المحـراب : الجزر .. هل من مـدٍّ آخـر ؟

يغالبك القنوط .. وتبصر أصحابك الرائعين في ذهاب .. وتلفك السكينة من يأس الفقد .. ومن رهق البحث عن شموس أخريات .. البحث عن الضوء .. عن إمكانية للتواصل .. ها أنت ذا تبصر كون من الانسجام يذهب نحو مغيب مهيب .. وبعد كل ذلك الغناء يخفت الصوت تمهيدا لصمت طويل .. وبعد تيار الحياة النشط .. تهدأ النسمات تمهيدا لخواء .. مرة أخرى يرن صوت الكمان الشجي

أقف وحدي في جزيرة الخيال .. حولي المساحات المسطحة من المياه الزرقاء .. يلوح خيال سفينة في الأفق .. أرقب حركة النوارس النشطة .. تدفع موجة إلى الساحل علبة تبغ فارغة .. يداخلني فرح خفي .. أنني قريب من الإنسان ..

يا لأناقتك .. لماذا يحتاج من هو مثلك لمرآة .. إلى مبعثا لغرور .. ومحركا لكبر .. يا للطافة حرفك المدهش كأنك تنتخبين أجمل ما في النفس والكون لترسمي به لحظة انبهار .. أراني اقتفيك دونما كلل ودونما خوف ألا يصدق الحرف أهله .. وحيثما مررت يزدهي الأثير بروحك الطيبة .. ليتني ألتقيك في ساعة من التجرد والانفلات

آ هـ

يا سلام

لم يلمنني فيك .. وكيف أني امتطيت الشوق إليك بلا سرج .. فقط القصائد والأمنيات .. وبعض من العزم الذي يزكي ناره الحنين .. بالأمس مر طيفك الثري على الخاطرة .. أزدانت جدر القلب بالتصاوير المحببة .. ليت شعري من أي المدائن تشرقين .. يا صاحبي السجن .. لا أدر أخير أريد بكما أم شرا .. عمر وإيهاب شكرا لانعطافكما على المحراب .. وأتمنى ألا تنالا منه إلا ما يسر .. إذا كانت العرب تجرد من نفسها رفيقين لتقول قفا نبك .. فقد من علي الأثير بكما .. فقفا نبك ..

العطر حفيف العنصر السالب .. تشوقه لملاقاة الهواء .. للمسة من ذات موجبة .. تبحث في الذات عن خلق جديد ..

تحملني لك عادة الذكريات الطيبة .. أتمنى دوما أن أرسم لك صورة كي أستطيع تذكرك بها .. لكن تحكمات الشرق وأحكامه النهائية الغير قابلة للثورة .. لكن يذكرني بك عطر تلك الليالي الصديقة .. حينما كان يستبد بي الطرب .. وأنا أرقب كلماتك الشفيفات تصطف على الشاشة أمامي .. وأنت تضوعين عبر الأثير بحضورك الأنثوي الراقي .. ومفرداتك ذات التركيب السوداني الأليف .. لك أشتاق

18 عاما تمضي .. يا صاحبي وأنت لا تزال خلف حجب الغيم .. بذات البهاء .. لا أعرف كيف مرت كل هذه السنوات .. وكيف انقضت .. كنت أحسب بعدك أن عجلة الأيام لن تسير .. وحسبت أن الحزن سيدفعني إلى أبعد جوارير الذاكرة .. ليت شعري كيف سارت هذه القافلة دون حادي ..عزائي أن ظل طيفك طيلة هذه السنوات هو الأنيس والصاحب .. ليتك فقط يا سيدي .. تتناول معي بعض التذكار .. فنعود لتلك الأيام المشرقات .. لملاعب الصبا .. ومراتع الشباب ..

18 عاما .. كخيال طفلة .. مرت بسرعة انتهاء الفرح .. دون أن يتحقق الواحد من أي احتمال للصدق .. مرت هذه السنوات .. ودون أن يعي .. كما مرت التجارب بعدها بدون انتهاء .. ليتك هناك فقط تسامح .. على مدى الانتماء إليك .. ومدى تمسكي بحبس طيفك في خانة الأحياء .. يا رائع الروح.

18 عاما بدون التفات .. والعجيب أن طيلة هذه المدة .. لم أراك أبدا في الأحلام .. بل تظل ساعة من ساعات اليوم تم دوماً بالذاكرة .. يذكرني بوجهك الأشخاص .. وبروحك تذكرني بسمات الأطفال الأنقياء .. ورنين الضحكة الصافية.

