Post: #1
Title: اللبننة .. الصوملة.. الأفغنة......السودنة ! .. ياستار !
Author: Elmuez
Date: 09-08-2005, 07:40 AM
الحركة الشعبية: وصلنا إلى طريق مسدود مع حكومة الخرطوم في شأن وزارة الطاقة
أحزاب التجمع السوداني المعارض تتبادل انتقادات حادة بشأن المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية الخرطوم: الشرق الأوسط
أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان، أن المشاورات بينها وبين المؤتمر الوطني الحاكم، لإنهاء الخلاف حول ايلولة وزارة الطاقة والتعدين في حكومة «الوحدة الوطنية» المرتقبة، وصلت الى طريق مسدود، في وقت تبادلت أحزاب في التجمع السوداني المعارض، خاصة الحزبين الشيوعي المعارض بزعامة محمد ابراهيم نقد، والاتحادي المعارض بزعامة محمد عثمان الميرغنى الهجوم، بشأن المشاركة فى حكومة الوحدة الوطنية من عدمها، بصورة اعتبرها المراقبون الأعنف والاكثر صراحة بين الطرفين، منذ تشكيل الكيان المعارض مطلع التسعينات.
ويأتي التوتر الشديد بين الاتحادي والشيوعي على خلفية اجتماع لأعضاء في هيئة التجمع في القاهرة اول من امس، هاجموا فيه الحزب الاتحادي الديمقراطي، متهمين اياه باستغلال اسم التجمع من اجل المشاركة في الحكومة منفردا.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن قيادات حكومة الرئيس عمر البشير من الوزراء في الحكومة المكلفة، وتيار الحركة الاسلامية في الحزب الحاكم، يشددون على ضرورة التمسك بوزارة الطاقة، وعدم التنازل عنها للحركة الشعبية «اطلاقا»، حسب تعبير قيادي في الحركة الاسلامية تحدث لـ«الشرق الأوسط».
ورأس الرئيس عمر البشير ليل اول من امس، اجتماعا ضم قيادات في مقر اقامته ببيت الضيافة، وقيادات الحكومة الحالية وقيادات من كيان الحركة الاسلامية «التيار الأساسي» في حزب المؤتمر الوطني الحاكم.
وقال مصدر في رئاسة الجمهورية في تصريحات، إن الاجتماع بحث في قضايا الساعة الحساسة في السودان، والتشكيل الوزاري، ورفض المصدر إعطاء أي جدول زمني لإعلان التشكيل الوزاري او حتى تحديد ملامح المعوقات، التي تعترض طريق اعلانه، وقال «في كل الاحوال، لن يتم الاعلان قبل عودة النائب الاول للرئيس السودان سلفا كير، الذي زار أوغندا ليوم واحد».
وحول الخلاف بين الحكومة والحركة الشعبية، بشأن من سيتسلم حقيبة الطاقة والتعدين في التشكيل المرتقب، قال باقان اموم القيادي البارز في الحركة الشعبية في تصريحات، إن الخلاف حول الوزارة قد وصل الى طريق مسدود، بعد سلسلة من جلسات الحوار والتشاور بين الطرفين.
وقال اموم إن الحكومة رفضت كل العروض، التي تقدمت بها الحركة للخروج من المأزق، على حد قوله، وأضاف أن الحركة تركت الأمر للمؤتمر الوطني الحاكم ليحدد الرأي النهائي، ومضى أموم في تصريحاته ان الحركة، دفعت بحجج جديدة حول تمسكها بوزارة الطاقة، وقدمت عدة ضيغ للتوصل الى حل للاشكالية «ولكن كل الحجج، واجهت اعتراضات من حزب المؤتمر الحاكم، مما جعل زعيم الحركة الشعبية، يذهب للاهتمام بقضايا اخرى، وترك الفرصة للمؤتمر الوطني ليقرر في الشأن».
وحسب اموم، فإن تمسك الحركة بوزارة الطاقة، يأتي لأسباب «سياسية ونفسية»، ولمبررات أخرى، من بينها ان حكومة الجنوب، ستعتمد في الفترة المقبلة على عائدات النفط بنسبة 90% كمورد لعدم وجود مصادر أخرى اضافية، ولاعتبارات أن 90% من البترول الحالي، ينتج في جنوب السودان.
وقال اموم، ان عمليات استخراج البترول، صاحبها الكثير من الاضرار التي حاقت بالمواطنين الجنوبيين، تتمثل في تهجير وتخريب الثروات، بشكل زعزع الثقة في الحكومة، وهذا يحتاج الى معالجات خاصة لزرع الثقة والطمانينة، لن تستطيع القيام بها الا الحركة الشعبية، باعتبارها الاقرب لهم نفسيا، والاقدر على خلق ارضية جديدة من التفاهم، واحداث نوع من المصالحة.
ومع ذلك يرى اموم ان الخلاف حول وزارة الطاقة، لن يصل بالطرفين الى فض التحالف، الا اذا وصل انفاذ اتفاق السلام الى طريق مسدود.
الى ذلك وقعت خلافات شديدة بين احزاب في التجمع المعارض خاصة الحزب الشيوعي السوداني والحزب الاتحادي الديمقراطي المعارض، واكبر احزاب التجمع. وفي السياق، تمنى الناطق بسام الحزب الشيوعي السوداني المعارض يوسف حسين على «الدوائر الراغبة في المشاركة في الحكومة، أن لا تلجأ الى استغلال اسم التجمع الوطني، كمطية للترويج لبضاعتها».
وقال حسين في تصريح مكتوب صدر امس، إن الزعم بأن هيئة قيادة التجمع، اتخذت قرارا بالمشاركة في السلطة التنفيذية غير صحيح، وأضاف حسين «نفيد بأن الاستاذ التجاني الطيب، والدكتور الشفيع خضر مندوبينا في هيئة القيادة، أفادا بأن هيئة القيادة لم تجتمع بعد، وبالتالي لم تقرر حتى اليوم في أمر المشاركة.
وقال حسين ان هيئة قيادة التجمع تحضر حاليا لاجتماع يعقد في اسمرا في تاريخ لاحق، للنظر في عائد تفاوض وفدها مع الحكومة، وكذلك موضوع المشاركة. وفى الاتجاه الآخر، شن فتحي شيلا القيادي البارز في الحزب الاتحادي الديمقراطي المعارض، هجوما عنيفا على التجمع، وقال في تصريحات في الخرطوم أمس، انه لولا حزبه الاتحادي لكان التجمع قد انتهى منذ خروج حزب الأمة المعارض منه في عام 2001.
وحذر في هجومه الذي يعتبر الأول والأعنف من نوعه على التجمع، الذي ينضوي حزب تحت لوائه «يجب الا يحسب البعض أن عضويتنا في التجمع تلغي شخصيتنا الاعتبارية، وإلغاء مؤسساتنا وقرارات حزبنا»، وحسب شيلا، فإن حزبه سيسعى الى تحسين نسبة مشاركة التجمع في الحكومة السلطة «بعد أن فشل هو في تحقيق ذلك».
إلى ذلك انهى الفريق سلفا كير ميارديت النائب الأول للرئيس السوداني رئيس حكومة جنوب السودان، زيارة ليوم واحد الى اوغندا، بحث خلالها مع الرئيس الاوغندي يويري موسيفيني، مسألة محاربة جيش الرب المناوئ لأوغندا، والذي ينطلق من جنوب السودان، ورجح كير في تصريحات لدى عودته للخرطوم مساء أمس، خيار تفاوض الحكومة الأوغندية مع قوات جيش الرب بمنطقة شرق الاستوائية «جنوب السودان».
وقال إن التوصل للحل السلمي عبر التفاوض، يعد الأمثل، وأن القوة يمكن استخدامها إذا فشلت المساعي، وأضاف إن لم تقبل قوات زعيم جيش الرب جوزف كوني التفاو، فسنطلب منها الخروج من الجنوب واللجوء إلى جهة أخرى.
