صـــــــــابر

صـــــــــابر


12-22-2004, 01:35 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=95&msg=1103675732&rn=4


Post: #1
Title: صـــــــــابر
Author: خالد أحمد عمر
Date: 12-22-2004, 01:35 AM
Parent: #0

كانت الجهة التي نعيش فيها على ظهر هذا الكوكب, بدأت تدير وجهها عن لهيب الشمس الحارق لتستريح سويعات إستعداداً للمواجهة في صباح اليوم التالي.

جاء عائداً من عمله كعادته في مثل هذه الساعة يمتطي تلك الدراجة التي لو أمرها بالسير لذهبت لوحدها لكثرة ما عركها هذا الطريق سنيناً عددا، دراجة عارية من كل إكسسوارات الدراجات، ليس لكفراتها ما يستر عورتها من الرفارف. والجنزير كالكفرات يحن لذلك البيت الذي يأويه، مترعٌ بالزيت الأسود الذي يخفف عنه وخذات أسنان التروس التي أنهكت نخاع عظمه، السرج جلدٌ ناشف ليس عليه ما يخفف من صلابته على مؤخرة صابر.
لاح على دابته تلك، رجلٌ طويل القامة، نحيف البنية يميل لونه إلي السُمرة، كخليط رائع بين القهوة والحليب، ولكن نسبة القهوة فيه أكثر، يرتدي ذلك الزي الرمادي، القميص ... ذو زرارات سوداء حجمها يفوق تلك التي نراها على القمصان العادية ضخامةًَ، وجيب كبير على صدرة بالقرب من زراعه اليسار خالي إلا من بنضه الحي، على رأسه طاقية قماش عليها بعض أعمال الزخرفة اليدوية، قام بقصها من الخلف في شكل الرقم (ثمانية) حتى تتمكن من التربع فوق شعره الكث الذي تصاعدت نسبة الحليب التي في سحنته إليه وحولت الكثير منه لونه. يبدو على وجهه رهق السنين وعلى ذقنه خشونة شعر لم يأبهة لحلاقته لأيام. شفتاه ... شققها الجفاف، عندما تراه يخُيخل إليك أنه في العشرة الآواخر من شهر رمضان الذي صادف صيفاَ، ساقاه تكاد تلامس مقود الدراجة عندما تدور بدولاب الحركة, وعلى حافة بنطاله التي تلامس الجنزير بقعة زيت.
يحمل على السرج الخلفي ربطة برسيم وجوال عليه شعار مصنع سكر كنانة به ربعين من طحين الفتريتة.
الشي الوحيد الذي يملكه صابر ويوزعه على الناس في طريقه بسخاء هو ... التحايا ... للصغار والكبار.
أنزل ساقيه بالقرب من باب البيت إعلاناَ للوقوف لان الدراجة ليست بها مكابح, رغم إنها ليست من الإكسسوارات.
باب البيت من الزنك، وليس به ذلك الإطار الخشبي الذي يمكنه من الوقوف شامخاً مستقيماً. عندما يكون مغلقاًَ حافته السُفلى تلامس الأرض ومن منتصفه يميل للوراء مما يمكن المارة من رؤية تلك الغرفة التي تتوسط الحوش والمتعطشة مساماتها لمسحةٍ من الزبالة.
دخل صابر عشه الصغير وتناول الشِعبة من جوار الباب وسنده بها لتبدو عليه الإستقامة والصمود.






