|
Re: حكاية سفر.. (Re: طارق جبريل)
|
(10) استيقظت على نداء فيه الكثير من الخوف.. طارق طارق.. كان الصوت فيه كثير من الألم... طارق طارق كان كأنه يأتيني في حلم كئيب في ليالي الغربة تلك..طارق طارق.. حين فتحت أعيني وجدت أمامي شقيقتي أسماء: طارق أبوي دة ما ياهو تعال شوفه.. لا أدري.. حقيقي لا أدري كيف وصلت «الصالون».. دون أي وعي وجدت أنني أضع رأسه على أرجلي.. كان يتصبب عرقا ويتنفس بصعوبة بالغة.. - يابة مالك... يابة الواجعك شنو - ما... ما قادر اتتنفس يا ولدي.. - سمح ابوي بنوديك الدكتور.. لم يقل شيئا وبدأ يغمض عينيه.. ويرفع يده اليمنى وينزلها.. لم أدري حينها ماذا أفعل.. مسكته من خدوده: يابة سامعني هز رأسه ثم أغمض عينيه مرة أخرى.. - راشد شوف أي عربية... يا هاشم شيلو معاي.. حملته على صدري ومعي هاشم ووضعناه في سيارة أمجد وانطلقنا إلى مستشفى الأكاديمي بالإمتداد.. دخلنا به مسرعين إلى حيث الطبيب المناوب.. كانت طبيبة حوادث من ارتباكها يبدو أنها في سنتها الأولى بعد التخرج.. - حصل ليه شنو الحاج دة.. - والله فجأة كدة جاهو ضيق تنفس وبدأ يعرق.. احضرت جهازا للأوكسجين ووضعته على فمه وأنفه ثم سكبت دواء طيارا عله يساعده في التنفس... ثم امسكت جهاز هاتفها النقال وراحت تخاطي أحدهم.. - ياخي في كيس هنا شكله هارت اتاك وزي ما عارف مافي اجهزة قلب والكيس اباوت ناينتي ييرز اولد.. - اهااا - اهااا - اوكي منتظراك.. هذا حال مستشفى أكاديمي فما بال مستشفيات الأطراف.. أحسست بألم عمييييق.. عميييييييق،، لا يا حاج أوعك تعملها.. مسكته من وجهه مرة أخرى.. وهذه المرة خانتني دموعي.. أبوي أوعك تعملها.. بدأت امسح له العرق من على جبينه.. حين رفعت رأسي وجدت جميع شقيقاتي حولي يبكين .. جاء الطبيب وطلب منا الخروج.. انا رفضت أن أغادر: شوف أنا ما طالع من هنا حاولوا أن يجدوا عرقا ليركبوا له محلول يساعد دورته الدموية.. بحثوا في جميع أطرافه علهم يجدون عرقا... كأنما تلك العروق عروسا توارت خجلا يوم أخبروها بقدوم عريس طالبا يدها.. انتحى شقيقي لطفي بالطبيب وفهمت من إيماءات وجهه أن الأمر جلل.. - طارق أنا ضربت لي يسري عشان يجيب الاسعاف وابراهيم اخوي قال ننقله «الأطباء» عشان هناك الرعاية أفضل ودي وصية الدكتور.. حضر الاسعاف وكانت كل عائلتنا أمام المستشفى.. حملناه مسرعين إلى «الأطباء».. دخلنا معه انا وشقيقاي ابرهيم ولطفي.. عندما فحصه الطبيب طلب التوجه فورا إلى غرفة العناية المكثفة.. حملناه مسرعين إلى الطابق الثالث.. كان ساكنا تماما ولا يتحرك أي جزء في جسده اجتمع حوله ثلاثة أطباء وثلاثة ممرضين هنود.. طلب منا رئيس الممرضين الهندي الخروج فرفض شقيقي ابراهيم: no way i will not leave, be sur of that خرجنا انا ولطفي وبدأوا يركبون له أجهزة التنفس الصناعي.. ظللنا نراقب الأمر خلف الحاجب الزجاجي بقلق كبير.. بدأوا يدلكون له صدره بعجالة... ثم حجبوه خلف ستار.. حينها فقط انهرت تماما وجلست على الأرض.. أرجوك لا تفعلها أنت أيضا.. «يابة أنا لليلي ماني مصدق انه بت ابو دية مشت خلتنا».. جلست على الأرض ووضعت يدي على رأسي وأغرورقت عيناي بالدموع.. لا أدري لماذا يقفز إليك الماضي حين يصاب أحدا ممن تحب بمكروه.. تذكرته في سفراته الكثيرة تلك يجوب السودان