وقال كير إن مباحثاته مع الرئيس موسيفيني، تركزت حول أعمال لجنة التحقيق في تحطم طائرة الدكتور جون قرنق، وإمكان اقامة خط سكة حديد من مدينة تكواج الاوغندية إلى مدينة «جوبا» كبرى مدن جنوب السودان، مروراً بمدينة «ياي» السودانية، على الحدود مع أوغندا، ودعم التجارة بين البلدين، بجانب بحث قضية جيش الرب بمنطقة شرق الاستوائية. غرق ثلاثة وفقد فتاة في سيول بشمال تونس تونس ـ رويترز: قالت مصادر امنية أمس ان سيولا اجتاحت وادي بجهة سيدي بورويس بشمال غربي تونس وتسببت في غرق ثلاثة وفقد فتاة بعد ان جرفت المياه سيارتين. واضافت المصادر ان وحدات الانقاذ المدني انتشلت الثلاثاء جثث ثلاثة اشخاص غرقوا نتيجة سيول وادي تاسة بعد هطول كميات كبيرة من الامطار على سيدي بورويس التي تبعد نحو 110 كيلومترات شمال العاصمة تونس. وتابعت ان البحث لا يزال جاريا عن فتاة كانت في نفس السيارة التي جرفتها المياه وتسببت في غرق اقاربها الثلاثة. وتمكنت وحدات الطوارئ من انقاذ ركاب سيارة ثانية جرفتها المياه. وقال شهود عيان ان مرور السيارتين صادف ارتفاع منسوب مياه وادي تاسة نتيجة هطول الامطار الغزيرة. ------------------------------- نقلا عن سودانايل :
محمد الحسن أحمد
السودان: الإرهاب المسيحي أكبر مهدد للسلام
في احدث تصريح للرئيس اليوغندي موسفني في الاول من هذا الشهر طلب من الرئيس السوداني السماح للقوات اليوغندية بمطاردة زعيم متمردي جيش الرب القسيس جوزيف كوني خلف الخط الاحمر داخل الاراضي السودانية، وقال: اعتدنا ان نحارب كوني بقوة واحدة تحارب مشيا على الاقدام، ولكننا الآن نمتلك قوات متعددة لمحاربة كوني. واذا اعطاني الرئيس البشير الاذن لملاحقة كوني وراء الخط الاحمر فسيكلفني ذلك ثلاثين دقيقة فقط للقضاء على كوني وقواته. وشدد موسفني رفضه لأي تفاهم مع جيش الرب وكرر: ان موقفنا حول كوني لم يتغير ابدا، فقد حاربنا امين وابوتو وسحقناهم وسنأخذ بكوني وسيدفع ثمن كل جرائمه.
في البداية من المناسب تقديم استعراض موجز عن ما هو جيش الرب؟ لقد نشأ قبل عشرين عاما في شمال يوغندة بمبادرة من سيدة يوغندية مسيحية ادعت النبوة وبعد وفاتها ادعى القس كوني: ان الروح القدس قد انتقلت اليه، وكلاهما ينتميان الى قبيلة الاشولي المتداخلة بين الجنوب السوداني والشمال اليوغندي. وتقوم عقيدة الحرب على كونها أمرا ربانيا لا نهاية للحرب إلا بسقوط حكم موسفني او فناء قبيلة الاشولي بأكملها.
وعلى الجانب الآخر يعتقد الرئيس اليوغندي كما بدا من تصريحاته انه سيسحقهم كما سحق من قبل ايدي امين وابوتو. ومعلوم ان اللائحة الأميركية للارهاب تضم هذا الجيش في قائمتها، وهو كما تشير الاحصاءات، انه يضم مائتي الف مقاتل وان الخسائر التي الحقها بيوغندة تتجاوز الثمانين مليار دولار. وبالرغم من انه استمر يقاتل الجيش اليوغندي نحو عشرين عاما ها هو الرئيس اليوغندي يزعم ان السودان لو سمح له بتجاوز الخطوط الحمر فإن القضاء عليه سيكلفه نصف ساعة فقط!
لا أحد يصدق هذا الزعم، والارجح ان الرئيس اليوغندي يريد توريط السودان في حرب لا نهاية لها، وخاصة في الجنوب الذي لم تستقر احواله بعد ويتطلع الى بناء ما دمرته الحرب. لكن موسفني يريد من الحركة الشعبية التي ساعدها في حربها ان ترد له الجميل فتحارب معه جيش الرب عبر سلطة وجيش حكومة الجنوب، وكذلك يريد من حكومة الخرطوم التي أذنت لجيشه من قبل ان يتعقبه داخل الاراضي السودانية ان تتمدد المساحات المسموح لجيشه بدخولها لتشمل المدن، بينما السماح في المبتدأ لجيشه لدخول الاراضي السودانية كان أمرا شاذا لا يتماشى مع الاعراف الدولية!
ترى ماذا كانت ردة فعل الحكومة السودانية ازاء الالحاح اليوغندي؟.. قبيل رحيل جون قرنق، وبعد توليه منصبه الرئاسي قال: ان مسألة جيش الرب واحدة من اولويات حكومة الجنوب. لكن خلفه سلفا كير وضع ثلاثة خيارات امام جيش الرب. الخيار الاول يدعوه للوصول الى سلام مع يوغندة. والثاني ان يخرج جيش الرب من الجنوب ليبحث له عن مكان آخر، والثالث هو ان تتولى الحركة اخراج جيش الرب من الجنوب بالقوة. ( للمقال بقية ).. ---------------------------------------- نقلا عن سودانايل : تشكيل المجلس العسكري
بيان هام وعاجل للشعب السوداني من القسم الإعلامي لتجمع الضباط الوطنيين الاحرار المكتب الرئيسي الخرطوم والخرطوم بحري وأمدرمان بيان تشكيل المجلس العسكري
بسم الله الرحمن الرحيم بيان هام وعاجل للشعب السوداني من القسم الإعلامي لتجمع الضباط الوطنيين الاحرار المكتب الرئيسي الخرطوم والخرطوم بحري وأمدرمان إلى جماهير شعبنا العظيم ايمانا منا بقضية التغيير من اجل قيام الدولة السودانية الحديثة على أسس ديمقراطية راسخة وإعادة تقسيم ثروات البلاد الكبيره بالتساوي بين جميع الولايات على اساس العدل واعتماد الكثافة السكانيه في عملية التمثيل البرلماني والحفاظ على وحدة السودان الجغرافيه وحرية الثقافة والمعتقد وفتح الباب امام كافة فئات المجتمع للمشاركة في السلطة وصناعة القرار قرر أبناءكم الضباط الوطنيون الاحرار ما يلي: قيام المكتب التنفيذي من الآتية أسماءهم: الرائد جلال البدوي ابو حراز رئيسا وناطقا باسم الضباط الوطنيون الأحرار الرائد دوسه محمد حقار عضو المجلس العسكري الرائد محمد الحسن محمد الشيخ عضو المجلس العسكري الرائد صالح ادريس مدني عضو المجلس العسكري الرائد جون سبت كوكو عضو المجلس العسكري النقيب بشير حربه دقاش عضو المجلس العسكري النقيب دانيال اروب دينق عضو المجلس العسكري النقيب عثمان ابوبكر الشيخ دقنه عضو المجلس العسكري النقيب الدكتور دوسه حربه د قاش عضو المجلس العسكري الملازم اول زهير الامين عطا المنان عضو المجلس العسكري الملازم اول عمر صالح ارباب عضو المجلس العسكري الملازم اول محمد حسين تور الخلا عضو المجلس العسكري وعليه نعلن لجميع ضباط صف وجنود القوات المسلحه وللشعب السوداني قاطبة ان ابواب التجمع مفتوحة لمن اراد الانضمام وسوف نعلن في وقت لاحق كيفية الاتصال بنا والتنسيق معا لتحقيق الاهداف الثورية الوطنية من اجل التغيير و بناء سودان جديد وتسليم السلطة من المجلس العسكري للشعب مباشرة بعد ارساء قواعد الديمقراطية الحقيقية عبر الانتخاب الحر المباشر برعاية الامم المتحده والاتحاد الاوروبي والمجتمع الدولي والاتحاد الافريقي والجامعه العربيه
والتحية لرفقاء السلاح و ثوار دارفور والشرق الواثقون من الخلاص القادم انه تعالى نعم المولى ونعم النصير والله اكبر والعزة للسودان. صدر تحت توقيعي اليوم السابع من يوليو للعام ألفين وخمسة رئيس المكتب التنفيذي والناطق الرسمي باسم الضباط الوطنيون الاحرار الرائد جلال البدوي ابو حراز
|
Post: #2
Title: Re: اللبننة .. الصوملة.. الأفغنة......السودنة ! .. ياستار !
