مائة عام من العزلة والذلة .. ..رسائل

كتب صديقى عبد الملك....

فقد كان مرئياً أكثر مما كان متنبأً به ، أنّ مدينة المرايا أو السراب سوف تجتثها الريح من الأرض وتمحو آثارها حتي تنفيها عن ذاكرة الإنسان في اللحظة التي ينتهي فيها أوريليانو بابيلونيا (بوينديا ) من فك طلاسم الرموز في صحائف الرقاع التي كتبها ملكيادس . كما أدرك أوريليانو أنّ ما كان مدوّناً في تلك الرقاع لا يقبل التكرار . فهو أزليّ محتوم منذ بداية الوجود ، وهو سرمديّ سوف يظل إلي الأبد ،، فالسلالات التي حكم عليها القدر حكماً حتمياً بزمنٍ يمتد مائة عام من العزلة ، لن تجد فرصةً أخري للعيش علي الآرض" .

---------------------------------------------------------------
مرةً أخري وكملدوغ أب درق : تنزّ مسام الذاكرة في غورها السحيق بكل دماء الحنين وتنفجر دمامل الوحدة حتي لأحسني أكثر توحداً من العقيد أوريليانو بوينديا وأجدني علي وشك إشعالٍ سبعين حرباً أهليةً حتي لا أقع فريسة الحنين والعزلة لذلك إنتهيت الآن من قراءة ماركيز كتحوّطٍ أول ضد مصائد الحنين والشوق التي نصبها من يجرون في الدم ويقعدون في العصب، فأخترقتني حراب الحنين المطرّقة من جهة العنق فوجدت نفسي أكثر وحدةً من جديد حتي صحت بأعلي صوتي كما صاح أوريليانو الأخير بعد أن قنط من أن يجد صديقاً يواسيه : الأصدقاء عصبة من أبناء الحرام .
لكم تحياتي ولأسركم ولا أراكم الله عزلةً في عزيزٍ لديكم

و هذا ما كتبت انا محاولا الرد..

صديقى العزيز عبد الملك حاولت البارحة ان اشترى تلك الرواية لاقراها من جديد.. و جدت انها تساوى الآن ستون جنيها فاكتفيت بالابتسام و جرجرة قدماى الى ميدان العتبة لاشترى صعوتا مدينة المرايا و السراب هى الآن القاهرة ,. انها عزلة بدون طلاسم و دون تنبؤات ..لك الياسمين ايها الصديق فما بيننا يعجز عن وصفه حتى ماركيز نفسه
يا صديقى احبك و كفى تحية

و هذا ما كتبه صديقنا طلب..

عزيزي/عبدالملك
ذهب الذين يعاش في اكنافهم وبقيت في خلف كجلد الاجرب

دائما تحرك فينا الاما واشجانا وذكريات....ولا ادري حتي متي والي اين ستنتهي بنا... اليس من حقنا ان نغني ونشجو في وطن لنا وليس لهم وحدهم كي يقرروا... اليس من حقنا ان نحلم بعالم سعيد وان نغني مع ناظم حكمت (اجمل الايام تلك التي لم نعشها بعد.. واجمل الكلمات تلك التي لم نقلها بعد..واجمل الاطفال ذاك الذي لم يولد بعد)....

اللعنة لهذه الغربة واللعنة لهذا الظرف ولنقل للذين يرتدون رساميلهم وطنا وخناهم هوية ان طروادة البحر تلعنكم....... واخيرا ايها العزيز الذي يحتقب الامنا وامالنا لا اقول لك الا كما قال رسول حمزاتوف(شيئان فقط يستحقان المنازعات الكبيرة ,وطن حنون وامراة رائعة اما بقية المنازعات فهي من اختصاص الديكة

يا أســـــير نبــلـــه وقـتيـل انسانيـته
لك الياسمـــــــــــين

عزيزنا ود البحيرى
هذه رسائل غربة و اغتراب
ان الوطن يعنى كثيرا جدا لمثل هؤلاء

صديقنا محمد عبد الملك صاحب الرسالة الاولى انســان نادر فى هذا الزمان
و لذلك انا اخشى عليه.من وحدته و من غربته

فلتتناغم معنا برسالة منك
لك طبعا الياسمـــين

الياسمين لك ولأصدقاءك يا أخي العزيز أسامة

هل هي صدفة أن قادتني قدماي لمكان ما في الأيام الفائتة (أليست كل أيامنا فائتة بهذه الطريقة؟) شممت فيه رائحة كتب؟... أجيد التجوال في أمكنة الكلمات. ربما تجذبني رائحتها، فقط أجد نفسي كمن به مشبك في أعلي أذنه اليمني، ومجرور!

مائة عام من العزلة.......... ترقد علي أحد الترابيز المكدسة بالكتب. الكتب تبدو وكأنها قديمة... ليست كلها بالطبع، لكن الأقيم منها أقدم! فيما عدا كتاب بيل كلنتون، المتلبس بسيلوفان فاخر يشبه فوطته التي التفح بها في صوره أيام مونيكا-ولا علينا. لكل كتاب هنا تاريخ خاص به!

لم يكن السؤال لصاحب المحل العتيق، أن هل لديك مكتوبات أهل أمريكا اللاتينية، مجديا.. فالكتب هنا مبعثرة...... في مثل هذه المحال، لا يهتمون كثيرا بتبويب الكتب أو تنظيمها مجالياً أو أبجدياً، ويكتفون بتكويمها تحت السلم الخشبي الذي يئن كلما وطئته أقدام شاب أو رجل فوق الستين. عند صعودي مثل هذه السلالم أتقافز بخفة كي لا أحدث أنينا يزيد من أنيني الداخلي الذي أتي بي إلي هنا.

