عودة الروح

عودة الروح


10-24-2004, 07:56 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=95&msg=1098644219&rn=4


Post: #1
Title: عودة الروح
Author: sharnobi
Date: 10-24-2004, 07:56 PM
Parent: #0




بين فتحت جرح قديم دمل بدأت فصول قصة رأيت ان اسميها عودة الروح, الحياة حول الجرح القديم نضبت , وتركت التجاعيد ملامح للتشويه والرمز المميز على الكتف الايمن. كانت آثار جرح قديم بفعل قطعة خشبية كانت فى عمق البحر.. واثناء احدى فصول اللهو فى عهد الصبا... احدث ذلك العود قطعا فى الكتف الايمن.. واحدث نزفا داميا... وكان الفصل خريف.. وعكر مياه الضميرة.. والطمى...اخفى نزيف الدم... ولكن.. كانت شقاوة صبى يهوى النهر.. ويجد عنده اللهو.. لا يفارقه الا بعد غروب الشمس.. خوفا من البعاتى.. الآتى من جزيرة ناوة....
كانت قصة وموضوع عقاب آت , والخوف دفع بذلك الصبى ان يتحمل آلام الجراح.. ويخفبه تحت ملابسه... ويضحى لعدة ايام.. بالكف عن ممارست هوايته.. المفضلة.. وبرعاية آلاهيه.. دمل الجرح.. وتكونت طبقة قشرية سميكة, اوقفت النزف... وتداعى للشفاء...ولكنه ترك بصمة وتشويها عميقا... لولا تلك القطع الساترة.. لكان وشما... على ظهر الفتى.....ولحسن حظه فان.. اولياءالامور قليلى الاهتمام بتفاصيل الابناء.. فهم فى غمرة همومهم.. اليومية.. يتركون الصبايا يرتعون فى مناكب الارض.. بلا رقيب ولا حسيب... كانت الاقدار.. ترعا هم.. من شرور النهر.. ووهج الشمس.. وزمهرير الشتاء..
مرت الايام وجسد الفتى ينمو , وتكبر معه الاثار... وهو لا يعر انتباها , كانه بعض من ملامح مخفية وعلامة.. مميزة خلف قطع القماش, ونادرا ما يتذكر او ينتبه بان هنالك.. اثر .. ولا لتلك اللحظات الاليمة... ولم تكن تلك هى الحادثة الوحيدة... فبعدها بعام.. وفى عطلة المدارس الصيفية للعام الذى تلى تلك الحادثة... فقد وقعدت حادثة... مؤلمة... كان الصبى وكلك الصبيان.. يملك صنارة لصيد السمك... كان يقوم مبكرا صباح كل يوم وقبل طلوع الفجر.. يقف عليها.. ويضع الطعم... مترقبا صيدا.. وذات يوم.. وهو يهم بقذف الحبل.. للنهر... فاذا بالصنارة تسكن فى فخذه الايسر وستقر خلف العصب... ومن الخوف... يشد بالصنارة التى خرجت ومعها قطعة من اللحم.. تاركت جرحا.. غائرا عميقا... ترك علامة كبقايا عملية جراحية.. من اعلى الركبة الى منتصف الفخذ....وخلافا لتلك الكدمات.. فى القدمين من جراء اللعب بكرة القدم.. فلكل جرح دمل قصة.. فى حياته... كل يمعن النظر.. تعيد له ذكريات الطفولة وشقاوة الصبى. وكجسد خالد ابن الوليد.. لا تجد بوصة واحدة خالية, من آثار العدوان..
مرت الايام وفى دوامة الحياة والمعترك اليومى.. تراجعت.. تلك الذكريات.. واصبحت تلك العلامات والاوشام.. لا تثير الكثير فى الخاطر.. واتذكر.. ذات يوم.. وفى اثناء المرحلة الثانوية وفى استراحة لعبة كرة القدم كنت اجلس القرفصاء وكان صديقى عمر يجلس بجوارى.. ولاحظ علامة الجرح فى اعلا ركبتى..فسألنى.. كنت كثير المزاح.. لا اخذ الامور بجدية.. فاختلقت قصة تراجيدة اخذت بلب الفتى وجعلت عيناه تدمعان من الحسرة... كانت القصة التراجيدية .. التى حبكتها.. لتوها.. بانه.. واثناء لعبى فى النهر ايام طفولتى وقع حادث تهجم على تمساح .. فتك باعضائى التناسلية... وقطع جزء من ... فخذى.. ولولا لطف الخالق.. لكنت منسيا....وبدأت احكى له نفاصيل قصة خيالية... ورحلت...العذاب.. والمشاكل النفسية التى ترتبت.. بقدانى لبعض اجزائى.... وكأشعب الاكول... فقد حبكت القصة.. وما فتئت اصدق.. حبكتى.. للحظات... وتابعت خيالى... وتقمصت.. تلك الشخصية.. وبدأت افكر... حالى.. وانا فى تلك الصورة... لقد صدمت صديقى... ولم اتجرأ ابدا.. لكى اعلن له بانها... خدعة.. ومنذ تلك اللحظة.. كان ذلك الفتى.. يشفق على.. ويتعامل.. بحسرة.. وانا اتلذذ.. من تلك المعاملة.. واضحك.. مع نفسى
ومرت الايام وينمو الجسد وتنمو معه الاوشام.. وتتضاءل فى الذكرى تلك اللحظات..وطيلة السنوات.. لم يخطر ببالى يوما.. ان اشاهد جسدى.. خاصة ما بظهرى وخلف جسدى.. حتى فى لحظات الاستحمام.. فلا توجد مرايات عاكسة.. ولا وقت او شقف.. كالحمامة ادخل الحمام.. وافتح الدش.. ومتسارعا... اجد نفسى مبلولا.. من راأسى حتى اخمص قدمى.. همى ان اتنشف.. ولا ارى المراية التى على الكمودينا الا .. للتأكد من خلو وجهى من فقاعات الصابون..او لحظة الحلاقة.... الا ان جاء ذلك اليوم الذى تقرر ان تجرى لى عملية جراحية فى الظهر... وقل معياد.. العملية.. وللتأكد من خلو ظهرى من درن... فقد قررت ان احاول ان القى.. عليه نظرة.. فاحصة.. فاشتريت مراءاة طولسة... وثبتها خلف المرآء الامامية.. ولاول مرة... رأيت ما فى الجزء الخلفى من جسدى.... لاحظت أثر الجرح القديم.. وانا فى الحمام... رجعت بى عجلة الذكريات.. لسنوات مضت... وسرحت للحظات.. وانا اتخيل.. ما حدث بى... وها انا اليوم استعد.. لاثر جراحة.. اخرى فى ظهرى.....
وانا فى تلك الحالة....كنت اتذكر قصص.. سمعتها باذنى.. عن حالات.. تقدم بها البعض.. لادارة الهجرة... واللجوء.. عن آثار التعذيب التى تعرضوا لها فى سجون النظام... وكانوا يستدلون بآثار الكى.. لمرض الصفراء.. او الفصد..لاخراج الدم اففاسد.. كدلالة.. لثبات.. حالات التعذيب.. واتذكر.. واحدة ادعت بانها اصبيت بآلة حادة فى السجن فى جبهتها.. وكان بها اثر حريق مكوة تجفبف الشعر.... وقصص.. عن الجروج وفائدتها.. فى الغربة..
فتخيلت.. نفسى وان ... اكتب عن جروحى القديمة.. وانسج حولها.. قصص من البطولة الوهمية...ولكن مسكيتة لم تجد منى ذلك الاهتمام.. ولم اجد سوقا لها.. فما زلت تقبع تحت اغطية سميكة... ولكنها اعادة روح الذكرى..

