كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 09:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الطيب بشير الطيب آل خلف الله(الطيب بشير)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-21-2006, 01:47 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5761

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة..



    (1)

    كانت القرية تعتمد على أطفالها في كثير من الواجبات و الأعمال الشاقّة، لعدم وجود ملاهي، و كان أهلونا يقايضون ذلك بصكـوك الرجـولة يوزّعونها على الأكثر نشـاطآ فيما يلقى الكسـول تقريعآ حانيآ يتراوح بين ممسوخ و مسخوت لكن البسـمة المرافقة لكل ذلك تؤكّـد غفران مسـبق لكل أشكال العصيان الطفولي و التمرّد البريء.
    كنت أتذرّع بالحصة الصباحيّة لكي لا أذهـب لشراء الخضار و اللحمة في كلّ صباح! فأهل قريتنا ما كان باختيارهم أكل الطازج يوميّآ لكنّ الثلاجة كانت عند العمدة و البقال الوافد و المفتش الزراعي الذي كان يضطر لتشغيلها بطاقة بدائية غير الكهرباء و حاجة التومة الدّاية التي يقال إنها اشترتها معطّلة للتباهي و الديكور فقط. كان أخي يحرص على تقسيم الأعمال بيننا فجزاء إعفائي من التسـوّق الصباحي هو حمل القمح أو الذرة و الذهاب للسوق لطحنه ليتسنى لأمّي أو مساعدتها، بحسب الحال، إعداد الخبز البلدي و الذي كان أحد خيارين الذرة للكسرة أو القمح للقراصة و لا نعرف لهما ثالثآ إلا بظهور ضيف تقلى له (اللقيمات) و رمضان يخبز له (الرقاق) و عيد يجهّز له الكحـك.
    المشوار للسـوق كان قاسيآ حيث نخرج من البيت بعد الغداء مباشرة، أي الثالثة ظهرآ، و يحمل الواحد منّا صفيحة قديمة بها (ربع) أو (ملوة) من القمح أو الذرة، تحملها على كتفك و تمشي بحذاء ظل جدران البيوت تحاشيآ للهاجرة التي لا ترحم و تقاطعك أسئلة القرويين التي لا تنتظر إجابة:
    شنو يا ود الشـيخ ماشي الطّاحونة؟
    و آخر يبتعد قليلآ من مدخل الكنتين حيث يجلس المعاشيّون في ظل الشجرة و يرفع جلبابه و يمسك طرفه بأسنانه فتحسبه يستعد للجري لكنّه ينزع رباط سرواله، مما يفيد التهيّـؤ للتبوّل بجوار حائط، و هـو بعـد لا ينسى حظّـه من الحديث مع العامة:
    يا ولد لا تمشي طاحونة عبدالرّازق، الحجـر بتاعها ما مسنون و بيطلّع ليك دقيق دراش، و يغمض الحاج عينه اليسـرى أثناء الحديث النّاصح تدليلآ على ارتياحه لخروج البول بعد جلسـة لعبة النّرد التي تشـغـله عن تلبية تفاصيل حياته الطبيعيّة.
    كانت (الطّـاحـونة) ملهى كبير لأطفال القرية، حيث يكفي عند حضورنا أن ننزل الحـمـل على الميزان الكبير فيقوم العم مساعد بتأكيد ما قرّرته الوالدة بالبيت من أن خبزنا انما هو نصف كيلة أو ربعها و يكتب على ظهر الصفيحة رقمآ و حرفآ يعمد تعميته على أولاد المدارس و يلعن تسابقهم في كشفه و قراءته فحتّى العم مساعد كان يريد إخفاء سـر المعرفة مثل دهاقنة الكنيسـة و ساسـة اليوم. لم يكن العم مساعد يكتب على الصفيحة بقلم ملوّن بل هو مسواك قديم مغموس في علبة أنناس، أستطيع أن أجزم أنّه قد حصل عليها فارغة، و يمزج بها ماء و محشـوّ حجارة البطارية الجافة ليصير السائل الأسود علامة تميّز (ماعون) أيّ منّا، و كان حريصآ على كتابة إيصال يحمل نفس الرقم و تسليمه لنا بعد أن ندفع القرش أو القرشين بحسب وزن طحيننا، و قد كان العمل منظّمآ جدّآ و الكاتب أنيقآ تفصله عن العمّال مسافة إداريّة واضحة. ينتقل بعد ذلك الذرة في صـف طويل للعمال و نفرغ نحن للهو و الجري في حطام الطّاحونة القديمة و التي كانت هائلة، أو هكذا تبدّت لنا، و كان القفز بين تروسها المتعطّلة منذ زمان بعيد متعة حقيقيّـة، لا سيما التخفّي داخل حوض تبريد ماكيناتها الفارغ من المياه، و الذي كانت تفضّـله سـعاد بت الناظر، كانت تكبرنا و تتميّز على بنات القرية بالشرائط و الضفائر و رائحة شعرها غير المألوف في القرية فضلآ عن أنّها ما كانت تخشى الضحـك بصوت عال و هذا يجعلها مختلفة.

