الطبيب المهمل...هل من رادع ؟

كثيرا ما يكتب في الصحف أخبارا و نسمع من حكاوي عن إهمال أو أخطاء مهنية جسيمة للأطباء و قلما نعرف ما آلت إليه الأمور بعد الشكوى ..

أعتقد على الرغم من تواجد آلاف الأطباء الشرفاء و أصحاب الكفاءة و لكن هناك أيضا من ينحرفون و ينجرفون إلى إستغلال المريض و لا يعطونه العناية الكافية ، و هذا مؤثم شرعا و قانونا و لكن ليس هناك آليات واضحة للنظر في شكاوى المواطنين ، في الدول المتقدمة يوجد أربعة جهات لمتابعة الأداء الطبي في مجتمعاتهم .

الأول- جهة شعبية تتبع المجتمع المدني لتسجيل الأطباء و السماح لهم بمزاولة المهنة و متابعة تحصيلهم العلمي بما يسمح بترقيتهم في مناصبهم المهنية .

الثاني - جهة حكومية تشرف على الوظائف الطبية و تحدد إحتياج المجتمع للتخصصات المختلفة في الجهات العلاجية كل على حدى بحيث تتواجد الخدمات الطبية في أرجاء البلد بمستوى متقارب إن لم يكن واحد .

الثالث - جهة يتجمع فيها الأطباء للدفاع عن حقوقهم في أجر مناسب و ساعات عمل معقولة و تهيئة جو ظروف عمل تجعله قادر على أداء عمله على أكمل وجه دون التحجج بنقص الإمكانيات أو ما أشبه و هو شكل من الإتحادات المهنية .

الرابع - نظام تأميني ضد أخطاء المهنة يشترك فيه الطبيب بمبالغ كبيرة سنويا ، و لا يمكنه مزاولة المهنة إلا بعد الإشتراك فيه ، و يقوم بدفع مبالغ للتعويض عن أخطاء الطبيب الغير مقصودة و ليس الإهمال المتعمد ، و يستبعد من هذا النظام الطبيب الذي تتكرر أخطاؤه و بالتالي لا يستطيع مزاولة المهنة .

هذا غير أن الوظائف محدودة المدة بعقود يستبعد الطبيب الغير حسن الأداء منها ليحل محله من هو أفضل منه علما ولا يظل في منصبه يترقى أوتوماتيكيا ليصل لرآسة قسم مثلا و هو لا يستحق ذلك كما يحدث لدينا .
هذا هو ما نحتاجه لحماية مجتمعنا من تقصيرالمقصرين و جهل الجاهلين و إهمال المهملين و جشع فاقدي الضمير .

كما أن التعليم الطبي يحتاج لثورة شاملة لتحديث وسائل التعليم الطبي المستمر و ربطه بإحتياجات المواطنين و الشفافية في هيكلة المناصب في الجامعات و المستشفيات و القضاء على الفساد في التعيينات و منح الدرجات العلمية للأقارب و المحاسيب .

هذا هو الطريق الوحيد و على المجتمع المدني الضغط بكل الوسائل المشروعة لتعرية الفساد و العمل على إحلال نظام صحي حديث ...

السؤال المطروح للنقاش

ماهي العقوبات التي يمكن توقعها اذا ثبت اهمال الطبيب وهل هناك امثلة ؟
ماذا تعني لجنة آداب المهنة و ما جدواها عندما يهمل الطبيب ؟

الاخ الصادق
شكرا علي هذا الموضوع المهم، و الذي شرعت في كتابة مقال بخصوصه و سوف اتي اليك لاحقا للنقاش بصورة اوسع

والي ذلك الحين ارجو لفت نظرك الي ان الفرص متاحة حتي في السودان لرفع قضايا ضد الاطباء المهملين، ولكن المتضررين لا يستقلون القضاء..انت تعرف الشعب السوداني بطيبته التي تصل مرحلة السذاجة، هذا بالاضافة للواسطات و الاجاويد..و الايمان (الغلط) بالقضاء و القدر..انا اؤكد ان وصول قضية واحدة الي القضاء كفيلة بمنع عشرات الحالات المماثلة من الحدوث..الاطباء مثلهم مثل بقية البشر يخطئون.. وخطأهم قد يكون ناتجا عن جهل، ولكن الاخطاء الناتجة من الاهمال كثيرة جدا، ومثلها لا يمكن حلها بدون تصعيد القضايا حتي ينتبه الاطباء الي العواقب..
ولك التحايا

