Post: #1
Title: أيها المتوحشُ الذي يخافُ عتمةَ الدِّفءِ و ينتشي بشسوعِ البحرِ و لا نهائيةِ
Author: منوت
Date: 06-06-2004, 04:36 PM
Parent: #0
17 أكتوبر عام 1991 قدّم " محمد براده " للجزء الثاني من السيرة الذاتية للأديب المغربي الراحل ( محمد شكري ) ، و المعنونة ب " زمن الأخطاء " ، واصفاً إياه بالمتوحش الذي يخاف عتمة الدفء ... ، و ها هو شكري ينزُّ دفقاً حميماً حين يقول : " ... بين أعمى و مبصر ، حقيقةُ الشيء يختلف معناه في لمسهما و إنصاتهما . هذا ما يقوله - عادةً - المبصرون . ماذا عسى يقوله الابنُ عن موت أمه ؟ لا شيء من كل شيء . أمِنَ القطرةِ نعرفُ البحر ؟ و من حبةِ الرملِ نعرف الصحراء ؟ و الورقةُ الوحشية الخضراء هي كل الغابة ؟ هذا مثل من يحلم بالسفرِ و لا يسافر ؟ إنه يتوالدُ و لا ينتظر موسم اللقاح . أما أنا فلا طموح لي في يمين الأصفار . و ذرية الأجيال . إن الكلمات تبللت ، و الوحي اللغوي مات قديسوه . لم يبقَ لنا إلا كفاح أهرامات ذكائنا تنبعث خلاياها السابتة لتنقذنا من ركودنا في الأوان المناسب . عاش الأحياءُ قدرما يموت الأحياء - الأموات ! ... " ( محمد شكري ، زمن الأخطاء ، صفحة 235 )
|
Post: #2
Title: Re: أيها المتوحشُ الذي يخافُ عتمةَ الدِّفءِ و ينتشي بشسوعِ البحرِ و لا نهائ
Author: Frankly
Date: 06-06-2004, 04:42 PM
Parent: #1
الاخ منوت انت رائع وتتحفنا وتغمرنا بالروائع
وكفى........
_____
أتق الله حيث ما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن
|
Post: #3
Title: Re: أيها المتوحشُ الذي يخافُ عتمةَ الدِّفءِ و ينتشي بشسوعِ البحرِ و لا نهائ
Author: منوت
Date: 06-07-2004, 03:26 PM
Parent: #1
لك الشكر أكمله أيها الواضح " الفرانكلي " .. و مرورك يعني اكتمال الروعة .. و كفى !!
|
Post: #4
Title: Re: أيها المتوحشُ الذي يخافُ عتمةَ الدِّفءِ و ينتشي بشسوعِ البحرِ و لا نهائ
Author: منوت
Date: 06-08-2004, 04:59 PM
Parent: #1
هذا المتوحشُ الذي يخاف عتمةَ الدفء ، و ينتشي بشسوع البحر و لا نهائية المدى ( شكري ) ، يحاول توريطنا إبداعياً معه في العيش في زمن الأخطاء .
" لنحلم قليلاً أكثر . أكثر من الحلم . آهٍ من طائر البقر ! و من السمكة التي تقود سمك القرش ! و من طائر التمساح ! و من عصفور الكركدن ! و من العبد المقيد إلى مقعده ، و هو يجذف ، مساطاً حتى يدمى ظهره ! ... لا أحد يأتي بعد مجيء الأخير ... ممن آخذ حكمة اليوم ؟ الأذكياءُ جُنّوا أو هم يهذون في الشوارع ، و الأحقون بالبقاء هاجروا و كبلتهم العزلةُ بسلاسلها الثقيلة . لقد بدأ سفرهم قبل أن يهاجروا ... حفنة من تراب الوطن رأيت أحدهم يحملها في كيس صغير كحرز . ربما سيسمد بها بذوراً ما في غربته القهرية ! قد يغرس فيها جذور النعنع . إنها مشيئة البؤسِ في وطنه ... أقول له : لمن هذه الأنغام الحزينة التي أسمعها من بعيد ؟ إنها للراحلين في الجمارك و هم يزحفون واقفين . بطءُ زحفهم يذلهم حتى نخاع العظام . إن مذلةَ الوطنِ أقسى عليهم من مذلةِ الغربة ... " .
( محمد شكري ، زمن الأخطاء ، صفحة 165 - 166 )
|
|