لعلك تدري كم فقدت بعدك من أحباب .. منهم من هو مثلك عبر الحاجز المادي .. إلى البرزخ ثم الحضور السرمدي .. ومنهم من غيبته المسافات .. وكم مرير يا صاحبي هو بعد المسافة .. إذ يبقي على أمل باللقيا .. والتي تصير في أغلب الأحايين مستحيلة ..

يا صاحبي غيرتنا صروف الزمان .. احتالت علينا .. فقد كنا أقوياء معاً .. ففرقتنا أيدي سبأ .. ولكن لا يسعنا الذبول والانطماس بعد أن تجذرنا .. , ولا يمكن أن تضيع أصواتنا في العباب .. أو يتلاشى صداها في الأثير .. فها نحن نحمل ذات الراية التي كنت تحملها .. ونسير مثلك نحو النور .. فسقى الله قبرك .. وأرضاك

Quote: كخيال طفلة..مرت بسرعة.. إنتهاء الفرح دون أن يتحقق الواحد من أي إحتمال للصدق.

ساعة للقيام و...أخرى

أدخل المحراب, عالمابالصهدكل إحتمال..

لك ودي ولتمضي سفائن الشجن تخب العباب

جورج الأديب المترف الكلمات .. تحياتي كما أتمنى .. وأماني كيف تشاء .. تلوح لنا كبرق .. أضاء لنا فمشينا فيه .. حتى إذا غاب .. ألفيتنا في اشتياق .. لنا الله والأحباب كل في طريق

لماذا نقول كان الزمان القديم جميلا .. لماذا نقول أن الزمان القديم كذلك .. وأن الجديد أصابه البلى .. وفي كل يوم يزيد احتمال الجمال .. مزيد من خدمات العلم .. تراكم في التجارب .. مقابلة الشموس الصبية .. زهور تتفتح في كل يوم .. وبهجة أخرى .. تجارب مؤلمة جديدة وقاسية في بعض الأحيان .. لكنها تكسب المرء المزيد من الصلابة .. والقوة على تحدي العقبات ..

أحسب أننا لم فقط لم نعمل على تجديد المعايير .. يجب أن نجدد معايير قياس الجمال لدينا .. لنجد الجمال في كل شيء .. رحم الله الزمان القديم .. ونضر الله وجه الزمان الجديد .. كان الزمان جميلا .. ويبقى الجميل جميلا ..

مهلا يا صاحبي .. لا تكللني بقلائد الفخار .. ولا تصفني بصفة لا أقدر على الحفاظ عليها .. فعندما نصف الواحد منا بصفة نجعل منه أسير لها .. وإن أرهقته .. لا ينبغي له الفكاك منها ..

وأنا خلقت طليقا لا أقبل لنفسي الأسر .. فأنا أتلون كما هي الحياة .. فطورا هاش باش .. وطور مقطب .. أحيانا غاضب .. فلا تركنني لابتسامتي .. فإني لا أريد لها أن تكون كاذبة .. وأردت دوماً أن أكون شفافاً .. تعلن أساريري ما تخبئه الدواخل .. وتسهل قراءتي .. وليستغل الناس هذا الصفاء .. وحسبي أنها ذاتي .. دون تنميق أو تذويق ..

نعم يا صغيرة .. أعرف أنهم يتعاركون .. ويتقاتلون .. وفي كثير من الأحيان يتهاترون .. فهي طبيعة البشر .. لكن لا يحزنك هذا .. فلتظلي أنت بيننا .. محاولة لبلوغ الكمال .. ولتظلي دوما شمسا .. تنير الدياجير .. وتنشر دفئها علينا .. وتهدي الناس لينابيع الحسن ..

لا تحزني سيدتي .. فرغم كل الصراعات .. هم رائعون .. وهم مرهفون حد الرهافة .. ولتعرفي أننا أناس تموج فيها تيارات الشر .. كما تنساب في حنايانا أمواج الخير .. وخليط مدهش بين الملائك والشياطين نحن .. لكن جميعنا سوف نذهب .. وتبقى الكلمة .. وتبقى ذكريات ملونة ..

يلومون الوطن ورجال السياسة .. ويفرحون بعودة وذهاب .. وائتلاف وخلاف .. نسوا أنهم سيذهبون جميعا .. ويبقى في الذات المطلقة .. الوطن .. إحساس بالانتماء .. ورغبة في التمرغ في ذاكرته .. فهل لنا أن نسأل أين الأوائل .. الذين ملأوا سمع الدنيا يوما .. أين قوتهم وجبروتهم .. ذهبوا .. وفنيت أجسادهم .. وبقى الوطن .. الكلمة ..