التوثيق والتدوين والتاريخ فيه مهملاً في بلادنا. وقد تمكن المؤلفان القدَّال وعاطف صغيرون في تبويب سلس ومتسلسل من تبيان الجوانب الاجتماعية التي شكلت شخصية الشيخ مصطفى الامين، والتجارب التي مرَّ بها، وذلك في اسلوب ممتع مسترسل". ويختتم البروفيسور يوسف تقديمه قائلاً: "الكتاب جدير بان يحتل موضعه السامق في المكتبة السودانية، لما اتسم به من حسن اختيار المادة، وموضوعية الدراسة، وحسن التحليل، وجودة العرض، وسلامة الاسلوب." قسم المؤلفان سيرة الشيخ مصطفي إلى خمسة فصول. يقدم الفصل الاول خلفية تاريخية عن منطقة شندي والمتمة، الظروف التي تهيأت للرأسمالية السودانية في ظل الحكم البريطاني؛ ويتطرق الفصل الثاني إلى سيرة الشيخ مصطفى منذ ميلاده، وخروجه الغاضب من المتمة عام 1918م وحتى عودته الظافرة عام 1925م؛ ويعرض الفصل الثالث تكوين امبراطوريته المالية من شركيلة إلى الغبشة إلى هامبرج. وفي الفصل الرابع والخامس يعالج المؤلفان نشاطه السياسي والتعليمي، ويرسما صورة قلمية لشخصيته الفذه؛ ثم أخيراً ذيلا سيرة الشيخ مصطفي ببعض الملاحق، لعل أهمها نص المقابلة التي أجراها ونجت باشا مدير المخابرات المصرية مع مصطفى ود الأمين في مصر عام 1892م.
    في زيارتي الأخيرة للسودان دعاني القدَّال لتناول وجبة غداء بمنـزله العامر بحي الرياض، وذلك في يوم 17 نوفمبر 2007م، وحضر ذلك الغداء الأخير بالنسبة لشخصي مع أستاذي القدَّال الباحثة اليمنية الأستاذة فاطمة جبران، وزوجة القدَّال فاطمة باعبود، وابنته أميرة، وصهره الباشمنهدس محي الدين، ونفر آخر من آل القدَّال سقط اسمه سهواً، فمعذرة لذلك، وفي تلك الجلسة الأخيرة تناولنا الحديث عن موضوعات شتى ومشروعات بحث متنوعة، وعاجلته بالسؤال قبل أن ينفض سامرنا بأن يعطينى نسخة من سفره القيم عن الشيخ مصطفي الأمين، فاعتذر بنفاد الكتاب، فعوضاً عن ذلك أعطاني نسخة من كتابه الموسوم بـ السلطان علي بن صلاح القعيطي: نصف قرن من الصراع السياسي في حضرموت، الذي قدم له البروفسير صالح باصرة، مدير جامعة عدن آنذاك، ووزير التعاليم العالي في اليمن حالياً، بقوله: "إن كتاب السلطان علي بن صلاح القعيطي ليس سيرة شخصية لسلطان، أو أمير، أو سياسي فحسب، بل هو تاريخ نصف قرن من حياة حضرموت السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وهذا هو سر الاهتمام بالكتاب من المؤرخين، ومن الراغبين في التعرف على تاريخ حضرموت. ويمكن القول إن هذا الرابط بين الخاص والعام، وبين سيرة شخص وتاريخ منطقة، هو أمر يحسب لمؤلفي الكتاب القدَّال والقعيطي. وهو أيضاً أسلوب ومنهج متميز في كتابة تاريخ السير للشخصيات المؤثرة في حياة الامم والشعوب".
    هكذا كان البروفسير محمد سعيد القدَّال باراً بصداقاته دون حاجز عمري أو أيديولوجي يقلل من قيمة تلك العلاقة الإنسانية، وأريحياً في عطائه من غير منٍّ ولا أذى، ومبدعاً في انتاجه الأكاديمي الثر، لأنه صاحب منهج فريد، يصب في محيط المدرسة التاريخية السودانية، ويكسبها طعماً ومذاقاً خاصاً، لذا فقد علَّق البروفيسور أرون أيرش، عندما أخبرته بوفاته، قائلاً: "إن فقد البروفسور محمد سعيد القدَّال لم يكن فقداً لأسرته، أو لأصدقائه، أو للسودان فحسب، بل هو فقد للبحث الأكاديمي المتميز". حقاً أنه موت مؤرخ لا نعزِّي فيه، لكن فيه نُعزَّى. ألا رحم الله القدَّال رحمة واسعة بقدر ما أبدع، وبقدر ما ضحى، وبقدر ما أسهم في كتابة التاريخ وإعادة فهم التاريخ.