Post: #2
Title: Re: صـــــــــابر
Author: خالد أحمد عمر
Date: 12-22-2004, 01:47 AM
Parent: #1

ونواصــــــــــل

Post: #3
Title: Re: صـــــــــابر
Author: خضر حسين خليل
Date: 12-22-2004, 02:46 AM
Parent: #1

ننتظرك وصابرك بشده فلا تغيب

Post: #4
Title: Re: صـــــــــابر
Author: Ibrahim Algrefwi
Date: 12-22-2004, 03:01 AM
Parent: #1

حضرت الافكاتو الكسلاوي: لوسمحت واصــــل


لقطة عن فيلم الألم المسيح : كواليس

Post: #6
Title: Re: صـــــــــابر
Author: خالد أحمد عمر
Date: 12-22-2004, 03:22 AM

الصديق خضر
أعدك بالمواصلة

Post: #5
Title: Re: صـــــــــابر
Author: Sidig Rahama Elnour
Date: 12-22-2004, 03:08 AM
Parent: #1

خالد أولا تذكر ذلك الحي العمالي الذي نقطنه حيث يتقاطر العم صابر وزمرته بعد أن تصيح صافرة السكة حديد بأمر العم جمعة ، أو لا تذكر أن تلك الدراجة الخالية من الأكسسوارات كانت أماني وترف يداعب أقتنائها خيالنا البض فنضطر الى أستئجار لفة من عجلة محمد تية المتهالكة ذات الميزاينة المفتولة فقد كان بابو العجلاتي لايتواني في أن يحرق من يتأخر بالشطة، ويقرص أذنه بالزردية ....
أه ياحبيب المتعبين وياسليل الكادحين لقد أصبتني اليوم في مقتل ...
ونواصل

Post: #7
Title: Re: صـــــــــابر
Author: خالد أحمد عمر
Date: 12-22-2004, 03:24 AM
Parent: #5

الأخ ابراهيم
تشكر على المرور

Post: #8
Title: Re: صـــــــــابر
Author: خالد أحمد عمر
Date: 12-22-2004, 03:28 AM
Parent: #7

الرجل الماهل صديق
ما زالت هناك آثار على إذني من زردية عمنا بابو العجلاتي ، تستأجرها وأنت على يقين بأن العقوبة القاسية في إنتظارك

Post: #9
Title: Re: صـــــــــابر
Author: Osman M Salih
Date: 12-22-2004, 07:49 AM
Parent: #8

الأخ خالد
سلام من الله عليك،
إنتخبتُ بوستك مستمتعاً
بالمطالعة في هذا الطقـس
الأغـبر.
سوف أقـرأ لك كلما صادفـت
إسمك وهذا وعـد.
عثمان

Post: #10
Title: Re: صـــــــــابر
Author: عمران حسن صالح
Date: 12-22-2004, 08:20 AM
Parent: #9

الأخ / خالد
واصل وبسرعة ودعنا نخرج من الكتمة دي ( خلي المهلة دي وزيد الجرعة شوية )

الحبيب / صديق رحمة
Quote: خالد أولا تذكر ذلك الحي العمالي الذي نقطنه حيث يتقاطر العم صابر وزمرته بعد أن تصيح صافرة السكة حديد بأمر العم جمعة ، أو لا تذكر أن تلك الدراجة الخالية من الأكسسوارات


أتمهل شوية خلينا نكمل الفلم الداخلوا من زمان ده

Post: #11
Title: Re: صـــــــــابر
Author: خالد أحمد عمر
Date: 12-22-2004, 10:01 PM
Parent: #10

الأديب الشامخ عثمان
أشكرك على هذه المداخلة
ومتعك الله بالصحة والعافية

Post: #12
Title: Re: صـــــــــابر
Author: خالد أحمد عمر
Date: 12-22-2004, 10:03 PM
Parent: #10

الصديق عمران
صديق موش خاشي الفليم بس هو أحد أبطاله
ولك كل الود

Post: #13
Title: Re: صـــــــــابر
Author: خالد أحمد عمر
Date: 12-25-2004, 01:08 AM
Parent: #12