طولا وعرضا عبر شاحنته «القندران».. وحين يصل أمام الباب نأتي مسرعين إليه وقبل أن ينزل يسألنا: - كلكم طيبين ونصيحين - نحن كويسين مافي عوجة - الحمد لله يدخل ويسلم على الجميع ونحن الصغار نجلس على حجره.. ونغنم أكياس «فول الحاجات» و«القنقليز» و«أم قضيم» ومعها «قرش» أو «فريني».. ثم يقوم ويحلق ذقنه ويدخل ليستحم.. وعند خروجه تكون «القراصة» ساخنة وطاعمة يعقبها الشاي ثم يأخذ «تكيته».. تراءت أمامي كل تلك الذكريات وحكاوي سفراته الكثيرة التي كان يرويها لنا.. تذكرت كيف كنت أصر أن أسافر معه دون إخوتي في عطلة المدرسة.. وكيف كانت والدتي غير راغبة في هذا السفر وكيف كانت إجابته حاضرة: الولد ولدي ومسافر معاي في زول طالبني حاجة.. لطفي قطع الممر مرات ومرات وكان في قمة التوتر.. كان يجمع يديه خلف ظهره ويعض على شفته السفلى.. رفعت رأسي لأرى ماذا يحدث بالداخل.. كانوا يجتمعون حوله وأرجله تنتفض.. كان إبراهيم يضع يديه على صدره وعينه على أجهزة القلب.. وضعت ظهري إلى الحائط ويدي على خدودي.. جاء شخص من إدارة المستشفى وانتحى بي جانبا: ياخي عايزين حاجة تحت الحساب.. - ياخي ما فاهم حاجة أنا - الزول الفي العناية المركزة دة موش قريبكم - دة أبوي - خلاص عايزين لينا ستة سبعة مليون تحت الحساب عشان الأطباء يواصلوا شغلهم - يا زول انت مجنون في مخك دة - مجنون شنو ياخي دي الأوامر كدة - يعني إنت قايل نحن لمن جبنا أبوي دة هنا مفتكرين إننا ما حا ندفع ليكم إنت قاعد تفكر بي ياتو مخ ولا ياتو منطق.. الزول بين الحياة والموت وإنتو جايين تقول لي عايزين حاجة تحت الحساب.. حين علت نبراتنا جاء لطفي مسرعا: الحاصل شنو ياخي شوف البني آدم دة بيقول في شنو - يا عمك تعال معاي الفي شنو ياخي .. أخوي دة عايش برة ما فاهم الحاصل هنا - يا لطفي هي دي دايرة ليها فهم... دة زول في قلبه مافي ذرة رحمة - يا طارق روق أنا بحل الموضوع.. كان أن الأمر مفاجئا بالنسبة لي.. في ظروف كهذه يأتيك أحدا ليتحدث عن المال.. ونحن في هذا اللغط العقيم خرج شقيقي إبراهيم مبتسما.. - إها يا إبراهيم - ذبحة صدرية للأسف وقلبه إتوقف تماما في لحظة ما.. لكن مع الدلك والأجهزة رجع النبض تاني الحمد لله والأمور بدأت تستقر لكن هو في غيبوبة.. - يا ألطاف الله ياخي - ربنا يرفعه... لو ما استعجلنا كان مات في الأكاديمي - الحمد لله... الحمد لله.. ذهبت رفقة إبراهيم للإدارة ووضعنا لهم سبعة مليون تحت الحساب - عايزين مرافق - أنا حا أكون مرافق لأنه أخواني ديل شغالين - يا أبو الشباب أنت زول انفعالي - شوف إنفعالي.. جن أزرق.. أنا حا اقعد معاهو، قروشكم واستلمتوها - يا حبيب نحن بننفذ تعليمات بس - ياخي تعليمات شنو المافيها ذرة إنسانية دي ....... خرجنا إلى باب المصحة وهرعت إلينا شقيقاتنا وأعمامنا وجيراننا وأحبابنا.. شقيقاتنا كن يبكين... الحمد لله... الحمد لله.. حضنت شقيقتي سهير وبكيت واستغفرت.. جاء أطباء كثر أصدقاء لشقيقي إبراهيم وخضر من أيام «البركس».. - رجل الأمن في المصحة: انتو الزول دة منو هو - إلتفت إليه ووجهي مازال مبللا بالدمع: واحد من عباد الله المساكين طول عمره في حاله ما أذى ليه زول ولا غلت عليه زول... ليه في شنو - يا حبيب سبحان الله أحبابه كتار ربنا يشفيه ليكم يا رب... .........