    (2)

    تكرّر حضور العم مسـاعد لنا في مكان اللـعـب، ما كانت هذه عادته، و لحظت أنّـه بدا لطيفآ معنا جميعآ و صار يساعد بعضنا في رفع الصفيحة و وضعها على الكـتف، لكن هذا لم يحدث قبلآ بل كانت مهابته محفوظة. و أصبح من بعد أمرآ مألوفآ أن يناديه العمّال من مكان لعبنا ليهتم بأمر أحـد الزبائن و يعود عجلآ يرقب براءتنا و لا نفهم سرّ بقائه في مكان مهجور مع أطفال يلعبون بانتظار طحينهم.
    دخلت سعاد يومذاك و هي ترتدي تنّورة قصيرة بلون داكن أبرز جمال بشرتها و امتلاء جسمها و استدارة ساقيها. تبسّـمت بوجهي قبل أن تضع (جردلها) الصغير في الميزان، كانت شفتاها محمرّتان بشكل طبيعي و أسنانها مفرّقـة و عطرها جاذب، رددت أنا على بسمتها بنظرة فاحصة حاولت جهدي أن ألبسـها رداء الحياء و لعنت بسـرّي تقاليد القرية التي لا تسمح بكلمة لطيفة بدا لي أنّها تستحثّني للنطـق بها، قالت لعم مساعد:
    أمّـي قالت ليك لازم تدقّـق لينا ورا قمح
    كانت تعني أن الطحين الذي يسبق قمحها لو كان ذرة سيؤثّـر على طعم قمحها
    أجابها عم مساعد بدون تحفّظ:
    لو أشتري ليك القمح من جيبي ما بزعّلك
    ضحك أحد العمّال فرمقه العم مساعد بنظرة أسكتته
    و راقبتها لأرى أثر حديثه عليها فإذا هي طفلة ساهية بين مراهق تعوزه الجرأة و عجوز ماكر صرعته البسمة و هي لا هـمّ لها سوى أن يسبق قمحها قمح آخر ليأتي طحينها نظيفآ!
    و انتبهت في مكان اللعـب للعم مساعد يراقبنا، هذه المرّة ناداني و كنت جالسآ بالقرب من سعاد التي كانت تحكي عن المدرسـة و أنا أستمع لعطر شعرها قبل كلماتها
    تعال يا ود الشـيخ و لاّ ود اللزينا انتا
    أنا يا عم مساعد؟
    أيوا إنتا في زول غيرك قاعد هنا هسّـع؟..دقيقك دة جاهز و بيتكم بعيد تعال خلاس أمش
    لكن انا عاوزو يبرد يا عم مساعد و ...
    خلاس خلاس امش اقعد
    و بدا لي أنّه غير راض، لكنّي لم أفهم ممّ، و لم أتبيّن سـرّ اهتمامه المفاجيء ببعد منزلنا عن الطّاحونة و تنبّهت للعم مساعد ينظر لسعاد و هو يهرش ما بين فخذيه و يعضّ شفته السّفلى متحسّـرآ على ما لم أتبيّنه في تلك السّـن.