إحتضن جدار تلك الغرفة جسد الدراجة التي أمالها عليها صابر لتتوسدها إلي الغد.
كانت زوجته ست النفر منهمكة في الراكوبة خلف الغرفة اليتيمة، والتي تستخدما كمطبخ وتقضي فيها وقت القيلولة بعد عودتها من المدرسة عندما تتأكد بأن آخر التلاميذ قد غادر المدرسة. كانت أفضل من يصنع حلاوة سمسمية وأبرع من يقلي حبات التسالي وأعذب لساناًَ بين كل النسوة اللآتي يبعن منتجاتهن تحت ظل سور المدرسة، فيتجمهر حولها التلاميذ ويستغل الأشقياء منهم الزحام ويدعون بأنهم دفعوا قيمة ما أخذوا من حلوى أو تسالي فتُبدي تظاهرها بأنها أخذت قيمة ما أخذوا وهي مبتسمة .... إمرأةٌ تسكنها الطمأنينة ويلبسها العفاف.
يعلم صابر أين تكون عندما يعود في مثل هذه الساعة، برنامج ثابت لا يغيره إلا توقف رنين جرس المدارس لثلاثة أشهر ثم تعود.
إستلقى صابر على السرير بجانب جدار الغرفة الغربي وفوق رأسه مسمار عُلقت عليه مُصلاية من سعف النخيل أدرج في مقدمتها مربع من سعف النخيل المصبوغ باللون الأحمر في منطقة السجود يأخذ شكل الكعبة، وغفا بعد أن شرب الشاي.
خرج راجالاَ للسمر مع أصدقائة الذين يجلسون على قوز الرملة الذي يحتضن سور الورشة وأمامهم المسجد وعلى اليسار القطاطي التي يسكنها زملاء الشقاء ، وبين القطاطي والمسجد تقف دورات المياه .... صانعوا هذه البيوت كرسوا للفوارق الطبقية بينهم، هناك البيوت الكبيرة التي يسكنها كبار الموظفين بها عدد كبير من الغرف وحديقة خلفية وحمام ملحق بغرفة النوم، رغم أن أسرهم لا تتجاوز إثنين أو ثلاثة من الأبناء ، وتليها أخرى أصغر حجماَ بها عدد من الغرف والبرندات وحمامين ثم قطيتين وحمام ، ولأمثال صابر قُطية واحدة بها عدد لا يستهان به من الأطفال يقضون حاجتهم بالتناوب في الدورات الخارجية المشتركة.
نساء القطاطي يتضايقن من جلسة أزواجهن في ذلك القوز المواجهة لدورات المياه مساءاً حيث لا سيبل لهن من الذهاب إليها نهاراَ والكل ينظر إليهن كأنهن إذا ذهبن في وضح النهار قد إرتكبن جرماًَ شائناً.
كان النقاش في قوز الرملة في تلك الأيام يدور حول النقابة وإنتخاباتها والغش والتلاعب الذي تم فيها والدور المشهود لصابر في مساندة المهندس حسين، وكيف كان يعاملهم راجل الأمن في المعتقل بلطفهم المعهود.
غاب صابر والمهندس حسين عن الورشة في معتقلهم لمدة واحد وعشرون يوماً شُلت فيها حركة الورشة تماماَ، حيث كان المهندس حسين من أبرع مهندسي القاطرات وصابر أمهر من يسوس ماكينة الخراطة بالورشة كلها. عادا وعاد للعمل بريقه، يعملان بهمة من عاد من إجازته السنوية، يفصِلان تماماَ هم وزملائهم بين ما حدث في أمر النقابة وما يفرضه عليهم واجبهم وعملهم.
لم تدم إقامة صابر طويلاًَ بتلك الورشة التي أفنى فيها زهرة عمره، حيث أتاه نذير الشؤم بأن هناك قائمة بها أسماء بعض الموظفين والعمال وعلى رأسهم المهندس حسين وهو قد أقالوهم للصالح العام ... تسمر في مكانه للحظات، ثم جمع قواه وهمَ بالخروج من الورشة. شعر بأن تلك الماكينة التي تعودت على أنامله طوال هذه السنين تمسك به وتترجاه بأن لا يفارقها وتحول صوتها لما يشبه النحيب.
ثلاثة أشهر وصابر جالسٌ بالبيت، ست النفر زوجته وصديقته لم تفارقها إبتسامتها تلك وهي تشد من أذره وتطمئنه بأن الله لا يقطع من جهة إلا أوصل بأخرى.
أصيبت الورشة بشلل رهيب بعد أن فارقها صابر والمهندس حسين حتى القُمري الذي يسكن فوق أركانها هجرها ولم يعد العمل يسير كما كان عليه، وتتابعت الأعطال والمشاكل وتراكمت، بعضها إستعصى على كل العمال والمهندسين، تضجر ذلك المهندس صاحب اللحية (التيسية) وأرغى كثيراً حتى بلل اللُعاب لحيته. أشار عليه بعض العمال من أبناء لحيته أن يحاول الإستعانة بصابر لحل كل هذه المشاكل التي لا تستعصي عليه.
ذهب صابر للمهندس حسين وأخبره بالأمر وأشار عليه بأن يقوم بذلك العمل ولكن ... ليس بصفته صابر العامل الماهر الذي كان يعمل في تلك الورشة لسنين طويلة بذلك الراتب الشهري الذي لا يتعدى حدود الجمعية التعاونية.
تعاقد صابر مع إدارة الورشة للقيام بتلك الأعمال المستعصية عليهم لمدة ستة أشهر بمبلغ يفوق كل ما تقاضاهو من مبالغ طوال فترة عمله بالسكة حديد، فأروى مسام تلك الغرفة بالأسمنت وألصق بها أخرى لتؤنس وحدها وبنى دكاناَ في ركن المنزل تديره ست النفر, أراحها من مشاوير المدرسة والجلوس بجانب السور, وزود باب الحوش المائل بإطارٍ خشبي يعفيه من وضع الشِعبة على ظهره من الداخل وهو في إنتظار حقوق نهاية الخدمة.