Author: Elmuez
Date: 09-08-2005, 07:58 AM
Parent: #1
تقرير مجموعة الأزمات الدولية
موت قرنق: آثاره على السلام في السودان نظرة عامة1
لقد تصرفت قيادة الحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان حتى الآن بسرعة لاستجماع قواها وإعادة تنظيم نفسها، ولكن فقدان جون قرنق، القائد الوحيد الذي عرفته الحركة في عمرها البالغ 21 عاما، في حادث تحطم طائرة مروحية في 30 أغسطس 2005، يحدث ثغرة للمخربين على جميع الأطراف لاستغلال أي علامات للتشكك. ويواجه البلد خطر فقدانه في نهاية المطاف اتفاقا للسلام كان يبدو بالفعل مهزوزا نوعا ما.
ويتعين على حركة قرنق أن تثبت أن بإمكانها التماسك بدون قبضته المتسلطة ومكانته التي لا نظير لها.وهي قد أصبحت الآن أقل إمكانية للإسهام إسهاما كبيرا في حل مشكلة الحرب والكارثة االإنسانية في دارفور أو حل المشاكل المتفاقمة في شرق السودان. وقد زادت احتمالات انفصال الجنوب، الأمر الذي يزعج حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم. وينبغي للأطراف الفاعلة الدولية الرئيسية مثل الولايات المتحدة، التي ساعدت في التوسط لإبرام اتفاق السلام الشامل في يناير 2005، أن تفعل الكثير لمساعدة الأطراف على إنقاذه.
وهناك حاجة إلى اتخاذ تدابير في ثلاثة مجالات لتحقيق استقرار الوضع في المدى القصير:
o أولا، يجب على الحكومة والحركة الشعبية بذل كل ما في وسعهما لمنع تكرار حدوث العنف بين الجماعات العرقية الذي اندلع في الخرطوم ومناطق أخرى في الجنوب. ويجب على الحكومة بذل المزيد من الجهود لاستعادة سيادة القانون والنظام في العاصمة وضمان أن تتيح قوات الأمن الإجراءات القانونية العادلة لجميع المشتبه فيهم بالتورط في العنف بغض النظر عن أصلهم العرقي. وينبغي تنصيب خليفة قرنق، سلفا كيرميارديت، نائبا أولا للرئيس في 9 أغسطس كما تستدعي آخر الخطط حتى يمكن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بكاملها بدون تأخير.
o ثانيا، يجب على قادة الحركة الشعبية الجدد أن يبقوا موحدين في وجه ما يبذل بالتأكيد من جهود لتفريقهم وتقويض الحركة. وقد كانت إعادة تشكيل الحركة لتصبح تنظيما مفتوحا شفافا وشاملا للجميع في أسلوبه لصنع القرار تحديا هاما بدأ قرنق في مواجهته؛ وهو الآن بعد ذهابه أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى.
o ثالثا، هناك حاجة إلى المزيد من الدعم الشعبي والدبلوماسي لاتفاق السلام وخاصة للحركة الشعبية في هذا الوقت العصيب. وتقع على عاتق المجموعة الثلاثية، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج مسؤولية خاصة. وكان تعيين واشنطن ممثلا خاصا لها أمرا هاما ولكن يجب القيام بالمزيد من العمل لضمان ألا تستغل العناصر المتشددة في الخرطوم التي تعارض اتفاق السلام الشامل موت قرنق للتراجع عن تنفيذ الاتفاق بصرامة. ويجب على مجلس الأمن أن يرد بسرعة على أي انتهاكات للجدول الزمني لاتفاق السلام الشامل بغية إبقاء الأطراف على المسار المنشود.
2 نوبة العنف
لقد أشعل موت قرنق العنف في الخرطوم، وبورتسودان وأماكن أخرى في الشمال وكذلك المدن الرئيسية في الجنوب وتصاعد ذلك العنف بسرعة وتطور إلى اقتتال عرقي.وبالرغم من أن الأدلة الأولية تشير إلى أن تحطم الطائرة كان حادثا، فإن شكوك العديد من الجنوبيين قد أذكاها التشويش الذي أحاط بالخبر وكذلك تاريخ من أحداث الموت الغامضة لشخصيات سياسية.1 .وخلال يوم الأحد، 31 يوليو/تموز 2005، انتشرت إشاعة في جميع أرجاء البلد بأن طائرة قرنق المروحية مفقودة في طريقها من أوغندا إلى جنوب السودان. وفي وقت متأخر من الليل، حوالي 24 ساعة بعد الزمن المحدد لهبوط المروحية، أذاع تلفزيون الدولة لأول مرة أن برج مراقبة مطار الخرطوم قد فقد الاتصال بالطائرة، ثم أذاع أنها هبطت بسلام في الجنوب2. وأكد ناطق باسم الحكومة خبر الموت في صباح اليوم التالي. ولم تتخذ الحكومة استعدادات أمنية، مما أدى إلى سيادة الفوضى عندما بدأت أحداث الشغب.
وبحلول يوم الثلاثاء، 2 أغسطس/آب، كان وسط الخرطوم هادئا في الغالب ولكن العنف استمر في الأطراف، حتى عندما كانت قيادة الحركة الشعبية تدعو إلى ضبط النفس وبدأت ا لتنسيق الأمني مع الحكومة. ووفقا لمنسق الأمم المتحدة للأمن، قام جنوبيون من مخيمات النازحين بهجمات جديدة على الأسواق في أم درمان بينما أثار آخرون أحداث شغب في الحاج يوسف في الخرطوم بحري. وورد تقرير عن مقتل إمام وشخصين آخرين عندما كانوا يغادرون أحد المساجد. وقام السكان الشماليون تلقائيا بتسليح أنفسهم بالهراوات وقضبان الحديد والأسلحة النارية لحراسة منازلهم ومتاجرهم. وشكل البعض مجموعات أمن أهلية وهاجموا أحياء الجنوبيين، فنهبوا البيوت وقتلوا وجرحوا العشرات، مما جعل السكان يتسلحون لحماية أنفسهم. وبينما تقاطر الناس على مراكز أقامتها الحركة الشعبية في أحياء الجنوبيين لتقبل العزاء، هاجمتها جماعات الأمن الأهلية، فقتلت 6 أشخاص في إحدى الحوادث. 3وفي رواية أخرى ورد أن ستة جنوبيين قتلوا، عندما هاجمت مجموعة من الغوغاء مدرسة في وسط المدينة.4
وفي منتصف نهار 3 أغسطس/آب انتشرت بسرعة عن طريق التلفون المحمول إشاعة بأن باولينو ماتيب، رئيس قوات دفاع جنوب السودان،5 قد قتل. وهذه الإشاعة وادعاءات إضافية أخرى بأن زعماء جنوبيين آخرين ماتوا أثارت ذعرا واسع النطاق. فأتباع ماتيب بالذات، يخشاهم الجنوبيون والشماليون كثيرا على السواء في الأحياء التي لديهم فيها وجود قوي: الكلاكلة في الخركوم، والفتيحاب في أم درمان، والحاج يوسف في الخرطوم بحري.6 وفي هذه المرحلة تحركت الحكومة بسرعة، تدحض الإشاعة بمكبرات الصوت والإذاعات المتكررة. وتكلم ماتيب في الإذاعة والتلفزيون الوطنيين معلنا التزامه بعملية السلام وإرث قرنق.7 وفي الظاهر أن مليشياه اضطلعت بدور إيجابي، حيث انتشرت إلى جانب قوات الحكومة والحركة الشعبية لدرء ما يمكن أن يتحول بسهولة إلى حرب مدن.8
إن العاصمة السودانية مدينة مترامية الأطراف تتكون من ثلاثة مدن مترابطة – الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان – يفصل بينها النيل وفروعه9. و تبلغ مساحتها معا 50 كيلومترا مربعا وتشمل 6 ملايين من السكان. وخلال عقدي الحرب الأهلية، فر على الأقل مليونان من الجنوبيين ذوي الأصول الأفريقية (غالبيتهم مسيحيون وأرواحيون) إلى السلامة النسبية في العاصمة. ووجد أغلبيتهم مأوى بائسا في مخيمات ضخمة أقيمت على أرض قفر بعيدة عن المدن الثلاث. ولكن كثيرين استقروا في أحياء كثيفة السكان وفي مناطق سكن عشوائي على الأطراف حيث يتعايشون بصعوبة مع معوزين مثلهم أغلبيتهم من مسلمي الشمال الذين رغم احتفاظهم بخصائصهم العرقية ذات الأصول الأفريقية، تأثروا كثيرا بالإسلام والثقافة العربية ويميلون إلى الإنتماء إلى العالم العربي. ومما يلفت الانتباه أن التعايش ظل سائدا إلى حد كبير خلال بداية التسعينات، أكثر فترات الصراع دموية.10
ومع ذلك، فإن الجنوبيين المستائين سلفا من مركزهم كمواطنين من الدرجة الثانية وأجيال من القهر السياسي والاقتصادي والعنصرية، استهدفوا من يعتبرونهم "عربا". وفي نهاية اليوم الأول قدر عدد القتلى في العاصمة بـ 36 شخصا.11 وأحرق ما لا يحصى من المتاجر والسيارات. واستغلت الغوغاء الاضطرابات للسرقة، واستفاد المجرمون من انهيار سيادة القانون والنظام لنهب المنازل الخاصة في العديد من الأحياء في تلك الليلة. وبالمثل استهدف الجنوبيون "العرب" والأعمال التجارية التي يملكها شماليون في جوبا وملكال والرنك.12 وكان مستوى العنف عاليا للغاية، حتى بالنسبة لتاريخ الخرطوم الطويل من أحداث الشغب ومظاهرات الطلبة.
