بمناسبة مرور أربعين عاما علي نيل المرأة السودانية حقوقها السياسية اعيد نشر هذا الموضوع الذي كتبتة الصديقة عزه التجاني والذي نشر بمجلة صوت المراة الصادرة في القاهر في اكتوبر1999.
نالت المرأة السودانية حقوقها السياسية وسط زخم ثوري عارم ، انجازا عظيما لثورة اكتوبر
1964 مما أكسب هذه الحقوق حيوية وقوة لتكون أكثر من نص مكتوب في الدستور ..لأن هذا الحق لم
يأتي منحة من حاكم أو نزولا لضغوط خارجية أو تماشيا مع الإتجاه العام ، لكنه ثمرة نضال طويل
خاضته الحركة النسائية بل كل الحركة الوطنية والديمقراطية السودانية . معركة من أجل ترسيخ
الديمقراطية والتنمية .
إذ ادركت قيادة الإتحاد النسائي مبكرا إرتباط وضع المرأة بالنظام السياسي والإجتماعي
والإقتصادي للبلد .. وبوعي أدركت أنها لن تنال حقوق أو يتحسن وضعها ما لم تؤثر علي
القرار السياسي . فضمنت قيادة الإتحاد النسائي أهدافها الحقوق السياسية للمرأة ..
مما أثار حفيظة القوي الرجعية داخل الإتحاد وخارجه .. التي رأت أن عمل المرأة
السودانية بالسياسة خروجا عن الدين والتقاليد .. وأن الإتحاد النسائي يجب أن يبقي
تنظيم إجتماعي خيري .. لكن إنهزم هذا الإتجاه فإنقسمت من قيادته عضوات هذا الإتجاه
ولا عجب إذإنضممن لحركة الإخوان المسلمين بعد ذلك . هذه المعركة داخل الإتحاد
النسائي من أجل حقوق المرأة السياسية خرج منها الإتحاد أكثر قوة ومقدرة علي
تحديد أهدفه .. ووضحت له الرؤية . توحدت به إرادة التغيير لإنجاز مهامه .. وكانت
ترياقا وقاها من الوقوع في براثن النظرة الضيقة لتحرر المرأة .. ومنذ ذلك الحين
ربطت الحركة النسائية مصير المرأة بمصير الوطن .
لذلك نجد أن النساء إنخرطن في مقاومة المستعمر وحشدن الطاقات من أجل الإستقلال ..
وبعد و لازلن يناضلن لحقوقهن حتي أعاق الحكم الدكتاتوري المسيرة .. ولإرتباط حقوق
المرأة الوثيق بحقوق الإنسان والديمقراطية .. استبسلت النساء من أجل إستعادة
الديمقراطية وتاريخ تلك الفترة معروف .
وتماشيا مع روح اكتوبر الشعبية الديمقراطية .. وتتويجا وإعترافا بمشاركة حقيقية
قامت بها المرأة .. نالت المرأة حقوقها مساوية فتلقفتها النساء بحماس شديد ..
إنخرطت النساء علي إمتداد الوطن مدفوعات بالزخم الذي أحدثته ثورة اكتوبر فشاركن
في الندوات والليالي السياسية وكل أشكال العمل الجماهيري الذي زخرت به البلاد
أعقاب انتصار اكتوبر .
مع الإستعداد للإنتخابات البرلمانية شاركت النساء في المعركة لأول مرة بحقوق
متساوية وللحقيقة ساهمت كل الأحزاب حتي التي رأت من قبل أن إشتغال المرأة بالسياسة
بدعة وضلالة .. إندفعت هذه الأحزاب لحصد أصوات النساء ، ورغم ما في الموقف من
موسمية ونفعية لكنه مكن النساء في الريف والحضر .. أو تلك البقاع التي كانت
تبدو قصية للحركة النسائية المنظمة .. مكن النساء من ممارسة حقهن .. كما أن
الأحزاب جندت أعداد كبيره من النساء للدعاية .. فتدربت كوادر نسائية عديده لقيادة
هذا العمل وأبتدعن الأساليب التي تمكنهن من الوصول للنساء ربات البيوت و الاميات
المتعلمات وكل فئاتهن . يحشدن للتسجيل والتصويت ويبثن الوعي السياسي وسط النساء .
لم يقتصر دور المرأة كناخبة فقط بل ترشحت أيضا ولعلها تجربة نادرة في بلد
كالسودان .. تفوز فية إمرأة بدون دعم حكومي ، في ذلك الحين .. فجاء فوز
الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم ودخولها البرلمان كأول نائبة إنتصارا كبيرا
للديمقراطية .. وانتصارا كبيرا للحركة النسائية والإتحاد النسائي وكل القوي
الديمقراطية وفخر واعتزاز للمرأة السودانية إذ أثبتت جدارتها وثقة الجماهير بها .
رغم قصر ممارسة الديمقراطية في السودان لكنه أفرز هذا التراكم الذي إنتفض مرة
أخري في إنتخابات عام 85 التي شهدت إقبالا أكثر .. وفي دوائر كثيرة تكون أصوات
النساء هي الحاسمة .. وزاد عدد المرشحات ومن معظم الأحزاب .
لو نظرنا حولنا نجدان هذه أحد ملامح شعبنا المميزه فكما هو شعب متفرد بملاحمه
البطولية من أجل الديمقراطية والحرية نجد هذا التميز في مشاركة نسوية فعالة
ومتماسكة في العمل السياسي رغم معرفتنا بواقعنا وحالة الحرب والجهل والفقر ..
وتخلف المرأة وهي أسيرة هذا الواقع .. مما يعوق مشاركتهابفعالية أكثر ومعرفة
أكبر .. ولعل في ظروفنا الذاتية والموضوعية ما جعل هذا ممكنا .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة