القفز بالعمود و ادمان الفشل -اسعد الريفى-(الموضوع مهم)

القفز بالعمود و ادمان الفشل -اسعد الريفى:

source:sudan journal
كان للقرارات التى اصدرها السيد وزير الاعلام بتغيير القيادات الاعلامية عدة معانى و تتفق قلبا و قالبا ومطلع أغنية الفنان محمد الامين " بنتعلم من الايام " و عنوان كتاب د. منصور خالد " النخبة و إدمان الفشل" .. فما الذى يعنيه إقالة مدير وكالة السودان للانباء تلك المؤسسة التى تقع فى قلب الخرطوم و برج شاق حالق .. و تعيينه ملحقا اعلاميا بسفارة السودان بجنوب أفريقيا .. لا شك أن الوظيفتين تناسبان الرجل ..و انه " خاتف لونين" .. برؤية وزير الاعلام القانونى و السياسى المحنك سبدرات ..لكن ماذا تعنى التغييرات الاخرى ..

رغم أن الواقع الاعلامى السودانى كله من نوعية ورق الصحف و محتواها الى الاذاعة و برامجها مرورا بالتلفزيون القومى.. أقل كفاءة من مراسل صحفى واحد لوكالة انباء الشرق الاوسط أو رويتر من حيث غزارة اخبارهم .. و مواكبتها للحدث و مصداقيتهم بل و أصبحوا يتفوقون فى التحليل .. لأن ما يهم من الاعلام هو الاثر الذى يطبعه فى ذهن المتلقى.. و ليس أى شئ اخر.. و لو حقق اعلامنا هذا الهدف .. لما كنا حاربنا طواحين الهواء..

و دعونا من تلك " النعرة الكذابة" لا نتحدث عن فطاحلة اعلامنا بالخارج و كيف فعلوا و ماذا فعلوا !! أين موقعنا و ريادتنا الاعلامية المزعومة من كل العالم .. لا نزال نجبى من كان يملك دشا و لا نزال نمارس تهريب الرسيفرات فى عالم فضاءاته مفتوحه .. لكننا دائما نتأسى بالنعام و ندفن رؤوسنا فى الطين و الرمال او ما تيسر..

وكالة السودان للانباء و التى حولها الراحل مصطفى أمين الى امبراطورية بملايين الدولارات .. فحالها يغنى عن سؤالها .. مارست و تمارس سياسة التجهيل و التهليل.. عبر نشرات اشبه ما تكون بالصحف المدرسية..الخاصة منها و العامة.. و موقع على الانترنت .. زوره لتعرفوا ماذا أقصد !!

اما تلفزيوننا الميمون و الذى أصبح أبرز مسببات الاذى ..الاكتئاب و الغثيان .. اعداد البرامج الهزيل .. و الجوانب الفنية البسيطة منعدمة لان القائمين عليه لا يهتمون بصغائر الامور من الاعداد والصوت و الضوء و الديكور .. و كله كما يقولون" سلق بيض" !

اذكر أن احد مذيعى الفضائية كان يتحدث مع الفنانة فردوس عبد الحميد عن الخرطوم عاصمة الثقافة العربية فكان يقاطعها صائحا و ليس قائلا .. يعنى زى النجارة يعنى !! " و تلك المذيعة التى ذهبت لتقابل الفنان الصلحى .. و هى لا تعرف انه فنان تشكيلى تعرفه كل الدنيا .. او تلك التى لا تعرف الفرق بين الفريق عبود رحمه الله و الفريق عبد الماجد حامد خليل !!

و مذيعى الربط الذين تسمع منهم كلاما مقفيا .. و كأن اللغة العربية ولدت فى حلتهم !! و تسمع اشعارا ما أنزل الله من سلطان " الليل البهيم يداعب شواطئ الخرطوم الناعسة .. و القمر يحدق بعيون النجوم !!" أهههههههه ثم صمت ثم يقول اه اه اه يعنى الان .. وسط زخم من المعانى .. و ال ال ال ننتقل الى اذاعه خارجية لنغل مبارة بين ال ( جننتوا حروف القلغلة جن..).. و ذلك الامبراطور الذى لم يحتكر الرياضة و حسب .. بل دفعها دفعا لتصبح دافورى السودان و الكأس السجمان و استضاف رياضيين .. يتحركون بالسرعة البطيئة و يلهثون بعد كل كلمة !!

تفتح التلفزيون فى العاشرة ليلا فيحدثك عن عذاب القبر .. و تفتحه صباحا فيحدثك عن الدنيا الزائلة و تفتحه ظهرا .. فيتجول بك فى جنبات المشروع الحضارى ! احتكرته بعض الوجوه.. التى تبتسم لماما .. و تنظر الينا شذرا.. لتعلمنا ثقافة التسطيح ..عشرين عاما و لم نتعلم من الايام يا ود اللمين..