ومنذ بداية الأزمة فشلت الحكومة المرتبكة في بث رسالة قوية ومتسقة وكانت بطئية في تعبئة الزعماء القبليين والسياسيين والدينيين للدعوة إلى الهدوء. واستخدام العربية الفصحى في نشرات الأخبار التي تبثها وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرة الحكومة بدلا من اللهجات المحلية واللغات القبلية دل على عدم الاستعجال وعدم الحساسية.13 وانتقدت بعض تنظيمات المعارضة السياسية في الخرطوم الحكومة على عدم نشرها العدد الكافي من قوات الأمن في العاصمة حتى أفلتت أحداث الشغب من السيطرة. وزعمت تنظيمات المعارضة أن ذلك كان مقصودا للسماح بما يفترض أن يكون متوقعا من أحداث العنف بأن تتصاعد لتبرير إعادة العمل بقوانين الطوارئ والممارسات الخارجة عن نطاق القانون.14 وألقت الصحف بمعظم اللوم عن أحداث العنف على بطء استجابة حاكم العاصمة وطالبت باستقالته.
وعلى النقيض من ذلك تصرفت الحركة الشعبية بسرعة لتهدئة العنف. وبعثت برسالة واحدة في الخرطوم: "لا شيء ينبغي أن يمنع الناس من تنفيذ اتفاق السلام الشامل، مهما يكن قد جرى [لقرنق] وأيا كان وراءه".15 غير أن كوادر الحركة الشعبية اشتكت من أنها لم تحصل على فرص الوصول الكاملة إلى وسائط الإعلام إلا بعد أن بلغ العنف ذروته. وللتعويض عن ذلك، انتشرت تلك الكوادر لتخاطب المتظاهرين والمشاغبين الغاضبين مباشرة.16
إن فشل الحكومة المبكر في تخفيف أحداث العنف قد زاد من سوء حالة الاستقطاب الخطيرة أصلا بين مواطني الخرطوم، بالتصعيد السريع للتوترات العرقية والدينية. وبالرغم من أن موت قرنق كان العامل المساعد، فإن العنف يعبر عن سنين من الاستياء المكظوم بين الجماعات الجنوبية النازحة بسبب الحرب. ويمكن أن يكون لسكان الخرطوم الشماليون مستائين بالمثل من الجنوبيين، إذ يلومونهم على النمو الهائل لسكان العاصمة وتدهور الخدمات العامة والاجتماعية. وقد رحبت الخرطوم جزئيا باتفاق السلام لأنه بشر بتخفيف هذه الضغوط، الأمر الذي يساعد على تفسير استقبال الأبطال الذي لقيه قرنق لدى وصوله من أكثر من مليون شخص، يشملون قطاعا عريضا من السكان.
وفي نهاية الأسبوع، مارست الحكومة ضغطا على الزعماء الدينيين والوعاظ لتخصيص خطبة صلاة الجمعة "للدعوة إلى الوحدة، والهدوء وضبط النفس لحرمان أعداء السلام من الفرصة".17 وهذا النوع من التدخل البناء ضروري لمنع العنف الذي لا يزال كامنا من أن يبلغ نقطة اللاعودة.
وفي مناطق أخرى من البلد، كان العنف في ملكال، أعالي النيل، باعثا للقلق بشكل خاص. ففي 1 أغسطس/آب، أسفرت الهجمات العشوائية على الشماليين عن مقتل عشرة على الأقل. ونهب المشاغبون وأحرقوا الأعمال التجارية التي يملكها شماليون في السوق، مما أدى إلى جلاء أعداد كبيرة إلى الخرطوم كان يحميها الجيش ووكالات الأمم المتحدة. وفي 3و 4 أغسطس/آب، هاجمت عناصر فالتة من مليشيا ماتيب، وأغلبها من قبيلة النوير، عناصر محلية من قبيلة الشلك ونهبت ماشيتها. وفي 3 أغسطس/آب اجتاح نصف دزينة من أفراد مليشيا ماتييب مركزا للشرطة وعاثوا فسادا في المنطقة المجاورة، ينهبون الماشية والسلع الأخرى قبل أن يقتل الجيش أربعة منهم ويلقي القبض على واحد.18 وكان جزء من دافعهم زعزعة استقرار عناصر الحركة الشعبية التي أرسلت لتولي إدارة ملكال من الحكومة المحلية التي يسيطر عليها النوير وتوالي حكومة الخرطوم.
وبحلول 5 أغسطس، ساعد نشر أعداد كبيرة من الجيش وأفراد الأمن الحكومي على تحقيق الاستقرار في الخرطوم، وتمت السيطرة أيضا على الوضع في الجنوب.19 غير أن الاستقطاب العرقي المتقرح، الذي زاد سوءا بسبب العنف وفشل الحكومة في التحرك بسرعة، يهددان بإهدار الفرصة للمصالحة الحقيقية وتقويض اتفاق السلام الشامل. ولا يمكن أن تكون المخاطر أكبر من ذلك: يجب على نظام الخرطوم السابق والحركة الشعبية لتحرير السودان العمل معا لتغيير هذه العملية الخطرة و إلا فإنها يمكن أن تنتشر في جميع أرجاء البلد.
3 الآثار على الحركة الشعبية لتحرير السودان
كان أسلوب قرنق في القيادة شديد المركزية وكان سيلقى معارضة خلال تنفيذ عملية اتفاق السلام الشامل.20 وكان متسلطا، وقاسيا في سنواته الأولى، ونجا من العديد من التحديات والإنشقاقات ليحافظ على تماسك الحركة بينما كان يعمل بصورة زائدة في السنوات الأخيرة لبناء التأييد الشعبي والحد من الانقسامات العرقية في الجنوب. وإذ احتفى به معظم الجنوبيين بوصفه مسؤولا عن اتفاق السلام الشامل، فقد كسب أيضا احترام وتأييد العديد من الشماليين، الذين راودهم الأمل في أن يستطيع الوقوف في وجه المجموعة الحاكمة في الخرطوم ويوفر للشمال أيضا نفس الحقوق التي كسبها للجنوب بما في ذلك إزالة قوانين الشريعة الإسلامية. غير أن قرنق لم يبن تنظيمات مدنية ذات شأن أو هيئات لصنع القرار، وذلك إرث يتعين على الحركة الشعبية التغلب عليه الآن.