    (3)

    على غير العادة استحـممت نهارآ و بلا رجاءات من أمّـي أو وعـيد من أبي، و فتحت (ضلفة) الأولاد في دولاب كان يسع ملابس كل الأسرة في زمن لم يكتشف فيه الناس أهميّة السفر لبلاد يقايضون فيها أشياء جميلة كثيرة بملابس جديدة و أنماط إستهلاكيّة غريبة و مفردات دخيلة. كان الرف الثاني يحتوي على ملابسي و كتبي و صندوق توفير خشبي به قطع عملة معدنيّة تحدث رنينآ يجلب تعليقات الجميع و طمعهم، عبثت وسـط أشيائي و انتقيت بنطالآ أحضره لي خالي حين عاد من الدراسة بالخارج و ارتبط اسمه به و لمّا لم يكن معه قميص اخترت له (قميص العـيد) كأزهى الثياب لذلك اليوم و اكتملت الأناقة بعطر (كارينا) الذي استلفته من كبرى شقيقاتي بعد أن وعدتها بأن أشتري لها لبان (ماكس) في طريق عودتي من الطاحونة.
    لم تلفتني تعليقات القرويين و لا فضولهم هذه المرّة، دخلت للطاحونة و تجوّلت ببصري بحثآ عن سعاد و اضطرّ عم مساعد لضرب الترابيزة بقلم الكوبيا ليلفتني لأخذ إيصالي، و لمحتها جالسة بأعلى الدرج الخشـبي القديم، تتزيّا بفستان أبيض يشفّ عمّا تحته بلا كثير عناء و كان ما تحته جدير بالإكتشـاف فأمعنت النظر بخبث لا يناسب مظهري البريء، جلسـت بجوار عطر شعرها الذي كان محرّرآ من كلّ شيء و تحيله إلتفاتة من على كتفها الأيمن ليقع كلّـه على الكتف الأيسـر و ضاع معظم حديثها معي و كثرت من جانبي رجاءات الإعادة بكلمة لا يمكن كتابتها هي مزيج من الأنين و البلاهة:هآآآآآ؟
    و تقوم سعاد بتكرار الكلام و أعاود أنا السرحان في شميم عطر شعرها و أسألها بذات السّـذاجة أن تعيد الكلام حتّى دخلت زميلة صباها بت الشايقي و صاحت بها:
    تعالي نلعب حجلة يا سـعاد
    قامت سعاد و ما استأذنت جليسها، كما هي حال زماننا الطيّب ذاك، لكنّي ظللت أرقبها و هي تلعب الحجلة و تقفز بين الخطوط المرسومة ببقايا الفحم في بلاط الطاحونة القديمة. كان في اللعبة جزء يستدعي رفع حجر من الأرض و حين تنثني سعاد و تقوم يدخل أحد أجزاء سروالها وسـط عجيزتها فيشكّل شاغلآ لها و لي و للعم مساعد. تعاود لعب الحجلة و حين يأتي الدور لصاحبتها تجد هي بعض الوقت لإصلاح (فردة) السروال فتعمل يدها فيه مع تثنّي و إبراز للمنطقة الأكثر جمالآ في أنوثتها و أظن أنّ ذلك يصادف ثمّـة أكـلان غير آثم لدى الصـبيّـة فيستمرّ التثنّي و مدّ العجيزة للخلف و التعالي فوق أطراف الأمشاط و يتنبّـه العم مساعد للسيجارة تحرق إصبعيه فيرميها و يصيح:
    الله يخربك آآ خرابة
    و يطأ على بقايا السيجارة بحذائه المهتريء.
    لم يتنبّـه العم مسـاعد لمتابعتي له، أو في الحقيقة لم ينتبه لأي شيء سوى قفزات سعاد بين مربّعات الحجلة و تلاعـب الرياح بشعرها الجميل، و كان لا بدّ من العودة بأناقتي المهيضـة و تغوّل بت الشايقي على حظ أنفي من عطر شعر سعاد. حملت الصفيحة و دلفت خارجآ و رأيت العم مساعد يضع إناء سعاد بجوار مقعده فتوقّفت حيث أنا و لم ينتبه لي هو. نادى سعاد فور خروجي بصوت آمر:
    تعالي يا بت الناظر أشـيّـلـك ع شان تمشي بيتكم
    ودّعـت سعاد صديقتها بلا تقبيل، فقد كان المسلسل وقتها أسبوعيّآ و محصور الأثر، و جاءت تبحث عن طحينها في الصف:
    وينو جردلي يا...