مصورون يصورون الحوائط بدلا عن الاشخاص .. و صور لوجوه زرقاء و خضراء بفضل عدساتهم التى لا يفرقون فيها بين الزوم و الام الرؤوم.. و عمم مرتفعة فى الرأس كالسحاب .. لا هم لهم فى الحياة الا " كل شئ تمام و ليس فى الامكان أبدع مما كان" تتجول كاميراتهم لنتشاهد احيانا جزمة بدون شراب و الحمدلله أنهم لا يلبسون الشراب دون الجزمة... و بدلة .. لبسها فريد عبد الوهاب عام 1968 أو كرافته من مقتنيات حمدى بدر الدين عام 1975 .. و..و.. و لا أنسى ذلك المصور الذى دائما يصور الاستقبالات فى صالة كبار الزوار بمطار الخرطوم و لا ينسى دائما أن يصور لنا أحد مفاتيح الكهرباء المكسورة خلف كراسى كبارالضيوف !!

البنى إدم يحتاج للترفيه و التثقيف ..بمختلف انواعه .. و التلفزيون و الاذاعة اجهزة تدخل بيوتنا بلا استئذان .. لذا يجب مراعاة اذواقنا المختلفة .. و الاهتمام باعداد و اخراج ما تقدموه لنا .. و فك الاحتكار و حوا ولادة .. و بلد المليون ميل مربع به اكثر من 40 مليون زول .. مؤكد أن بهم 1000 زول قادر على ان يقدم لنا ما يعجبنا..

أما نشرة وكالة الانباء ... فهى تعطيك موجزالاخبار التاريخية لحكومة السودان .. فى الخرطوم .. أما مدن السودان الاخرى .. فاحسن تنتظر اخبارها من سائقى البصات و اللوارى السفرية .. هل رأيتم صورا اخبارية من رمبيك أو جوبا أو نيوسايت أو مدنى خلال الاحداث الاخيرة أو غيرها .. الا اذا صاحبت الكاميرا مسؤولا و كان رفيعا!

و تخيل أنك اذا اردت خبرا و صورة فعليك بوكالات الاخبار و الانباء الاجنبية .. لان كاميرات و مصورى وكالة الانباء و التلفيزيون غالبا ما فيها افلام أو البطاريات عطبانة . أما المسلسلات و الافلام الاجنبية و البرامج الاجنبية فممنوعة لاننا كما يبدو نصدر و لا نستورد!

أعتقد انه يمكن و من خلال واقعنا الاعلامى تفسير الكثير من طلاسم السياسة لانه هو حجر شامبليون .. كما أن عنوان كتاب د. منصور خالد " النخبة و إدمان الفشل" هو شعار و "كوجيتو" ديكارتى حقيقى لمأزق خمسين عاما من الفشل المتواصل ..

بالمناسبة كنت فى احدى الدول الخليجية قبل عشرة اعوام حين بدأ سلطان تلك الدولة فى توطين الوظائف فبدأ بأن عين مقابل كل خبير اجنبى مهما كانت مؤهلاته الاكاديمة نظيرا محليا .. (مواطنا) لا يهم أن كان سائقا أو خفيرا أو خريجا لاحدى مدارسهم الابتدائية .. المهم أن يكون نظيرا للخبير.. و اذكر أن سائقا بالمديرية التى أعمل بها أصبح ( مدير لها بالوكالة) رغم انه لم يكمل دراسته الابتدائية .. و لا أعتقد أن هذا ما قصده المرحوم د. جعفر بخيت حين أدخل الينا فلسفة " القفز بالعمود".. و لا شئ يهم


للاتصال بالمجلة السودانية
أرسل ايميل الى العنوان [email protected]

http://www.sudanjournal.com/Reports/1010_rifi5.htm

في برنامج (منوعات مختارة) قالت المذيعة بعد مقدمة مُرهِقة:

والآن نستمع إلى أغنية (أنا سوداني ياناس)


أنا سوداني يا ناس


يا ناس


أزيّك يا محمود

الاخ الكريم ودالعقيد تحياتي وبعد:
اشكرك سلفا للمداخلة وهذا هو حال الاعلام السوداني بشكل عام الا من رحم ربي/ في الدول الاخرى -لبنان- مثلا يشترط على المذيع بجانب حصوله على شهادة في الاعلام من جامعة معترف بها اجادته لغة اخرى مثل الانجليزية او الفرنسية كتابة ونطقا والمامه بالثقافة بشكل اكثر من ممتاز.

في الفضائيات الاخرى يشكل (الديكور) عنصرا مهما في المشهد ولابد ايضا ان يكون مقدم البرنامج مشاغبا ومعاكسا لضيفه حتى يستفزه في الاسئلة ويخرج منه بالذي يريده المستمع.

اما في الفضائية السودانية فالديكور ليس بالمستوى المطلوب باستثناء بعض البرامج اضف الى ذلك المسكنة المنقطعة النظير لمقدم برنامج التلفزيون السوداني الذي ينطلق من قاعدة (انت تسال ونحن نجيب).. شيء عجيب.. مرة اخرى لك الشكر.. وانا سوداني يا ناااس..