وقد مثل تنصيبه نائبا أولا للرئيس في 9 يوليو/تموز بداية الفترة الانتقالية التي تبلغ مدتها ست سنوات على نحو ما حددها اتفاق السلام الشامل.21 وبعد هذا تم التوقيع على الدستور الوطني الانتقالي، وتشكلت المؤسسة الرئاسية الجديدة.22 وكان يتعين على الرئاسة انفاق الشهر التالي في تشكيل حكومة جديدة للوحدة الوطنية، كان من المقرر إعلانها في 9 أغسطس/آب ولكن من المرجح الآن أن تتأخر على الأقل لمدة أسبوع. وكجزء من عملية الانتقال وتمهيد الطريق لحكومة الجنوب الجديدة، حل قرنق الهياكل السياسية للحركة الشعبية وعين حكومة إدارية مؤقتة مؤلفة من أحد عشر شخصا للجنوب.23 وحالما تكمل لجنة فنية دستور الجنوب، يمكن قانونيا تشكيل الحكومة الإقليمية. وكان متوقعا أن يحدث ذلك حوالي 9 سبتمبر/أيلول.
لقد دفع موت قرنق بالعديد من هذه المواعيد إلى الوراء، على الأقل لفترة وجيزة، ولكن الخطر من أنه قد يشعل صراعا داخليا حول السلطة خطر أكبر. وقد تصرفت القيادة بسرعة لملء الفراغ وعملت حتى الآن متضامنة لدعم الانتقال السلمي للسلطة. ودعا النائب الأول لقائد الحركة الشعبية ونائب رئيس الجنوب مؤقتا، القائد سلفا كير ميارديت، الأعضاء السابقين في مجلس القيادة إلى نيوسايت لاجتماع طارئ في 1 أغسطس. وبحلول مساء ذلك اليوم كان سلفا كير قد انتخب بالإجماع ليحل محل قرنق رئيسا للحركة الشعبية وقائدا عاما للجيش الشعبي. 24وورد أن النائب الثاني لقائد الحركة، د. رياك مشار، سيعين في منصب نائب الرئيس المؤقت للجنوب.25 وسيؤدي سلفا كير اليمين بوصفه النائب الأول لرئيس الجنوب في 9 أغسطس/آب وسيصبح أيضا رئيس حكومة جنوب السودان.26 وكل ذلك ساعد على بث رسالة فورية بأن الحركة الشعبية ستمضي في تنفيذ اتفاق السلام الشامل. 27واختار قادة الحركة الالتزام بالترتيب الهرمي بدلا من إعادة تشكيل هياكل السلطة في الحركة. ولكن التعيينات لم تتم بغير جدل، ولا يزال خطر الصراع على السلطة قائما.
إن سلفا كير، الذي ظل نائبا محترما لقرنق فترة طويلة ورئيس هيئة الأركان العسكرية في السابق، كان له خلاف مشهود مع قرنق في نوفمبر/تشرين الثاني –ديسمبر/كانون الأول 2004 حول عدم الشفافية والتشاور في صنع القرار. 28وبالرغم من أن الخلاف حل جزئيا فإن التوتر بقي بين القائدين. وسلفا كير الذي ينتمي إلى دينكا شمال بحر الغزال محبوب في الجيش الشعبي لتحرير السودان ويعتبر على نطاق واسع رجلا ذا مصداقية. وكان مشاركا رئيسيا في المفاوضات الأولى، غير أن مشاركته المباشرة في المحادثات التي أدت إلى اتفاق السلام الشامل انتهت بعد فترة قصيرة من التوقيع على برتوكول مشاكوس المؤقت في يوليو/تموز 2002.
وسيجد من الصعب عليه أن يضاهي قدرات قرنق السياسية والدبلوماسية. فهو إذ يفتقر إلى براعة سلفه السياسية، واتصالاته الدولية والمحلية الواسعة، وسيطرته التامة على جميع أنشطة الحركة، ليس من المرجح أن يحكم بأسلوب قرنق التسلطي. وإذا ما برهن أنه أكثر انفتاحا وشفافية وإشراكا في الحكم وصنع القرار، بقدر ما كان يطلب من قرنق خلال الشهور العشرة الماضية، فإن ذلك سيكون أمرا طيبا تماما.
أما تقدم رياك فإنه أكثر إثارة للجدل. إذ أنه انشق عن قرنق والحركة الشعبية في عام 1991 وقاتلهما بمرارة، ليعود بعد مصالحة شهيرة في عام 2001. واضطلع رياك بدور رئيسي في التوسط في الخلاف بين قرنق وسلفا كير في أواخر 2004، مما أكسبه من جديد في هذه العملية ثقة بعض الزملاء السابقين. ومما له أهمية أنه من قبيلة النوير، أكبر قبيلة بعد الدينكا في الجنوب. وقد ظلت العلاقات بين الدينكا والنوير متوترة طوال فترة الحرب الأهلية، وفي بعض الأحيان انفجرت في قتال مفتوح.ووجود نائب من النوير لسلفا يمكن أن يساعد على إرضاء من قد يسعون في الجنوب في غير هذه الحالة إلى استغلال عدم الرضا من كون القيادة العليا كلها من الدينكا. ورياك، شأنه في ذلك شأن سلفا كير، كان يجاهر بنقد مركزية صنع القرار لدى قرنق وسيجد الآن فرصته ليبرهن على التزامه بأسلوب مختلف.
وستتاح لسلفا كير ورياك أيضا الفرصة للتوصل إلى تسوية مع المليشيات الجنوبية الموالية للحكومة التي تعمل تحت مظلة قوات دفاع جنوب السودان بقيادة ماتيب وهي أحد عناصر التخريب المحتملة الرئيسية في الجنوب. والمحادثات الأولية بين ماتيب وقرنق في أوائل 2005 لم تسر بصورة حسنة، ولكن سلفا كير ورياك كلاهما كانا تاريخيا أكثر انفتاحا للحوار الجنوبي-الجنوبي من قرنق ولديهما علاقات أفضل بهذه المليشيات.29 والمفاوضات غير الناجحة التي جرت بين الجيش الشعبي وقوات دفاع جنوب السودان في يونيو/حزيران – يوليو/تموز أعاقها جزئيا العداء الشخصي بين قرنق وقيادة قوات دفاع جنوب السودان. وجيء برياك تحديدا في تلك المفاوضات ليكون حلقة الوصل بوفد قوات دفاع جنوب السودان.30 ولم يحضر سلفا كير آخر جولة من المفاوضات. وينبغي له هو ورياك مواصلة السعي إلى المصالحة مع قوات دفا ع جنوب السودان باعتبارها أولوية عليا، لتيسير الاندماج الطوعي لقوات دفاع جنوب السودان في الجيش الشعبي لتحرير السودان والمساعدة على تحقيق الاستقرار في الجنوب. وكان رد الفعل الأولي لقوات دفاع السودان إزاء الخلافة في الحركة الشعبية إيجابيا، واستخدم سلفا كير تأبينه لقرنق في جوبا في 6 أغسطس/آب ليدعو إلى إشراك الجميع ودعا الجماعات المسلحة الأخرى في الجنوب إلى التضافر والعمل معه من أجل السلام.
