الإنقــاذ وعــبء الــوزر التاريــخي

الإنقــاذ وعــبء الــوزر التاريــخي


09-28-2005, 06:13 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1127884410&rn=3


Post: #1
Title: الإنقــاذ وعــبء الــوزر التاريــخي
Author: sultan
Date: 09-28-2005, 06:13 AM
Parent: #0

الصحافة 28/9/2005

الإنقــاذ وعــبء الــوزر التاريــخي «1-2»

د. محمد سعيد القدال

ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون «النحل25».

كثر الحديث أخيراً عن ضرورة مراجعة الإنقاذ لبرنامجها والأخطاء التي علقت به. فتحدث البعض عن محاكمة الجرائم التي ارتكبت. وأخذ فريق ينادي بالنقد الذاتي والاعتذار عن ما حدث، هذا بجانب الحديث عن الوحدة الوطنية. ويذهب د. غازي صلاح الدين في حديث مستفيض إلى أن المشكلة لا يمكن تلخيصها في أنها مشكلة قيادات بل إنها تسري في أغوار أعمق من ذلك، تسري في البنيات التنظيمية وفي الأفكار والنظريات التي تشكلها، وفي سلوك القاعدة والمؤسسات الشورية والقيادية وتقاليدها الموجهة. «الصحافة: 19/3/2005». وهذا حديث لا يخلو من جرأة من شخص كان في قمة المؤسسة الحاكمة عندما كانت في عنفوان بطشها. ولكن يقف هذا الحديث دون أن يقول بفشل مشروع الحكم بأكمله وفشل منهجه. كما أنه يقف عند رصد مظاهر الفشل ولا ينفذ إلى الأسباب التي أدت إلى ذلك الفشل، لأنه إذا لم ننفذ إلى الأسباب فقد تتكرر الكارثة مرة أخرى.

إن أزمة الإنقاذ ليست مجرد أخطاء تحتاج إلى مراجعة وتصحيح أو محاسبة... إلخ. إن المشكلة أكبر من ذلك. إن الدمار الذي حاق بالبلاد خلال حكم الإنقاذ، لا يمكن تصحيحه بمراجعة الأخطاء ولا بالمحاسبة ولا بالنقد الذاتي. إن الذي حدث دمار شمال وتخريب كاسح، يقف المرء أمامه في حيرة ودهشة. وهي الدهشة التي انتابت الطيب صالح في بداية عهد الإنقاذ قبل أن ينفلت شره فقال: من أين جاء هؤلاء الناس، بل من هم هؤلاء الناس؟ ثم قال تعبيره اللاذع عندما أخذت أسعار الدولار ترتفع بشكل حنوني فقال: في السودان ترتفع قيمة الدولار وتهبط قيمة الإنسان. ثم اخذ الكتاب يتبارون في تعداد ذلك الخراب. فنشر د. حيدر إبراهيم كتاباً بعنوان: «سقوط المشروع الحضاري». ويتألف الكتاب من ثلاثة أجزاء، صدر منها الجزء الأول بعنوان: السياسة الاقتصادية. والدراسة جهد أكاديمي موثق، وتناول أغلب ما حل بالبلاد خلال حكم الإنقاذ.

ولسنا هنا بصدد كيف حدث هذا، ولكن السؤال الملح هو: لماذا حدث هذا؟ كيف يمكن أن تتحول مجموعة من السياسيين كانت تعيش بين ظهرانينا إلى أدوات تخريب ودمار دون أن يطرف لها حفن؟ كيف تدمر تلك المجموعة ذلك الدمار الماحق، ثم تطلب المراجعة أو النقد الذاتي أو المحاسبة، وكأن الذي حدث كان خطأً في التطبيق أو انحرافاً يمكن التراجع عنه؟ ولماذا المراجعة الآن وليس قبل ذلك؟ هل أصبح السودان حقل تجارب فاشلة تمتد لحقبة ونصف؟ وهل تغير المنهج أم أن توازن القوى العالمي والإقليمي والمحلي أدى إلى تراجع تكتيكي وتجميع القوى للعودة بوجه آخر ربما كان كالحاً أكثر من سابقه. والأحزاب قد تخطئ وتنحرف، ولكن الدمار لا يمكن مراجعته أو الاعتذار عنه. والبعض يتحدث عن ذلك الدمار بسذاجة، وكأن الذي حدث كان خطأ في الإملاء أو قواعد النحو، أو سوء فهم.

