صقور الظلام / مناظيـــر د. زهيــــر السراج

صقور الظلام

من المؤلم والمحزن ان يسمع المرء كل يوم عن المداهمات التي تتم علي اشخاص في بيوتهم أو بيوت اصدقائهم أو في مجتمعاتهم الخاصة المغلقة، ويقبضون عليهم، ويقدمونهم للمحاكمة بتهمة شرب الخمر، أو ارتكاب أعمال فاضحة، مما يؤدي للتشهير بهم، والاساءة إليهم ولاسرهم واقربائهم.. وربما يؤدي لتدميرهم بالكامل، وحرمان اسرهم ومجتمعهم وربما وطنهم من خدماتهم، مهما كانت هذه الخدمات تافهة أو بسيطة، ناهيك أن تكون جليلة ومميزة!
* لا أحد يقبل أو يدعو لممارسة الرذيلة أو ارتكاب المعاصي، وعلى المرء ان يسعى بكل ما اوتي من عزيمة وقوة، خاصة اذا كان احد رموز المجتمع، او شخصية عامة، للنأى بنفسه عن مواطن ومواضع الزلل، وارتكاب المعاصي، وتجنب المزالق، والاستجابة لرغبات النفس البشرية الامارة بالسوء، ولكن ليس هنالك من هو معصوم من الخطأ، وليس هنالك من لم يخطئ في حياته، وكلنا مليئون بالاخطاء والخطايا، وممتلئون بالذنوب التي تجعلنا نرفع اكفنا لله ضارعين ليل نهار، نسأله الصفح والغفران والتوبة النصوح، والستر في الدنيا والآخرة!!
* نعم، لا يوجد فينا من لا تسوِّد صفحاته الاخطاء والخطايا.. وقديما قال السيد المسيح عليه السلام في وجه الصائحين الغاضبين المطالبين برجم المرأة التي ارتكبت جريمة الزنا..(من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر).
* وقد تشدد الاسلام، أيما تشدد في إنزال العقوبات في الجرائم التي يمكن ان تقود الى التشهير بمرتكبيها، ووضع شروطاً صعبة، بل مستحيلة لاثباتها، حتى الذين اعترفوا على أنفسهم بارتكاب مثل هذه الجرائم، أمرهم الرسول بمراجعة أنفسهم اكثر من مرة قبل انزال العقوبة عليهم.. وذهب الاسلام الى اكثر من ذلك عندما نهى الناس بنصوص واضحة وقطعية عن التجسس والتحسس، والحديث عن الآخرين بسوء في غيابهم، واتهامهم بالباطل حيث قال الله تعالى في محكم تنزيله العزيز (ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً). صدق الله العظيم.
* وكلنا نعرف القصة الشهيرة لسيدنا الفاروق عمر بن الخطاب مع اولئك النفر الذين كان عمر (رضى الله عنه) يمر بالقرب من منزلهم فسمع جلبة وصياحاً، ورفع رأسه فرآهم يشربون الخمر، فدخل عليهم وصاح فيهم معنفاً، ففاجأه احدهم قائلاً «لقد ارتكبنا جريمة واحدة ياعمر، ولكنك ارتكبت بضع جرائم.. او لم تسمع قول الله تعالى.. (ولا تجسسوا..) الى نهاية الآية، أو لم تسمع قول الله تعالى (يا أيها الذين أمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على اهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون) صدق الله العظيم».. فأنسحب سيدنا عمر معتذراً، وهو يطلب الصفح والمغفرة من الله.
* هذا هو الاسلام، وهذه هى تعاليمه.. فكيف نداهم الناس في بيوتهم ومجتمعاتهم الخاصة، بدعوى انهم يرتكبون المعاصي، ويمارسون الرذائل، ونقبض عليهم، ونشهر بهم وبأسرهم الكريمة؟
* هل هذه هى تعاليم الاسلام، وهل هذا هو ما امرنا به الله ورسوله الكريم، وماهي الفائدة التي نجنيها من وراء ذلك.. وهل هذه هى الوسيلة المثلى لمكافحة الجريمة والرذيلة؟!
* إن مداهمة الناس في منازلهم وبيوتهم، مهما كانت المبررات، أمر لا يقره الدين ولا الشرع ولا الاخلاق، ولا العادات والتقاليد السودانية السمحة

انتهي
يبقي سؤال عالق
هل يجيز الأسلام دخول المنازل عنوة ؟؟
والتجسس والتشهير ؟؟

الجماعة اصحاب الفتاوي المجانية

زاغوا

دكتور زهير السراج

تحياتى

دائما صادق فى عمودك رغم كل الظروف

لك مودتى