    قاطعها بصـبر نافـد:
    ياهو دة عندي أنا جايبو ليك
    و قام العم مساعد من مكانه و الشيء بين فخذيه منتفخآ بوضوح و هو يحاول إخفاءه بما يحمل، أتى سعاد من دبر ووضع الجردل في رأسها و لزق بمؤخّرتها فأجفلت و صاحت: عم مسـاعد؟ و تفلّـتت جارية و تدفّـق جزء من الدقيق في الأرض، حاول أن يناديها بقوله:
    الدقيق حار يا بتي كان تختّي ليكي حاجة في راسـك
    تعالي يا بت..يا بت شيلي دقيقك
    جرت سعاد لبيتها في رعب و فزع، و ما هي إلاّ لحظات حتّى دخل معها أبوها بوجهه الصّـارم، و أخذ العم مسـاعد يشرح له مبرّراته و يشير لسـوء فهم ما و يتحدّث عن شيبه و تقوى الله، يساعده في الإفتراء أنّ الفزع قـد جعل الشيء بين فخذيه يتلاشى أو يكاد. جئت قريبآ من الناظر المخيف و قلت بصوت قصـدت أن أجعله خشـنآ:
    يا (أستاز).. و الله عم مسـاعد دقّـر لي سعاد
    رفع الناظر نظارته كمن آثر رؤيتي بلا معين:
    قلت شـنو يا ودّ الشـيخ
    و الله يا (أستاز) عم مساعد كان بيعاين لي سعاد طوّالي و جا يرفع ليها الدقيق قام ..قام اتلصّـق وراها شدييييييد..
    و هنا هوت يد مدرّبة على العقاب البدني على خد العم مسـاعد فسقط هو و وقاره أرضآ و تجمّع النّاس، وسمعت الناظر ينطق بالفاحشـة لأوّل مرّة تمامآ مثل التي يقولها (الجارزمبة) صبي الميكانيكي السّـكّـير.

    (4)

    أضاف الوالد مشوار الطاحونة لمهامه الأخرى مع تحذير بعدم الذهاب هناك مطلقآ، و علمت من أمّـي أنّ أبي و الناظر قدّرا شجاعتي و كنت أطمع أن أسمع رأي غيرهما فذهبت لحي الموظفين لأوّل مرة، و ألفـيته لا يتميّز على سائر بيوت القرية بكثير لكنّ ساكنيه يتحدّثون عنه و عن أنفسهم بما يفيد أن هناك ثمّـة فارق. جاءني صبي يكبرني سنّآ و فاجأني بالسّـؤال:
    عندك شنو في الحلّـة دي؟
    و اتّضـح للصبية الذين تجمّعوا في لحظات أنّني وحيد في حيّـهم بلا سبب وجيه فضربوني بموجب العرف السائد وقتها بالحرب بين أولاد الأحياء المختلفة بذات البلدة، و علمت لاحقآ أنّ أولاد الموظّـفين أكثر تعرّضـآ للضرب، لذا فهم يتحيّنون فرصة عابر لدارهم ليشفوا فيه غليلهم. كنت مذنبآ بسعاد في حناياي فتقبّـلت الضرب من مجتمع يعاقب على ممارسـة الحب و قلت لأمّي إنني سقطـت في ملعب الكرة فتورّم وجهي.