مائة عام من العزلة...... لمحت العنوان وسط كومة هائلة من الكتب علي منضدة بالدور الأرضي. فكرت برهة أن أشتريها... قفزت لذهني سيول من الذكريات... أشحت بوجهي واكتفيت بالتقاط كتاب بيل كلنتون والتدقيق في سعره.... سبعة وعشرين دولار، وانتبه صاحب المحل لإخباري بأن هذا السعر لا ينافس! إبتسمت ببلادة، وألقيت بالكتاب. في داهية بيل كلنتون... ماذا سأجني عندما أقرأه يجتر سخافاته وسخافات غيره؟!

لا يهمني كثيرا بيل كلنتون....... ويخيفني ماركيز! أحبه كثيرا وأخاف من كتاباته... ليست كلها بل بالتحديد هذه المائة عام من العزلة التي أصابتنا بالعدوي، فرحنا نسير في بلاد الله الواسعة الضيقة بأي حال!

استدرت خارجة من المكان.... انتبهت في اللحظة الأخيرة ألا أنسي صديقي الذي كان معي في تلك اللحظة، حتي لا أعود لالتقاطه من ذلك المكان... كعادتي دائما، أخذت كارت صاحب المحل، فبوصلتي غير حصيفة في مثل هذه الأماكن............ ووعدتني بأن أعود (ربما حين تعود شجاعتي). فكرة قراءتها للمرة الثانية وبالإنجليزية أثارت فضولي..... فردعتها بشدة قائلة لنفسي: هل سيكون مترجمها بحصافة صالح علماني وقدرته علي التصوير؟ أم سأصاب بإحباط من هو في الثلاثين ويقرأ كتابا للأطفال مكتوب بلغة تستخف بالأطفال أنفسهم؟ ذاك الإحساس أصابني عند قراءة فيرونيكا تقرر أن تموت لباولو كويلهو، بغلافه الأزرق السماوي الأنيق، مترجما إلي الإنجليزية.........

اللعنة علي لغات الأرض التي جعلتنا نتلقي الثقافة كبضاعة مستعملة!!

لك تحياتي، وشكرا لفتح سحارة الذكريات
إيمان

و أكتب انا...

تطاردنا احلامنا احيانا و تستقر فى ذكرياتنا الصلبة, و التى غالبا ما تكون حزينة.. دون سبب مباشر
فقد الصدقاء الراحلون دوما الى مدن جديدة و دون كلل
اتسائل احيانا عزيزى عبد الملك ان كان هذا قدرا ام هو هروب .. ولكم من من؟ و لمن نهرب؟
احلم احيانا بعودة كريمة و تتشابك اصابعى مع كل اولئك الرفاق المهاجرون.. احلم فقط..
حتى ذلك الحين ياصديقى لا امل لك و لا حتى لنا بلحظات هانئة.. ليتنا نستطيع ان نبنى آلة الزمن
ليتنا نستطيع ان نشعل حروبك.. لعلنا نستريح من تلك الذلة.. الغربة المائوية
أكتب يا صديقى فالكتابة تقوى روابطنا الى حين

Quote: اللعنة علي لغات الأرض التي جعلتنا نتلقي الثقافة كبضاعة مستعملة!!

نعم هكذا عزيزتى ايمان
انها تلك الرحلات التى تذهب بنا بعيدا و لكن دائما تأسرنا اللغة
انها اساطير "ملكيادس" التى تجعلنا تتوه و لكنها فى نفس الوقت تجعلنا ندرك تماما حقيقتنا او هى خدعتنا
انها ممارسات الاغتراب و افرازات الرأسمالية
انها نفس الكتب العتيقة

لقد نجحت الآن فى العثور على رواية ماركيز بين ازقة العتبة بسعر استطيع مجاراته و ها انذا انعزل فيها من جديد
لك تحايا الياسمين

اسامة الخاتم ....ايمان وفتحي البحيري ........
اما انا هذه الايام وفي هذه الغربة الغاربة لامحالة ....اعيش حالة ماركيزية من انعدام الوزن واخالني اطوف مابين الارض والسماء لايشدني شيء هنا سوي صوتكم وصوت جعفر وحوارات طه الصامدة رغما عن رطوبة الخليج ......اعتقد ان مايماسكنا اكتر هو هذه القراءات السحرية التي تجعل من الواقع مساحة لاحتمال كل شيء بداء من العزلة مرورا بنجاح (ملكيادس ) في تحويل كربونات الصوديوم او غيرها الي ذهب انتهاء بايجاد الصديق الوفي رفيق العنقاء في ترحالها الابدي .... يااصدقاء للنتبه فمساحات البوح تضيق حقا وخارطة الانتماء تختلط تفاصيلها والاخبار الجيدة لم تعد تصل ...ومزيد من الجبن يجتاح الوطاويط فيؤدي لمزيد من التماسك بين مفاصل ارجلها وحائط الدار ..(او حائط المبكي ..اااه)دعونا نتربص هنا ونحكم حصارنا علي الاحرف الجميلة حتي لاتمعن في الهرب ...
احييكم جميعاوتحية حميمة لايمان (كيف لي ان اجدك؟؟؟؟)
اسامة سارسل لك انا لم انسي فقط تنساني التفاصيل والفصول ....


الهام

وين يااسامة الخاتم
تحية وود،،كان بودى لقاؤك خلال فترة الاجازة

عزيزتنا الهام
لك ما تشتهين.. و لا عزلة تحت الرطوبة و الاغتراب لازال فى اوله..
و احترار الذكريات قد لا يفيد الان
هنيئا لك بطه و جعفر

ليتك فعلت
و ليتنا التقينا
لم اكن اعلم اين انت و متى اتيت
و لكن يا صديقى ابن عوف.... الحى بلاقى