|
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو (Re: Osman Musa)
|
قصة . طبيب اسنان سودانى فى البرازيل . طلحة جبريل هاتان حكايتان من الحكايات السودانية التي تبين الى اي حد يمكن لإصحاب العزائم التي لا تلين قهر المصاعب. شابان لم تكن الشجاعة هي التي تنقصهم بل الحظ .نموذجان لشباب ناقمين على الفقر في بلادنا، من المحبطين في آمالهم لكافة الدواعي ، ومن الساخطين على فجوة اجتماعية وجدوا انها تتسع وتكبر في كل يوم. الحكاية الاولى من البرازيل والثانية من واشنطن. الحكاية الاولى تلقيت تفاصيلها عبر البريد الاليكتروني، أما الثانية فقد نشرتها صحيفة"واشنطن بوست" في صفحتها الاولى في 23 سبتمبر الماضي. روي لي صاحب الحكاية الاولي،والعهدة على الرواي، تفاصيل رحلته التي قادته من أحدى القرى النائية في اطراف السودان الى البرازيل، وبما انه طلب عدم الاشارة الى اسمه فإنني ساكتفي بالأحرف الاولى" م.س" كما أنني تعمدت إغفال اسم المدينة البرازيلية التي يوجد بها حالياً. في منتصف التسعينات عندما نزلت الاثقال ايامئذٍ على الشباب وطحنتهم طحناً ما بين " ساحات الفداء" والفاقة والبطالة وصعوبة الالتحاق بالجامعات، سيقرر " م.س" ان يتسلل الى مصر ، كان ذلك هو الخيار الوحيد أمامه بعد ان تعذر عليه الخروج من الخرطوم عبر المنافذ الرسمية . عقب مغامرة على درب الاربعين مع رعاة جمال وصل الى أطراف القاهرة ، ثم ما لبث ان انتقل الى قلب العاصمة المصرية. راح يبحث بكل الطرق والوسائل عن كيفية تتيح له الالتحاق باحدى الجامعات لكنه وجد ان جميع الابواب موصدة بسبب البيروقراطية المصرية المرهقة والمعقدة . كانت تتنازعه رغبتان في تلك الفترة ،مواصلة دراسته الجامعية أو الانتقال الى العاصمة الارترية حيث يمكنه وقتها الانضمام الى الذين قرروا حمل السلاح . وهو في خضم هذه المعممة ، و ظروفه المعيشية قد ساءت الى حد كبير ، قرر ان ينتقل الى ليبيا وبعد ان يجمع قدراً من المال يحدد وجهته. سافر " م.س" عبر الطريق البري الى بنغازي ، هناك سيلتقي بعض المغاربة الذين نصحوه بالسفر الى المغرب ، واقترحوا عليه اسمي وفي يقينهم انني ساساعده للالتحاق باحدى الجامعات المغربية. وعلى الرغم من انه ذكر لي اسماء بعض من اولئك المغاربة ، لكنني لم اعرفهم وخمنت ان اسمي تواتر لديهم بالسمع. كانت رحلته من ليبيا الى المغرب عبر باخرة من طرابلس الى الدار البيضاء ، وكان حصل على تأشيرة سياحية من القنصلية المغربية بمساعدة من طرف اولئك المغاربة. بعد وصوله الى المغرب أقام في الدار البيضاء مع صديق مغربي في "الحي المحمدي" وهو أحد أكبر احياء المدينة التي يطلق عليه توصيف" حي شعبي" أي تلك التي يقطنه محدودي الدخل. يقولٍ" م.س" إنه حاول الاتصال بي لكنه لم يهتد الى عنواني او رقم هاتفي . وانه كان يخشى التنقل بين الدار البيضاء و الرباط حيث كنت أقيم بعد ان انتهت مدة تأشيرته . كنا في ذلك الوقت نقوم بتسجيل الطلاب في الجامعات المغربية بكيفية تم الاتفاق عليها مع سلطات عليا في المغرب. كانت السفارة السودانية في إطار التعليمات الواردة من الخرطوم ترفض منح اي طالب موافقة للتسجيل في إحدى الجامعات المغربية على أعتبار ان البلاد وفرت ما يكفي من الجامعات وهي الآن لا تقبل بايفاد طلاب الى الخارج للدراسة حتى لو كان ذلك مجاناً وعلى حساب الدولة المضيفة كما هو حال المغرب، ونظراً للطبيعة الروتينية لهذا الاجراء كانت الجامعات المغربية ترفض تسجيل اي طالب أجنبي اذا لم يحصل على "رخصة تسجيل" كما يسميها المغاربة من "وزارة التعليم العالي وتكوين الاطر " والوزارة تطلب من اي طالب الحصول على موافقة سفارة بلاده، وعندما تنبهنا الى هذا الامر ، أجريت شخصياً اتصالات مع جهات مغربية على مستوى رفيع وشرحت لهم المسألة. لم يكن المغاربة يريدون خلق إشكالات مع السلطة الحاكمة في الخرطوم، لذلك طلبوا ان نزودهم باسماء الطلاب الذين نريد تسجيلهم دون ضجة او ضجيج ،وهم يتولون ترتيب الامور ، وبما ان الاعداد التي كانت تصل قليلة جداً ، فإن الامر كان سهلاً . لا أذكر ان اسم" م.