المخلاية

المخلاية


10-27-2004, 01:58 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=95&msg=1098881920&rn=1


Post: #1
Title: المخلاية
Author: omer almahi
Date: 10-27-2004, 01:58 PM
Parent: #0

المخلاية

ضوء الرتينة مسلط على أعيني كالسيف الحاد عندما أكون خارج من بيتنا الى دكان مضوي ود مصطفي ..الذي يعتبر رواق المزارعية والفلاحين في قريتنا يخلعون في الأمسيات تعب نهارهم في الحواشات ..فهو نادي وملتقى للمزارعين كبار السن والشباب معاً ...المهم في عضوية ذلك المجلس أن تكون مزارع أب عن جد باهت الوجه مشقق الأقدام منهك القوى .. لن تستطيع الاندماج إذا كنت خارج هذه الطبقة فوقها أو دونها ..كل الهموم تدور حول يوم الصرف وحول أخبار المكاتب الزراعية والأختام والجوالات الفارغة والحراثة فهي بين التقنت واب عشرين ..وبين أبستة والشلابي وبوابير الحرت والدقاقت وملح الحكومة والسماد وعربية المفتش وحمار الصمد ..إفتراشهم للأرض في تلك الأمسيات يعرضون أنفسهم للعقارب وحشرات الأرض... في سمرهم ذلك فجأة تسمع صياحهم مخلوط بضحكات متقطعة وصوت أحذيتهم يرتطم بالأرض يقتلون عقرب قد زحفت إليهم .. يقتلونها ويواصلون حديثهم وهم يتثآبون ..دكان مضوى ود مصطفي يفصله شارع من ديوان الرجال مكشوف الواجهة معد هكذا لإستقبال الضيوف من غير حوجتهم لإستئذان .. رائد من رواد ذلك الديوان حوار الكباشي .. هكذا عرفناه منذ مدة طويلة رجل يأتي الى القرية في غفلة من الزمن لا ندري من أين يخرج علينا صوته وهو يمدح بطاره الجلدي الاسمر يتوسطه بياض من أثر ضرب الاصابع يرتدي جلباب مرقع يغلب عليه الأخضر تدلى من على صدره سبحة تطول حتى تتعدي وسطه بنفس لون الطار مزينة بكناتل تدلى من أطرافها.. وجه شديد السمرة صوته أجش عمره فوق الخمسين راسه مغطاة بطاقية خضراء لها عرف ملون يردد عندما يصل الى مشارف القرية بصوت عالى وطرقات متقطعة من طاره .. بصوت متفرد ..
الكباشي
كريم الضيف
أبلداً
خريف مو صيف
الكباشي
ثم يردد بسرعة مزهلة وهو يغطي وجهه بالطار
كباشي السم
يا أب شرا
مضوي ود عمر
يا رجال أم رحي
يا برير وعوض الله
الشيخ ودحسونة
يا أب كسفريت
يا كاب الحجر
الفكي عثمان
يا رجال أمضبان
الشيخ الجعلي شيخ كدباس
تور عفينة
الكلكم لينا
......
لا اظن أنه يترك شيخ أو ولي صالح لا يذكره ..ثم ينهمر في الدعاء بأولياء الله الصالحين كنا نفرح به فرحاً عظيماً ونترك ما بأيدينا ونتبعه في ذقاقات الحلة الضيقة لا نعبأ بنبيح الكلاب كنا لا نقوى على الإقتراب منه ونهاب مخلاته التى يلبسها على كتفه الايسر فهي تعج بأنواع الثعابين .. قال لنا البعض والذين يشككون في كرامات الصوفية بأن اسنانها منزوعة ولكن رغم ذلك لا يستطيعون أن يقتربوا منها ... جارنا النور ود الحاج رجل متقدم في السن تزوج مرة أخرى بعد موت زوجته الأولى وأنجب كذلك عدد لا بأس به من الأبناء مما زاد من أعبائه .. دعا ذلك النور حوار الكباشي لبيته للعشاء وقضاء ذلك اليوم معه حتى الصباح ..إستجاب حوار الكباشي لدعوة صديقه العزيز وناما بعد وقت حافل من القصص والتجارب المثيرة وتأكد الحوار من أن مخلاته وثعابينه تنوم بجانبه .. الغرفة من الجالوص ..صغيرة بها شبابيك ضيقة وقصيرة تكاد تلامس الأرض وباب خشبي متهالك مليء بالثقوب والفتحات .. صاح النور ود الحاج في الكباشي حاثه للنهوض إستعداداً لآداء صلاة الصبح سمع النور صرير العنقريب المتهالك وحركة غير عادية ..وفجأة صاح الكباشي مخاطباً النور ها زول إت في الصلاة ولا المخلاية ولا دابي ..طار صواب النور وقفذ واقفاً متوسطاً عنقريبه وهو يرتعد من الرعب .. ولا يستطيع الحركة حتى وهو منتصب على عنقريبه يخيل إليه بأن كل الثعابين قد تسللت الى مرقده وحوار الكباشي في الجهة الثانية غير آبه بحال صديقه العجوز بل كل همه كيف سيعثر على مفقوداته الثمينة وأخذ ينادي ويصفر يا بخيتة ويا ... بأسماء الثعابين والنور المسكين يرجف في عنقريبه ..إستمرا على هذا الحال ولم يستطيعوا الذهاب الى الصلاة .. حتى شروق الشمس..