الشاعر كريم عبدالسلام يكتب عن رهان الصلصال لـ " عفيف اسماعيل "

الشاعر كريم عبدالسلام يكتب عن رهان الصلصال لـ " عفيف اسماعيل "


09-19-2004, 08:30 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=95&msg=1095579015&rn=1


Post: #1
Title: الشاعر كريم عبدالسلام يكتب عن رهان الصلصال لـ " عفيف اسماعيل "
Author: nassar elhaj
Date: 09-19-2004, 08:30 AM
Parent: #0

عندما تتحقق اللفتة الشعرية من الاختلال في النظر
القاهرة - كريم عبدالسلام - الحياة 2004/09/19

"رهان الصلصال" هو الديوان الشعري الثاني للشاعر السوداني المهاجر عفيف اسماعيل, إذ صدر له قبلاً "فِخاخ وثمة أثر" 2001 عن اكاديمية الشريف في السودان. يقدم ديوان "رهان الصلصال" الصادر ضمن سلسلة كتاب "مجلة شعر" القاهرية ملمحاً شعرياً اكثر تركيزاً وصفاءً يفتقده الديوان الاول لإسماعيل الذي كان أقرب الى المجموعة الشعرية التي تحمل الكثير من الاصوات والمتوزعة بين اتجاهات عدة, والشاعر بينها يبحث عن صوته الخاص ونبرته المميزة.

ففي "رهان الصلصال" نرى بوضوح كيف اصبح التكثيف والايجاز والحس الساخر والاستثناء الى ما هو كوني عام افقاً واسعاً لما هو خاص, سمات لقصيدة عفيف اسماعيل الذي تجاوز مزلق الثرثرة والإطناب والنثرية المجانية لتصبح قصيدته اكثر تماسكاً وثراء, ومعبرة عن الحراك الشعري الجديد في السودان, البلد شبه المجهول ثقافياً بالنسبة الى كثير من المثقفين والشعراء العرب.

الايجاز من دون اخلال كأول ملامح الديوان يتبدى في نبرة اسيانة ساخرة من العالم ومن النفس, كما يتبدى في تلك القدرة على عقد الارتباط بين الاشياء الكبيرة والصغيرة واقامة علاقات مفاجئة بينها.

ففي قصيدة "تأمل" (ص )17 من الديوان, يقول: "أمسك التشكيلي فراشة محنطة/ وتأملها بذهول واندهاش/ ثم شهق: يا لها من سيميترية موفقة".

إن اللفتة الشعرية هنا, تتجلى في هذا الاختلال في النظر الى الاشياء وعدم وضعها في موضعها الصحيح. لقد نسي الرسام أو أُنسيَ ما يُسمى بـ"عمل الطبيعة" الذي دعا دافنشي مثلاً الى النظر اليه باهتمام ووقار ومحاولة سبر أغواره, ولكنه في الآن نفسه ينظر الى عمل الطبيعة, فكيف ينظر اليه؟ انه ينظر اليه باعتباره موضوعاً ينتظر منه حكماً عليه, وهنا موضع الاختلال في النظر الذي يولّد السخرية ومن ثم, به تتحقق اللفتة الشعرية وتظهر. وفي قصيدة أخرى ضمن هذا السياق, (ص 21) بعنوان "معركة" يقول الشاعر: "قال ظل السيف/ لظل المحارب: في إمكاني أن أقتلك من دون دماء". فضلاً عن تعيين الاختلال في النظر بصفته مظهراً للشعرية, فإن المقابلة بين عالمين, والمعتمدة على حركة ذهنية نشطة في التوليد والاستنباط, تصلح ايضاً مظهراً للشعرية.

أيضاً, في هذه السياق, وفي قصيدة "إظلام" (ص 24) من الكتاب, تقول: "الشهداء/ لم يربحوا/ سوى موتهم".

نجد أننا فجأة, أمام التقرير الاخباري المحمّل بالدلالات, فيما يشبه بساطة مقطوعات الهايكو الياباني, التي تحاول أن تُثبت منظراً يراه الشاعر, لا باعتباره موضع سقوط عين الشاعر على بقعة ما, بل باعتباره "باباً" الى العالم, هنا, فإن القصيدة على رغم كثافتها الشديدة تقدم لأعيننا وأرواحنا وأذهاننا, هذا الباب الواسع الى العالم المملوء بالتناقض, والذي تحيا فيه البراءة لصق الجريمة, وفيه الشهداء يمنحون الطغاة والفاسدين الحياة المديدة الرغدة.

