قراءات-ربيكا جارانج تطارد شبح الانفصال بالسودان

قراءات-ربيكا جارانج تطارد شبح الانفصال بالسودان


08-21-2005, 08:39 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1124609968&rn=0


Post: #1
Title: قراءات-ربيكا جارانج تطارد شبح الانفصال بالسودان
Author: nile1
Date: 08-21-2005, 08:39 AM

أقول لكم
ربيكا جارانج تطارد شبح الانفصال بالسودان
يوسف الشريف
أحسب أن السيدة ربيكا أرملة الزعيم السوداني الراحل الدكتور جون جارانج، كانت للكلمة التي القتها قبيل دفن زوجها في مدينة 'جوبا' وقع السحر في تهدئة عواصف انفعالات أبناء جنوب السودان المشحونة بالغضب والإحباط لفقده، خاصة أن المعلومات تضاربت إلي حد التناقض حول ملابسات مصرعه من جهة، ولأنه كان يمثل ضرورة سياسية بالنظر إلي المرحلة التاريخية الفاصلة علي صعيد تنفيذ اتفاق السلام من جهة ثانية، والرهان بالتالي علي دوره المرتقب في إنجازها، مما كان يؤهله لتذليل العقبات التي قد تعيد الأزمة السياسية التي استحكمت في السودان علي مدي يزيد علي عقدين إلي مربعها الأول!
والشاهد أنه لولا كلمة ربيكا لما كانت الوقفة التاريخية التي جمعت بين الرئيس عمر البشير وهو يرفع يده عاليا بيد سلفا كير خليفة جارانج، معلنا عن تمسكه بتنفيذ اتفاق السلام حرفا حرفا ثم أضاف قائلا: هذه شهادتنا لكل أهل السودان، ولكل افريقيا، وكل محبي السلام في العالم.. هذا عهدنا بأن نعمل معا من أجل السلام وتنفيذ اتفاقية السلام، وربما لم يكن ليتحقق ذلك المشهد الذي اتسم بالصدق والعفوية والشفافية لولا المعاني السياسية والدلالات الوطنية التي انطوت عليها كلمة ربيكا وهي تشير في ثبات إلي نعش زوجها: 'هذا جارانج الذي كنتم تعرفونه راجلا، وهو الآن جثة هامدة، فإن كانت قضيتكم غير ذلك، فلتتمسكوا إذن باتفاقية السلام واحرصوا علي تنفيذها' و.. لاشك ان كل سياسي جنوبي أو شمالي راح بعد كلمة ربيكا يعيد حساباته ويصحح موقفه، ليس بالنسبة لاتفاقية السلام وحسب، وإنما حول مستقبل السودان من مختلف زواياه، فلاشك أن كلمة ربيكا كانت من أهم العوامل التي هيأت الاجواء السياسية الايجابية التي وضعت الشعب السوداني أمام مسئوليته عن السلام ودوره في انجازه والدفاع وعنه، بالتزامن مع عامل آخر قدري ساهم في تهدئة الخواطر، عبر تضارب التكهنات حول حادث سقوط طائرة الرئاسة الأوغندية التي حملت جارانج من كمبالا إلي حيث كان مصيرها المحتوم في جنوب السودان، رأي يقطع بمسئولية جيش الرب بزعامة جوزيف كوفي المناوئ لحكم الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، ورأي آخر يتهم رواندا بالضلوع في الحادث، ورأي ثالث لا يستبعد الدور الأمريكي أو الدور الإسرائيلي لأسباب ومبررات جنائية، بل ان الاتهام طال حتي ابناء الجنوب سواء المناوئون لسلطة جارانج داخل الحركة الشعبية أو الرافضون لاتفاقية السلام، خاصة الفصائل الجنوبية المسلحة التي لم ينلها من مغانم قسمة السلطة والثروة شيء وهكذا ابتعدت الشبهات عن حكومة الانقاذ، وعن ابناء الشمال بالتالي.
لكن لأنه 'ليس في كل مرة تسلم الجرة' من هنا بات من المتعين النظر برؤية بانورامية لكل التوقعات السلبية التي تنتظر مستقبل السلام خلال الست سنوات الانتقالية التي تنتهي باستفتاء ابناء الجنوب حول القبول الطوعي بالمواطنة في اطار السودان الموحد، أو الانفصال عن الوطن الأم، ولعله من هنا ضرورة قيام منظومة رسمية شعبية لادارة الأزمات، خاصة ان ابواب السودان انفتحت تباعا علي مصاريعها للاختراقات الأمنية والتدخلات الأجنبية الطامحة إلي موضع قدم استراتيجي علي أرضه واستنزاف ما في باطنه من الثروات النفطية والمعدنية الواعدة، الكن تظل المخاطر المتربصة بالسلام في السودان تعود إلي عوامل داخلية تفوق فاعلية وتأثير العوامل الخارجية، فمن يضمن علي سبيل المثال نجاح الجنرال سلفا كير خليفة جارنج في السيطرة وكسب ولاء قوات الحركة الشعبية، لكونها شريك حكومة الانقاذ في مفاوضات السلام التي انتهت بالتوقيع علي اتفاقية نيفاشا. ثم من يضمن عدم تغيير موازين القوي السياسية والعسكرية التي اسفرت عن اتفاقية السلام عبر تداعياتها السياسية السلبية المتوقعة بعد غياب جارنج، فمن يضمن اذن الوفاء بوعد ووعيد جارانج لاجتثاثه من جذوره؟ وهل بعد كل هذه المخاطر والمحاذير ثمة حاجة للتأكيد علي ضرورة قيام مركز إدارة الأزمات في السودان؟!

عن جريدة الأسبوع المصرية 15/8/2005م