رحيل جون قرنق المفاجئ الهم المباغت

اولا:
اعزي جماهير شعبنا علي فقد القائد والمناضل الدكتور جون قرنق فقد كان حقا علامة فارقة في تاريخ السياسة السودانية
فبمثابرته الدائمة وايمانه العميق بالسودان الجديد العلماني القائم علي حجر زاوية المواطنة قد وضعنا علي أول طريق الديمقراطية المرتكزة علي اطلاق الحريات العامة و اشاعة العدالة الاحتماعية والمساواة بين ابناء الوطن وكسر طوق التمييز العرقي والتهميش الاقتصادي .
التعازي لنا جميعا في فقدنا الجلل
ثانيا ماذا بعد هذا الرحيل الفاجع
وأبدأ هنا من مواطن الهشاشة في التركيبة السياسية السودانية في اللحظة الراهنة لحظة انسلاخ الديمقراطية من عباءة أسوأ ديكتاتورية عرفتها البلاد تحت الضغط المتواصل للحركة الجماهيرية والتي كانت الحركة الشعبية بقيادة دي مابيور جناحها الذي احرز تقدما كبيرا بانجاز اتفاق السلام الذي نقل الحركة الشعبية نقلة نوعية من حالها كفصيل مقاتل الي شريك في أدارة الدولة ومؤسساتها و اصطدام ذلك الانتقال بالموت المفاجئ لزعيم الحركة الدكتور جون قرن
فبرغم مأساوية رحيل الدكتور قرنق الا انه اتضح ومن خلال ما جري صبيحة اعلان خبر رحيله ان الطريق الي الديمقراطية محفوف بمخاطر جمة تتطلب قدرا كبيرا من استيعاب افرازات الحرب لولوج مرحلة السلام بأمان وبخسائر اقل والسؤال الذي يطرح نفسه الان وبشدة ماذا نريد ؟ هل نحن نرغب في ازاحة الجبهة الاسلامية وابقاء تصوراتنا القديمة أم نحن اكثر حرصا علي اقامة دولة مختلفة نوعيا عن ما أقمنا من انظمة حكم في تاريخنا السياسي عقب الاستقلال؟ بالنسبة لي هذا السؤال مفصلي لأنه لتكون بين ظهرانينا دولة تحترم التعدد الديني والأثني في السودان نكون فعلا احوج ما نكون الي معايير مختلفة للتعاطي مع التعدد في مجتمعنا المتعدد الشديد التخلف وأن نبتعد بشكل أساسي عن عقلية الهتاف والتشجيع وندلف الي مرحلة التحليل العميق لفهم افرازات تراكمات القهر وايجاد حلول تقلل من انعكاساته في سلوك المواطنين تجاه بعضهم البعض ومن المؤكد ان ذلك لا يتأتي بسن التشريعات فقط وانما من خلال التحليل المتأني للعقل المقهور وبنية الانسان المقهور بعيدا عن حالة التسرع التي ظلت تمثل الريح التي تعصف بكل محاولاتنا للأصلاح العميق .
ان تضع الحرب أوزارها ذلك تحول كبير ولكن ان تظل دوافع ألاحتراب كامنة فتلك طامة كبري وقد كشفت الايام القليلة الماضية والدامية أن هناك الكثير الذي نحن بحاجة لأقتلاعه من الجذور لتأسيس دولة بمعايير مختلفة وذلك ما يضع سلفة كير والحركة الشعبية وبقية الاحزاب السياسية السودانية في المحك لأن الجبهة ألاسلامية لا تأبه كثيرا لتغيير الواقع بقدر ما هي حريصة علي تجميل وجهها القبيح ومداراة تاريخها ألاقبح في انتصارات الحركة الجماهيرية لتفلت من العقاب وليتمتع قادتها بمزيد من الوقت للخروج من المأزق .
وليس من المستغرب أن ينفلت ألامن في الخرطوم ومدن سودانية أخري عقب مقتل قرنق وليست المبررات التي ساقها بعض الناس عن كون السبب تأخر اعلان الحكومة لمقتل قرنق قد قاد الي ذلك لكنه الفعل المتعمد من الحكومة التي حاولت ان تستفيد من الموقف لتكسب لنفسها ارضية وتجد مرتكزات ومبررات إضافية تجعل من الوحدة خيارا غير جاذب، حتي تتمكن من الاستفراد بالشمال وان غض الطرف عن الانفلات الامني ماهو الا توسيع للهوة بين الشمال والجنوب واستثمار لحالة غضب الشماليين المتضريين من الهمجية والفوضي التي دمغت احداث الخرطوم
الجبهة الاسلامية او المؤتمر الوطني او..... تمارس المراوغة والتكتيكات العاجلة وتمارس اقتناص اللحظة لأنها علي حافة الهزيمة عقب الاتفاق الاخير ولا اشك مطلقا ان مقتل قرنق قد نزل بردا وسلاما علي حكومة الخرطوم و ما جعل الحكومة تنتبه لواجبها ألامني فعليا تلك المبادرة الجريئة من الحركة الشعبية لاحتواء الموقف ومحاولاتها الجادة لبسط سيادة القانون الامر الذي دفع الحكومة للتحرك بجدية حتي لا تكون الاخيرة رغم انها كانت فعليا
يظل السؤال الشائك
-القضية-
ماذا نريد؟
نحن فعلا نحتاج الي التعايش السلمي
لنأمن في منازلنا
ليأمن اهلنا
وأن لا تستفرد الجبهة ألاسلامية بالشمال
أن لا تحول الجبهة السودان الي دويلات
يجب أن نجد لأنفسنا مخرج من ذلك الخراب المتعمد
يجب أن نتحلي بروح المثابرة
الحكومة في الخرطوم همها ان تكون
ونحن همنا ان نتعايش
جرحنا يتفتق كل يوم
الشرق ..... الغرب ..الجنوب ... الشمال
وكل أنحاء السودان
ولكننا في طريق الخروج الصحيح
ولكم العزاء مرة اخري في مصاب الوطن
ولن نغمض اعيننا عن تكتيكات الجبهة الاسلامية

*******