س" قد ذكر امامي في تلك الفترة ، وهذا ما قلته له عبر الرسائل التي تبادلناها. عندما بلغ اليأس مداه عند "م.س" وتيقن من صعوبة التسجيل في جامعة مغربية ، أقنعه بعض الشباب المغاربة بان يهاجر معهم الى اسبانيا عبر قوارب مهترئة يطلق عليها في المغرب "قوارب الموت" لانها تنقل مهاجرين غير شرعين من الضفة الجنوبية الى الضفة الشمالية من المتوسط ، وغالباً ما تنقلب في وسط البحر ويصبح ركابها طعاماً لاسماك القرش، وحتى في حالة وصول الركاب الى الشواطيء الاسبانية فإن حرس السواحل الاسباني يتلقفهم هناك وبعد فترة اعتقال يتولى إعادتهم من حيث أتوا. جرت العادة ان يدفع كل مهاجر من هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين ، مبلغاً من المال الى شبكات تهريب البشر ، لكن" م.س" الذي لم يكن لديه مالاً يدفعه، قبل بمهمة صعبة وهي ان يتولى هو شخصياً قيادة القارب، وإذا فشل في الوصول بركابه عليه ان يتوقع ما هو اسوأ من السيء ، سواء من ركاب القارب نفسه او من حرس السواحل الاسبانيين. كان " م.س" محظوظاً لان القارب الذي انتقل من منطقة تعرف باسم "القصر الصغير" قرب طنجة استطاع ان يفلت من أسماك القرش وحرس السواحل ووصل الى شواطيء الضفة الاخرى. تسلل هو والآخرون الى الاراضي الاسبانية. هناك بدأت فصول مغامرة أخرى، حيث سيعمل "م.س" في البداية في مزارع العنب في منطقة الماريا جنوب اسبانيا ، وبعد ان مارس هناك عدداً من المهن الشاقة ، جاء من يقنعه أن فرص العمل في البرتغال افضل. وبالفعل سيقرر " م.س" ان يتسلل الى البرتغال مهاجراً غير شرعي من جديد. وهناك سيمضي سنوات صعبة ، إذ كان عليه ان يتفادى الشرطة خاصة انه دخل البلاد بدون تأشيرة بل حتى بدون جواز. تعلم " م.س" خلال وجوده في البرتغال اللغة البرتغالية. ظل حلم الدراسة في جامعة يراوده على الرغم من ان السنوات راحت تركض ، لكنه لم ييأس. في البرتغال سيتعرف على شاب برازيلي، ابلغه بانه يمكنه الدراسة في البرازيل خاصة بعد أن اتقن اللغة البرتغالية، والبرازيل هي الدولة الوحيدة في اميركا اللاتينية تتحدث هذه اللغة ، وهي سابع دولة في العالم تتحدثها الى جانب كل من موزمبيق وانغولا وغينيا بيساو وساوتومي وجزر الرأس الاخضر ، وتيمور الشرقية. جمع" م.س" مبلغاً من المال يمكن ان يساعده في الوصول الى البرازيل، بيد ان المعضلة كانت كيفية الحصول على جواز سفر. كتب" م.س" الى بعض المنظمات الحقوقية يشرح قصته، وكان صادقاً عندما قال لهم إنه خرج من بلده للدراسة، لكن بعد مضي سنوات لم يحقق حلمه. ويبدو ان من تشاور معهم كانوا من العقلاء ، وكما يقال نصائح العقلاء وأعمالهم منزهة عن العبث. نصحه هؤلاء بطلب "وثيقة سفر" من مكتب مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة في العاصمة البرتغالية لشبونة. و هذا ما كان بالفعل . بعد فترة وافقت المفوضية على منحه " وثيقة سفر" وكان ذلك عام 2002 . سافر " م.س" الى البرازيل والى مدينة ريو ديجانيرو في البداية . وبقي هناك فترة يبحث عن إمكانية الدراسة في إحدى الجامعات ولم يجد الى ذلك سبيلاً في ريو ، ثم انتقل الى مدينة أخرى ، وساعده الحظ أخيراً في الالتحاق بكلية لطب الاسنان ، وبما انه يحمل " وثيقة لاجئين" فإن ذلك فتح له الكثير من الأبواب. أكمل" م.س" دراسة طب الاسنان هذه السنة بنجاح، وكتب لي في آخر رسالة يطلب المشورة، و ماذا يمكن أن يفعل، خاصة ان اخبار اسرته التي تعيش في احدى القرى النائية انقطعت عنه، وعندما غادر السودان لم تكن هناك شبكة انترنيبت ولم تظهر بعد الهواتف المحمولة، ولم يكن معه سوى عنوان بريدي والرسائل البريدية لا تصل الى السودان ، ولدي شخصياً تجربة مريرة في هذا المجال. استأذنته اولاً في نشر قصته . وافق . قلت له إن القرار الصائب ان يعود الى السودان بعد أن اصبح طبيباً. وكتبت له صادقاً ، بانني هذا ما اتمناه لنفسي شخصياً، أي ان اعود الى الوطن. في الاسبوع المقبل أروي لكم تفاصيل الحكاية الثانية.