دعـــــوة للحـــــــوار : الطبقـــــــه الوســـــــطي

تركت لنا الطبقة الوسطى منذ الإغريق تراثاً يكاد يكون واحداً . أن لهذه الطبقة نظرة مختلفة عن نظرة النبلاء ، فالدهماء عندها للاستغلال وليس للتربية الفنية والأدبية ، وهدف الطبقة الوسطى هو المال والسلطه والقمع ، وليس الحق والخير والجمال ، وطبقه النبلاء عندما أنحطت ، صارت من الوسطى ، كما أن الدهماء عندما تتحسن ظروفهم المادية يدخلون الطبقة الوسطى ، التي هي حال من القلق الدائم والخوف من المستقبل ، وهى حال تولد كثير من المثالب كالكذب والنفاق والمراوغة والمراءاة والانتهازية و الديماغوجية .

1/ ترائي الطبقة الوسطى :
الرأسمالية هي احدث تشكيله اقتصادية اجتماعيه استغرقت معظم جهود ماركس ، فوجد أنها تتألف وفقاً لأساليب الإنتاج من طبقتين البرجوازية والبروليتاريا . تحدث عن البرجوازية الصغيرة التي تنحط في الأزمات المتكررة كما يقول انجلز من 9 – 12 سنه . ولكن يبدو أن استخدام مصطلح الطبقة الوسطى مرتبط بتنامي النزعة السياسية في الأحزاب الشيوعية ، والمقصود بها البرجوازية الصغيرة التي درسها ماركس دراسة عابرة إذا قيست بالدراسة المعمقة للتشكيلة الراسماليه بطبقتيها الكبيرتين . ومن هذه الدراسة استنتج التشكيلة الاشتراكية ، حيث تعلن البروليتاريا دكتاتوريتها على بقية الطبقات وتطبق مبدأ ( من كل حسب طاقته ، ولكل حسب عمله ) ، أما في الشيوعية فتزول الدولة ، لان الطبقات تكون قد زالت كما يؤكد ويصبح القانون ( من كل حسب طاقته ، ولكل حسب حاجته ) هو السائد المتحكم .
في ما بعد ظهرت دراسات مستفيضة حول العمال التقنيين والإداريين أصحاب الياقات البيض ، الذين يأتوا نتيجة التطورات الحديثة من الطبقة الوسطى . والهامش بين الطبقة الوسطى والبرجوازية الكبيرة في النظام الرأسمالي غير منضبط ، فصفقه واحدة قد ترفع الوسط إلى الأعلى ، وأزمة واحدة قد تطيح به .
لو راقبنا مسألة ( الوسط) لوجدناها قائمة في كل مجتمع في كل طبقة في كل موقف ، ويرى أرسطو أن الوسط موجود حتى في الأخلاق ونظريته في ذلك معروفة فالشجاعة وسط بين التهور والجبن . وهكذا جميع الفضائل التي تعارف عليها الإغريق . ويبدو أن أر سطو أعتمد الحكمه المنقوشة على جدار دلفى ( لا تتطرف ) ، ولكن هل تجسد الطبقة الوسطى تلك الفضائل الوسط التي شرحها الفيلسوف ؟ وجهت لها اتهامات شنيعة كادت أن تجردها من كل فضيلة ، فاتهمت بالنفاق والمراوغة والكذب وزئبقية الموقف و الانهازيه ،، إلا أننا في منظورنا هنا علينا أن نفرق بين الطبقة والظاهرة . فالطبقه جزء من المجتمع تخضع لظروف اقتصادية واحدة أو متشابهة أو متقاربة بينما الظاهرة عمليه اجتماعيه ربما لا تصل إلى مستوى طبقه ، ولكنها موجودة ، فمثلاً هنالك رأسماليون منذ أن صك المجتمع النقد ، وهنالك عمليات بورصة حتى عندما كان النقد سلعاً تبادلية . فحتى لو لم تكن هنالك طبقه متمايزة ، نجد هنالك عمليات لا تختلف عما يجرى في العالم الحديث .
وتحديد الطبقة الوسطى من اصعب الأمور ، ليس من أيام ماركس ، بل منذ القديم ، والسبب أن المجتمع ظاهرة حركيه لا تلبث على حال ، وسلم الطبقات دائب الحركة ، بل أن أفلاطون نفسه وهو سليل أسرة نبيلة قصد دكتاتوراً ليقنعه بجمهوريته فأستعبده وباعه ، فجمع أصدقاؤه الفديه وحرروه ، أن جدلية الحياة الاجتماعية تخلق ( الأوساط ) في كل شي تقريباً . ويرى هنري لوفيفر أن مشكله الأطراف سهلة وواضحة ، وانما المشكلة المعضلة تكمن في هذه الأوساط . ومعاينة الطبقة الوسطى من اشق الأمور ، فماذا نقول مثلاً في الفني ( أمثال الأمير كروبتكين صاحب الأملاك التي صادرها لينين ) الذي ينتمي إلى الفوضوية ؟ أو إلى الحزب الشيوعي ؟ وماذا نسميه ؟ يقولون أنه ثوري ربط نفسه بحركة التاريخ التقدمية ، بينما البروليتارى الذي ينضم إلى صفوف الأحزاب البرجوازية يقولون أنه انتهازي ربط نفسه بالقوى المنهارة ،،، وهكذا تصبح النظرية عجينه يصوغها السياسيون وفق أهدافهم ، كل هذا التحايل لا يفيد شيئاً بمقدار ما يدل على صعوبة التصنيف وفقاً لعمليه الإنتاج . ولكن التصنيف يتضح أكثر عندما يرتبط بسلم القيم والأهداف والنظرة إلي المجتمع . ففي هذه الناحية لا تكون هنالك صعوبة في ترائي الأوساط ، وان كانت الأطياف كثيرة جداً . ويبدو إن التنظير شي والمحصول الاجتماعي شي أخر ، يثبت ذلك النشاط النظري الهائل للاتحاد السوفيتي ، والمآل المريع الذي أنتهي أليه المحصول الاجتماعي .
من دون تصنيف والدخول في متاهات لنترك الأمور كما هي في أذهان المثقفين ولنقتصر على الناحية الاكسيولوجيه ( القيم ) بمقارنه تاريخية لا تبدأ من قيام البرجوازية التي يكاد يجمع المنظرون أنها ظهرت في مدن العصور الوسطي ، وفي قلب المجتمع الإقطاعي بل قبلها بكثير ، حتى نختبر المسلمة التي تقول إن الطبقة الوسطى عماد المجتمع ويكثرون من تشبيهها بالملاط الذي يمسك بقيه الطبقات ، كلما أصيب الملاط بالعطب ، أصيب المجتمع بالانحدار ، وبالعكس ، ويرقي بريقها ، فعندما تتقلص الطبقة الوسطي يكون هنالك خطر على المجتمع ، ولا خوف عليه عندما تتسع وتزدهر

وللحوار بقيه

الشقيق الموقر


كـمـال مـبـارك عبد الله

دعــوة مقبولـة للحــوار




تحياتي

ننتظـر مـواصـلة القـراءة..
لك التحيـة..

مـني عـوض خـوجـلي

العزيز كمال مبارك

ازيك وزمن طويل منك ومن اخبارك

منتظرين البقية