دولة السودان الجديد والمنابر الحرة / رسالة الي الطيب مصطفي

دولة السودان الجديد والمنابر الحرة / رسالة الي الطيب مصطفي


09-10-2004, 11:29 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=95&msg=1094855385&rn=1


Post: #1
Title: دولة السودان الجديد والمنابر الحرة / رسالة الي الطيب مصطفي
Author: ahmed haneen
Date: 09-10-2004, 11:29 PM
Parent: #0

الصحافة (1)
دولة السودان الجديد والمنابر الحرة (1)

عبد العزيز محمد بادي
عجبت جداً وأنا اقرأ مقال السيد الطيب مصطفى تحت عنوان: «قبل أن يقتحم هولاكو السودان الجديد فاتحاً - احذروا حصان طروادة من شياطين الإنس» وذلك بصحيفة «الصحافة» بتاريخ 17 يونيو 2004 العدد «400». ومصدر عجبي أن تظل هذه الاوهام وهذه السخائم حية تسعى بين انسانية الألفية الثالثة وبكل هذه الجرأة وهذا الوضوح. والشيء الذي كنت اتوقعه الا تكون هذه الافكار سافرة بهذا المستوى. وبكل صدق كنت اظنها تتستر وتلبس الاقنعة لبث سمومها من خلالها، لكن ان تكون بهذا الوضوع وبعد ان اذاقت سنين الانقاذ العجاف الشعب السوداني الامرين وجعلت نهاره كليله. وبعد هذا الجهد الاقليمي والعالمي والذي وضع الشعب السوداني على عتبة السلام، يطل علينا السيد الطيب بهذا الطرح فهذا مصدر عجبي.
* من هم المتشاكسون؟
اقرأوا وتعجبوا من عجبه «ويا لها من بلاد عجيبة تلك التي يؤيد رئيسها فلسطين ويؤيد نائبه الأول اسرائيل، فهل بربكم من شركاء متشاكسين في التاريخ البشري أكبر من هذا؟» نعم يوجد في التاريخ البشري والقريب الماثل أمامنا من هم أكثر من ذلك «ناس الجبهة الاسلامية». وابلغ مثال على ذلك انهم وبعد ان استولوا على السلطة تحت ليل اسود واعلنوا انهم الانقاذيون والحامون حمى الأوطان والحافظون لدين العباد والـ... والـ... الكثيرة بدون عدد وبعد أن تمكنوا وهمشوا الآخرين، بدأ الهمس واللمز وقليلاً قليلاً بدأ المغطي والمستور يظهر، حتى كانت قرارات الرابع من رمضان العلنية الفاصلة التي تم بموجبها طلاق البينونة. وانقسم الاخوان إلى مؤتمرين وطني وشعبي، حيث الآن شيخ الجماعة بالسجن، هذه هي المشاكسة الحقيقية. والتي هي الثمرة المباشرة لهذه الافكار والتي بدأت تطل علينا من جديد، بعد ان تنفسنا الصعداء والسلام اصبح قاب قوسين أو ادنى، ثم لي أن اتساءل: هل يفهم السيد الطيب مصطفى اتفاقية مشاكوس وبروتكولاتها؟ وهل عندما تطبق هذه الاتفاقية الاطارية سيكون الفهم لمهام الرئيس والنائب الأول نفس الفهم في الانظمة الشمولية أو حتى في الأنظمة الديمقراطية؟ ببساطة شديدة اتفاقية مشاكوس ترمي لمعالجة مظالم قديمة وتضع أسسا لمستقبل جديد كل الجدة، يختلف عن الماضي لشعب ذي مصير مشترك في كثير من الصفات الحميدة والايجابيات التي تخدم قضايا الوحدة والتوحد. والتي هي مصير كل البشرية، إما أن تتم أو على البشرية السلام. وكما هو معلوم لا يمكن أن يعيش الجيران متشاكسين متحاربين، لأن العلم المادي ألغى الزمان والمكان أو يكاد.
* مشاكوس واتفاقية الميرغني قرنق نوفمبر 1988م
اجمع الكثيرون من أبناء الشعب السوداني شماله وجنوبه - عدا افراد الجبهة الاسلامية القومية - على ان انقلاب يونيو 89م قام خصيصاً لتقويض اتفاقية الميرغني - قرنق للسلام. والادلة والبراهين كثر. ويكفي في ذلك رفضهم لمباديء الايقاد 94 باديء الأمر. فماذا جنى الشعب السوداني من تقويض هذه الاتفاقية؟ وما هي النتيجة؟ غير هذه المآسي والفظاعات ودماء الشباب الذكية من الطرفين بما فيهم ابن السيد الطيب مصطفى تقبل الله الجميع قبولاً حسناً وجعلهم مهراً للفكر الواعي الرشيد وجبر الله كسرك أخي الطيب وجعل البركة فيك وأسرتك الكريمة وفينا جميعاً فإنها ضريبة التطور.
أناشدك بالله أخي الطيب أن تضع اتفاقية الميرغني - قرنق ومشاكوس أمام عينيك وتجري المقارنة بينهما بذهن صافٍ أيهما استسلامي؟ لا أعني الاستسلام حسب تعبير «ناس الجبهة» لأني لا أرى استسلاماً لا في مشاكوس ولا في الاخرى، وانما هي معالجات لابد منها. ويمكن بالوعي والعمل الدؤوب تنميتها لنصل الى ما نصبو إليه ويصبو إليه العمالقة الثلاثة وهو اسعاد الانسان، الانسان بصرف النظر عن دينه، لونه، عرقه.