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-15-10, 08:22 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-15-10, 09:06 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | سيف الدولة كامل | 02-15-10, 09:18 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-15-10, 10:15 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-15-10, 10:20 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | محمد المرتضى حامد | 02-15-10, 10:47 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-15-10, 11:32 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-16-10, 00:41 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | أسامة خلف الله مصطفى | 02-16-10, 00:46 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-16-10, 01:32 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-16-10, 03:49 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-16-10, 04:17 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Ahmed al Qurashi | 02-16-10, 04:24 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-16-10, 04:39 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-16-10, 04:54 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-16-10, 10:17 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-16-10, 10:39 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-21-10, 08:14 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-17-10, 03:59 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-17-10, 05:33 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-17-10, 05:41 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-16-10, 11:04 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-17-10, 01:01 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-17-10, 03:59 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-17-10, 04:37 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-17-10, 04:57 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-18-10, 00:40 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-18-10, 04:29 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-18-10, 07:36 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-19-10, 07:48 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-19-10, 09:23 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-20-10, 02:21 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-20-10, 02:31 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-20-10, 04:07 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | abuguta | 02-20-10, 06:34 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | abuguta | 02-20-10, 01:13 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-20-10, 06:41 PM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-21-10, 05:31 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-21-10, 06:06 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-22-10, 00:14 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-22-10, 04:52 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 02-26-10, 00:14 AM |
Re: صورة من كرنفال ريو دي جانيرو | Osman Musa | 03-21-10, 04:10 PM |
|
|
|