|
لا للتدخّل الأجنبيّ في السودان على الطريقة العراقيّة
|
(اعتبر الاتحاد الأفريقي أنه لا توجد إبادة جماعية فى دارفور. وقال رئيس مركز إدارة النزاعات التابع للاتحاد الأفريقي كى دولايي كوأنتين إن بعثة الاتحاد تحدثت إلى سكان دارفور وإلى وكالات الإغاثة وخلصت حتى الآن إلى أنه لا توجد عملية إبادة جماعية). (ذكر وزير التنمية الدولية البريطاني هيلاري بين أمس أن بلاده تقود الجهود الدولية لدفع الحكومة السودانية نحو وقف أعمال العنف في إقليم دارفور بجنوب غرب السودان. وقال (بين) لهيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن الترتيبات الجارية لايفاد 120 مراقبا للهدنة وقوة حماية مؤلفة من 300 فردا إلى السودان يمكن أن يكون لها "تأثير حقيقي"، وذكر (بين) أن الحكومة السودانية استخدمت جماعات جنجويد المسلحة لكنه رفض اتهام السودان بارتكاب عمليات إبادة جماعية). (نفت بعثة طبية مصرية عائدة من مخيمات النازحين في إقليم دارفور بغرب السودان الادعاءات بوقوع عمليات اغتصاب واسعة النطاق ارتكبها أفراد ميليشيا جنجاويد العربية لنساء القبائل الافريقية بالمنطقة.وقال منصور حسن رئيس البعثة الطبية المصرية التي أمضت 21 يوما لتقديم المساعدات الطبية للنازحين السودانيين في دارفور إن البعثة زارت ثمانية مخيمات للنازحين).
استمرّت الحرب في جنوب السودان سنين طويلة مخلّفة وراءها عددا كبيرا من القتلى والمشردين ومن اضطروا لهجر ديارهم تفاديا لآثارها المدمّرة، ورغم طول أمدها وعمق آثارها إلا أنّي لم أسمع أنّها حرب بقصد الإبادة الجماعيّة والتطهير العرقيّ، وفي الفترة الأخيرة ظهرت للوجود مشكلة دارفور ومتمرديها الذين أفلحوا في تدويل قضيّتهم وتحويل أنظار الدول الكبرى لها بعد أن أكثر قائدو ثورتهم وإعلاميّوها ومؤيّدوها من الزجّ بمصطلحي الإبادة الجماعيّة والتطهير العرقيّ بمناسبة وبدونها في أحاديثهم الصحفيّة ومقالاتهم المدبّجة، فما الجديد؟ وما الفرق؟ من الصعب جدّا مناقشة موضوع كهذا من زاوية مخالفة للاتجاه الواحد السائد في المنبر الحرّ، بل إنّ الأخبار أعلاه من الأخبار التي قلّما تجد حظّها من النشر في المنبر الحرّ لأنّها ببساطة لا تتماشى مع أهواء معظم أعضاءه، غير أنّي على قناعة كاملة بأنّ معظم مردّدي المصطلحين المسوّغين للتدخّل الخارجيّ في مشكلة دارفور ليست لديهم من القناعة أقلّها بحدوثهما، هل حقّا يقتنع هؤلاء بأنّ الحكومة السودانيّة تعمل على إبادة أهل دارفور إبادة جماعيّة؟! وإذا كانت الإجابة نعم فما السبب؟ وما الفائدة المباشرة التي تعود على الحكومة من إبادة أهل دارفور وعدد كبير من أفراد جيشها -إن لم يكن معظمهم- من دارفور نفسها؟ تابعت قبل فترة باهتمام بالغ تسجيلا بإحدى قنوات التلفزيون البريطاني لثلاثة جنود من جيش الحكومة أسرهم متمردو دارفور، امتلأ التقرير المصاحب للتسجيل بعبارة التطهير العرقيّ Ethnic Cleansing والمضحك أنّ ثلاثة الأسرى كانوا من غرب السودان وربّما دارفور نفسها! هل هذه الإبادة لأهل دارفور أم لساكني دارفور؟ وسبب سؤالي هذا هو أنّ كثيرا من أهل دارفور يقيمون في مدن السودان المختلفة بل يكثر وجودهم بالخرطوم ويمارسون حقوق المواطنة كغيرهم فهم يتاجرون ويدرس أبناؤهم في المدارس الحكوميّة فما معنى الإبادة الجماعيّة والتطهير العرقيّ اللذين يقول بهما متمردو دارفور ومؤيّدوهم؟ وأواصل الأسئلة الصعبة لمؤيّدي متمرّدي دارفور ومؤيّدي التدخّل الأجنبيّ في السودان: ماذا يقصدون بالتدخّل الأجنبيّ وكيف يريدون له أن يكون؟ هل يريدونه للإطاحة بالنظام الحاكم بالسودان أم لفرض السلام في دارفور؟ ما هي مطالب متمرّدي دارفور وكيف يضمن التدخّل الأجنبيّ تحقيقها لهم؟ ماذا لو قرّرت الحكومة مواجهة هذه القوّات الأجنبيّة بالقوّة؟ ما مصير الجنود المغلوبين على أمرهم وجميعنا يعرف أنّهم عماد أسر محدودة الدخل والمصادر؟ ولأنّي وببساطة شديدة أرفض لقوّات أجنبيّة مصابة بالعمى -أو تدّعيه- أن تسقط في إحدى مدن السودان بالخطأ -إذا صدّقناهم- قنبلة على حفل عرس -كما فعلت بالعراق وأفغانستان- ويروح ضحيّتها مئات الأبرياء من أهل السودان البسطاء... فإنّي أرفض لمثل هذه القوّات الدخول إلى السودان واستباحة أراضيه تحت أيّ ظرف، أمّا من يؤيّد مثل هذا التدخّل الأجنبيّ من السودانيّين -ولا أدري كيف يصف نفسه بالسودانيّ بعدها- فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار، وعليه إن كان مقيما خارجه أن يستعد منذ الآن لقلق داهم على أهله وخوف على مصيرهم فلربّما تقطّعت حتّى سبل الاتصال الهاتفيّ بهم إذا دارت رحى الحرب كما حدث في العراق حتى صار أهله المقيمين خارجه يحتضنون المذياع أملا في سماع صوت بعض أهلهم للاطمئنان عليهم عبر برنامج همزة وصل بالقسم العربيّ لهيئة الإذاعة البريطانيّة! أحمد الريّح __________________________________________________________________________________________ المصدر: موقع الجزيرة على الانترنت، السبت 24 يوليو. المصدر: موقع سودانايل، السبت 24 يوليو. التعليق مقتبس من بيت الشعر الشهير: والمستجير بعمرو عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار، معناه واضح، ومثله: دعوت على عمرو فمات فسرّني وعاشرت أقواما بكيت على عمرو.
|
|
|
|
|
|