    صارت فترة ما بعد الظهيرة أشـدّ ملـلآ و عذابآ، فأنا لا أعرف أين أذهب لأرى سعاد بعد تلك المجازفة و نتائجها و لا أجد ميلآ للعـب مع أقراني و لا لكتبي و كنت أصغـر من معرفة سـرّ تلك الكآبة و الإنفعال بوجه أمّـي و أصدقائي الذين سمعت منهم في تلك الفترة كلمات خصام كثيرة تطرق أذني و كأنّها لا تعنيني. ناداني أبي ليخبرني بأنه تلقّى دعوة لحضور زواج الأستاذ صالح بالقرية المجاورة و أنّـه لا يريد أن تذهب شقيقاتي في السيرة لأنّـه ليس من أقربائنا و قال:
    لكن ممكن تمشي انتا تجاملو و تكتب الجنيه دة بي إسمي في الكشـف
    أعـدّت أمي أزياء خروجي بعناية، فزوجـة عمدة القرية تنافسها في لقب السيدة الأولى بوصفها زوجة الشيخ، و العمدة هو المشرف على زواج الأستاذ الغريب و ستخرج السـيرة من داره. كان بص السيرة في سابق تاريخه شاحنة نقل بائسة يسميها الفرنجة (لوري) أدخلت ورشات الحدادة عليه بعض التعديلات فصار له مدخل وحيد خلفي و كنبتان طويلتان تجعلان المسافرين في حالة اجتماع دائم بلا أجندة معلنة و أسموه بصّـآ. تزاحم الناس للركوب وسط الأغاني سريعة الإيقاع، و الزغاريد المجاملة تشي بأنّ العريس ليس له خالة صادقة الفرحة بين نسوة القرية، و فجأة التقط أنفي عطرآ مميزآ وسط زحام العطور السائدة المتشابهة و قبل أن يفترّ ثغري عن البسمة سمعت:
    انت يا ود الشيخ ساير؟
    التفت نحوها فأردفت:
    أبوي قال لازم نجامل أستاذ صالح
    عاودني أنيني الأبلـه و رجاء تكرار الكلام فاستمرّت سعاد تقول:
    ابوي قال اتّـا ولـد جـدع
    نظرت لها فأطـرقت بحياء و خفق قلبي بعنـف، شعرت لأوّل مرّة بعمري بشيء يتحرّك بين أفخاذي و تذكّـرت عم مساعد فزجرت مجهولآ بداخلي و بحثت عن كلمة مناسبة أقولها لها فلم أجد. دفعتنا جموع القرويين الى داخل البص فدخلنا و جلسنا متجاورين رغم حرص بنات القرية على الجلوس بعيدآ عن الرجال. كانت أوّل رحلة لا ألعن فيها الطريق غير الممهد، و كلما دارت إطارات السيارة أقطع ميلآ نحو رجولتي حتى انتصبت بنهاية الرحلة شابّـآ في مقتبل الضـياع.
    رقصـت سعاد رقصـآ مختلفآ عن رقصة الحمامة المألوفة بالقرية، تقافزت و باعدت بين ساقيها، و هذا يكفي للـوأد عندنا، و كانت تصفّـق مع إيقاع الأغنية و تتبسّـم مما جعل بنات القرية يغبطنها و يـمـطـطـن شفاههن في استياء يصاحبه صوت ليس من حروف اللغات المعروفة بأيّ حال لكن السّـامع يستطيع تمييز دور اللعاب و الهواء في إصـداره. انتزعت سعاد إعجاب الرجال و صفّقوا لها و أطرقت في حياء و اختلسـت نظرة باتجاهي قبل أن تجلس.
    و بنهاية الحفل ركبنا البص للعودة فجلست بجوارها قصدآ. تحادثنا و شعرت بها مختلفة هذه المرّة حيث لم تكلّمني عن هموم المدرسـة، قالت إن ست عفاف قـد عاتبتها على البنطلون في السيرة و هي لا تحفل لذلك لأنّ (ماما) قد اختارته لها و قالت إنّ الفنّان كان يغنّـي كلامآ جميـلآ و الموسيقى حلوة كما علمت منها أن بنطالي له إسـم و هو (كوردرويو) و قد كانت الملابس عندنا تلقّـب بمناسبات شرائها أو أسماء من أهدونا إيّـاها. في رحلة العودة فتح الله علي ببعض الكلمات و كثير من حسن الاستماع فلم أطالب بإعادة ما فاتني بعد أن تخطّـيت الدهشـة. قبل أن نصل لبيت العمدة، الذي تحرّكنا منه، أوقفنا السائق بجوار بيت الناظـر فقد رأى كل القرية أمام داره في صبيحة الجمعة و هو أمر غير مألوف.