في الديوان روح مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالطبيعة, بالأرض وعناصرها, "فالأرض الرحم" هنا, ليست هي تلك المقولة الانشائية السالفة التي ذاعت في عصور التحرر من الاستعمار, بل هي هنا "الكرة الارضية". ويبدو أن الشاعر تنقل بين المنافي المختارة وغير المختارة منذ فقد ملامسة تراب قريته "الحصاحيصا" متطوحاً بين برلين وصوفيا والقاهرة والاسكندرية وأخيراً استراليا. لقد ايقن ضرورة تبني الكرة الارضية بكاملها, باعتبارها "الارض الرحم" وان من الواجب حمايتها والدفاع عنها والولاء لها, فمن يعلم أي منفى سيحتويه غداً. فضلاً عن ذلك, هناك وعي بارز بوحدة الارض وصيرورة الانسان فيها في ما يشبه المعتقد البوذي بعجلة "السامسرا" بديلاً عن البعث والقيامة, فهي عجلة من التحول الدائم والحيوات المتجددة باستمرار للإنسان وتكون مرتبته فيها نتيجة مباشرة لعمله هو وحده.

هذا الوعي البوذي يحرك الشاعر عفيف اسماعيل في اكثر من موضع في الديوان, ولعله اوضح ما يكون في قصيدة "سلالة" (ص 47): "عندما كنت ضفدعاً مراهقاً, سألت أمي وهي تضع آخر لمسة من زينتها, قبل أن تمضي الى حفل موسم التزاوج في المستنقع: هل في البدء كانت اصواتنا أم آلة الساكسفون؟"

هذه القصيدة توضح هذا الميل الأقرب الى الاعتقاد بالأرض الكاملة وبعجلة "السامسرا" وبهما يرى الشاعر ويصنع منظره الشعري ويختار التفاتاته ومداخله الى القصيدة, ويمكننا القول إنها محاولة جادة لبعث الروح الزنجية الافريقية في اطار كوزموبوليتاني معاصر, من دون طنطنة او انشاد غنائي مترهل, بل عبر سَبْر أغوار هذه الروح كطريقة في الحياة والنظر, لا كشعار سياسي تتم المتاجرة به.

إن ديوان "رهان الصلصال" للشاعر عفيف اسماعيل ببصيرته النافذة وسخريته المريرة يكشف ببساطة وتلقائية المأزق الذي نمر به الآن, شعراء وكتاباً وسياسيين, المأزق المتمثل في تراجع فرص الوجود للنوع الانساني على الأرض أصلاً.

Post: #2
Title: Re: الشاعر كريم عبدالسلام يكتب عن رهان الصلصال لـ " عفيف اسماعيل "
Author: إيمان أحمد
Date: 09-24-2004, 06:33 AM

شكرا جميلاً يا نصار

سآتي ببعض النصوص لأزين بها هذا البوست.
شكرا لك، ولعفيف، ولكريم

إيمان

Post: #3
Title: Re: الشاعر كريم عبدالسلام يكتب عن رهان الصلصال لـ " عفيف اسماعيل "
Author: elmahasy
Date: 09-25-2004, 06:04 AM
Parent: #2

كريم عبد السلام أحد الشعراء المصريين الشباب المهتمين بالشأن السوداني وقد أفرد العدد الثاني من مجلة الشعر الخاصة بقصيدة النثر عن قصيدة النثر السودانية وقد أعد الملف الشاعر عفيف اسماعيل أحد أسرة تحرير مجلة الشعر .. القاهرة
وفي انتظار النصوص من ايمان
لكم الود

Post: #4
Title: Re: الشاعر كريم عبدالسلام يكتب عن رهان الصلصال لـ " عفيف اسماعيل "
Author: إيمان أحمد
Date: 10-04-2004, 08:34 AM
Parent: #3

خسران



حينَ مرَ موكِبُ الجنازةِ أمام المُرابِي

أصابَهُ كَدَرٌ عظيم

لأنه خَسِرَ زَبوناً مُستَديماَ