عزيزي ايمن

اشكرك علي التعليق وانتظر المذيد منك و من بقية الاعضاء الذين يرون اهمية الموضوع .... ومن خلال قراءة ردك خطرت في بالي فكرة تدريس مادة القانون في المدارس الاولية حتي يعلم المواطن ما له و ما عليه من واجبات وحقوق حتي تتوقف حالة الفوضى العامة في المجتمع وننهي عملية الدوران في الحلقة المفرغة .....

اضافة للموضوع

الموضوع في حد ذاته له شقين شق الطبيب الذي قد يكون فاسدا أو مهملا أو جاهلا و شق المواطن الذي قد يكون لا يعرف من الطب شيئا ، لا يعرف ما هي مضاعفات المرض و ما هو التطور الطبيعي للحالة المرضية فهناك حالات لا يشفى منها المريض أو تؤدي بحياته و طبعا الطبيب يقصر تقصيرا شديدا إن لم يوضح هذه الحقائق لأهل المريض أو للمريض ذاته ، و في كثير من الأحيان يطلب الأهل عدم إخبار المريض عن حالته !

و لكن من واجب الطبيب أن يجيب بإيجابات مباشرة إذا سأله المريض إجابة مباشرة فهو أحق أن يعرف فهو صاحب الشأن أولا و أخيرا ، فمثلا إذا سأل المريض : هل أنا ساموت يا دكتور ؟ فعلى الطبيب أن يقول له الحقيقة طبعا بأسلوب رقيق غير تصادمي مثل الأعمار بيد الله و نحن نبذل ما نستطيع لإنقاذ حياتك ، طبعا الكثيرون سوف يهبون ليستنكروا هذا الرأي و لكن في المجتمعات المتقدمة تتم الإجابة بالحقيقة الكاملة دون أي مواراة ..

و قد سألت مرة لماذا يحدث هذا فكانت الإجابة غير متوقعة .. حتى يسوي أموره المعلقة و يعطى فرصة لإصلاح ما أفسد بينه و بين الله و الناس ! هذا حق المريض و لكن الأهل يسلبوه هذا الحق بإدعاء الحب و الحقيقة مهما حاول الأهل أن يخفوا الحقيقة عن المريض فهو يعلم و يخفي عنهم أنه يعلم و هم يعتقدون أنه لا يعلم و يدارون عنه و يتعذب هو و يتعذبون هم لأن كلاهما يكذب أو يتظاهر ، و هذا الموقف إذا شارك فيه الطبيب و يعطي أملا كاذبا فهو دائما ما يلام عندما يتوفى المريض لأنه لم يكن صادقا معهم .

الموضوع كبير ... أما عقاب الطبيب عند حدوث الخطأ فهناك لائحة لذلك و لكن لابد التفريق بين الخطأ الطبي و بين الإهمال المتعمد فالطبيب المخطيء على الرغم من فداحة الخطأ و نتائجه أحيانا لا نستطيع أن نساويه بالطبيب المهمل الذي أضر بمريضه عمدا ، لأن الأول كان القصد من عمله كان مساعدة المريض أما الآخر فقد أحجم عمدا عن مساعدته هذا ليكون حكمنا عادلا وافيا .

ملحوظة


الحقيقة أن تدريس القانون في المدارس خاصة ما يتعلق بالقانون الدستوري والنظم السياسية وحقوق الإنسان وبعض مبادئ القانون الإداري عنصر هام جدا في بناء الدولة القانونية عبر تكوين شخصية المواطن الذي يؤمن إيمانا حقيقيا بسيادة القانون .

one >>>Two <<< Three <<< hello <<< hello