الآن بات الأمر أبعد وأصعب

الآن بات الأمر أبعد وأصعب


09-26-2005, 02:28 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1127698083&rn=0


Post: #1
Title: الآن بات الأمر أبعد وأصعب
Author: منصور شاشاتي
Date: 09-26-2005, 02:28 AM

كشفت الأحداث الأخيرة التي رافقت رحيل الدكتور جون قرنق ، عن حجم التخريب الذي أحدثه (الخطاب الديني المتطرف) .
التطرف حالة مرضية معدية سريعة الانتشار ، والمسئولية تجاه ما نحن عليه الآن تقع على عاتق كل الأحزاب بل وكل الذين اعتبروا أنفسهم قادة فكر ومجتمع مدني الخ منذ استقلال السودان حتى الآن ، فهم الذين أفسحوا للخطاب المتطرف المجال فتراجعت مساحات التسامح وقبول الآخر ، ومن الخطأ أن نحسب أنها حالة تهيمن فقط على مسلمي شمال السودان أنها حالة تلقي بظلالها على كافة شرائح المجتمع السوداني , , وشيطان التطرف - لعن الله من أطلقه - ساعة يخرج من قمقمه يأكل الأخضر واليابس .. ألم تر كيف كانت الناس تتحرك - على عكس ما دعت إليه الأحزاب والقيادات . . هذا يعني بالمنطق البسيط أن الناس في واد وأحزابها وقياداتها في واد آخر .
ولكن الأحداث كشفت عن أمر آخر جد خطير وهي أن هناك انقساما واسعا وأن هناك في الواقع مجتمعين متناقضين (حتى لا نقول مجتمعات ) يتربص كل منهما (أو منها) بالآخر . . لا أتحدث عن صراع الفقراء مع الأغنياء ، الأمر أخطر بكثير من ذلك نحن نتحدث عن غياب كامل للثقة بين المجموعات التي تحسب أنها أفريقية والمجموعات التي تحسب أنها عربية، وبين من يقولون أنهم يعتنقون الإسلام ومن يقولون أنهم يعتنقون أديانا غيره ، والعقلية السائدة وسطهم جميعا عقلية تفتقد التسامح والثقة وحتى الرغبة في العيش المشترك,.
كيف وصلت الأمور الي هذا الحد ، من الذي أوصلها ، لست في معرض الحديث عن ذلك ، الذي أريد أن أقوله هو انه يتوجب على الأحزاب ( إن كان يجوز لنا أن نسميها أصلا أحزابا) والمفكرين والحريصين على مستقبل السودان ، أن يتعاملوا مع حقيقة باتت جلية : أن هدف السودان الواحد اصبح ابعد واصعب مما كان عليه قبل رحيل الدكتور جون قرنق ، وأن الخلل الذي أصاب تركيبة هذا السودان اصبح من الصعب إيجاد حل له في ظل هكذا أحزاب وهكذا قيادات ، وأن خيار انفصال الشمال عن جنوبه اصبح واردا مع كل ما يعنيه جدل التقسيم من تواصل لعملية الانفصال لتتسع غربا وشرقا وهلم جرا.
هذا واقع يجب أن نتعامل معه . . بسد الأبواب أمام الخطاب المتطرف ، بالتزام قيم التسامح وقبول الآخر ، وتجريم كل ما يثير الفتنة ويشيع الكراهية بين الناس,
إنها عملية صعبة للغاية . .
هل يا ترى بإمكان تحالف الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني أن يضع هذا الأمر هدفا رئيسيا ، يسبق حتى ما يقال عن تقسيم للسلطة والثروة ..
ماذا يختار السودانيون في القادم من الأيام : وحدة أم انفصال ، سودان ام سودانان أم ثلاثة ، لا يعني نهاية العالم بالنسبة لأهل السودان ، فالناس يمكن أن تعود وتتحد من جديد .. إن جاء انفصالها سلسا وبالتراضي .. وقد يكون قيام دولتين متعاونتين أو اعتماد نظام الفيدراليات السودانية (وهو في اعتقادي كان الأفضل) انفع لأهل السودان من سودان واحد منقسم على نفسه.

منصور شاشاتي – الضفتان – 1 سبتمبر 2005