.

Post: #2
Title: Re: عودة الروح
Author: Suad I. Ahmed
Date: 10-25-2004, 04:54 AM
Parent: #1

كلام بديع.. ألف ألف مرحب بعودة القلم السلس والانسان المسكون بحب الوطن الكبير والموطن الصغير هناك.. كيف حالك؟؟ أتمنى ان تواصل مداخلاتك المهمومة التي عودتنا عليها لأنك منتمي موهوب..
ماما سعاد

Post: #3
Title: Re: عودة الروح
Author: Ishraga Mustafa
Date: 10-25-2004, 06:07 AM
Parent: #2

شرنوبى العزيز

الم اقل لك بان لدى الف حق ان احزن لانى لم ما استطعت ان اراك فى بوفلون لقد كنت حريصة لاتعرف بصاحب هذا القلم الشفاف ولكن خسارة
ربما نلتقى يوما ما.... بل اكيد


كل الود

Post: #4
Title: Re: عودة الروح
Author: Safa Fagiri
Date: 10-25-2004, 01:09 PM
Parent: #3

شرنوبي..
اليك هتون الود...
ليتني اجد مرآة تعكس لي صورة الروح المنهكة بضنين الوطن غير
ايراعاتنا الشغفة...

Post: #5
Title: Re: عودة الروح
Author: sharnobi
Date: 10-26-2004, 05:54 PM
Parent: #1

الاستاذة اروين اسى (بنت الملوك) سعاد بت ابراهيم احمد
ليتنى اجد من حبال صمودك وعشقك المنتشر هاماتك فى كل ملامح وجهك.. والمتصدر بنات افكار... حبا وعطاءا لانتماء اسمه النوبة ولوطن اسمه السودان... انت دوما... مثالى الاعلى.. فى العطاء.. والتضحية.... حفظك الله

Post: #6
Title: Re: عودة الروح
Author: sharnobi
Date: 10-26-2004, 05:57 PM
Parent: #1

واحيانا ايتها النبيلة المبدعة
اشراقة
تتوارد الخواطر .. وتتشابه الاحلام... وقطعا.. ستدور الايام.. ونلتقى.. فى زمن ما ومكان ما..

وبينى وبينك احيانا خير ان تسمع بالمعيدى من ان تراه

سلام..واصل لام واصل

Post: #7
Title: Re: عودة الروح
Author: sharnobi
Date: 10-26-2004, 06:03 PM
Parent: #1

صفاء يت فقيرى

كصراع القشة مع تيار النهر...واحيانا اتخيل اننى اكتب باللسان الذى تنطق به امى... فترددت ان استخدم كلمة فرقى وهى تعنى بالنوبية حركة دوران الماء عندما يعترض حاجز مائى التيار فيخلق فراغا.. عميقا فى شكل دائرة.. تجذب الاجسام الطافحة الى اعماق النهر.. وتخلق فجوة اسطوانية.... تخيلت مات بنا.. فى عشق الوطن.. كتلك الحالة.. واكتفى بهذا لانى عجمى... اشقى كثيرا لارسم بالكلمة..ما يهزمنى..