Post: #1
Title: كـــــــلام مجـــــانيــــــــن
Author: Unabomber
Date: 06-01-2005, 04:09 AM
لست وحدى
يا لعجبى من نفسى، كنت و لحين أعتقد بأنى المجنون الوحيد فى هذا المكان، و لكنى الآن أحس بشئ من الطمأنينة، فأنا بالتأكيد لست وحدى، بل هناك الكثير منا، بل إزدحم بهم المكان فتفاوتت نسبة الجنون فينا، فمنا من كان عياره ثقيلآ نوعآ ما، و منا من بقى فيه شئ من العقل، الجنون ليس بداء، بل رحمة من الخالق، لا تحاسب على ما تفعل، فالقلم يأبى الكتابة عما أقترفته يدانا و ألسننا و جوارحنا - الحق يقال إننا أول من يدخل الجنة مع الأنبياء و الشهداء و الصديقين، حتى إن المرء يقول يوم تقوم الساعة: يا ليتنى كنت مجنونآ
فالجنون كما يقال فنون، فمنا من يعلم هو و الناس بأنه مجنون، كحالتى، و هى أقل وطأة، و منا من هو منا و يعلم الناس بأنه منا و لا يدرى بأنه منا
و أنا أقف هنا اليوم خطيبآ لرفقتى المجانين، أحي كل مجنون منهم - و دمتم مجانين...
|
Post: #2
Title: Re: كـــــــلام مجـــــانيــــــــن
Author: Unabomber
Date: 06-01-2005, 07:22 AM
Parent: #1
الليل الحزين
كان الليل حالكآ و برده هالكآ خاصة لشخص فى نحافته، فوقف شبحه الهزيل يحاول التخفى وراء شجرة نحيفة مثله لا تصلح حتى لتخفى عصفور خلفها
و فجأة و كما توقع, سمع خطوات الحراس تقترب منه و كأنهم فى مارش عسكرى يتهيئون لتنفيذ عقوبة الإعدام عليه، لم يساعده مخبأه المكشوف و لا ظلمة الليل فى التخفى عنهم لوقت طويل، كان جسم صاحبنا النحيل يرتعش هلعآ فالشخصان ضخما الجثة اللذان يقفان أمامه يتحدثان إليه بلغة غريبة لا يفهمها، لا فائدة من التقهقر الآن فساقيه لم تعد تحملاه، فأفترش الأرض و بدأ فى قراءة بعض الصلوات مهيئآ نفسه البريئة لتنفيذ عقوبة الإعدام عليها
و بمحاولة أخيرة يائسة أخذ يقص عليهما كم إنه برئ من جريمته و كم أنه أحب زوجته و لو إنها كانت هنا الآن لشهدت لحبه لها، لم يبد الحارسان أى إهتمام لقصته، فهم سمعوها مرارآ و تكرارآ، بل إنحنى أحدهم و صوب مسدسه نحو ساعده و أطلق رصاصة و احدة كانت كفيلة بإرداء صاحبنا النحيل قتيلآ و العجيب أنه هو الوحيد الذى سمع دوى الطلقة و هى تخرج من فوهة مسدس الحارس و تخترق أحشاء ساعده الأيسر و كنت أظن أن صرخته طغت على صوت دوى الرصاصة
لم تنتظر الشمس طويلآ لترسل خطوطها الشعاعية معلنة إنتهاء إحتكار الليل الحزين، و لم تكن العصافير وحدها فرحة بقدوم صباح جديد، كانت الممرضة ذات الزى الناصع البياض أيضآ فى قمة الفرح، فمريضها الذى أوكلت بالإشراف عليه و الذى قد أفلح فى الهروب الليلة الماضية دون تعاطيه الدواء لم يعد فى عداد الهاربين، بل يتمدد جسده النحيل أمامها تنتظره أن يفيق حتى يتناول طعام إفطاره...
|
|