وسيظل السؤال يلح علينا: لماذا حدث هذا من حزب سياسي عندما كان متماسكاً وبعد أن تفرق أيدي سبأ؟ لماذا تم تدمير القمم التي كان يفخر بها السودان؟ ومنها: السكة الحديد، ومشروع الجزيرة والرهد، وخشم القربة، والخدمة المدنية، والصناعات، جامعة الخرطوم، وحقوق الإنسان، ونهب المال العام حتى أصبحت رائحته النتنة تزكم الأنوف، وبيوت الأشباح والتعذيب والقتل الجماعي. وقد أدانت الإنقاذ نفسها في بيان الانقلاب الأول في 30 يونيو 1989عندما انتقدت الحالة السياسية لتبرر انقلابها. فقال البيان: «... أيها المواطنون الكرام لقد عايشنا في الفترة السابقة ديمقراطية مزيفة ومؤسسات دستورية فاشلة، وإرادة المواطنين قد تم تزييفها بشعارات براقة مظللة وبشراء الذمم والتهريج السياسي، ومؤسسات الحكم الرسمية لم تكن إلا مسرحا لإخراج قرارات السادة.. لقد تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية وفشلت كل السياسات الرعناء في إيقاف هذا التدهور.. وامتدت يد الحزبية والفساد السياسي إلى الشرفاء فشردتهم تحت مظلة الصالح العام مما أدى إلى تدهور الخدمة المدنية، وقد أصبح الولاء الحزبي والمحسوبية والفساد سبباً في تقدم الفاشلين في قيادة الخدمة المدنية وأفسدوا العمل الإداري وضاعت على أيديهم هيبة الحكم وسلطات الدولة ومصالح القطاع العام. «سقوط المشروع الحضاري، ص 362 -362». ورغم أن الحديث عبارة عن تهريج سياسي، إلا أنه أقل من الدمار الذي ابتليت به البلاد الآن.

لنترك التفاصيل، والالتواء ونطرح السؤال: لماذا حدث هذا؟ نحن لا نملك إجابة سحرية نستلها من مكمن ونلقي بها في الساحة. إننا نحاول أن نفهم كيف تحولت مجموعة من السياسيين الذين عايشناهم إلى وحوش كاسرة. وأصبحت محاولة التعرف على ما حدث ممكنة بعد أن انقشع جانب من ذلك الكابوس المرعب.

نود أن نؤكد في البداية أن الذي حدث لم يكن زلزالاً أخذنا به على حين غرة، ولكنها كارثة كانت سحائبها الداكنة تتجمع في الأفق، وكانت ترسل إشارات لم نرصدها، بل لم نعرها اهتماماً. فالدمار الذي حلَّ بنا له جذوره الممتدة في تربة الحياة السياسية السودانية، وربما أبعد من ذلك. فلنحاول أن نتلمس بعض جوانب أسباب ما حدث، فالسؤال لا يزال يلح علينا.


http://www.alsahafa.info/news/index.php?type=3&id=2147499227
= = = =

السودان لكل السودانيين
المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان

Post: #2
Title: Re: الإنقــاذ وعــبء الــوزر التاريــخي
Author: sultan
Date: 09-28-2005, 06:15 AM
Parent: #1

= = = =
السودان لكل السودانيين
المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان

Post: #3
Title: Re: الإنقــاذ وعــبء الــوزر التاريــخي
Author: AMNA MUKHTAR
Date: 10-03-2005, 08:59 AM
Parent: #1

up