لقد فقدت الحركة الشعبية أيضا منظرها الرئيسي وصاحب الرؤية. وكان قرنق يتولى التفاوض شخصيا بشأن معظم اتفاق السلام الشامل وكانت له مكانة فريدة بين الجنوبيين كسياسي وطني. وأحد جوانب ضعف اتفاق السلام الشامل أنه يعطي سلطة للرئاسة على حساب الهيئات الأدنى. وكان قرنق يملك المعرفة والسلطة الأخلاقية للتفاوض مباشرة مع النظام. وإذ لا يزال هناك الكثير من القرارات التي ينبغي اتخاذها والكثير من السلطة المتجسدة في الرئاسة، لا يمكن التأكد البتة ما إذا كان سلفا كير أو أي مسؤول آخر من الحركة الشعبية يستطيع ضمان تنفيذ الاتفاق وضبطه وكسب احترام الرئيس البشير ونائب الرئيس طه.
كان من أعظم أرصدة قرنق الوطنية تأييده المتصور لوجود "سودان جديد موحد"، قائم على أساس المساواة والعلمانية والديمقراطية – في تباين حاد مع مطلب الاستقلال الواسع الانتشار بين معظم الجنوبيين، بما في ذلك داخل الحركة الشعبية. وكسبت رؤيته "للسودان الجديد" تدريجيا مصداقية في الشمال، حيث اعتنقها العديد من أفراد النخبة – بما في ذلك دعوته إلى تقرير المصير في الجنوب – بل انضموا إلى الحركة الشعبية أو تحالفوا معها في إطار التجمع الوطني الديمقراطي. 31 ولكن بالرغم من المكانة المركزية التي يحتلها استفتاء تقرير المصير للجنوب في اتفاق السلام الشامل، فإن العديد من الشماليين، في حزب المؤتمر الوطني والمعارضة، لا يزالون معارضين لاستقلال الجنوب.
إن قوى الدفع المتعارضة هذه تجعل الحركة الشعبية محصورة في موقف صعب بين إعطاء الأولوية للوحدة واتخاذ القرارات على أساس الرغبة الطاغية للجنوبيين في الاستغلال.ولأن الجنوب يملك ثروة من الموارد الطبيعية ومعظم هياكل النفط الأساسية المنشأة، فإن هناك خطر حقيقي من أن يسعى حزب المؤتمر الوطني إلى نسف تنفيذ العملية إذا كان تقرير استفتاء تقرير المصير يبدو متجها إلى للتصويت تأييدا للاستقلال. وميزات قرنق بصفته وحدويا أعطته مصداقية فريدة ليطمئن السياسيين الشماليين على أن الوحدة الاختيارية ممكنة إذا ما أصلح الحكم في الخرطوم بصورة كافية، مع ضمان وتأييد استفتاء تقرير المصير للجنوب.
وفيما يتعلق بهذه المسألة الحاسمة، ليس هناك من يحل محل قرنق على الإطلاق. فسلفا كير ينظر إليه بوصفه انفصاليا، رغم أنه منذ تصعيده أعلن تأييده لإمكانية إقامة سودان موحد. 32 وهناك عدة قادة بارزين في الحركة الشعبية، مثل باقان أموم ونيال دينق نيال ودينق ألور، لديهم علاقات قوية بالشمال والتجمع الوطني الديمقراطي وهم مثل قرنق يعتبرون وحدويين. ولكنهم يفتقرون إلى الشرعية الوطنية التي اكتسبها قرنق. إذ أن قرنق تجاوز الجنوب، ولأنه كان سياسيا بارعا، فقد ساعد على قبول الحركة الشعبية على المستوى الوطني. والتوقيع على اتفاق السلام الشامل وتحويل الحركة الشعبية إلى حزب سياسي وعودة قرنق الظافرة إلى الخرطوم أطلقت موجة عاتية من التأييد له في الشمال، حيث تقدم الآلاف بطلبات للانضمام إلى الحركة الشعبية في العاصمة والولايات الشمالية والشرقية، مما اضطرها إلى العمل على مواكبة مستوى التوسع السريع.
هناك خطر من أن يخفف موت قرنق ذلك الحماس ويعيد تصور الحركة الشعبية باعتبارها حركة سياسية جنوبية في المقام الأول، وذلك اتجاه كان يبدو أن تكتيكاتها في آخر مفاوضات اتفاق السلام الشامل تؤكده. والعناصر الشمالية في الحركة، وخاصة فروعها في جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، كانت تشعر سلفا بخيبة أمل مما حققه اتفاق السلام الشامل لمنطقتيها. وبدون قرنق ستجد الحركة نفسها تحت ضغط متزايد كي تقدم نفسها بشكل مقبول كحركة سياسية وطنية، بدلا من حركة جنوبية إقليمية فيها عدد قليل من الشماليين البارزين.
كانت محافظة أبيي، التي يدعي الجنوب والشمال كلاهما تبعيتها لهما، إحدى أكثر المسائل إثارة للشقاق خلال المفاوضات، وهي شرارة محتملة في القريب العاجل بعد موت قرنق. إذ حددت لجنة حدود أبيي مؤخرا المنطقة بصورة عامة، وهي تمتد بمسافة إلى شمال بحر الحرب (نهر كير)، وكذلك بمسافة شرق مدنية أبيي، إلى حدود أعالي النيل. 33وقوبل التقرير بتهديدات باستخدام العنف من عناصر قبيلة المسيرية التي ظلت تنظر إلى اتفاق أبيي، بما تضمنه من استفتاء للاختيار بين الشمال أو الجنوب، باعتباره لعبة يكسب فيها الرابح كل شيء ويفقد الخاسر كل شيء وتواجه فيه خطر فقدان مسارات مراعيها التقليدية إلى أراضي الدينكا وفي النهاية إلى الجنوب المستقل.34 وبالرغم من أن الأطراف اتفقت على أن يكون قرار اللجنة ملزما، فإن الرئيس البشير أعلن أنه لا يوافق عليه،35 وربما يسعى المتشددون في الخرطوم إلى استخدام المسيرية لزعزعة استقرار المنطقة وخرق اتفاق السلام الشامل، خاصة وأن اللجنة أدخلت مناطق النفط في حدود أبيي.
والعديد من أبناء الدينكا نقوك، سكان هذه المنطقة، لهم مناصب رفيعة في الحركة الشعبية وكانوا مقربين إلى قرنق. وتلك العلاقا ت جعلت التفاوض بشأن مسألة أبيي أكثر صعوبة، حيث كانت لقرنق مساحة ضيقة للمناورة ويتعين عليه تحقيق مطالبهم لإجراء الاستفتاء المتفق عليه تاريخيا (ولكنه لم ينفذ أبدا).36وبما أن العديد من كبار المسؤولين في الحركة الشعبية من أبناء الدينكا نقوك الذين كانت لهم علاقة خاصة بقرنق لن يتمتعوا بالضرورة بنفس الدعم من سلفا كير فإن ذلك يمكن أن يبرز خط انكسار في الحركة إذا ما استمرت التوترات في أبيي تتصاعد. ويجب أن يتلقى الدينكا نقوك والمسيرية تطمينات على أن أرضهم وحقوقهم في المرعى ستضمن بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء.37
4 الآثار على الحكومة السودانية والشمال
بموت قرنق فقد الرئيس البشير ونائب الرئيس طه الحليف الجديد الذي يعولان عليه للمساعدة على دعم قاعدة تأييدهما الداخلي. ورغم ذلك ينبغي للشراكة بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية أن تستمر في المدى القصير.38 فإن للأول الكثير مما يخسره إذا ما انهار الاتفاق سريعا. فنظام تقاسم السلطة قد ساعده على ترسيخ قبضته على السلطة في الشمال، مع تهميش واحتواء المعارضة السياسية. وعلاوة على ذلك، فإن موت قرنق لم يؤثر على الضمانات الداخلية والخارجية – احتفاظ الحركة الشعبية بجيشها ومشاركة المجتمع الدولي – التي يرتكز عليها استقرار اتفاق السلام. وبالرغم من أن التنفيذ الكامل يشكل في نهاية المطاف تهديدا للنظام القديم، فإن الحاجة إلى اتقاء الضغط الدولي بشأن دارفور والضعف الداخلي لحزب المؤتمر الوطني سيظلان يدعمان اتفاق السلام الشامل ما دامت تلك التهديدات قائمة.39
ولكن ليس كل من في الشمال يوافق على هذه الحسابات. ففي نظر العديد من الإسلاميين كانت دعوة قرنق إلى سودان جديد علماني تمثل تهديدا كبيرا لقوانين الشريعة الإسلامية. وقد أكد اتفاق السلام الشامل (الذي ألغى بالفعل الشريعة بالكامل في الجنوب)، والدستور الانتقالي، ودخول الحركة الشعبية المنتظر في الحكومة مخاوفهم من أن الشريعة ستخفف بصورة شديدة في الخرطوم وبقية الشمال. وربما يرون فرصة في أعقاب موت قرنق لإبطال هذا باللعب على المخاوف الغريزية والريبة التي زرعتها عقود من الحرب والمرارة بين الشماليين والجنوبيين.