    (عدل بواسطة Ahmed Abushouk on 01-09-2008, 04:27 PM)

                  

01-09-2008, 01:04 PM

Ahmed Abushouk

تاريخ التسجيل: 12-08-2005
مجموع المشاركات: 344

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موت مؤرخ: البروفسيور محمد سعيد القـــــدال (1935-2008م): أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: Ahmed Abushouk)

    Professor S.R. OFahey writes

    Quote: Date: 08. January. 2007


    Muhammad Sa'id al-Qaddal whose death has just been reported was one of a select group of professional historians, Sudanese and non-Sudanese, who have profoundly enriched and deepened our understanding of Sudanese history. Born in 1935 into an Eastern Sudanese family with Khatmiyya affiliations, he was educated at the University of Khartoum and had a varied career as a teacher, lecturer, political activist and, above all, as a scholar in both the Sudan and the Yemen.
    His writings centred on the Mahdiyya with which he shared a lifelong fascination together with his friend, the late Muhammad Ibrahim Abu Salim (d. 2004). His first major book was al-Siyasa al-iqtisadiyya li'l-dawla al-Mahdiyya, based on his Khartoum Ph.D. thesis, first published in 1986. The work already illustrates a theme that was to dominate his writings, an essentially Marxist analysis and an insistence on the rationality of their actions of the major figures of the Mahdiyya, above all the Mahdi and the Khalifa. These aspects come out in his al-Imam al-Mahdi, Muhammad Ahmad ibn 'Abd Allah (various editions; most recently Beirut: Dar al-Jil, 1992). This is by far the best biography we have of the Mahdi, not least because it attempts to situate him in the context of a Sudanese response to Egyptian colonialism but also as part of a reaction to new religious impulses brought to the Sudan largely by students of Ahmad ibn Idris (d. 1837).
    A particular interest of Dr. al-Qaddal was Sudanese/Ethiiopian relations on which he wrote a series of studies, al-Sudan wa'l-Habash, while, together with Dr. Abu Salim, he edited Isma'il ibn 'Abd al-Qadir al-Kurdufani's al-Tiraz al-manqush bi-bushra qatal Yuhanna malik al-Hubush (Khartoum, 1972). He also wrote a very fine general history of the modern Sudan, Ta'rikh al-Sudan al-hadith, 1820-1955 (Khartoum, n.d.).
    I am not compentent to comment on Dr. al-Qaddal's political writings, but one I cherish is his Kobar, Dhikriyat mu'taqal fi sujun al-Sudan (Cairo, 1998), a brief work that elegantly combines humour and irony.
    The Spanish philosopher, Santanyana, once remarked that a people who forget their history are condemned to relive it. Dr. al-Qaddal was one of a select band of scholars who sought to teach his fellow countrymen that they could escape their past only if they understood it. He will be greatly missed, not least by the present writer.

    Prof. R.S. O'Fahey
    Department of History
    University of Bergen
                  

01-09-2008, 04:57 PM

Ahmed Abushouk

تاريخ التسجيل: 12-08-2005
مجموع المشاركات: 344

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موت مؤرخ: البروفسيور محمد سعيد القـــــدال (1935-2008م): أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: Ahmed Abushouk)




    القدال، أحمد ابوشوك، الأنور عبدالماجد، نوارالشيخ

    (عدل بواسطة Ahmed Abushouk on 01-09-2008, 05:05 PM)
    (عدل بواسطة Ahmed Abushouk on 01-09-2008, 05:28 PM)

                  

01-10-2008, 00:14 AM

Ahmed Abushouk

تاريخ التسجيل: 12-08-2005
مجموع المشاركات: 344

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موت مؤرخ: البروفسيور محمد سعيد القـــــدال (1935-2008م): أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: Ahmed Abushouk)

    أدناه بعض التعازي التي أرسلها لي بعض الزملاء الذين سمعوا بوفاة القدال.





    Quote: 1. Dear Ahmed,
    I am very sorry to learn of Prof. Qaddal's death. This is a great loss not only to his family, country and friends but also to scholarship. In addition, he was a real gentleman. Kindly pass my personal condolence to his family.
    Aharon Layish, Israel.



    2. Dear Ahmed,

    Heartfelt condolences to the friends and family of Prof. al-Qaddal! The
    memory of this warm and gentle person and dedicated historian will live
    on. May he rest in peace.
    Ulrike Freitag



    3. Dear Abushouk

    Inna lillahi wa inna ilaihi raji'oun (To God we belong and to Him we return). Thank you, Abu Shouk, for the timely information. Prof. al-Gaddal's demise is no doubt a big loss to the country, friends, history students and researchers.

    This is the destiny of every human being and we are only heading to that end. We have to supplicate to Allah (s.w.t) to shower merci and forgiveness upon Prof. al-Gaddal, rest his soul in eternal peace in highest paradise and give patience to his family, friends, colleagues and students.

    My sincere condolences go to Prof. al-Gaddal's family and to all those who have known him.


    Mohammed Hammad Ezairig
    +974-5866035 (mobile)
    +974-4629237 (office)
    Doha, Qatar



    4. Dear Ahmed,

    Indeed chocking news to all of us and to his students all over the globe! he was a great teacher and a wonderful human being! best.