    (5)

    انتشرت الوجوه المرهقة من السهر و الرحلة في جنبات بيت الناظر، كان بين الجائلين في الدار بضعة رجال بوجوه و أزياء غريبة، فالبنطال و القميص من قماش واحد و لون محايد، و هناك شيء أسود يتبدّى في منطقة الخصر عند كل انحناءة و لكني لم أستطع تمييزه. ارتدّت عيون القرويين الفضوليّـة حسيرة دون أن تدرك شيء
    السيارات كثيرة و صغيرة و جديدة
    الوجوه بصرامة الشرطة و أزياء موظفي البلديّة
    و رفضوا شرب شاي العمدة
    لا أحد يجرؤ على رفـض شاي العمدة
    لكن لماذا يحادثهم العمدة بلا هياج، كعادته، و لماذا ينصرفون من أمامه قبل أن يتم كلامه؟
    ما هي إلا لحظات حتّى انبعث أشقاهم يحمل كرتونة بها ورق يشبه أوراق امتحان الشهادة و كتب يعلوها غبار لكني مددت عنقي و قرأت عنوان أحدها (البقسماط الأسـود)..
    جاء الناظر بعد لحظات أسيرآ غير مقيّـد و ركب حيث أشاروا له، و تسابقت السيارات الجديدة القويّة تنهب الطريق خارجة، و رأيت اثنين منهم يتعمّـدان القفز بعد أن تحرّكت السيارات و صفّـق لهم بعض الصبية فانتهرهم علي التمرجي بغضـب و قال كلامآ لشباب القرية لم أفهم منه كلمة واحدة لكني أذكر كلمة (الثورة)، و كان ينطق ثاءها صادآ، و (المعتقل) و جاء ذكر عم مساعد كاتب الطاحونة مصحوبآ بأقذع الشتائم حيث ذكر علي التمرجي أن أحد الغرباء زاره أول أمس و تهامس معه طويلآ و أنّ العم مساعد اشترى بالأمس نصيب حاج طـه في الطاحونة و أصبح فجأة من أثرياء القرية.
    بدأت رحلة الذهاب للبيت بعد أن غلبني النّعاس فانطلقت بكسـل غير مبال لقميصي الذي لم يعد محشـوّآ داخل البنطال و حذائي الذي علاه الغبار و تجاوزت الأحداث وصـيّـة أمي بالحرص على العبوة الفاخرة، و قبل أن ابتعد عن بيت الناظر تعالى ضجيج بالبيت فرجعت مسرعآ و خائفآ، رأيت العمدة و قد استعاد هيبته و سطوته، فالسيطرة على الضعفاء أهم ملامح النسق الإداري عندنا، و قال:
    الحيكومة دايرة بيتها هسّـع دي
    و تكلّـم الكثيرون بلا صوت مسموع لكن لهجة الاحتجاج وصلت للعمدة الذي وصف نفسه بأنّه عبد المأمور، لم يعجبني الوصـف أبدآ لماذا يرضى الإنسـان أن يكون عبدآ لأي آمر أو مأمور، و بدا لي أن الذي يأمر العمدة لا بدّ أن يكون طويلآ و عريضـآ و له شارب ضخم و لم يخطر ببالي أبدآ غرباء الصباح المشـؤوم.
    نشـط القرويون في جمع أشياء أسرة الناظر و رفعها في لوري العمدة الذي قال للجميع أنه سيسافر معهم لبيت جدّهم في السجّـانة، لماذا يأخذون الناظر للمعتقل و سعاد و أسرتها للسجّانة؟ و ما هو هذا البقسماط الذي أخطأ الناظر بقراءته؟ و كيف تكون قراءة الكتب خطيئة؟ و اقتناؤها جريرة؟ و لماذا يخاف أسياد العمدة من كتاب؟
    لم تتوقف دماغي عن توليد الأسئلة العصـيّة كما لم يتوقّف القرويون عن شحن أشياء البيت المنكوب، و قهر العمدة مشاعر نساء الحي في إطار محاولاته لاسترداد سطوته فأعلن نهاية الوداع و أمر زوجة الناظر بالركوب في اللوري (بي قـدّام)، قالها ممتنّـآ و مباهيآ من يؤازرنها بصـدق و لا يملكن لواري.