بل إن هناك بعض الدلائل على أن مخربين ذوي أجندة إسلامية ربما كانوا يعملون من وراء الستار في 2 و 3 أغسطس/آب، في ذروة الفوضى. وأشار كتاب أعمدة بارزون في صحف الخرطوم إلى ما يزعم أنه دعوات منسقة صدرن من مآذن العديد من المساجد في الأحياء الكثيفة السكان إلى قاطنيها لتسليح أنفسهم ضد الغزاة الجنوبيين القادمين. وتبين أن هذه التحذيرات الملهبة كانت زائفة، مثلما كانت أخرى غيرها أرسلت إلى العديد من المشتركين في خدمات التلفون المحمول، ولكنها ربما أسهمت في تصعيد العنف ضد الجنوبيين.40 والجهة التي كانت وراء تلك الدعوات ظلت موضوعا للتكهن، ولكن عدة فصائل إسلامية متطرفة أذاعت دعوات مماثلة علنا.
وفي حوالي وقت عودة قرنق إلى الخرطوم أصدر 25 عضوا في "رابطة الشريعة من علماء الدين والوعاظ"، التي تساندها الحكومة، فتوى وصفت المسلمين الذين انضموا إلى الحركة الشعبية أو تعاونوا معها، حتى لأغراض تجارية، بأنهم مرتدون. ووصفت الحركة الشعبية بأنها مصممة على هزيمة الإسلام والمسلمين. وأدانت الفتوى حتى إيجار المباني لها للمكاتب والمساكن. وكان من الواضح أنها رد فعل على موجة التأييد العالية للحركة بين العديد من المسلمين الشماليين بعد التوقيع على اتفاق السلام الشامل وتحولها إلى حزب سياسي. واستخدم بعض الأئمة هذه الفتوى لتوجيه خطب نارية ضد الحركة الشعبية من منابرهم في الأسابيع التي سبقت موت قرنق. والحكومة التي تصادق على تعيين الإئمة وتدفع رواتبهم، اتخذت موقفا متراخيا. ووجهت الفتوى بإدانات من جماعات المعارضة وكبار الصحفيين وبعض علماء الدين. وأصدر المجلس الإسلامي للحركة الشعبية تفنيدا قائما على أساس القرآن وغيره من التعاليم الإسلامية الأخرى.41
ونظم أعضاء من الفصيل الإسلامي الحاكم وإسلاميون آخرون يرفضون اتفاق السلام الشامل أنفسهم فيما يسمى "منبر السلام العادل"، الذي يدعو إلى مواقف مثل تقرير المصير للشمال حتى يستطيع الشماليون حكم أنفسهم بالشريعة. والمنبر الذي أنشأه ويقوده الطيب مصطفى، خال الرئيس البشير ووزير الدولة بوزارة الإعلام والاتصالات، سعى إلى استخدام شغب الجنوبيين بعد موت قرنق لصب الزيت على النار، داعيا الشماليين إلى تشكيل فرق للدفاع عن النفس لحماية شرفهم وممتلكاتهم. ودعا الأئمة والعلماء المسلمين، الذين يمارسون نفوذا كبيرا في المجتمع الشمالي، إلى تعبئة الشماليين لذلك الغرض. 42وردت المعارضة ومنظمات المجتمع المدني بقوة على هذه الدعوة بوصفها "عنصرية". ولمواجهتها، اجتمع 30 حزيا سياسيا ومنظمة من المجتمع المدني مع الحركة الشعبية في "لجنة السلام الاجتماعي" التي أقامت فروعا في أكثر الأحياء تضررا من العنف. وطلبت اللجنة من الحكومة وحصلت على فرص الوصول الكاملة إلى وسائل الإعلام الجماهيرية لإذاعة الدعوات إلى المصالحة والحفاظ على السلام الاجتماعي وضغطت أيضا على المساجد للمساعدة على احتواء العداوات العرقية. ويعود الفضل إلى سعيها المكافح في قرار الحكومة أن تصدر خطبة إلزامية إلى جميع الإئمة تدعو إلى المصالحة في صلاة الجمعة في 5 أغسطس/آب، أي قبل يوم من تشييع قرنق.43
وحزب المؤتمر الشعبي ، بقيادة حسن الترابي، له مصلحة أكيدة في استغلال أحداث العنف لإضعاف حزب المؤتمر الوطني، الذي يلاحقه منذ انشقاقه قبل عدة سنوات. والمؤتمر الشعبي، الذي يشار إلى وجود علاقة له مع حركة العدل والمساواة،إحدى جماعات دارفور المتمردة، والذي يزعم أنه كان وراء محاولتين انقلابيتين في الخرطوم في عام 2004، حريص على أن يرى نهاية الحكومة الراهنة. ولكنه يعتبر قرنق والحركة الشعبية حلفاء وينسب الفضل لقرنق في أنه نجح في إقناع الرئيس البشير بإطلاق سراح الترابي من الاعتقال. وحيا الأخير ذكرى قرنق باعتباره "الرجل الذي اجتمعت حوله أراء كل القوى السياسية والسودانيين لأول مرة في تاريخ السودان... ورحيله سيؤثر كثيرا على المسائل التي أثارها والتي اتفق السودانيون معه حولها".44
وبالرغم من أن الحركة الشعبية لتحرير السودان ظلت تواجه دائما خيارا صعبا بين أن تحاول النجاح كحركة وطنية، تعمل للسلام في دارفور والشرق، أم تركز على الجنوب، فإن غياب قرنق يجعل الخيار الأول أقل احتمالا. ويشعر السياسيون المعارضون وناشطو المجتمع المدني بالحزن: إذا كانوا يعولون على قرنق كقوة مضادة لحزب المؤتمر الوطني – وخاصة جماعته الأمنية – وللإسهام في إيجاد مناخ سياسي أكثر انفتاحا وحرية في الخرطوم وبقية الشمال. وحزب المؤتمر الوطني ليس غير سعيد بأن يرى الحركة الشعبية ضعيفة على الساحة الوطنية وأن يتحرر من توقع منافسة قرنق على الرئاسة بعد أربع سنوات ولكنه يدرك أن فرص انفصال الجنوب قد زادت. وإذ تخشى الجماعة الأمنية من فقدان معظم نفط البلد، فقد تحاول استغلال موت قرنق لتقويض تماسك الحركة الشعبية بهدف تأخير تنفيذ اتفاق السلام الشامل وإلقاء اللوم على المتمردين السابقين.
ورغم أن قرنق يؤكد في العلن إصراره على حل مشكلة الحرب في دارفور والشرق، فإن قدرته على تغيير السياسات كانت ستكون محدودة. وكان من المرجح أن يكون جد مشغول بالجنوب من أن يبذل نفسه بالكامل ويدفع الأطراف نحو التوصل إلى اتفاق. ومع ذلك فإن المجتمع الدولي كان يعلق آمالا كبيرة على قرنق وطه ليكررا دوريهما في اتفاق السلام الشامل ويساعدا على التوصل إلى تسوية تفاوضية في دارفور. وقد أعلن سلفا كير رغبته في المساعدة على إنهاء الصراع في دارفور.45ولكنه سيجد نفسه في موقف أضعف من قرنق للتأثير على سياسة الحكومة هناك.