ووو إنتهت

Post: #14
Title: Re: صـــــــــابر
Author: خالد أحمد عمر
Date: 12-27-2004, 06:14 AM
Parent: #13

**

Post: #15
Title: Re: صـــــــــابر
Author: Sidig Rahama Elnour
Date: 12-28-2004, 00:23 AM
Parent: #14

خالد

التحية ليك وأنت تورخ بكماتك تجربة جيل بأكمله

Post: #16
Title: Re: صـــــــــابر
Author: ودقاسم
Date: 12-28-2004, 01:22 AM
Parent: #1

خالد
لك التحية ، ومثلها لصابر وست النفر ،، وكل الصابرين على الظلم في الوطن ، وهم ينتظرون إطلالة الفجر ويعملون لتسريعها ،،

Post: #17
Title: Re: صـــــــــابر
Author: خالد أحمد عمر
Date: 12-28-2004, 01:25 AM
Parent: #16

الأخ صديق

لك كل الود

Post: #18
Title: Re: صـــــــــابر
Author: خالد أحمد عمر
Date: 12-28-2004, 01:28 AM
Parent: #17

الخال ودقاسم

تحياتي لك أيها الرجل الرائع

ولا بد لليل أن ينجلي

ولك ودي

Post: #19
Title: Re: صـــــــــابر
Author: خالد أحمد عمر
Date: 12-28-2004, 01:29 AM
Parent: #17

الخال ودقاسم

تحياتي لك أيها الرجل الرائع

ولا بد لليل أن ينجلي

ولك ودي

Post: #20
Title: Re: صـــــــــابر
Author: حمزاوي
Date: 12-28-2004, 01:32 AM
Parent: #1

أخي العزيز خالد
السلام عليكم
ابدع بمثل هذه التحف الرائعة
واصل يا اخوي

Post: #21
Title: Re: صـــــــــابر
Author: خالد أحمد عمر
Date: 12-28-2004, 08:28 AM
Parent: #20

الأخ العزيز حمزاوي

أشكرك على المـرور

وأعدك بالمواصلة

ولك ودي