    بانت سـعاد
    شاحبة الجمال، دامعة الخاطر
    مشيت نحوها متسائلآ بغباء صادق: هـو.. فـي شـنو؟
    جاء صوتها مأزومآ:
    أبوي قال عم مساعـد حرّش عليهو النّـاس العفنين ديل..
    يبقى بخاطر الصبيّـة البريئة اسمه عم مساعد و ان تجنّى على صباها بالسـفه و أبيها بالإعتقال، لكنّها أخلاقآ رضعها هؤلاء البسـطاء جيلآ بعد جيل فهل تحتاج هذه الشخصيّـة لاعادة صياغة بكل حرصها على التهذيب رغم الغضب و الظلم؟ هل يعرف عم مساعد أنّـه يهـتـك نسيجآ إجتماعيّـآ نضج آلاف السنين على نار هادئة و متسامحة و أنّـه خان ألف مبدأ ليكسب نصيبآ في طاحونة القرية و ينتقم لصفعة إستحقّـها بجدارة.
    ركبت سعاد اللوري و لم أجرؤ على النظر في عينيها و لكنّي كنت أشعر بعيونها تخرق أمّ رأسي.
    و تحرّك الغبار يلفّ كل شيء بعد خروج ركبها، و عاد نسوة الحي يثرثرن بجواري و يصل لأنفي عطر شعورهن الموحّـد كزيّ الرجال الأغراب الذين أتعسـوا صباح القرية، و تدحرجت مع قطيع أهلي نحو بيتنا و بخاطري آخر ما سمعته من سعاد:
    أبوي قال عم مساعـد حرّش عليهو النّـاس العفنين ديل..
    أبوي قال عم مساعـد حرّش عليهو النّـاس العفنين ديل..
    أبوي قال عم مساعـد حرّش عليهو النّـاس العفنين ديل..
    و لم ألتفت لخدر العوير و هو ينظف السائل من أنفه و يبتسـم بانتظار تعريفة، هي حافز تعوّد عليه لقاء مجهوده لتنظيف أنفه، فأحبط حين تجاوزته و ساء صباح المسكين خدر فيا لبؤس قرية لا تملك فرحآ لأحد و لا تحقق أحلامآ تسوى نصـف قرش. تسـمّـرت قدماي أمام الطّـاحـونة، و قد مررت بها دون وعي، و نظرت مكان عطر شعرها و بقايا خطوط الحجلة و خيال بت الشايقي و الحجر الموجب للتـثـنّـي و بكيت دون أن تطفر دموعي آآه ما أقسى هذا الألم المـمـض و لماذا لا تسـح هذه الدمعة فتريحني، و ما هو هذا الشيء الذي يضغط أضالعي بعنف و قسـوة، و فجأة رأيت عم مساعد ينزل الدرج القديم باتجاه مكتبه البائس، حدّجتـه بنظرة أفرغـت فيها كلّ احتقاري فردّ علي بابتسـامة هازئـة بدا لي فيها مباهيآ بنصره الخسيس فلم أطقها و سمعت بداخلي صوتها الباكي:
    أبوي قال عم مساعـد حرّش عليهو النّـاس العفنين ديل..
    و بلا شعور جريت باتجاهه و أخذت وحدة الموازين (الرطـل) و قذفتها بوجهه فتفاداها بالإنحناء الذي يجيده فارتطمت بجدار (الزنكي) و أحدثت مع هياج صوته المفزوع ضـجـيـجـآ تجمّـع الناس على إثـره فيما بقي العم مساعد قابعآ حيث هو يرتعد من الخوف،تقـدّم نحوي طالب الجامعة الذي يحترمه القرويّـون و أمسك بيدي فلم يعـنّـفـني أحـد و سمعت الماحي صاحب الكنتين يردّد في وجه عم مساعد نفس العبارات البذيئة التي قالها الناظر له يوم ضربه، و تصوّرت أن الناس المحترمين يستخدمون لغة صبي الميكانيكي السـكّـير (الجارزمبة) في وجه أمثال العم مساعد.