    Amal Hassan, USA





    5. Dear Prof. Ahmed
    Condolences and prayers to Almighty to bless you and your colleagues to take up his position and fill the vacancy he left in our knowledge of history.
    With heaviest of hearts,

    Muhammad Elmekki Ibrahim
                  

01-10-2008, 07:38 AM

Adil Al Badawi

تاريخ التسجيل: 07-27-2005
مجموع المشاركات: 1143

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موت مؤرخ: البروفسيور محمد سعيد القـــــدال (1935-2008م): أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: Ahmed Abushouk)

    هذا تأبين عالي القيمة، يا دكتور، تشكر عليه أجزل الشكر. كما وأعزِّيك في هذا الفقد الجلل أستاذكم البروفيسور القدّال...المؤرِّخ الذي شرعت مؤلّفاته التي عدّدت في كتابة سيرته ولماّ يُرفع فراش تلقي العزاء في رحيله.

    نسأل الله للفقيد الرحمة والمغفرة وأن يلهمكم، آله وأصدقاءه وطلابه، الصبر وحسن العزاء.
                  

01-10-2008, 08:21 AM

Ahmed Abushouk

تاريخ التسجيل: 12-08-2005
مجموع المشاركات: 344

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موت مؤرخ: البروفسيور محمد سعيد القـــــدال (1935-2008م): أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: Adil Al Badawi)

    الأخ الأستاذ عادل البدوي
    لك الشكر والتقدير، مع خالص تحيتي ومودتي
                  

01-11-2008, 10:24 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موت مؤرخ: البروفسيور محمد سعيد القـــــدال (1935-2008م): أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: Ahmed Abushouk)




    في رحيل السَّمِح : القدَّال

    تموت الأشجار واقفة ، وهو حق .
    وهي على نقيض العُمر يمضي أخضره إلى غير رجعة ويقتصُ منا الأسى .
    يرحل الطائر إلى سماواته وتعتصر الأحباء الفاجعة .
    بالفقد تنطوي صفحة مورقة ، زاهية . نذر الراحل حياته كلها للوعي . خضب ببنانه الصفحات الناضرات. كتب في التاريخ يستبطن كنوزه التي نجهل . له أذرعة ممدودة في كل مكان . تتلمذ على يديه كُتاب ثقاة ، وبنى من دون أبناء جيله كثفاً من الرؤى ، يقف الذين يمكرون عليه في السياسة موقف القُراء النهمين لزاده الذي لم ينضب في منعطفات العُمر .
    وقف لرأيه موقف العصي ، لم تذله الحاجة ولم تُغريه المناصب ، ولم تُثنيه الزيارات الخفية التي يستسمحه أعداؤه في الخفاء ، ويكيلون عليه مكر السوء في العلن .

    ألا تشرئب إلى لقياك القلوب وتأتمر على محبتك وأنت لم تفرغ بعد من كل الذي نذرت به نفسك من عطاء للتقدم وللحداثة التي تُقدم الإنسانية وتدعم الفقراء .
    مليار وردة تتفتح عند ذكراك ويبقى لنا من أثرك ما كتبت وما نهلنا من إنسانيتك بمحبتها المسفوحة لمن يرغب .
    ألف سلام عليك وألف نور يُطل عند ذكراك يا نعيماً تزهو به الثرى وتفتخر البساتين الموعودة بثماره .


    ***

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 01-11-2008, 03:54 PM)

                  

01-12-2008, 04:54 AM

Ahmed Abushouk

تاريخ التسجيل: 12-08-2005
مجموع المشاركات: 344

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موت مؤرخ: البروفسيور محمد سعيد القـــــدال (1935-2008م): أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: عبدالله الشقليني)

    الدكتور الأنوار عبد الماجد يكتب من جنوب أفريقيا

    RE: Qaddal‏
    From: ANWAR MAGID ([email protected])
    Sent: Thursday, January 10, 2008 7:10:18 PM
    To: Ahmed Abushouk ([email protected])

    Dear Al-Ameer
    Quote: ,
    Messages bringing the sad news of the death of our teacher and friend Gaddal kept bombarding my computer and shattering my soul. For some reason, I was not able to view the article you kindly sent to me. Pity that we celebrate such unique individuals as Gaddal only after they passed on. Pity that, I only discovered too late how privileged I was that he knew me (and called me by my first name), how privileged I was to share with him a meal of foul over which he generously and unreservedly shared me some deep and original thoughts on what he dedicated his life for and worried him most: the state of our beloved Sudan. I shall never forget his passionate, brain-storming and courageous style of teaching and lecturing and how brilliant he was in what he did...making Sudan history relevant to its present and future..His publications stand witness. Added to all that, he was a human being in the full sense of the word and has that unique gift of loving all, blessed by the love of all and being a friend to all age groups.
    ..May Allah rest his soul in peace
    .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de