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-04-12, 12:28 PM |
Re: حكاية سفر.. | ادريس خليفة علم الهدي | 01-04-12, 12:41 PM |
Re: حكاية سفر.. | Ahmed al Qurashi | 01-04-12, 12:56 PM |
Re: حكاية سفر.. | رانيه محمد الشيخ | 01-04-12, 01:17 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-04-12, 03:14 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-04-12, 03:02 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-04-12, 02:59 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-04-12, 03:17 PM |
Re: حكاية سفر.. | وضاحة | 01-04-12, 03:48 PM |
Re: حكاية سفر.. | عبد اللطيف بكري أحمد | 01-04-12, 07:03 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-04-12, 09:32 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-04-12, 09:25 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-04-12, 09:37 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-05-12, 10:40 AM |
Re: حكاية سفر.. | ابو جهينة | 01-05-12, 12:38 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-05-12, 02:31 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-08-12, 12:13 PM |
Re: حكاية سفر.. | عبد اللطيف بكري أحمد | 01-08-12, 02:51 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-08-12, 08:56 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-10-12, 01:04 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-10-12, 07:00 PM |
Re: حكاية سفر.. | محمد عبد الماجد الصايم | 01-11-12, 09:00 AM |
Re: حكاية سفر.. | معاذ حسن | 01-11-12, 10:39 AM |
Re: حكاية سفر.. | طارق ميرغني | 01-11-12, 11:26 AM |
Re: حكاية سفر.. | Mandingoo | 01-11-12, 12:13 PM |
Re: حكاية سفر.. | عبد اللطيف بكري أحمد | 01-11-12, 02:25 PM |
Re: حكاية سفر.. | Elawad | 01-11-12, 05:16 PM |
Re: حكاية سفر.. | امير بشير حمد | 01-11-12, 10:59 PM |
Re: حكاية سفر.. | معتصم محمد صالح | 01-12-12, 07:06 AM |
Re: حكاية سفر.. | موسي الراجل | 01-12-12, 07:57 AM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-20-12, 01:53 AM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-22-12, 11:06 AM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-21-12, 06:59 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-21-12, 00:46 AM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-21-12, 00:44 AM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-21-12, 00:38 AM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-21-12, 00:26 AM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-21-12, 00:22 AM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-21-12, 00:20 AM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-21-12, 00:19 AM |
Re: حكاية سفر.. | هاشم محمد الحسن عبدالله | 01-21-12, 07:55 AM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-22-12, 06:12 PM |
Re: حكاية سفر.. | ناصر البطل | 01-22-12, 06:54 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-24-12, 00:29 AM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-23-12, 10:32 AM |
Re: حكاية سفر.. | هيثم طه | 01-23-12, 04:26 PM |
Re: حكاية سفر.. | سلمى تاور | 01-24-12, 02:04 AM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-24-12, 10:28 AM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-24-12, 10:25 AM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 01-26-12, 02:22 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 02-02-12, 12:46 PM |
Re: حكاية سفر.. | طارق جبريل | 02-07-12, 00:47 AM |
|
|
|