ومن المرجح أن يؤثر موت قرنق على الديناميات الداخلية لأكبر مجموعة متمردة في دارفور، جيش تحرير السودان. فقد كان قرنق قريبا من عبد الواحد محمد النور، رئيس جيش تحرير السودان وكان يظن أنه يدعم قبيلته الفور، أكبر قبيلة في دارفور. وبالرغم من أن دعم قرنق كان أقل مما يعتقده خصوم عبد الواحد، فإنه كان عاملا في النزاع مع ميني أركوي ميناوي المنتمي إلى قبيلة الزغاوة والأمين العام لجيش تحرير ا لسودان، حول التوجيه والزعامة. وربما يجد عبد الواحد الآن دعما أقل من الحركة الشعبية لتحرير السودان، وقد بدأت توازنات القوى تتغير بالفعل، حيث تسعى الحركة إلى التوحد قبل المفاوضات مع الحكومة. 46
5 الآثار الإقليمية
إن تنفيذ اتفاق السلام الشامل واستقرار السودان يشكلان أولويات استراتيجية لجيران السودان، ولاسيما الدول الأعضاء في المحفل الإقليمي الذي ساعد على التفاوض بشأن الاتفاق.47ويؤمل أن يكون للسلام أثر إيجابي على كل المنطقة، بالمساعدة على تأمين الحدود السهلة الاختراق وتقليص قدرة الحركات المتمردة مثل جيش الرب للمقاومة، الأوغندي، على العمل في السودان.
وقد أوضح قرنق بجلاء خلال الزيارة التي قام بها إلى أوغندا قبل وفاته مباشرة أن تحييد جيش الرب للمقاومة سيكون من أعلى أولويات الجيش الشعبي لتحرير السودان والحكومة الجديدة لجنوب السودان. وتخفيض الجيش الوطني في الجنوب، الذي ظل يقدم الإمدادات لجيش الرب منذ منتصف التسعينات، ونشر بعثة الأمم المتحدة في السودان الذي أصبح وشيكا، وتعزيز الجيش الشعبي لتحرير السودان وجعله جيشا نظاميا، كل هذه العوامل مجتمعة كان من المتوقع أن تدفع بجيش الرب في نهاية المطاف إلى خارج السودان كلية ومن المؤمل أن تؤدي إلى إنهاء الصراع الأوغندي. وفي مقابلات سابقة مع سلفا كير (وكان حينها رئيس هيئة الأركان العسكرية) و أوياي دينق أجاك (خليفته الذي عين مؤخرا) أكدا أنهما يعتبران من الأولويات التعامل مع جيش الرب، الذي لا يزال يشن الهجمات ويوقع ضحايا من السودانيين الجنوبيين والأوغنديين. 48 وموت قرنق لا يغير في هذا شيئا يذكر.بل إن سلفا كير أكد علنا أن "الجيش الشعبي لتحرير السودان لا يستطيع ولن يسمح بوجود جيش الرب في الجنوب" في تأبينه لقرنق في مراسم الدفن. والتشويش الذي أحاط بموت قرنق والأسئلة المثارة بشأن يقظة الأوغنديين فيما يتعلق بتحطم المروحية يمكن أن تحدث عداء بين البعض في الحركة الشعبية والحكومة الأوغندية ولكن سيظل من مصلحة الحركة تأمين الحدود مع أوغندا وطرد جيش الرب من الجنوب.
لم يحضر الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني مراسم الدفن في جوبا في 6 أغسطس/آب.49 وشرع في إجراء تحقيق بالتعاون مع الحركة الشعبية وبلد ثالث لم تحدد هويته. وفي الوقت نفسه، أعلنت الخرطوم إنشاء لجنة تحقيق، تعمل أيضا مع الحركة الشعبية، ودعت الحركة الشعبية إلى تحقيق دولي. وتشكل التحقيقات المتعددة خطرا يتمثل في إضعاف بعضها بعضا وإرباك الرأي العام.
يمكن أن تكون لموت قرنق أثار كبيرة على جارتي السودان الشرقيتين المتحاربتين، إثيوبيا وإريتريا. فبينما أصبحت علاقات إثيوبيا مع الخرطوم دافئة في السنوات القليلة الماضية، فإن إريتريا ما زالت تستضيف وتدعم الحركة الشعبية والتجمع الوطني الديمقرطي الذي يمثل مظلة المعارضة، وثوار الجبهة الشرقية ودارفور. ودعمها للجبهة الشرقية ومتمردي دارفور على وجه الخصوص يظهر تصميمها المستمر على إطاحة نظام حزب المؤتمر الوطني بالقوة. ورفضت الخرطوم مرارا عروض وساطة من القوى الإقليمية، وزعمت الحكومة الإريترية أن الخرطوم رفضت طلبا لعبور طائرة الرئيس إسياس أفورقي الأجواء السودانية ليحضر مراسم تشييع قرنق. ولم يستطع وزيرا الخارجية والدفاع الإريتريان الحضور إلا بعد التفاف طويل.50وكان يتوقع من قرنق أن يساعد على تخفيف هذا العداء بالدفع نحو حلول عادلة للصراعين والعمل على إقناع الإريتريين بأن اتفاق السلام الشامل سيؤدي إلى تغيير أساسي في الخرطوم.وهذه المهمة الآن يمكن أن تصبح أكثر صعوبة.
6 الآثار فيما يخص المجتمع الدولي الأوسع
إن موت قرنق يعني أن المساعدة من الدول والمنظمات الدولية الرئيسية والمانحين الرئيسيين على ترسيخ اتفاق السلام الشامل أصبحت أكثر أهمية أكثر من أي وقت على الإطلاق. وهذا في معظمه ليس أمرا يتعلق باتخاذ تدابير جديدة أكثر من ضمان إبقاء الاهتمام موجها نحو السودان والوفاء بما تم ا لوعد به. ومما له أهمية خاصة في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، من ناحية ثانية، أن يكون واضحا للخرطوم أن أي تلاعب بالوضع لتشجيع تجدد العنف، بما في ذلك من خلال دعم المليشيات الجنوبية المارقة، سيعارض بقوة ويعتبر انتهاكا لاتفاق السلام الشامل.
ويجب على بعثة الأمم المتحدة في السودان أن تسرع بنشر قواتها لحفظ السلام للمساعدة على بسط السلام والأمن في جميع أرجاء الجنوب، وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وقد أرجئ الهدف المتمثل في تحقيق القدرة الأولية على القيام بالعمليات في الجنوب من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول. ويجب عدم السماح بمزيد من التأخير. ويمكن للأمم المتحدة أيضا أن تسعى بصورة مفيدة إلى جمع أصحاب المصالح في عملية واحدة للتحقيق في تحطم طائرة الهليوكوبتر وتنسيق الإسهامات الفنية من الأطراف الثالثة لضمان أن تكون النتائج النهائية مقبولة على نطاق واسع.
وينبغي للمانحين أن يوفوا بالتعهدات التي قطعوها في مؤتمر أوسلو في أبريل/نيسان ليتسنى الشعور بمنافع السلام بسرعة على أرض الواقع. ومما ستكون له أهمية خاصة العمل على نحو وثيق مع الحركة الشعبية لبناء القدرة المؤسسية للحكومة الجديدة في جنوب السودان، بالتركيز على الشفافية في آليات إعداد الميزانية لإدارة وصرف عائدات النفط. وكلما أصبحت علاقات سلفا كير ورياك مشار أفضل مع المليشيات الجنوبية الموالية للحكومة فإن ذلك يشكل فرصة لتشجيع تجديد الجهود في مجال الحوار الجنوبي-الجنوبي للتقليل من إمكانية القتال بين الفصائل خلال الفترة الانتقالية.
والممثل الخاص الجديد للولايات المتحدة، روجر وينتر، ونظراؤه من المجموعة الثلاثية ينبغي لهم أن ينشطوا بالكامل في هذه الفترة الحاسمة. وتستحق نقطة الاشتعال المتمثلة في أبيي منهم اهتماما خاصا. وتوصيات لجنة الحدود تستحق الدعم الدولي حتى يمكن تنفذيها في أقرب وقت ممكن وتوفير حوافز للذين يرون أنفسهم خسروا في عملية تعيين الحدود.
نيروبي/بروكسل، 9 أغسطس/آب 2005
|
|