حكايات الاغتراب 4 ( حلم السفر والهجرة)

حكايات الاغتراب 4 ( حلم السفر والهجرة)


07-12-2004, 02:51 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=95&msg=1089597088&rn=1


Post: #1
Title: حكايات الاغتراب 4 ( حلم السفر والهجرة)
Author: luai
Date: 07-12-2004, 02:51 AM
Parent: #0

حلم الاغتراب

( الحلقــة الأولى )

لم أكن أفكر يوما في الاغتراب ولكن ...
أميمة زميلتي قالتها صراحة : حب شنو يا عزيزي هو تاني في حب الواحدة عايزه تأمن مستقبلها والله يجيني واحد مغترب أبيعه في لمح البصر ( المباع خطيبها الذي رفض الخروج من الوطن )
جارتنا حاجة نفيسة أسمعها تتونس مع الوالدة ( إن شاء الله ود الهنا والسرور هو خلا حاجة جاب السعودية كلها لبت حاجة آمنة إن شاء الله حال ولدك وحال وليد ولدي) وتؤمن الوالدة على دعواتها بالإيجاب وهي ترشف القهوة .
في المواصلات أقابل معتز رفيق الدراسة شكله رايق وفايق ومبحبح : طبعا يا سيدي أخوك مغترب – وقبل أن نفترق يهمس في أذني : بالمناسبة جاني عقد عمل وقربت الم في الزوله ( التي خطبت منذ 6 سنوات) شنو أنت ما ناوي تطلع بره ؟ يسألني تعرف عادل طلع على هولندا وياسر سافر لبنان وأحمد عارف أحمد أقسم يدخل السنة دي أميركا عن طريق المكسيك الآن رافع شعار المكسيك . ويقفز من البص ويتركني معلقاَ في وسط الشماعة ( شماعة البص) وأنا أحمل أوراق التقديم للعمل كمدرس بحكومة جمهورية السودان والراتب 30 الف جنيه
عندما أصل البيت ينفجر المنزل والجيران والأصدقاء والمعارف والأهل أخواني قالوا: تدريس شنو إنت مجنون الأساتذة كلهم اغتربوا إذا التعليم نافع ما كان طلعوا ويصفقوا بأبيديهم ساخرين ومستغربين ومستعجبين من الذي يريد أن يصبح مدرساً
الجارات في ذات المساء ونسبة لانقطاع التيار الكهربائي متجمعات حول الوالدة ولا حديث إلا عني : أحسن ليك تفرش بصل – بيع مويه – ما شفت بتاع الموية في برنامج من الخرطوم سلام قال الصافي اليومي 6000 جنيه وانت تشتغل مدرس ب 30الف جنيه طلب الفول ب 600 جنيه وأقل قميص ب 18 الف جنيه و ..و.. و،... ( هل أواصل )
السفر .. الاغتراب ... الهجرة ... الدولار بناء المستقبل تطاردني المفردات في كل مكان في الطرقات والشوارع في ضحكات الناس وفي غضب الجيران
وأطرد فكرة التدريس بالضربة القاضيـة وأجري خلف جواز السفر وخلف تأشيرة الخلاص .
( أربعون عاما من الاستقلال والبلد لا زالت تراوح مكانها مختلف الوجوه والألسن والياقات والرتب والنخب والايدلوجيات والهتيفة والمتثقفين والمنتفعين والمأجورين – والبلد تضرب تمام للخلف – أربعون عاما والبنيات الأساسية لا زالت بعيدة والتدهور طال حتى قيم الناس – حتى الأحلام باتت لا تتخطى ( الكسره والملاح) وإن ارتفعت فهي تبحث عن جواز سفر ويا جواز السفر ما أكثر إيلامك )
ما أن ظفرت على أختام الدخول والخروج على جوازي بعد رحلة مضنية ومرهقة ومكلفة عرفت فيها الرشوة لأول مرة في حياتي حتى تقاطر الشباب بالتهنئة بالخروج من البلد الذي أصبح طاردا – والدعوة لي بالنجاح وأننا السابقون – وهم اللاحقون والجارات القريبات حضرن لتهنئتي أما الأعمام في الحاره والرجال فطلبوا شد الحيل والاجتهاد )
وفي ليلة الحصول على الأختام ( تأشيرة الخروج والدخول) وفي ليلة فرح السوداني المهاجر جاءت خديجة جارتنا ممازحة ( بعد دا أنا مستعدة أديك رانيا ) – أذكر أن خديجة جارتنا قابلتني بعد التخرج بشهور وأنا جالس على كرسي أمام المنزل وهي داخلة المنزل قالت حينها ( خلاص حصلت الجماعة ( أولاد الحلة) وبقيت عاطل بشهادة ) ضحكت أنا وقلت لها ( والله يا خاله عاطل لكن رانيا دي ما بخليها ( رانيا بنتها الصغرى) قالت حينها ( عشم ابليس في الجنة ماله بتي بديها لعاطل ...)

ونواصل ...
(ولا زالت القصـة في بداياتها قصتي وقصتك أنت عزيزي المغترب والذي يقف على شرفة الاغتراب