    كان صوت الراديو في الكنتين عاليآ و سمعت الفنان و هو يغنّي:
    ياااا مساخة الحـلّـة
    يوم ناس آمـنة فاتوا
    و القمرة غابت في عشيّـاتو
    نحب ياتو
    نريد ياتو
    نحب النيل و شتلاتو
    وياااا مساخة الحـلّـة
    يوم ناس آمـنة فاتوا
    ياااا مساخة الحـلّـة
    يوم ناس آمـنة فاتوا

    (عدل بواسطة الطيب بشير on 03-21-2006, 05:55 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-21-06, 01:47 PM
  Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. sumah03-21-06, 10:30 PM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. ابو جهينة03-22-06, 00:48 AM
      Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-22-06, 09:25 AM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-22-06, 09:18 AM
  Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. sumah03-22-06, 11:00 PM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-23-06, 06:33 AM
      Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-24-06, 07:30 AM
  Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. sumah03-24-06, 02:34 PM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-24-06, 09:59 PM
      Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الصادق عثمان03-24-06, 10:44 PM
        Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-25-06, 08:19 AM
          Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-25-06, 06:16 PM
  Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. مشتاق03-26-06, 07:11 AM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-26-06, 08:48 AM
      Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. عبدالرحمن عزّاز03-26-06, 07:47 PM
        Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-27-06, 08:38 AM
  Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الجيلى أحمد03-28-06, 02:06 AM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-28-06, 11:47 AM
      Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. munswor almophtah03-28-06, 04:32 PM
        Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-29-06, 08:16 AM
  Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. Mohamed Abdelgaleel03-29-06, 08:34 AM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-29-06, 02:34 PM
  Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. عبد المنعم عمر عثمان03-29-06, 11:29 AM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-29-06, 02:46 PM
  Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. صديق الموج03-30-06, 00:12 AM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-30-06, 09:31 AM
  Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. عبد المنعم عمر عثمان03-30-06, 08:08 AM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير03-30-06, 11:19 AM
      Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. Mohamed Abdelgaleel04-01-06, 05:34 AM
        Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-01-06, 11:21 AM
          Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. Mohamed Abdelgaleel04-02-06, 07:22 AM
            Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-02-06, 01:08 PM
  Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. صديق الموج04-05-06, 09:54 AM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. munswor almophtah04-05-06, 10:20 AM
      Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-05-06, 11:26 AM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-05-06, 11:15 AM
  Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. صديق الموج04-12-06, 04:11 PM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. munswor almophtah04-12-06, 04:29 PM
      Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-12-06, 06:02 PM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-12-06, 05:58 PM
      Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. Mohamed Abdelgaleel04-15-06, 08:53 AM
        Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-15-06, 03:12 PM
          Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. Mohamed Abdelgaleel04-17-06, 07:40 AM
            Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-17-06, 12:56 PM
              Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. محمد سنى دفع الله04-17-06, 01:11 PM
                Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-19-06, 09:06 AM
  Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. Tariq Sharqawi04-19-06, 00:27 AM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-19-06, 10:16 AM
      Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-19-06, 10:00 PM
        Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. Mohamed Abdelgaleel04-20-06, 06:09 AM
          Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-20-06, 12:16 PM
            Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. عبدالرحمن عزّاز04-21-06, 08:59 PM
              Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-22-06, 02:18 PM
  Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الجيلى أحمد04-22-06, 03:09 PM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-22-06, 05:59 PM
  Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. عدلان أحمد عبدالعزيز04-23-06, 00:54 AM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-23-06, 11:57 AM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. Mohamed Abdelgaleel04-24-06, 06:08 AM
      Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-24-06, 09:28 AM
  Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. عمر عبدالجليل البعشي04-23-06, 01:38 AM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. nazar hussien04-23-06, 12:23 PM
      Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-23-06, 02:22 PM
    Re: كـاتــب الطّـاحـونــة ..قصّـة.. الطيب بشير04-23-06, 01:06 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de