أراك جد متشبثا بالسلطة وبما ساقته لكم من جاه وسلطان وصدق القائل:
وكم صبرت عن لذة العيش أنفس ولم تصبر عن لذة النهي والأمر
والدليل على ذلك دعوتك لانفصال الشمال عن الجنوب بعد اتفاقية مشاكوس وما سيترتب من جراء تطبيقها. نعم أنت تدعو لانفصال الشمال، عبر وسائل الاعلام المختلفة دونما سبب غير المعالجات التي تمت لايقاف نزيف الدم، تدعو لذلك دون ان تقدم أية معالجات لضمان وحدة الاقاليم الشمالية، متجاهلاً ما يجري في دارفور والشرق والوجود الاجنبي في جبال النوبة. أي شمال هذا الذي تدعو لانفصاله؟ أأنت تعني بالشمال أجزاء القطر السوداني بعد انفصال الجنوب؟ فأل الله ولا فألك يا أخي!! ومنذ متى كان يعنيكم ويهمكم استطلاع رأي الآخرين؟ من أنتم حتى تقروا وتستطلعوا؟؟؟ نعم إنه ديدنكم معشر الاقصائيين، غريبون أنتم!! وإلى متى تفهمون؟ وصدق أديبنا الطيب صالح حين قال: (من أين أتى هؤلاء؟) لا وألف لا.. والى هنا شكراً وكتر خيركم..
أخي الطيب قبل أن أغادر هذه الفقرة ارجو أن اهمس في أذنك بأن من لا يؤمن بالآخر وبحق الآخر عدو لنفسه قبل الآخرين. ومصيره الانقراض، لأن البشرية سائرة وجادة في السير نحو السلام الذي لا يتم إلا بالوسائل الصحاح ومن أهمها الديمقراطية وقبول الآخر.
ثم إن التواضع الفكري ناهيك عن التواضع ثمرة التدين، يقتضي بألا يكون الهم إدانة الآخرين ورميهم بما فيهم وما ليس فيهم. اقرأوا قول السيد الطيب مصطفى عن الاستاذ وراق «إن وراقاً لا يصدر في مساندته لقرنق عن اقتناع بديمقراطيته. وإنما عن عداء للمشروع الاسلامي والشريعة التي يعمل قرنق على اجتثاثها من خلال طرحه للسودان الجديد». من أين لك أن وراقاً ضد الاسلام؟ نعم إنه ضد الفهم المتخلف للاسلام. وإنه ضد الوصاية الدينية. وإنه ضد من يرون أن المخالف لرؤيتهم كافر مرتد ويجب أن يهمش. وأسوأ من ذلك انه ليس له الحق في الحياة.
أما عن الشريعة السمحاء، فهذا أمر سيجد حظه عندما تقام المنابر الحرة. ويكفي ما سأشير إليه في الاسطر التي سترد لاحقاً، أما عن معارضة الدكتور قرنق لها، فيكفي انه ومن أجلها قوضت اتفاقية الميرغني - قرنق. وباسمها اعلن الجهاد وضلل البسطاء والابرياء وزج بهم في اتون حرب قضت على الاخضر واليابس، مما ازعج ضمير الانسانية ومنظمات حقوق الانسان العالمية والتي لا يختلف اثنان في انها هي المبادرة وهي الداقة لناقوس الخطر وهي الضاغطة على الحكومات المختلفة والمنظمات الاقليمية والعالمية، بأن هذه الحرب يجب أن تنتهي وبأسرع فرصة. فكان ما كان. وهي العين الحمراء التي اقنعت اخوتك بأن لابد من السلام. وهذا هو السبب الذي جعل السيد أمين المؤتمر الوطني يحذرك كما أوردت «لا أذيع سراً إن قلت إن أمينه العام قد عاتبني وحذرني كتابةً لإثنائي عن رأيي».
ثم ألا يكون اعتناق الشباب الذكي للماركسية نتيجة لهذا الفهم المتخلف للاسلام. والاخطر من التخلف الفكري عدم الاستقامة ومفارقة القول للعمل الذي أصبح ديدن المسلمين يقولون ما لا يفعلون. وهم يرددون الآية الكريمة «يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون» هو الغرور بعينه الصفة الشيطانية تعمي وقد اعمت الاسلامويين، مما جعلهم لا يرون إلا اخطاء الآخرين، أما اخطاؤهم فتبرر بفقه الضرورة.. آه... أما تكفي هذه القولات (خلوها مستورة - وخليناهم لي الله) دليلاً على ما ذهبت إليه؟؟ هذه القولات التي اصبحت سخرية وتندر هذا الشعب المغلوب على امره. والذي لازال السيد الطيب يريد من الحكومة (أن تتخذ موقفاً شجاعاً يعبر عن كرامة هذا الشعب) منذ متى كانت حكومتك هذه والتي تريدها تهمها كرامة هذا الشعب؟؟ تمهل أخي.. وتأمل في هذا الحديث النبوي الشريف (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا) فقط تذكر كم من الاطفال حرموامن اللقمة البسيطة، بدون أي ذنب، جنوه غير أن عائليهم غير موالين واصحاب نظرة أخرى وان كانوا مسلمين.